الروبوتات القاتلة.. هل تنجح الجهود الدولية في حظرها؟
٣١ يوليو ٢٠٢٢تحمل على متنها متفجرات وأجهزة استشعار وكاميرات لتنفيذ مهمتها المتمثلة في استهداف هدف بعينه جرى تحديده باستخدام خوارزمية في مقعد القيادة لتدميره وتدمير نفسها فيما لا تترك خلفها سوى بعض المخلفات الإلكترونية.
ليس هذا المشهد جزءا من أحد أفلام فانتازيا الخيال العلمي، بل واقع تقدمه شركات الأسلحة التي تروج لما يُعرف بالأسلحة ذاتية التشغيل فيما تستضيف جنيف مؤتمرا أمميا، حيث تبحث 80 دولة ما إذا كان سيُجرى حظر هذه الأسلحة أو وضع ضوابط حيال استخدامها على أقل تقدير.
الروبوتات القاتلة
كما يدل اسمها، فإن أنظمة التسليح ذاتية التحكم يمكنها تحديد الهدف ومهاجمته بمفردها وذلك على خلاف الطائرات المسيرة وغيرها من الأسلحة التي يتحكم فيها الإنسان من على بعد.
ومؤخرا، تسعى شركات التسليح إلى الاستفادة من التطور الكبير الذي طرأ على مجال الذكاء الاصطناعي وخوارزميات التعلم الآلي لإنتاج أسلحة جديدة. يطلق المؤتمر الأممي على هذه الأسلحة اسم "الأسلحة الفتاكة ذاتية التشغيل" فيما يصفها آخرون بالروبوتات القاتلة التي قد تكون في شكل طائرة مسيرة أو مركبة برية أو حتى غواصة.
وترغب بعض الدول في حظر أنظمة التسليح ذاتية التشغيل رفضا لأن تمتلك الخوارزمية القول الفصل في إنهاء حياة شخص ما أو بقائه على قيد الحياة، فيما تريد دول أخرى وضع ضوابط حيال استخدام هذه النوعية من الأسلحة بما يشمل نوعا من التحكم البشري.
أمريكا والصين وروسيا تعارض الحظر
ومنذ عام 2014، تجتمع اللجنة الأممية مرتين سنويا لمناقشة قضية الأسلحة ذاتية التشغيل فيما تعد الولايات المتحدة وروسيا والصين من أشد الدول التي تعارض فرض حظر تام على أنظمة التسليح ذاتية التشغيل أو وضع ضوابط ملزمة حيال استخدامها.
وقد قاطعت روسيا الاجتماع الأخير في مارس / آذار الماضي حيث رفضت قبول أجندة الاجتماع بما في ذلك تقنين هذه الأسلحة فيما كان التوغل الروسي في أوكرانيا لا يزال في بدايته.
جرائم الروبوتات القاتلة ..من المسؤول؟
وفي ذلك، طرحت فانيسا فوهس، الباحثة في مجال الأسلحة ذاتية التشغيل في جامعة الجيش الألماني في ميونيخ، تساؤلا غاية في الأهمية مفاده
:"إذا ارتكبت الأسلحة ذاتية التشغيل خطأ أو جريمة حرب، من سيتحمل المسؤولية؟"
وشددت فوهس على أن قضية المساءلة القانونية ليست سوى جانب واحد من جوانب استخدام الأسلحة ذاتية التشغيل.
وفيما يتعلق بالاجتماع الأممي في جنيف، يبدو أن الحرب في أوكرانيا قد ألقت بظلالها على نتائج المؤتمر فيما يرى البعض أن الحرب من شأنها أن تزيد الضغوط على حظر الأسلحة ذاتية التشغيل فيما يرى آخرون أن الحرب ستعرقل فرض الحظر.
من جانبه، قال عثمان نور من حملة وقف الروبوتات القاتلة "هناك دليل على استخدام روسيا لأسلحة ذاتية التشغيل في الحرب. قد يؤدي ذلك إلى الاعتراف بالحاجة الماسة إلى وضع ضوابط حيال استخدام هذه الأسلحة قبل انتشارها وبيعها في جميع أنحاء العالم."
وقد ذكرت تقارير أن الولايات المتحدة قامت بتزويد أوكرانيا بطائرات مسيرة من طراز "سويتش بليد" يطلق عليها "كاميكازي" أو "الطائرات الانتحارية" التي تنتمي إلى فئة تُعرف باسم "الذخيرة أو الأسلحة المتسكعة".
واُشتق اسم "الذخيرة المتسكعة" من الطريقة التي تعمل بها هذه الطائرات المسيرة، إذ يتم إطلاقها بدون هدف محدد لتحلق فوق منطقة حتى يرصد مشغلها على الأرض هدفا، فيدمره.
يشار إلى أن خبراء الذكاء الاصطناعي قد دقوا ناقوس الخطر إزاء سهولة إنتاج طائرات مسيرة عسكرية صغيرة الحجم وبأعداد كبيرة يُمكن برمجتها على نحو ليس بالصعب.
وفي مقابلة مع DW، قال ستيوارت راسل، الباحث في مجال الذكاء الاصطناعي، إنه في ظل أن هذه الأسلحة ليست في حاجة "إلى العنصر البشري لشغليها، فيمكن نشر عشرات الآلاف وربما الملايين منها. إننا نصنع أسلحة يحتمل أن تكون أكثر فتكا من القنبلة الذرية."
ماذا عن ألمانيا؟
الجدير بالذكر أن الحرب في أوكرانيا قد دفعت العديد من الدول بينها ألمانيا إلى تعزيز الإنفاق العسكري، إذ أعلنت برلين عن إنشاء صندوق برأسمال 100 مليار يورو لتطوير الجيش بما قد يشمل شراء طائرات مسيرة عسكرية أو أنظمة تسليح متطورة تستخدم الذكاء الاصطناعي.
وفيما يتعلق بالاجتماع الأممي في جنيف، قال مراقبون إن ممثلي الحكومة الألمانية ما زالوا حتى الآن في حالة تردد حيال اتخاذ موقف واضح بشأن قضية أنظمة التسليح ذاتية التشغيل.
وفي ذلك، يرى عدد قليل من المراقبين أن المناقشات الأممية متعددة الأطراف في جنيف سوف تؤدي إلى حظر استخدام أنظمة التسليح ذاتية التشغيل أو وضع ضوابط ملزمة حيال استخدامها.
ورغم ذلك، يرى مراقبون أن الحرب في أوكرانيا تدفع إلى ضرورة إيجاد حل في ضوء التقارير الإعلامية التي تتحدث عن دخول الأسلحة ذاتية التشغيل ساحة المعارك الدائرة في أوكرانيا.
وفي ذلك، قالت فوهس "لهذا السبب نريد قواعد جديدة قبل أن نجد أنفسنا أمام سيناريو مروع".
نينا فيركهاوزر / م ع