الملف النووي الإيراني يعود إلى بؤرة الأضواء
في الوقت الذي لم تهدأ فيه ردود الفعل الدولية على تصريحات الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد "بإزالة إسرائيل" من على الخارطة، يعود الملف النووي الإيراني مرة أخرى الى بؤرة الأضواء لاسيما بعد إعلان الرئيس الإيراني إن بلاده لن تعود الى تعليق تام لأنشطتها النووية الحساسة جدا. ويعتقد بعض المحللين السياسيين أن إيران تحاول صرف الأنظار عن تصريحات رئيسها حول إسرائيل بإشغال المجتمع الدولي بالملف النووي. في هذا الصدد يقول على نور زادة رئيس مركز الدراسات الإيرانية ـ العربية في لندن، في مقابلة مع إذاعة دويتشه فيله، بان النظام الإيراني يحاول الآن اللعب بورقة الملف النووي لتفادي ردود الأفعال الدولية على تصريحات نجاد مشيرا في هذا الصدد الى أن هناك من بين أركان النظام الإيراني من يطالب بالعودة الى طاولة المفاوضات.
نشاطات نووية جديدة ؟
تتحدث مصادر دبلوماسية غربية بان إيران ستبدأ اعتبارا من الأسبوع القادم في معالجة كمية جديدة من اليورانيوم في منشأتها النووية فيما يوصف بأنه "مرحلة جديدة من تحويل اليورانيوم" لتغذية محطة اصفهان. غير أن مصادر قريبة من الوكالة الدولية للطاقة تقول بأنه لا يمكن تقديم تفاصيل بخصوص كمية اليورانيوم التي سيتم تغذية المحطة بها. وتنفي إيران أنها تسعى لصنع أسلحة نووية قائلة إن طموحاتها في المجال النووي تقتصر على توليد الكهرباء.
إثبات حسن النية أم مراوغة؟
تحاول إيران إثبات حسن نيتها من خلال تعزيز التعاون مع المفتشين النوويين الدوليين حتى تتجنب تحويل ملفها إلى مجلس الأمن. في هذا الإطار سمحت طهران للمرة الثانية للمفتشين بزيارة موقع بارشين العسكري الذي يوصف بـ "الحساس" وهو ما جعل الوكالة الدولية تعرب عن سعادتها بعد أن كانت قد أعلنت في أواخر سبتمبر الماضي بأن إيران غير ملتزمة بمعاهدة الحد من الانتشار النووي. وتتجاوز زيارة مواقع مثل بارشين نطاق متطلبات معاهدة الحد من الانتشار النووي التي تحصر عمليات التفتيش في المواقع التي تكون متأكدة من وجود مواد نووية فيها. غير إن إيران تحاول في الظاهر التعاون مع الوكالة الدولية لتجنب رفع ملفها الى مجلس الأمن واحتمال فرض عقوبات عليها. وقالت إيران في وقت سابق من هذا الأسبوع إنها تأمل في تفادي الإحالة الى مجلس الأمن بعد أن سلمت المزيد من الوثائق وسمحت لمفتشي الأمم المتحدة بإجراء المزيد من عمليات التفتيش.
وكالة الطاقة تطالب بـ "الصبر" و "الشفافية"
سماح إيران للمفتشين الدوليين بدخول معسكراتها دفع الوكالة الدولية للطاقة الى الإعلان عن أن التحقيق في الملف النووي الإيراني يحقق تقدما. ودعا مدير الوكالة محمد البرادعي المجتمع الدولي الى الصبر قبل اتخاذ إجراءات وايران الى إظهار الشفافية لطمأنة الدول الأخرى الى أن برنامجها النووي سلمي ولا يستهدف تطوير أسلحة ذرية. وقال البرادعي إن المفتشين يتاح لهم الآن دخول المنشات العسكرية الإيرانية وحث المجتمع الدولي على استنفاد كافة السبل الدبلوماسية.
ترغيب وترهيب أوروبي
حاولت دول الاتحاد الأوروبي إتباع سياسة العصا والجزرة مع إيران فيما يتعلق بنشاطات الأخيرة النووية. وقد عرضت الدول الأوروبية على إيران تعاونا نوويا وسياسيا وتجاريا لإقناعها بالاستمرار في تعليق تام لأنشطتها النووية الحساسة، غير أن إعلان إيران معاودة نشاطها النووي في أغسطس الماضي دفع الترويكا الأوروبية (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) إلى تعليق مفاوضاتها مع طهران والانتقال الى "سياسة الترهيب" بالتهديد بتحويل الملف الى مجلس الأمن مع الاستمرار بنهج "سياسة الترغيب". وفي تطور لاحق هدد وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي مجددا إيران يوم الأربعاء بإحالة ملفها النووي إلى مجلس الأمن الدولي إذا لم تعلق طهران أنشطتها النووية الحساسة محذرا من انه سيكون هناك موقفا حازما من جانب فرنسا.
حل "لإنقاذ ماء الوجه"
يحاول محمد البرادعي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية وآخرون أن يعثروا على ما يسميه البعض "حل لإنقاذ ماء الوجه" يسمح باستئناف محادثات إيران مع الاتحاد الأوروبي وتجنب تفاقم المواجهة. وبموجب الخطة الجديدة التي وضعت في روسيا يمكن لإيران القيام بنشاط تحويل اليورانيوم المنخفض الدرجة وذلك في مشروع ايراني ـ روسي مشترك على الاراضي الروسية بشرط أن توافق أيران على تعليق كل النشاطات النووية الأخرى. ويؤمل ان تساعد الخطة الجديدة على الخروج من المأزق الحالي.
تقرير: عبده جميل المخلافي