الشباب الجزائري يهجر السياسة - فمن المسؤول؟
٢١ سبتمبر ٢٠١٣لم يبد الشباب الجزائري اهتماما كبيرا بالتغيرات الحكومية والهيكلية التي قام بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عقب استئناف نشاطه بعد أشهر من الغياب، وأعتبر أغلب من تحدث معهم DW عربية بأنه "لا حدث"، ولن يغير في واقعهم ومستقبلهم شيء، وأن الصراع حاصل بين أجنحة النظام، وهو الأمر الذي لا يعنيهم لا من قريب ولا من بعيد، فيما أعتبر بعضهم أن البلاد أمام مرحلة حاسمة ستحدد طبيعة نظام الحكم والعلاقة التي ستتحكم في مؤسساته، وأن ما قام به بوتفليقة يصب في مصلحة البلاد، ويجب على الجميع الوقوف إلى جانبه.
تغير العالم ولم يتغيروا
ويحمل معظم الشباب الجزائري صورة سلبية عن الواقع السياسي والممارسة السياسية، مما جعلهم ينفرون من الانخراط في أي حراك سياسي مهما كانت طبيعته وأهدافه، ويقول عزوز، (معلم، 31 سنة)، في قراءته للتغييرات التي قام بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لجهازه الحكومي والتعديلات الهيكلية في المجال الأمني، بأنه لا تهمه هذه التغييرات حتى ولو "غيروا الرئيس نفسه"، ويضيف عزوز في حديثه لـDW "ما أصبح يشد اهتمامي في هذ البلد هو كيفية تحسين وضعيتي الاجتماعية المزرية، والتي تزداد سوءا يوم بعد آخر، أما السلطة فلها أن تغير ما تريد وتضع في مراكز المسؤولية الشخص الذي تريده، فما أصبحت أؤمن به هو أن حالي لن يتغير بتغيير الحكومات والأشخاص".
ويجزم صلاح الدين (عامل بمطعم، 30 سنة) بأن الوضع الاقتصادي للبلاد يتدحرج نحو الأسوأ، وعدد العاطلين عن العمل في ازدياد مستمر، وحول قدرة الحكومة الجديدة على تلبية رغباته وطموحاته، قال لـDW عربية، بأنه لا يعلم بأنه هناك حكومة جديدة، وأنه لا يهتم لأمر السياسة والمسؤولين، وأنه يكافح منذ سنوات كعامل في المطاعم والمقاهي من أجل الزواج والاستقرار في بيت يضمن كرامته، ورمى صلاح الدين بالمسؤولية على الساسة الذين يتغير العالم من حولهم وهم لا يتغيرون، ولا يغيرون في أساليب إدارتهم لشؤون البلاد.
النظام نجح في تهميش الشباب
وترى سمية ( موظفة، 25سنة)، بأن القرارات التي اتخذها الرئيس بوتفليقة بعد عودته من رحلته العلاجية دليل على قوة الرجل وإمساكه بكل خيوط اللعبة السياسية في البلاد، وتؤكد سمية لـDW بأن ما قام به الرئيس مؤخرا ليس في مصلحة البلاد-حسب تقديرها- من جميع النواحي، ومنها، أنه كرس في قراراته الجهوية والسلطوية التي طالما اتهمه خصومه بها، فجاء أغلب الوزراء الجدد من الغرب الجزائري، وعزز من صلاحياته أكثر، ومن جهة أخرى أبان بوتفليقة ميوله إلى أصحاب الولاء والثقة دون أصحاب الكفاءة والمعرفة، وتتساءل سمية عن الهدف الرئيسي وراء هذا التغيير في الربع ساعة الأخير لعهدة بوتفليقة، وتقول لـDW "يبدو أن بوتفليقة سيمدد عهدته مدى الحياة"، وتقييم المتحدثة التغييرات التي قام بها الرئيس وربطها بتحسين وضعية حياة المواطن بأنها "ضحك على الذقون"، وتضيف متسائلة، "كيف يريد انجاز التغيير الذي عجز عن تحقيقه خلال 14 سنة من حكمه، في الأيام القليلة الفاصلة عن الانتخابات الرئاسية".
وتعتقد سمية بأن النظام السياسي الجزائري نجح في تشويه العملية السياسية، ونفر الشباب منها، وما تقوم به السلطة هذه الأيام من تخطيط للاستيلاء على إرادة الشعب في اختيار رئيسه القادم، لن يزيد الشباب إلا نفورا من السياسة والسياسيين.
السياسة ليست أولوية الشباب
ويقر سعيد (تاجر وناشط سياسي، 32 سنة) بأن الوضع السياسي بالبلاد وصل إلى مرحلة الجمود في الفترة الأخيرة، وجاءت قرارات الرئيس لإعادة الحيوية والحركية للحياة السياسية، وأن الرئيس أراد أن يختتم فترة حكمه بقرارات ثورية تنهي تدخل المؤسسة الأمنية في الحياة السياسية، ويعتبر سعيد في حديث لـDW أن ما حدث هو انتصار للإرادة مدنية الدولة، وبناء المؤسسات، وأن "الأيام القادمة سنشهد فيها نقاش حقيقي حول طبيعة الدولة ودور المؤسسات في الدستور الجديد"، وحول عزوف الشباب عن المشاركة السياسية فيرى الناشط في حزب جبهة التحرير الوطني، بأن الظاهرة عالمية وليست حكرا على الجزائر فقط، فحتى في الديمقراطيات العريقة تتراجع المشاركة السياسية للشباب".
ويرفض مسعود (جامعي بطال، 27 سنة) هذه المقاربة، حيث يفرق بين شباب هجروا السياسة بعدما تأكدوا أن مستقبلهم في أياد أمينة، وبين شباب سئموا من الوعود الكاذبة للمسؤولين على مدار خمسين سنة من الحكم، ويرى مسعود بأن النظام الجزائري دوره هو تحجيم الكفاءات ووأدها، ويضيف لـDW ، "كيف يمكن تفسر وجود مراد مدلسي في "المجلس الدستور"، وهو المختص في التجارة.
الإرادة في الدور
ويؤكد الدكتور سمارة نصير بأن الشباب الجزائر يشكل قوة كبيرة الأمر الذي يضع الدولة أمام تحديات كبيرة مرتبطة أساسا بالتعليم، وإحداث مناصب العمل وفق منظومة اجتماعية متوازنة، وهي ذاتها التحديات التي تقع على عاتق المجتمع، ويضيف سمارة لـDW "يجب على الشباب الجزائري الانخراط في العملية السياسة وفرض نفسه على السلطة القائمة لأن مصير الفرد والجماعة مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالدولة، والعلاقة بالدولة تعني العلاقة بالسياسة والحياة السياسية، ولهذا صارت السياسية، والحياة السياسة، جزءاً هاماً في حياة الفرد، ومن حق الشباب أن يهتم بمسألة السياسة وتسيير الدولة؛ وهروبه لن يزيده إلا بؤسا وحرمانا بل سيقوي طبقة الانتهازيين.