النار من الأعماق: الطاقة الحرارية الأرضية
٢٠ يونيو ٢٠١١كوكب الأرض كوكب حار، فهناك الينابيع الساخنة والحمم التي تتفجر على شكل براكين. إن العمق الذي تم الوصول إليه حتى الآن يصل إلى 5 آلاف متر، إلا أن الطاقة الحرارية الأرضية متوفرة ويمكن استغلالها كمصدر للطاقة. إن المزايا التي يمكن تحقيقها عبر استغلال مصادر الطاقة الحرارية الأرضية تبدو واضحة بشكل جلي، إذ إن هذا الشكل من أشكال الطاقة لا ينضب عند الاستفادة منه عمليا، كما يمكن الحصول على الحرارة والطاقة من ذلك المصدر دون تصاعد كميات تذكر من الغازات الدفيئة. إن الاستفادة من تلك الحرارة المتقدمة في أعماق الأرض، يشكل إحدى التحديات التقنية الكبيرة في القرن الحادي والعشرين. مراسلونا تابعوا الجهود المبذولة في أماكن مختلفة في العالم، من أجل مجابهة هذه التحديات.
الطاقة الحرارية الأرضية في أوروبا
تملك العاصمة الأيسلندية ريكيافيك Reykjavik أكبر شبكة للتدفئة في العالم، فهناك سبع محطات لتوليد الطاقة تنتج الكهرباء عبر استغلال مصادر الحرارة في أعماق الأرض. وتغطى أيسلندا أكثر من ثلثي احتياجاتها من الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة، أما نصف تلك الاحتياجات فتغطيها عبر استغلال الطاقة الحرارية الأرضية. وعن هذا السبيل يتم توفير الكهرباء اللازمة للاستخدام في المباني والمنشآت المختلفة، بالإضافة إلى توفير الطاقة اللازمة لتسخين المياه في عدد كبير من الحمامات.
وبعد أيسلندا تعتبر تركيا الدولة الثانية في أوروبا التي تتوفر فيها أفضل الظروف لاستغلال الطاقة الحرارية الأرضية. وبالرغم من ذلك فإن 1 في المائة فقط من الكهرباء المنتجة في هناك يُولد من الطاقة الحرارية الأرضية. إلا أن قوانين جديدة ستصدرها الحكومة هناك، من شأنها إحداث تغيير في هذا الخصوص. وفي تركيا هناك أكثر من 150 حقلا لتوليد الطاقة الحرارية الأرضية، وهي موزعة على جميع أنحاء البلاد، وتستخدم الطاقة المولدة من تلك الحقول بشكل أساسي لإنتاج الكهرباء اللازمة لتدفئة المباني والبيوت البلاستيكية. مراسلونا كانوا في منطقة ازمير، وهي منطقة رائدة في استخدام الطاقة الحرارية الأرضية.
الطاقة الحرارية الأرضية في آسيا
تقع اندونيسيا في المنطقة المعروفة بالحزام الناري في المحيط الهادئ، ويوجد فيها أكثر من 150 بركانا نشطا، وتتوفر فيها بالتالي الإمكانيات الأكبر من نوعها في العالم للاستفادة من الطاقة الحرارية الأرضية. وبالرغم من ذلك فإن النسبة المستغلة حتى الآن تبلغ حوالي خمسة في المائة فقط. وتسعى الحكومة الاندونيسية إلى زيادة القدرات لتوليد الكهرباء من الطاقة الحرارية الأرضية ورفع تلك النسبة إلى عشرة أضعاف بحلول عام 2015، وذلك بهدف تقليل الاعتماد مستقبلا على النفط والفحم. وتدعم العديد من الجهات والدول ومن بينها ألمانيا أيضا، عمليات حفر آبار استكشافية في المناطق المختلفة في أرجاء البلاد.
وفي الصين تتوفر الطاقة الحرارية الأرضية على عمق قليل من سطح الأرض، وذلك بشكل خاص في المدن الكبيرة مثل بكين وشنغهاي. إن حفر الآبار في تلك المناطق لا يتطلب سوى الحفر إلى عمق يصل إلى 400 متر، وعبر تقنية خاصة تستخدم فيها المحولات الحرارية يتم امتصاص الطاقة من باطن الأرض ويتم توصيلها إلى المباني لاستخدامها لأغراض التدفئة والتبريد.
رؤية جديدة للاستفادة من المناجم القديمة
لا تزال المناجم التي تم إيقافها عن العمل في حالة جيدة، وفي جميع تلك المناجم تتوفر المياه الجوفية الدافئة التي تتراوح درجة حرارتها بين 35 وحتى 40 درجة مئوية. ويمكن استخدام المياه لتدفئة أو لتبريد المباني، كما هو الحال على سبيل المثال في مبنى Zollverein في منطقة الرور الصناعية في ألمانيا. ففي تلك المنطقة يمكن تدفئة مدينة صغيرة بأكملها باستخدام الطاقة الحرارية المولدة من المياه الجوفية في المناجم المتوقفة عن العمل والتي تصل كميتها إلى حوالي 80 مليون مترا مكعبا. وعلى النطاق العالمي يمكن للمناجم القديمة أن تشكل مصدرا لتوفير طاقة جديدة.
فيلم لآنا هوفمان