الحكومة العراقية الجديدة أمام تحديي الأمن وبدء معركة الإعمار
أخيراً وبعد أسابيع من الأخذ والرد ومرور ثلاثة أشهر على الانتخابات البرلمانية تم الإعلان عن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة زعيم حزب الدعوة العراقي ابراهيم الجعفري. وجاء الإعلان رغم بقاء خمسة مقاعد وزارية هامة شاغرة إلى أن يتم الاتفاق على من سيشغلها. وحتى ذلك الحين تم تعيين قائم بالأعمال لكل من المقاعد المذكورة. وهكذا أوكلت وزارة الدفاع مؤقتاً لرئيس الحكومة، بينما تولى أحمد الجلبي الإشراف على وزارة النفط إضافة لمنصب أحد نواب رئيس الوزراء. وأوكلت وزارة المالية إلى علي عبد الأمير علاوي والداخلية إلى محمد باقر صولاج جبر. أما وزارة الكهرباء فتولى شؤونها روز نزري شاويس الذي يشغل بنفس الوقت أحد مناصب نواب رئيس الحكومة.
تزامن التشكيل مع عيد ميلاد صدام
وقد منحت الجمعية الوطنية العراقية التي هي بمثابة برلمان انتقالي ثقتها المطلقة للحكومة الجديدة.فقد صوّت لها 180 من 185 نائباً حضروا اجتماع اليوم. وتضم حكومة الجعفري هذه 36 منصباً وزارياً بينهم أربعة نواب لرئيس الوزراء وسبع نساء. وسبق التصويت قيام واشنطن بممارسة ضغوط على النواب من أجل إقفال ملف التشكيلة الجديدة وإنهاء الجمود السياسي. ويأمل العراقيون من حكومتهم الجديدة وضع حد للفوضى وما يشبه الفلتان الأمني في العديد من المناطق. كما يتطلعون إلى بدئها بخوض معركة إعادة البناء التي تأخرت وتأخر معهم خلاص العراقيين من محنهم المتراكمة. ودوت قاعة البرلمان بالتصفيق بعدما أعلن رئيس البرلمان انه تمت الموافقة على الحكومة بأغلبية 180 صوتا مقابل خمسة اصوات. وتزامن التشكيل مع عيد الميلاد الثامن والستين للرئيس العراقي صدام حسين الذي يقبع في سجن تديره القوات الامريكية. وقد أبلغ الجعفري البرلمان ان الوصول الى هذا اليوم كان مشوارا مليئا بالدم والعرق والدموع.
الجلبي وشاويس وجبر وزيباري ابرز الشخصيات
تضم الحكومة الجديدة شخصيات معروفة مثل أحمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي. ويُعتبر الجلبي من أكثر الشخصيات العراقية إثارة للجدل على ضوء تاريخه السياسي. فقد كان في مقدمة حلفاء الولايات المتحدة قبيل احتلالها لبغداد. غير أن علاقات الطرفين ساءت إلى درجة أن واشنطن سحبت الدعم الذي كانت تقدمه له ولحزبه. ومن شخصيات الحكومة الهامة كذلك السياسي الكردي روش نوري شاويس. ويعتبر شاويس من أهم شخصيات الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود برزاني. وقد شغل منصب رئيس وزراء الحكومة الكردية في أربيل لمدة ثلاثة سنوات، من 1996 وحتى 1999 إضافة لمناصب أخرى كان آخرها نائب رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية الحالية برئاسة إياد علاوي. وإضافة إلى الجلبي وشاويس هناك أيضاً وزير الداخلية باقر صولاج جبر. وجبر شخصية شيعية تركمانية تنتمي إلى المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق. وهو أهم حزب شيعي عراقي بعد حزب الدعوة الذي يتزعمه ابراهيم الجعفري. ومن الشخصيات الهامة كذلك وزير الخارجية هوشار زيباري الذي ينتمي إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني. وزيباري هو الوزير الوحيد الذي احتفظ بمنصبه من بين أعضاء حكومة علاوي.
السنّة ينسحبون والأوروبيين يرحبون
تمثلت أول ردود الأفعال على التشكيلة الحكومية الجديدة في العراق بانسحاب جبهة القوى العربية السنية التي تضم جبهة القوى الوطنية ومجلس الحوار الوطني منها. وقال متحدث باسم مجلس الحوار أن العرب السنة سحبوا مرشحيهم منها بسبب إعلانها على خلاف ما تم عليه الاتفاق مع الجعفري. وقال الرئيس العراقي السابق غازي الياور أن التشكيلة ليست بمستوى آمال العراقيين وطموحاتهم. وأعاب الياور الذي يشغل حالياً منصب نائب رئيس الجمهورية عن السنة عليها ما سماه تشكيلها على أساس محاصصة قومية - طائفية بدلاً من الأسس الوطنية. لكن الياور قال أنه لم يكن أمام الجميع سوى الموافقة على التشكيلة رغم التحفظات "لاننا لا نستطيع ان نقف مكتوفي الايدي ومفاصل الدولة بدأت بالتآكل والشلل التام." دولياً رحب الاتحاد الأوروبي بالحكومة العراقية الجديدة كأول حكومة منتخبة منذ 50 عاماً. وجاء ذلك في الوقت الذي أكدت فيه بروكسل على دعمها لجهود إعادة الاعمار. وقالت فريرو وولدنر المتحدثة باسم مفوض العلاقات الخارجية في الاتحاد أن الأخير يتطلع إلى إجراء محادثات مع الحكومة الجديدة من أجل البحث في كيفية تنفيذ وعوده على أصعدة تخفيف عبء الديون وتدريب الشرطة والقضاة العراقيين.
د. ابراهيم محمد