"اندماج المسلمين في مجتمعاتهم الأوروبية أفضل رد على الرسوم الدنماركية"

بعد إثارتها لعاصفة من الاحتجاجات والمواجهات وصلت إلى حد المقاطعة التجارية للدنمارك عام 2005، بسبب نشرها رسوما كاريكاتيرية مسيئة للرسول محمد، تعود صحيفة "يولاندز بوستن"الدنماركية من جديد لتصدر كتاباً يتضمن هذه الرسوم.ويحمل الكتاب عنوان "طغيان الصمت"، وهو من تأليف فليمينغ روز، محرر قسم الثقافة في الصحيفة سابقاً، الذي كان مسؤولاً عن نشر هذه الرسوم.

من جهته دعا أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة في جامعة الأزهر في مصر، الدكتور محمد رأفت عثمان، في حوار مع دويتشه فيله، الجاليات الإسلامية في أوروبا أن تزيد اندماجها في المجتمعات الأوروبية "لإبراز الوجه الصحيح للإسلام وللحد من تكرار مثل هذه التصرفات"معتبرا ذلك السبيل "الأنجع"للرد على التصرفات المسيئة للإسلام.

الكتاب "نهاية لمرحلة الرسوم"

وطرح الكتاب الذي يقع في حوالي 520صفحة للبيع في الأسواق الدانمركية صباح اليوم الخميس (30 سبتمبر/ أيلول)، فيما تتوقع دار النشر إقبالاً كثيفاً على شرائه لدى الدنماركيين.وبالرغم من أن الكتاب لا يعيد نشر رسوم الكاريكاتير الاثني عشر المثيرة للجدل كما هي، إلا أنه يضم نسخة عن الصفحة الأولى للجريدة الدنماركية التي احتوت هذه الرسوم.

ومن جهته أكد كارستن بلاورت، مدير مطابع "يولاندز بوستن"، أن إصدار الكتاب لن يوقفه أي شيء، في إشارة إلى تحذيرين أمنيين بوقوع هجمات ضد الصحيفة الأسبوع الماضي.أما مؤلف الكتاب فليمينغ روز، فدافع عن إدراجه للرسوم الكاريكاتيرية في كتابه، في مقابلة مع صحيفة "بوليتيكن"الدنماركية، وقال إن الكتاب "ينهي مرحلة رسوم (الرسول)محمد"، مضيفاً أنه لم يقصد الاستفزاز في إعادة نشر الصور في كتابه، وإنما أراد طرح "الرسوم في إطار أعمال أخرى مثيرة للجدل".

وأشار روز إلى أن "كثيراً من الناس لا يعرفون رأيي تجاه هذه الرسوم.إن أمنيتي الوحيدة هي شرح آرائي، وليس لدي سوى الكلمات لعمل ذلك.لكن بمجرد أن يقرأ الناس هذا الكتاب، فربما سيكونون قادرين على رؤية الصورة الأكبر.الإجابة على الكلمات يجب أن تكون من خلال الكلمات، وهذا كل ما نملك في الأنظمة الديمقراطية، وإذا ما تخلينا عن ذلك، فسوف يغلق علينا طغيان الصمت".

وبالإضافة إلى الرسوم الكاريكاتيرية عن الرسول محمد التي نشرت عام 2005، استشهد فليمينغ روز برسوم وصور وأعمال فنية أثارت قدراً كبيراً من الجدل إلى حد صدور قرارات بحظرها، كأعمال الفنان الفرنسي إدوار مانيه، والصور الفوتوغرافية ذات الطابع الجنسي المثلي للمصور الأميركي روبرت مابيلثورب.

مسؤولية مسلمي أوروبا

وقد يضع كتاب "طغيان الصمت"الدنمارك في موقف أمني ودبلوماسي حرج سبق وأن واجهته عام 2005، بعد توتر علاقاتها مع عدد من الدول العربية والإسلامية، وتراجع صادراتها إليها إثر حملة لمقاطعة المنتجات الدنماركية أطلقها معارضو نشر هذه الرسوم.

إضافة إلى ذلك شهدت الدنمارك في الأسابيع الماضية موجة من التحذيرات بوقوع هجمات إرهابية تستهدف مباني صحيفة "يولاندز بوستن"أو موظفين فيها.وكانت موجة المظاهرات التي عمت الدول العربية والإسلامية والمواجهات التي أعقبتها مع قوات الأمن قد أودت بحياة حوالي 150 شخصاً.

من جهته أعرب أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة في جامعة الأزهر في مصر، الدكتور محمد رأفت عثمان، عن استيائه من إعادة نشر هذه الرسوم، مشيراً في حوار مع دويتشه فيله إلى أن عبء الرد على هذا التصرف يقع على الهيئات والمنظمات الإسلامية في الدنمارك وأوروبا بشكل عام.

وقال عثمان إن نشر رسوم كاريكاتيرية مسيئة لرمز مهم من رموز الدين الإسلامي "لا تعبر عن تعامل حضاري مع الآخر و(لا تراعي) آداب الخطاب تجاه الآخرين، بعيداً عن الخطاب الديني"، مؤكداً أن أي مظاهرات يتم تنظيمها في العالم الإسلامي لن يكون لها تأثير كبير.

وفي ذات السياق ناشد أستاذ الفقه المقارن الجاليات الإسلامية في أوروبا أن تزيد اندماجها في المجتمعات الأوروبية "لإبراز الوجه الصحيح للإسلام وللحد من تكرار مثل هذه التصرفات، ودعا المسلمين إلى الاختلاط "بالمجتمع الذي يعيشون فيه، وأن تكون لهم أنشطة تبين هويتهم ...يجب أن يكون لهم دور في مجتمعاتهم وأن يدافعوا عن الإسلام بالوسائل العصرية".كما أشار عثمان إلى أن التظاهرات العشوائية في بعض الدول لن تثني أصحاب هذه الرسوم الكاريكاتيرية وناشريها عن إصدارها وتوزيعها.

ياسر أبو معيلق

مراجعة: منصف السليمي