الليبيون موحَدون حول تفكيك الميليشات ومنقسمون إزاء مصيرها
١٩ أكتوبر ٢٠١٢تعالت الأصوات في الشارع الليبي الآونة الأخيرة منادية بإنهاء تواجد المليشيات المسلحة التي يلاحظ حضورها القوي في مختلف مناطق ليبيا مقابل غياب قوي للأجهزة الأمنية التي فَشِلت حتَّى الآن في تنظيم صفوفها واسترجاع هيبتها الأمنية بعد تحرير ليبيا من نظام القذاقي، إثر الثورة الشعبية العارمة التي في السابع عشر من فبراير / شباط من العام الماضي التي أطاحت بحكم العقيد الراحل معمر القذافي، حيث كان للمليشيات المسلحة دور باز في الحرب ابَان الثورة.
وقد جاءت مبادرة من السلطات الليبية لإقامة حملة لجمع السلاح من المواطنين، الا انها لم تكلل بالنجاح الباهر إلا أنَّ الناشطين الحقوقيين والشارع الليبي يرون بضرورة حل جذري لتفكيك كل المليشيات المسلحة ودمج أفرادها في شرعية الدولة (الجيش و الشرطة) وبضرورة بسط سلطة الأجهزة الأمنية والجيش.
كي لا تقع ليبيا في "حرب كتائب"
يقول حمزة الفخاري "إن المليشيا المسلحة تظل مليشيا رغم كل النوايا فعناصرها يحملون أفكار ايديولوجية أو جهوية( تفرق بين الجهات/ مناطق البلاد) وتظل محل شك وعائق لبناء الدولة" وأضاف"لايوجد شخص يدعي الحرص ويده على الزناد ولا توجد أفكار يمكن اطلاق عليها صبغة النيرة وهي محاطة برائحة البارود".
ويضيف الفخاري خلال لقاء مع DW في مدينة بنغازي، ان "المسؤولية تصبح غير واضحة لعدم وجود أجهزة واضحة الملامح تفكر وفق إستراتيجية علمية احترافية، وليست بناء على اجتهاد فكري" معتبران انه لا وجود لميليشيا تحظى برضا الشارع رغم كل ما قدمته خلال الثورة، معللا ذلك بأن الميليشيات" أصبحت بالغة الخطورة، معتبرا ان من يتمسك بحمل سلاحه وتشكيله (تنظيمه المسلح) حتى اللحظة فهو "أمير حرب وصاحب مطلب وفي مجتمع مثل المجتمع الليبي مازال ينظر للأمور بحساسية جهوية وقبلية ومناطقية".
ويعتقد الفخاري ان "الحل يكمن في جيش وشرطة حتى ينزع فتيل الجدل حول الشرعية"، و برأيه فإنه مالم يحدث هذا ويعلن الجميع " وداعا للسلاح " تظل كل منطقة وكل حزب وكل تكتل يعزيز في تسليحه بانتظار انفجار الوضع والدخول في دوامة "حرب الكتائب".
بينما ترى تهانى محمد، من مديننة بنغازي، ان خطة نزع السلاح الحالية "خطه فاشلة وهي بكل المقاييس باختصار ليست قوية"، ودعت تهاني إلى سن قوانين "صارمة وحازمة جدا لكي يتم تسليم السلاح ومن بعده الحفاظ عليه" وان لايكون بين أيدي قد تكون غير وطنية"، أما بالنسبة لبناء الدولة الجديدة، فهي ترى أن"جمع السلاح له دور فعال لأنه سوف يكون بأيدي الدولة وليس الأفراد".
ويقول جابر المجبري، "يجب حل المليشيات العسكريه وضم أفرادها إلى الجيش و الغاء جميع الكتائب و التوقف عن الضحك علينا بحجه أن الكتيبة انضمت إلى الجيش". وحذر المجبري من قيام بعض الميليشيات بإرسال شبان للمشاركة في القتال بسوريا.
