الشباب...وحلم النجومية
١ أبريل ٢٠١٠هناك من يرى في نفسه ما يكفي من الموهبة ليصبح بين عشية وضحاها نجماً صاعداً؛ كما أن هناك من أخبرته المرآة، التي أمعن النظر فيها، بأن ذاته تحمل تطلعاً نحو الشهرة لابد من تحقيقه. وآخرون يؤمنون بدور الحظ في الوصول إلى النجومية. مد يد العون للوصول إلى بوابة الشهرة عبر برامج الاستعراض التلفزيونية والخاصة بإبراز المواهب الفتية هو تماماً ما تحاول هذه البرامج تقديمه إلى الشباب.
ولا يقتصر انتشار هذه البرامج على الولايات المتحدة صاحبة هذه الفكرة في الأساس فحسب، بل أضحت هذه البرامج منتشرة في كل أنحاء العالم. ففي ألمانيا مثلاً يعتبر برنامج "ألمانيا تبحث عن نجم" من بين أكثر البرامج متابعة من قبل الشباب ولاسيما الذين تتراوح أعمارهم بين التاسعة والثانية والعشرين. ويصل عدد متتبعي هذا البرنامج إلى حوالي ستة ملايين مشاهد. وتعتبرهانا، وهي طالبة في الثانوية، أن هذه البرامج تثير اهتمام غالبية أصدقائها فهي ليست الوحيدة التي تتابعها. وتضيف هانا قائلة "في كل يوم اثنين، في حصة الفن، نتحدث عن البرامج التي تفرجنا عليها في عطلة نهاية الأسبوع كبرنامج ألمانيا تبحث عن نجم. كما نتناقش حول مستوى أداء المتنافسين في البرنامج".
"وسيلة لإبعاد الشباب عن التعصب الديني"
حتى العالم العربي لم يستثنَ من ظاهرة انتشار البرامج الاستعراضية المتخصصة في إبراز المواهب. فقد لقيت هذه البرامج صدىً واسعا في منطقة الخليج كما أكدت الشابة وفاء من البحرين؛ وهي إحدى الفتيات اللواتي يتابعن هذه البرامج بكل شغف في حديثها مع دويتشه فيله. وتشير وفاء إلى أن طريقة العرض الشيقة لهذه البرامج هي الدافع الأساسي لمتابعتها وتضيف قائلة "لدي فضول كبير في متابعة الحياة اليومية للفنانين". وتضيف وفاء بأن متابعة هذه البرامج أمر مهم بالنسبة لها إذ يساعدها على صقل مواهبها الفنية المدفونة وخاصة أنها لا تستطيع المشاركة بشكل شخصي". فالمشاركة تتعارض مع مبادئها لأنها لا يمكن أن تعيش في جو مختلط لأنها "محجبة وهذه البرامج تعرض على الهواء مباشرة".
و ترى جهينة خالدية، وهي صحفية تعمل في قسم الميديا والمحليات والشباب في جريدة السفير اللبنانية، أن متابعتها لهذه البرامج اختلفت مع الزمن؛ فبينما كان الفضول للتعرف على كيفية صناعة النجم هو الدافع الأساسي لمتابعتها، بات انتقاد هذه البرامج مؤخرا هو هدفها. وتشير جهينة في السياق نفسه إلى أن إقبال الشباب اللبناني على متابعة هذه البرامج لا يزال عالياً. وتضيف لدويتشه فيله بأن هناك اختلافا في الفئة العمرية المتابعة إذ أصبحت "هذه البرامج تجذب من هم في مطلع العشرينات لأن مشاغل هؤلاء قليلة ولديهم اندفاع قوي للمشاركة في التفاعل مع البرامج".
وفي المغرب يرى الطبيب النفسي أحمد الحمداوي أن الفئة العمرية المستهدفة من خلال هذه البرامج تتراوح بين العشرينات والثلاثينات وأن الأمر متعلق بالطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها الشاب. ويشير إلى أن متابعة هذه البرامج في البلاد العربية تختلف في المغرب عما هي عليه في الجزائر وليبيا. ويضيف الحمداوي، في حديث لدويتشه فيله، بأن وسائل الإعلام "لعبت دوراً مهما لترويج هذه البرامج بين صفوف الشباب بشكل خاص، كوسيلة لحمايتهم من الانخراط في التعصب الديني".
نهاية أشبه بنهائيات كأس العالم
ومع اقتراب المراحل الأخيرة للبرنامج تزداد روح الحماسة والمتابعة؛ إذ غالباً ما تكثر المراهنات على المشترك الذي سيحظى باللقب. كما تصبح متابعة البرامج أشبه بنهائيات كأس العالم لكرة القدم، الأمر الذي تنتقده الخبيرة الإعلامية مايا غوتس. إذ ترى مايا بأن هذه البرامج من شأنها إبعاد الشباب عن التفكير في الحياة اليومية وقضاياها السياسية والاقتصادية. وتضيف مايا، في حديث لدويتشه فيله، بأن اهتمامات الشباب "أصبحت سطحية وقائمة على ارتداء الملابس ذات الماركات التجارية. وبات هدفهم الوصول إلى النجومية".
وتوافق وفاء الخبيرة مايا رأيها وتنتقد طريقة ظهور المشاركين ولباسهم وتصرفاتهم. وتضيف بأن من المفروض أن يكون هناك "تحفظ أكثر وخاصة في مجتمعاتنا العربية؛ إذ تثير طريقة عرض هذه البرامج في الفترة الأخيرة ضجة كبيرة ليس فقط في البحرين وإنما على مستوى الخليج ككل".
أما جهينة فترى الأمر بصورة مختلفة تماماً؛ فهي تنتقد مبدأ البرنامج القائم على اختيار النجم من خلال التصويت. وتشير إلى خطورة هذه البرامج بالنسبة للعالم العربي كونها تلعب على العصب الوطني الخاص بكل مشترك وإلا "فلماذا تذكر جنسية المشتركين؟".
ويدعو الدكتور أحمد إلى تنظيم برامج استعراضية ولكن في ثوب ثقافي يترجم هموم العالم العربي وفنه العميق إذ يقول "نحن بحاجة إلى برامج من شأنها إبراز مكامن الجمال في شعرنا وأدبنا وأندلسيتنا". وتشارك جهينة أحمد في رأيه مشيرة إلى أن العالم العربي وصل إلى حد الإشباع في عدد فنانيه وتتساءل "كم هي قدرتنا على استيعاب فنانين حتى ولو كانت أصواتهم رائعة؟" ثم تختم بأن "عدد الفنانين حالياً يفوق عدد سائقي التاكسي".
الكاتبة: دالين صلاحية
مراجعة: أحمد حسو