الملكية الفكرية لعلامة فولكس فاجن التجارية أمام القضاء

لم تنل سيارة ما في العالم أجمع ما نالته الخنفساء الصغيرة "بيتلز" من إعجاب وتقدير. فالخنفساء مازالت تحمل الناس في شتى أنحاء المعمورة على أربع عجلات حتى يومنا هذا. كانت "بيتلز" التي هي أشهر عربة أنتجتها مؤسسة فولكس فاجن لصناعة السيارات فاتحة خير على هذه الشركة الألمانية العملاقة، والتي أصبحت في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية واحدة من الأعمدة الرئيسية للمعجزة الاقتصادية الألمانية.

تعني كلمة "فولكس فاجن" (Volkswagen) حرفياً باللغة الألمانية: سيارة الشعب. بدأت فكرة السيارة عندما راودت الدكتاتور النازي الألماني أدولف هتلر فكرة إمكانية تواجد سيارة شعبية رخيصة بمتناول يد الجميع. أما مهندس القرن العشرين فيرديناند بورشه فكان يحلم بتصميم سيارة مقبولة الأداء وبسعر معقول. لكن بورشه لم يوفق في الحصول على دعم مالي لصنع سيارة أحلامه نتيجة أمور عديدة منها اختلاف الأهداف بينه وبين أصحاب رؤوس الأموال. ولما كانت أحلام وطموحات بورشه تتوافق مع أهداف هتلر تم الاتفاق على التعاون بين شركة بورشه آنذاك "فولكس فاجن" والسلطات النازية، لتصبح منتجات هذه الشركة فيما بعد السيارات المفضلة عند هتلر. بدأ الإنتاج في عام 1939 بالسيارة التي عرفت فيما بعد بالخنفساء ولكنه سرعان ما توقف بسبب الحرب العالمية الثانية. بعد سقوط ألمانيا في يد الحلفاء تسلمت القوات البريطانية الشركة. وبعد عرض مصانع السيارات للبيع بدأت فولكس فاجن في الإنتاج مرة أخرى عام 1945.

في عام 1996 صارت فولكس فاجن رابع أكبر شركة مصنعة للسيارات في العالم. إستمر الازدهار الاقتصادي للشركة واستمر معه غزو السيارات الألمانية ذات الجودة العالية لأسواق العالم. لذلك افتتحت فولكس فاجن فروعا لها في عدة دول مثل البرازيل، استراليا، فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وأصبحت من كبرى الشركات المساهمة العالمية ذات الأسهم الثمينة. بعدها واصل خط فولكس فاجن لصناعة السيارات الإبداع. حيث تم تصنيع السيارة لوبو تبعتها البولو والجولف ونيو باتل وبورا كومباكت و باسات وغيرها من السيارات ذات السمعة الألمانية الطيبة. كل هذه الحقائق التاريخية متفق عليها. أما العلامة التجارية الشهيرة لفولكس فاجن فكانت ومازالت في موضع تساؤل. فلا أحد يعرف من هو مصممها. من طرائف الأمور أن عجوز هرم في الثمانينات من العمر ادعى مؤخراً أنه صاحب تصميم هذه العلامة.

العجوز والخنفساء

نيقولاس بورغ عجوز في الثمانين من عمره يقم في منطقة تيرول بالنمسا. يصر هذا العجوز المصاب بداء في القلب على أنه هو الذي صمم علامة فولكس فاجن التجارية الشهيرة، وذلك عام 1939 على حد قوله. أما مؤسسة فولكس فاجن، ومقرها الرئيسي فولفسبورغ، فتؤكد أن شعارها التجاري قد تم أخذه من بورشه وأنه كان قد استخدم أول مرة عام 1938. لذلك لجأ بورغ إلى الاحتكام إلى القانون وقام برفع دعوى قضائية أمام محكمة فيننا التجارية، لكي يتمكن من إثبات مزاعمه.

نزاع قضائي طريف

في عريضة الدعوى يزعم السيد بورغ أنه قد تلقى تكليفاً من فيرتس تودت، وزير العمل في الرايخ الثالث، بتصميم علامة تجارية لمصانع فولكس فاجن التي كانت مازالت تحت الإنشاء في ذلك الحين. أما المتحدث باسم مؤسسة فولكس فاجن فيؤكد أن هذا الادعاءات ليس لها أساس على أرض الواقع، إذ أن الشعار التجاري الذي يدعي بورغ أنه، قام بتصميمه عام 1939 كانت مستخدماً عام 1938. و تصر شركة فولكس فاجن على أن مصمم العلامة التجارية غير معروف.

ليس هناك سبيل ما للتصالح

وعلى حد تصريحات ماينهارد سيرسا محامي بورغ لا توجد فرصة حقيقية لتصالح ودي بين موكله وشركة فولكس فاجن. أما العرض الذي قدمته فولكس فاجن إلى السيد بورغ والمتمثل في إدراج ادعائه لأرشيف الشركة التاريخي فهو بالنسبة لبورغ أقل القليل على حد تعبير محاميه. لذلك قدمت إدارة مؤسسة فولكس فاجن نهاية شهر كانون الثاني/يناير الماضي عرضاً آخر يتمثل في حوار ودي بين السيد بورغ ومؤرخي شركة فولكس فاجن في فولفسبورغ لاقناعة بحقيقة الأمر. ولكن بورغ لم يحضر إلى مقر المؤسسة في فولفسبورغ بالرغم من موافقة على عقد هذا اللقاء. "ونحن ننتظر ردود أفعاله منذ ذلك الحين" على حد قول المتحدث باسم الشركة.

سبب الدعوى غير ربحي

تم إلغاء موعد النظر في القضية يوم الثلاثاء الماضي نظراً لمرض نيقولاس بورغ، الذي يعاني من أزمات صحية حادة. وحسب قول المحامي "لا يريد موكلي مالاً و إنما يريد فقط أن يتم الاعتراف بملكيته الفكرية لعلامة فولكس فاجن التجارية." ويضيف ممثل الادعاء: "يتمنى السيد بورغ من كل قلبه أن يتم إثبات هذه الحقيقة التاريخية لذلك لم نقم بالمطالبة بيورو واحد على سبيل التعويض." و في حالة فوز بورغ في قضية إثبات الملكية الفكرية ضد فلوكس فاجن ستضطر الأخيرة إلى تقديمه في بيان صحفي مشترك باعتباره مصمم علامة فولكس فاجن التجارية العالمية.

علاء الدين سرحان