ومن جهته يقول محسن جابر ان بعض المواطنين يتعرضون في المنطقة الغربية للخطف بشكل متكرر، متسائلا عمن سيحميهم، اذا كانت الدولة لا تملك جيشا قويا، مقترحا ان ينضم الثوار إلى الجيش وأعطائهم امتيازات تدفعهم للانضمام في الجيش برغبتهم وبالتالي "تخلق منه رجلا عسكريا وطنيا وليس كما هو الآن عبارة عن رجل مدني ثائر".
انقسام حول دور الميليشيات
ويؤكد الناشط الحقوقي ناصر الهواري أن المليشيات المسلحة هي الخطر الأكبر والدولة لم يكن لها دور أو نية لتفكيك الكتائب وإحلال الشرعية بدلا منها ممثلة في الجيش والشرطة، وقد بدا واضحا أن الكتائب تسيطر على مقاليد الأمور. وبرأيه فإن سبب تعثر حل الميليشيات يكمن في خوف السلطة الرسمية من المليشيات المسلحة، واذا لم يتم تفكيكها فستظل تشكل تكتلات ومراكز قوى داخل الجيش نفسه.
وأوضح الهواري ان جمع السلاح جاء بمبادرة شعبية من مؤسسات المجتمع المدني، و أن حجم السلاح الذي تم جمعه من الناس في هذه المبادرة "ضئيل جداً" مقارنة بالسلاح المنتشر في البلاد، والذي يقدر بمئات الآلاف من القطع. وقد دعا الدولة لاتخاذ خطوات"أكثر جدية وخطة واضحة ذات جدول زمنى محدد وحملة إعلامية" واضاف"كذلك إشراك القبائل في المبادرة وتحقيق مشروع العدالة والمصالحة حتى يأمن الناس على أنفسهم ويقوموا بتسليم السلاح".
ويرى المحامى والناشط السياسي محمد المصراتى أن نزع السلاح وتسريح المليشيات المسلحة عبر دمج أفرادها في الجيش والشرطة من أهم الخطوات الواجب اتخاذها في عملية بناء الدولة الليبية .
ويري المصراتى أن ذلك من أهم العوامل أو المفاتيح للانتقال الفعال من حالة الثورة والحرب والفوضى إلي السلام والاستقرار والسلام المستديم طويل الأمد، لكن الحقوقي الليبي يعترف بمدى "صعوبة هذه المهمة وخاصة نزع وتفكيك الوحدات المقاتلة ونزع وإنهاء عمل المقاتلين السابقين ودمجهم في المجتمع حيث يتطلب الكثير من الوقت والجهد".
ويؤكد ان تحقيق هذا الهدف يأتي "بتظافرالجهود وبمساعدة الدولة والمجتمع وذلك يتطلب خطة وطنية يشترك فيها الجميع، المؤتمر الوطني ومجلس الوزراء ومنظمات المجتمع المدني كذلك الاستعانة بالمنظمات الدولية خاصة منظمة الأمم المتحدة ولاباس الاستعانة بخبرات الدول التي مرت بمثل هذه الظروف".
ويوضح الناشط الحقوقي الليبي، أن الملف الأمني بمفهومه الواسع هو أكثر الملفات أهمية كما انه يعتبر أكثر الاستحقاقات حساسية وتعقيدا ولذا ينبغي أن يحظى"بأولوية مطلقة ومن أهم هذه الملفات الأمنية ملف نزع السلاح من المليشيات ومنع انتشاره فالمطلوب هو اجراءات سريعة لضبط السلاح المنفلت وتقنيين حمله واستخدامه، ومطلوب تنظيم الثوار وإتاحة المجال لهم ليكونوا حقيقة جزء من المؤسسات الساسية والأمنية والعسكرية". ويضيف"لابد أن تسند اليهم مهام قيادية، وكما ساهم وقاتل الثوار ضد الطغيان فهم قادرون ايظا علي أن يساهموا في حماية البلاد والمنشآت الحيوية وان يكون سلاحهم درعا للوطن لا تهديدا للمواطن".