الصراعات الداخلية في حزب الدستور تهدد مستقبل الليبراليين
٢ مايو ٢٠١٣تتوالى الأزمات داخل حزب الدستور، بعد أن كان بمثابة البيئة الحاضنة للقوى الشبابية والثورية، ولكنهم ثاروا على ما اعتبروه هيمنة "القيادات الأكبر سنا"، ولجأوا إلى الاعتصام الذي لم ينته سوى بمقابلة وفد منهم للبرادعي للإسراع بإجراء الانتخابات. وامتدت هذه الموجة إلى القيادات بعد استقالة الدكتور عماد أبو غازي، أمين عام الحزب، وكذلك استقالة الدكتور حسام عيسي، رئيس لجنة التسيير الداخلية. و تهدد هذه الاستقالات بخروج أهم النخب السياسية والثقافية داخل الحزب. ورغم محاولة DW عربية الوصول إليهم، بيد أنهم رفضوا الحديث عن الحزب أو التعليق على الاستقالة. بالإضافة إلى ذلك فهناك تكهنات عن رحيل البرادعي شخصيا، والذي قد يتسبب رحيله في كتابة نهاية أحد أهم الأحزاب الليبرالية، مما يؤثر سلبا على باق الأحزاب الليبرالية.
البرادعي من "أصحاب الياقات البيضاء"
في سياق معرفة مدى تأثر حزب الدستور بالصراعات الداخلية، التقت DW عربية بالدكتور أحمد دراج، القيادي بحزب الدستور وعضو جبهة الإنقاذ الوطني. وبدأ حديثه بالقول "لا توجد خلافات وانشقاقات داخلية، ولكن ما يحدث هو أن الممارسة الديمقراطية تفهم وتصوّر بطريقة خاطئة من قبل الإعلام". وقال "لم أمارس السياسية سابقا قبل الانضمام للحزب، ولكنني انضممت للحزب باعتباره كيان جديد يمارس العمل السياسي بمفهوم قريب من الأحزاب المحترمة في العالم".
وبسؤاله عن مدى نجاح الدكتور محمد البرادعي، رئيس الحزب، في إدارة الحزب رغم افتقاره للخبرة الحزبية، رد قائلا "رغم أن البرادعي شخصية عالمية ولها وزنها ويتمتع برؤية جيدة، ولا ينكر أحد دوره في إنعاش الأفكار الثورية داخل جيل من الشباب. بيد أن البرادعي، غير محتك بالناس وأنه من أصحاب الياقات البيضاء. ويعزى ذلك إلى امتلاكه رؤية فلسفية عالية مع افتقاره للخبرة الإدارية.
وعن شباب الحزب قال "إنهم يواجهون مشاكل كثيرة، والمشكلة تكمن في طريقة معالجتها، إذ يتم تجاهلها حتى تتراكم وتنفجر".
وعن مدى نجاح الحزب أو فشله في قيادة الأحزاب المعارضة، قال دراج "لا أستطيع الحكم على الحزب بالفشل أو النجاح، لأن الحزب مازال كيان لم يتشكل بعد، كما أن الفترة الماضية كانت فرصة لتصويب الأخطاء". وتابع " كان لابد من حل الأحزاب السياسية التي نشأت قبل الثورة، وإعادة تشكيلها على أسس جيدة. وهذا يتحقق، وفقا لدراج، مع تغيير لجنة شئون الأحزاب بشكل مختلف عن شكلها الحالي لتقوم على النظرية الغربية.
وتم التطرق إلى مستقبل الأحزاب ذات القيادات المؤثرة جماهيريا، حيث قال دراج "إنها من الإشكاليات التي تحتاج لنوع من الفهم لكيفية بناء الأحزاب، للتحول من فكرة الكاريزمية إلى فكرة المؤسسات، ومن فكرة الفرد للجماعة". وتابع "الحزب لديه هذه المشكلة، لكن البيئة لم تمهد الطريق جيدا حتى أمام المنضمين ليكون لديهم نوع من الالتزام. وأضاف "هناك أحزاب كبيرة ذات إيديولوجية واحدة وعددها كبير، ومن المفترض أن تندمج في حزب واحد". وفي نفس الوقت أعتبر دراج أن انضمام أشخاص ذات إيديولوجيات مختلفة داخل الحزب ميزة له، لأن البلد في حالة سيولة وتحتاج إلى كيان كبير توافقي.
