اليمين في البرلمان الأوروبي: مقاعد أكثر ونفوذ أقل؟!
٢٨ مايو ٢٠١٤أظهرت نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي، تقدما لصالح الأحزاب اليمينية المتطرفة والأحزاب المناهضة للاتحاد الأوروبي في عدد من بلدان الاتحاد الأوروبي، إذ حصلوا على حوالي 140 مقعدا من مجموع المقاعد في البرلمان الأوروبي والبالغ عددها 751 مقعدا.
وكان من أبرزها فوز كبير للجبهة الوطنية (أقصى اليمين) في فرنسا، إذ فاز حزب الجبهة اليمينية المعادية للأجانب والاتحاد الأوروبي برئاسة "ماري لوبين" بنسبة قياسية في تاريخها بلغت 25%من الأصوات بحسب التقديرات الأولية، ليحصل الحزب بذلك على حوالي 22 مقعدا في البرلمان.
وفي بريطانيا حقق حزب يوكيب (حزب الاستقلال) المناهض لأوروبا والذي يتزعمه نايجل فاراج نسبة قياسية من الأصوات بلغت 27 % من الأصوات ليحصل على 24 مقعدا في البرلمان ليتفوق بذلك على الحزب الحاكم برئاسة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.
وفي النمسا حقق حزب اليمن المتطرف "اف بي أو" تقدما بـلغت نسبته 8% مقارنة مع انتخابات 2009، ليحصل على 20 بالمئة من الأصوات. كما حصلت عدة أحزاب يمينية في الدول الاسكندنافية على مقاعد في البرلمان أيضا.
نتائج الانتخابات في سياق وطني
ويرى الباحث في العلوم السياسية تيم شبير أن نتائج الانتخابات الأوروبية ليست "مخيفة" كما تصفها العديد من وسائل الإعلام، مشيرا إلى أن التحول عن أوروبا أمر غير وراد ويضيف بالقول:"من الطبيعي أن تدفعنا هذه الأرقام للتفكير قليلا"، وبحسب شبير الذي يجري أبحاثا في جامعة سيغن في مجال الشعبوية اليمينية، فإن هذه النتائج ينبغي تقييمها في سياق وطني.
ويصف شبير نتائج الانتخابات الأوروبية بمثابة صفعة وجهها الناخبون إلى حكوماتهم ويضيف بقوله "إن الفرنسيين غير راضين عن سياسة الحكومة الحالية، ما دفع الناخبين لمعاقبتهم في الانتخابات الأوروبية ". وفي حديث له مع DW يوافق الباحث السياسي كلاوس غوتزيه شبير في رأيه مشيرا إلى وجود اختلاف بين الانتخابات الأوروبية والانتخابات المحلية، ويرى غوتزيه أن الناخبين يستغلون الانتخابات الأوروبية للاحتجاج على انتخاباتهم. إلى جانب دولا أخرى مثل المملكة المتحدة والدنمارك، التي تسعى إلى تعزيز مناهضتها للفكرة الأوروبية.
لا تحالفات يمينية كبيرة
وبالرغم من التقدم الذي حققته الأحزاب المناهضة للفكرة الأوروبية في الانتخابات الأوروبية، إلا أنه من الصعب لهذه الأحزاب الهيمنة على البرلمان الأوروبي، إذ رفض كلا من حزب الاستقلال البريطاني "يوكيب" والحزب الشعبي الدنماركي المناهض لأوروبا تشكيل تحالف كبير مناهض للفكر الأوروبي. ويعود السبب في ذلك إلى رفضهم تشكيل كتلة مع الجبهة الوطنية الفرنسية المناهضة للأجانب. الأمر الذي سيدفع الحزب الهولندي "بي في في " برئاسة خيرت فيلدرز للبحث عن كتلة برلمانية مع الأحزب اليمنية النمساوية والسويدية على حد تقدير الباحث السياسي شبير الذي يضيف بالقول "في كل الاحوال سيسعون لتشكيل كتلة برلمانية مشتركة لأسباب مادية أولا ولهذا فهم لن يفوتوا هذا الامتياز"، إذ يخصص البرلمان الأوروبي ميزانية لكل كتلة برلمانية.
ورغم ذلك فإن جميع الأحزاب تواجه مشكلة أساسية لا يمكن حلها. إذ ترغب هذه الأحزاب في تمثيل مصالحها الوطنية في البرلمان الأوروبي. ما يعني أن تشكيل تحالف يضم أحزاب من دول مختلفة هو أمر لا يمكن تطبيقه حسبما يرى شبير ويشرح ذلك بقوله "تعتمد العديد من الأحزاب الشعبوية على قيادات قوية ما يجعل تحالفها صعبا في البرلمان الأوروبي" .
تحقيق للتطلعات
ومن جانب آخر يرى وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أن وجود القوى المعتدلة في البرلمان الأوروبي سيحول دون سيطرة الأحزاب المتشددة على سيادة البرلمان الأوروبي. وبحسب تصريحات له في وسائل الإعلام الألمانية يأمل شتاينماير أن تنجح القوى الديمقراطية في توحيد سياستها لمنع الأحزاب الشعبوية والمشككة بأوروبا من السيطرة على سيادة البرلمان.
ولكي لا يصوت الناخبون للأحزاب اليمينية ، يجب تحسين أوضاعهم المعيشية حسبما يرى الباحث السياسي شبير. إذ غالبا ما يتم انتخاب الأحزاب الراديكالية في البلاد التي لا تشهد ازدهارا اقتصاديا. وتدل نتائج الانتخابات على التأثيرات الاجتماعية لأزمة اليورو على الناخبين. لذا يرى شبير أنه من الضروري اتخاذ إجراءات مناسبة تحقق تطلعات المواطنين الأوروببين في الحصول على حياة أفضل والمزيد من العدالة الاجتماعية. ويشير شبير إلى أن الأحزاب المتطرفة ليست الحل الأنسب لتجاوز العقبات التي تواجه الاتحاد الأوروبي ويرى أن تجاوز هذه العقبات يمكن تحقيقه، عند فهم الأتحاد الأوروبي على أنه وحدة اجتماعية وليست اقتصادية فقط. ويصف شبير هذا الحل بالمهمة الشاقة وأن تنفيذها لن يكون سهلا.