السنة والشيعة في لبنان: السياسة تمنع التقارب
٥ يونيو ٢٠١٣ثمة محاولات قامت بها هيئات غير رسمية وجمعيات ثقافية ودينية منها مكتب السيد علي فضل الله، الذي شكل امتداداً لوالده، المرجع الوسطي الراحل محمد حسين فضل الله، إذ أكمل الابن طريق الوالد بنزع الألغام بين السنة والشيعة، حسبما يوضح مستشاره السياسي والإعلامي هاني عبدا لله، في حديث لـ DWعربية، وذلك "عبر الرد على كل من حاول الإساءة إلى صحابة النبي محمد وزوجاته، أمهات المؤمنين، ومنهم عائشة".
يقول عبدا لله إن "السيد علي فضل الله لم يكتف بالدعوة إلى الوحدة من خلال اللقاءات الصحافية والخطب والدروس، بل ذهب شخصياً على رأس وفد من جمعية المبرّات الخيرية التي يشرف عليها، إلى طرابلس وصيدا والبقاع الغربي (حيث غالبية السنة) والتقى عدداً من المشايخ وتحاوروا حول القضايا الخلافية".
ويركز فضل الله يركز دائماً على وجود 90 في المئة من نقاط التلاقي بين المذهبين، وبأن الخلاف سياسي لا فقهي، داعياً إلى وقف التورط في الأزمة السورية التي تركت انعكاساتها على لبنان. وفيما يتعلق بالعالم العربي، يلفت عبدا لله إلى زيارات السيد فضل الله لمصر ودول خليجية، حيث التقى شخصيات فاعلة على رأسها شيح الجامع الأزهر أحمد الطيب، بهدف حماية الوحدة الإسلامية.
محاربة الخرافات
أما عن أبرز الوسائل للتقريب بين المذاهب فكان فضل الله يرى "أن لا مجال لمواصلة مسيرة الوحدة إلا بالحرب على الخرافة ونبذ العادات الاجتماعية السيئة التي تحولت خطأً إلى شعائر دينية"، مشيراً إلى رفض السيد لروايات تنسب إلى النبي وأهل البيت وتثير الخلافات مع السنة.
وعن الموضوع السوري، طرح فضل الله عدم التدخل هناك، معتبراً أن ذلك "يشكل خطراً على الوحدة الإسلامية بالدرجة الأولى . وأن هناك مخططا لأن تدخل الأزمة السورية في الجانب المذهبي"، مشدداً على أن "المشكلة تصاعدت بسبب المتطرفين من هنا وهناك".
لكن الوضع في لبنان، حسبما يرى فضل الله، هو أن السقف الدولي لا يسمح بتصاعد الأمور إلى درجة خطيرة، مشدداً على أن تسوية الوضع الإسلامي لا يتم إلا بالتقاء دائرتين مؤثرتين هما إيران الشيعية والسعودية السنية.
كذب على اللحى
ينتقد رئيس وقف التنمية الإسلامي عصام غندور، المؤتمرات التي كانت تُعقد للتقريب بين المذاهب، مشيراً إلى أن المجتمعين كانوا دائماً يتفقون في الداخل ويختلفون في الخارج".
ويقول غندور لـ DWعربية، وهو أحد المؤسسين للقاء الوحدوي الإسلامي، إن "المشكلة في أن كل طرف لديه مرجعه السياسي في الخارج"، مشدداً على أن إسرائيل تغذي هذه الخلافات لتخفف من "خطورة" وحدة المسلمين على وجودها.
لكنه يحذر أيضا من خطورة البرامج التدريسية في المدارس الدينية "التي لا تصبو أبدا إلى تحقيق الوحدة الإسلامية".
أهمية التزاوج
الكاتب الإسلامي قاسم قصير، يحمل هم الوحدة الإسلامية ويعمل دائماً على تشجيع الحوار بين المذاهب الإسلامية، ويقول لـ DWعربية: "رغم كل الفتن التي يشهدها لبنان والمنطقة فإن هناك العديد من الأطر والأنشطة التي يتم من خلالها التواصل بين الشيعة والسنة، ومن أهمها سلسلة المؤتمرات والندوات التي تنظمها بعض المؤسسات الإسلامية. كما أن التواصل يتم عبر أنشطة متنوعة ولقاءات حوارية سياسية وفكرية".
ويضيف قصير أن "محاولة بين مؤسسات السيد محمد حسين فضل الله والجماعة الإسلامية حصلت لتشكيل لجان مشتركة للتقريب، إضافة للقيام بنشاطات شعبية لكي يتم تفعيل هذا التوجه عملياً". مشيراً إلى أن "الأوضاع السياسية وتفجر العديد من الأزمات في لبنان والعراق وسوريا والبحرين، أدى إلى استمرار أجواء التأزم". وشدد على أهمية التزاوج بين الشيعة والسنة في هذا السياق.
انعكاسات التدخل في سورية
مع ذلك، ثمة حالات زواج مختلطة تأثرت بالوضع السياسي السائد وانتهت إلى الطلاق أو الانفصال. وخالد السني وزوجته هيفاء الشيعية نموذج حقيقي لهذا الحب العابر للمذاهب، فهما يؤمنان بأن الوعي أهم عامل لضمان الاستمرار، وتجاوز المواقف المُحرجة.
ويقول خالد لـ DWعربية، "أنا لست طرفاً ولا أنتمي لأي حزب لكني أؤيد المقاومة ضد إسرائيل، وأقتنع بكل ما هو صحيح أينما وجدته". مشيراً إلى أن الإحراج يأتي من محيطه هو لا من محيط زوجته الشيعية التي تتميز عائلتها بمصاهرات عديدة مع سنة. ولفت إلى أن التدخل في سوريا أدى إلى تعميق الشرخ بين المسلمين.
بدورها توضح هيفاء لـ DWعربية، أنها "لا تردّ عادة على الاستفزازات التي تسمعها من أهل زوجها أو في محيطهم"، مؤكدة أن احترام الطرف الآخر مهم جداً لاستمرار العلاقة. لذلك تفضل هيفاء كما العديد من اللبنانيين المسالمين عدم الخوض في أحاديث السياسة حتى لا تضطر إلى التورط في جدل ديني لا فائدة منه.
آراء الشارع
في المقابل، يرى عز الدين منصور أن الشيعة في لبنان هم من أثار الفتنة بتمسكهم بالسلاح وقيامهم «باجتياح» بيروت في 7 أيار/ مايو 2008، ومن ثم بالوقوف مع نظام بشار الأسد ضد الشعب السوري، مشيراً إلى أن "بطولاتهم في المقاومة أجهزوا عليها في تعاليهم وتكبرهم على شركائهم في الوطن".
أما أبو أسامة فيذهب إلى موقف أكثر تشدداً بقوله "لا مجال للوحدة مع من يسب الصحابة وزوجة النبي ويتآمر مع الإيرانيين ضد الوطن". ويوافقه من الضفة الشيعية سالم سرور، معتبراً أن "لا مجال للوحدة طالما كل طرف يظن أنه يملك الحقيقة وأنه من أهل الجنة".