وفي الختام تحدث عن مستقبل الأحزاب الليبرالية في مصر مؤكدا على وجود ثلاث معوقات تواجه هذه الأحزاب. أولها، الهجوم الشديد على فكرة الليبرالية من قبل الجماعات الإسلامية. وثانيها، أن حزب الدستور أخذ وقتا كبيرا لظهوره ومازال يتعثر حتى الآن. وثالثها، أن الحزب أصابه ما أصاب الأحزاب الأخرى من خلال جبهة الإنقاذ، التي أعطت أملا للناس، ولكنها لم تكن على مستوى الطموح. ومع ذلك أبدى تفاؤله وعول على الشباب المؤمن بالقضية.
شباب الحزب يعانون من الفجوات بينهم وبين القيادات
كان للـ DW عربية لقاء مع شباب الحزب منهم أ.م ، الذي رفض الإدلاء باسمه حتى لا يسبب له مشاكل. وبدء حديثه بالقول " إن هناك انقساما أساسه صراع للأجيال بين شباب ثائر وسياسيين محنكين، مع وجود فارق في السن الذي يعد خطيرا جدا".
وأستكمل حديثه قائلا "عندما قام الشباب بالاعتصام حاول الحزب حل الخلافات، لأن قبل الاعتصام لم يكن هناك تجاوب معهم، حتى أننا لم نكن نرى هذه القيادات، وبعد الاعتصام تحسنت الأمور.
وهو ما يتفق معه جزئيا وائل عبد الرحمن، العضو في حزب الدستور، قائلا " هناك فراغ مع بعض القيادات ولكننا لا نستطيع أن نعمم". وقال إن أسباب اعتصامهم هو الاعتراض على بعض الشخصيات التي أثبتت عدم قدرتها على إدارة المرحلة السابقة في حزب الدستور. وأضاف "لن نترك الحزب حتى لو تركه البرادعي لأنه علمنا أن الفكر و السعي وراء الحلم أهم من الأشخاص".
"سلطوية داخل مراكز صنع القرار"
و كان للـ DW عربية لقاء بالدكتور يسري العزباوي، الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، الذي تناول أسباب ضعف الحزب وكثرة الخلافات الداخلية. يتمثل أولها في أن الحزب ليس له أطر وكيانات مؤسسية معينة وسرعة تشكيل الحزب. وثانيها شخصنة الحزب وارتباطها بالبرادعي. واعتبره بداية عامل دفع لسرعة انجازه وظهوره في الحياة السياسية، ولكنه تحول لعامل ضعف. ثالثها وجود تناقضات كثيرة بداخله نظرا لأنه يضم عناصر من الفلول وأحزاب أخرى، وهم يبحثوا عن كيان للظهور أكثر من أحزابهم القديمة.
وانتقد الحزب بشدة قائلا "الحزب لا يملك قواعد حقيقية في الشارع، فهو لم ينجح حتى في تطوير سياسات بديلة لجماعة الإخوان المسلمين، والتي معظمها معارضة من داخل الاستوديوهات. وتابع "كان هناك ثورة توقعات للحزب بأنه سيكون البديل لجماعة الإخوان المسلمين، وأنه الحصان الأسود الذي سينال كل شيء، لذلك أنضم الناس إليه، ولكن الواقع اثبت عكس ذلك".
وعما إذا كانت الساحة المصرية لم تعد تقبل حزبا ليبراليا، أجاب قائلا" كثرة مشاكل الأحزاب أثرت على رصيدها في الشارع، لأن ليس لديها ديمقراطية حقيقية داخل الأحزاب، وهناك نوع من السلطوية داخل مراكز صنع القرار". وأوضح "هناك فشل في تربية كوادر حزبية حقيقية مع غياب التحالف والاندماج الحقيقي بين الأحزاب".