الرئيس الألماني يهنئ طهران بذكرى الثورة ويجني انتقادات واسعة
٢٢ فبراير ٢٠١٩بمناسبة ذكرى مرور أربعين عاماً على قيام الثورة الإسلامية في إيران، بعث الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير بتهنئة إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني. غير أن تهنئة شتاينماير لاقت الكثير من الجدل في وسائل الإعلام الألمانية، وبالأخص من صحيفة "بيلد" الألمانية، والتي شنت حملة انتقادات واسعة ضد تهنئة إيران.
"...وباسم الشعب الألماني"، هذه الجملة بحد ذاتها كانت محط انتقاد واسع من قبل الصحف الألمانية. وبحسب ما تداولته صحيفة "بيلد"، تضمنت برقية التهنئة، التي أُرسلت في ذكرى الثورة الإسلامية في إيران، أي في الـ 11 من فبراير/ شباط، وعد الرئيس الألماني ببذل ألمانيا كل ما في وسعها لإنقاذ الاتفاق النووي. في حين لم يرد في برقية التهنئة هذه شيء يذكر عن وضع حقوق الإنسان في إيران. واكتفى شتاينماير بمطالبة الحكومة في طهران إلى "الاستماع إلى الأصوات الناقدة في بلدها". ولم يتم التطريق أيضاً إلى موضوع دعم وتمويل المنظمات الإرهابية مثل حماس وحزب الله من قبل إيران.
تحت عنوان "هذا ما كان عليك كتابته، سيد الرئيس!"، نشرت صحيفة "بيلد" الألمانية اليوم (الجمعة 22 فبراير/ شباط 2019)، صيغة تهنئة باسمها "إلى حسن روحاني، رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، والتي رأت بأنها كانت مناسبة أكثر لمثل هذه الذكرى. والتي جاء فيها:" بمناسبة اليوم الوطني لجمهورية إيران الإسلامية، لا نهنئكم لا باسمنا، ولا باسم قرائنا. بدلاً من ذلك، نتمنى أن تنعموا قريباً بإيران حرة، ينتخب الناس فيها بديموقراطية. وأن يتجول الأزواج من مثلي الجنس يداً في يد في شوارع طهران. وأن يتحول سجن التعذيب" إيفين"، والذي يضم حالياً السجناء السياسيين والرهائن الدوليين إلى نصب تذكاري للتعرف على الفظائع التي ارتكبها نظامكم الظالم...".
وتابعت "بيلد" تهنئتها بسرد مجموعة من انتهاكات حقوق الإنسان وقمع الحريات الفردية، التي يمارسها النظام الإيراني، خاصة بحق النساء والأقليات والمعارضين السياسيين. كما ذكرت بعض الأسماء من ضحايا النظام، مثل ريحانة جباري، التي نفذت السلطات الإيرانية حكم الإعدام بحقها، بسبب إدانتها بقتل مسؤول أمني طعنا بعد أن تحرش بها.
ذكرى للاضطهاد والقمع
من جهتها انتقدت مجموعة من المنظمات الحقوقية في ألمانيا، تهنئة الرئيس الألماني لإيران. وفي هذا الصدد قال الناطق باسم الجمعية الدولية لحقوق الإنسان (IGFM) ومقرها فرانكفورت، مارتن ليسينثين لوكالة الأنباء الإنجيلية"idea" بأنه "لا يوجد سبب للتهنئة وأنه بالنظر إلى وضع حقوق الإنسان في إيران، ليس من المناسب تقديم التهنئة". وأضاف ليسينثين أنه بدلاً من ذلك، فإن ذكرى الثورة الإسلامية في إيران، هي ذكرى اضطهاد وقمع الأقليات الدينية والعرقية الأخرى".
من جانبه وصف المدير الألماني لمنظمة هيومن رايتس ووتش، فينتسل ميشالسكي، تهاني شتاينماير بـ"الصادمة"، في تصريحه لصحيفة "بيلد" وقال:"بالنظر إلى جميع أشكال الود والتعاون وعلى مستويات مختلفة، كانت هذه التهنئة مبالغ بها بشكل كبير". وأضاف:" أن هذا النظام انتهك جميع حقوق الإنسان".
وعقب ميشالسكي على مضمون التهنئة، التي قال إنها "بالرغم على أنها من الممارسات الدبلوماسية، التي يجب أن نتبعها، كان يجب أن تتضمن مثل هذه الرسالة انتقادات أيضاً".
رعاية الإرهاب ومعاداة السامية
"شتاينماير يهنئ نظام الملالي الإرهابي بالثورة" و "أربعون عاماً من رعاية الإرهاب، ليست سبباً للاحتفال"، هي عناوين مقالات، انتقدت من خلالها صحيفة "بيلد" الألمانية تهنئة الرئيس الألماني للنظام الإيراني. وتطرقت من خلالها و بشكل مفصل إلى انتهاكات النظام على المستوى المحلي والدولي. فإلى جانب وضع حقوق الإنسان في إيران، شكلت رعاية الإرهاب ومعاداة السامية، أهم دوافع وخلفيات الانتقادات الموجهة إلى إيران. وفي هذا الصدد كتب دان شابيرو، السفير الأمريكي السابق في إسرائيل، في عهد باراك أوباما:
"ليس باسمي، سيد شتاينماير"، ليس باسمي..." هكذا علق عدد من المواطنين الألمان، ومنهم ألمان من أصول إيرانية على تهنئة شتاينماير للحكومة الإيرانية. وفي هذا الصدد كتب فاربود ماه: ناشط حقوقي ومواطن ألماني من أصل إيراني:"أنا واحد من الشعب وأقول السيد شتاينماير يكذب. الشيء الوحيد، الذي أتمناه لإيران، هو تغيير سريع للنظام ومحاكمة نظام الملالي أمام المحكمة الدولية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان".
بدورها نشرت صحيفة "تاغس شبيغل" الألمانية تعليقاً على برقية التهنئة، التي بعث بها الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير، إلى الحكومة الإيرانية بمناسبة الذكرى الأربعين للثورة، ووصفتها بـ"أنها أولى أخطائه"، كما طرحت التساؤل عن ما إذا كان يجب تذكير الرئيس الألماني بحقيقة الثورة الإسلامية في إيران. ورداً على هذا التساؤل، أحصت مجموعة من انتهاكات حقوق الانسان، إلى جانب دورها في تمويل ورعاية الإرهاب وكذلك تهديد أمن إسرائيل. وتطرقت الصحيفة أيضاً إلى أن تهنئة شتاينماير لإيران، "ليست فقط خاطئة، وإنما قاتلة، لأنها تغذي الشك في أن ألمانيا تتقرب من إيران بسبب المصلحة الاقتصادية".
من جهته علق المكتب الرئاسي الاتحادي في تصريح لـ DW: "أن التهنئة بالأعياد الوطنية، هو من أبسط أشكال التواصل، والذي يمكن أن يساعد أيضاً على الإبقاء على تنشيط العلاقات مع البلدان التي لا توجد علاقات وثيقة معها".
من جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم الحكومة الاتحادية في برلين شتفين زايبرت إن مكتب المستشارة ميركل لم يبعث برسالة تهنئة بهذا الصدد إلى طهران. فيما ذكر المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الألمانية راينر برويل أن رسالة التهنئة الرئاسية لم تكن بمناسبة ذكرى الثورة الإسلامية، وإنما كانت بمناسبة اليوم الطني الإيراني.
الكاتبة: إيمان ملوك