الوعاظ في رمضان ومشكل فهم واقع المسلمين في ألمانيا
٢٨ يوليو ٢٠١٣في إطار الرعاية الدينية خلال شهر رمضان يتوافد أئمة ووعاظ تونسيون على عدد من المساجد في ألمانيا بهدف تقديم دروس الوعظ والإرشاد أو إقامة صلوات التراويح وغير ذلك، غير أن هذه التجربة التي أصبحت من مظاهر شهر رمضان في ألمانيا بالنسبة للمواطنين المسلمين فيها تدفع بالبعض للتساؤل عن مدى معرفة هؤلاء بمشاكل المسلمين في ألمانيا. الإمام محمد ابن إبراهيم يجيب عن هذا التساؤل في حديث له مع DW عربية ويقول:"نحن هنا من أجل الدعوة للأخلاق ولحث المسلمين على إعطاء صورة إيجابية عن الإسلام خاصة وأن صورة الإسلام يتم تشويهها فأصبحت مرادفا للفوضى والتخلف".
إلا أن البعض يعتبر أن هذه الأهداف غير كافية عند الحديث عن مهمة الواعظ المرسل إلى دول المهجر، حيث إن للمسلمين مشاكل أكبر وأعمق وتحتاج لمعالجة أيضا وهو ما دعا رجب عبد الغني أستاذ الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة بامبرغ للمطالبة بأنه يجب على "الإمام الذي يلقي الدروس في المساجد الألمانية أن يكون له ارتباط بألمانيا حتى يكون له إلمام بالبيئة التي يعشيها المؤمنون المسلمون ويوجه رسالته على ضوء ذلك".
طبيعة الخطاب الرائج في المساجد الذي يعتبره هؤلاء الوعاظ خطابا يدعو إلى الانفتاح والاندماج في المجتمع، يعتبره البعض الآخر خطابا بعيدا عن واقع المسلمين في ألمانيا في حياتهم اليومية ولا يتماشى مع متطلبات الحياة الغربية، كما لا يستجيب لتطورات في هذا العصر.
المسلمون في ألمانيا - أي خطاب؟
ويضيف الأستاذ عبد الغني رجب أنه باستطاعة "الواعظ في ألمانيا العارف ببيئة وطبيعة المجتمع الألماني تقديم إجابات قريبة عن واقع المؤمنين المسلمين. أما بالنسبة للواعظين من بلدان عربية وإسلامية فسيكون من الصعب فهم خصوصية الحياة في ألمانيا ويستطرد أنه من الضروري" أن يكون الوعاظ والأئمة قد عاشوا بعض الوقت في ألمانيا وألا يتم استقدامهم مباشرة من دول أخرى، غير أن الإمام محمد إبراهيم يرى بأن "الدعوة للأخلاق هي دعوة شاملة بما في ذلك تربية الأطفال. وهناك قواعد معروفة نقدمها للمسلمين بغض النظر عن البلد الذي يعيشون فيه".
يرى الأستاذ عبد الغني جابر أن العديد من العوائق تعترض هذه الدعوة في معناها الشمولي ومنها مثلا "مشكل اللغة، حيث إن أغلب الشباب المسلم الآن لا يتحدث اللغة العربية في ألمانيا ويحتاج إلى أئمة ووعاظ يتحدثون لغة وطنهم الالماني لتبليغ الرسالة الدينية فيستطيعون الحديث بلغة البلد، أي ألمانيا مع غير المسلمين الذين يريدون التعرف على الإسلام مثلا".
مع اعترافه بإشكالية اللغة في التواصل الديني يؤكد الواعظ البشير بن سعيد أن " دورنا بالأساس هو تقديم دروس في القران والدعوة للتمسك بالدين ومواجهة الانحلال الأخلاقي وأنا شخصيا لا أعرف شيئا عن مشاكل المسلمين هنا في ألمانيا لذلك لا أستطيع أن أجيب عن كل مشاكلهم".
المشاكل القائمة بالنسبة للمسلمين في ألمانيا كثيرة وترتبط بظروف الحياة المعقدة وصعوبة ظروف العيش إلا ما دون ذلك. ويعبر الأستاذ عبد الغني رجب عن اعتقاده أن "المسلمين في حاجة الى خطاب يتحدث عن وسطية الإسلام وعن اعتداله وعن أهمية الحوار في الإسلام لأنه لا يعقل أن يعيش المسلم في مجتمع ويستفيد من كل الحقوق في حين يقوم من جهة خرى بتكفير هذا المجتمع أو رفض الاندماج فيه".
الحاجة الى تجارب منظمة
وإذا كان الجميع يتفق على ضرورة وجود أئمة أو وعاظ ينتمون لمحيط ألماني وعلى دراية تامة بالمجتمع الألماني فإن الإمام محمد ابراهيم يرى بأنه „مازالت هناك حاجة إلى استقدام أئمة من الدول العربية لمواجهة النقص الكبير في ألمانيا. ولذك يجب بذل مجهود كبير لتكوين أئمة يعيشون هنا في ألمانيا"، هذا الرأي أكد عليه محمد أبو الوليد وهو تونسي يعيش في ألمانيا "نحن نحتاج لأئمة لأن هناك عددا قليلا هنا في ألمانيا هذه فرصة لتبادل الأفكار والآراء بين مسلمي ألمانيا والمسلمين في تونس" ويضيف قائلا: " صحيح أنهم لا يعرفون الوضع هنا في ألمانيا ولكن يحاولون الاجتهاد قدر الإمكان".
هذه الاجتهادات الفردية للأئمة لمحاولة مساعدة المسلمين على الاندماج في المجتمع من دون عوائق يصفها الأستاذ عبد الغني رجب "بمحاولات إيجابية من اجل الحد الخطاب المتطرف. غير إن هذا الخطاب المنفتح يجب أن يصبح خطابا مؤسستي حتى لا تبقى الآراء الدينية عرضة للأهواء الشخصية".