انطلاق القمة الثالثة للإندماج وسط انتقادات لقانون لأجانب في ألمانيا
٦ نوفمبر ٢٠٠٨بدأت اليوم (6 نوفمبر/تشرين الثاني) في برلين في مقر المستشارية الألمانية أعمال قمة مؤتمر الإندماج للمرة الثالثة على التوالي. وتهدف الحكومة الألمانية من خلال هذه القمة إلى تحسين سبل اندماج نحو خمسة عشر مليون شخص من أصل أجنبي يعيشون في ألمانيا. ويشارك في قمة الاندماج التي تشرف عليها المستشارة الألمانية أنغيلا مركل نحو 140 ممثل عن الحكومة الإتحادية وحكومات الولايات والبلديات ورابطات المهاجرين ومنظمات الأجانب والطوائف الدينية والنقابات وممثلين عن منظمات غير حكومية.
وتناقش المستشارة الألمانية الإجراءات التي اتخذت لدعم عملية اندماج الأجانب منذ نهاية قمة الاندماج الثانية العام الماضي والتي تمخضت عن اعتماد الخطة الوطنية لدعم الاندماج. الجدير بالذكر في هذا الصدد أن هذه الخطة تتضمن عددا من الإجراءات الحكومية التي تسعى إلى دعم عملية اندماج المهاجرين، التي تنحدر غالبتهم من تركيا، من بينها تعليم أطفال العائلات المهاجرة اللغة الألمانية منذ نعومة أظفارهم أي بداية من رياض الأطفال قبل الالتحاق بالمدارس الابتدائية.
دعم حكومي للتعددية الثقافية
من جهتها أعربت مفوضة الحكومة الاتحادية لشؤون الاندماج ماريا بومه عن تفاؤلها بنتائج الخطة الوطنية للإندماج وقالت إنه تم تحقيق خطوات إيجابية نحو الأمام على صعيد إدماج الأجانب في ألمانيا. وأشارت إلى دعمها للتعددية الثقافية في ألمانيا التي تعتبرها مصدر إثراء للمجتمع والثقافة. تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الألمانية تمول حملة إعلامية تبث منذ الصيف الماضي على عدد من القنوات التلفزيونية والإذاعية تروج فيها للتعددية الثقافية في كافة المجالات بدءا بالاقتصاد مرورا بالجامعة وصولا إلى الشارع، مؤكدة على منافعها الاقتصادية ومكاسبها الثقافية وإلى أهمية العناصر المهاجرة في البلاد.
بيد أن وزير الاندماج في ولاية شمال الراين واستفاليا أرمين لاشيد انتقد الحكومة الألمانية مشيرا إلى أنه من الصعب التعرف على مواقف الحكومة في هذا المجال وكذلك على آفاق خطة اندماج الأجانب في البلاد وقال إن عقد قمم متعددة لا ينفع شيئا إذا لم يتم تحقيق نتائج ملموسة، مؤكدا على ضرورة توفر دلائل واضحة على نجاح الخطة الوطنية لدعم الاندماج من عدمه على غرار ارتفاع عدد التلاميذ المنحدرين من عائلات مهاجرة في المدارس الثانوية أو تراجع بطالة الشباب الأجنبي، عندها يمكنه الحديث عن خطوات إيجابية في مجال اندماج الأجانب.
"التشديدات القانونية عقبة في طريق الإندماج"
على صعيد آخر وقبيل انطلاق القمة الثالثة للاندماج انتقدت رابطات المهاجرين قانون الهجرة الذي صادق عليه البرلمان الألماني العام الماضي والذي يقضي بتشديد قانون لم شمل العائلة، ووصفت سياسة ألمانيا في الهجرة ومنح التأشيرات بالصارمة. كما انتقدت بشدة إجراءات الحصول على الجنسية الألمانية، وخاصة اللائحة الجديدة التي تنص على إجراء اختبار حول مدى معرفة الأجنبي بتاريخ وثقافة وسياسة ألمانيا قبل الحصول على الجنسية الألمانية.
وطالبت رابطات المهاجرين ومنظمات الأجانب برفع الشديدات المفروضة على قانون الهجرة وخاصة على قانون لم الشمل العائلي. كما تطالب بإعطاء المهاجرين القادمين من بلدان خارج الإتحاد الأوروبي بإعطائهم الحق في المشاركة في الانتخابات البلدية وفي تقديم ترشحاتهم فيها. ويقول محمد كليتش وهو محام من أصل تركي متخصص في قانون الأجانب والهجرة و رئيس المجلس الاتحادي الاستشاري لشؤون الأجانب، يقول إنه لم يلاحظ أي تحسن في اندماج الأجانب منذ إطلاق الحكومة الألمانية الخطة الوطنية لدفع عملية الأجانب في البلاد، بل ويتحدث عن تشديدات متزايدة على الأجانب في ألمانيا، مشيرا إلى مشاكل اجتماعية نجمت عن القيود المفروضة على لم الشمل العائلي، ويقول إن هناك العديد من الأزواج من اُجبروا على العيش بعيدين عن بعضهم البعض وإلى تزايد عدد العائلات المشتتة نظرا للتشديدات الجديدة المفروضة منذ سنة ونصف على قانون لم الشمل العائلي.
"الاندماج يعني أيضا التساوي في الحظوظ"
من جهة أخرى أشار محمد كيليتش، التركي الأصل، إلى أنه قد ساند العام الماضي مقاطعة الروابط والجمعيات التركية لقمة العام الماضي احتجاجا على التعديلات التي اُدخلت على قانون الأجانب، حيث يقول إنه كان يتعين على هذه الروابط أن تظهر رفضها لهذه الإجراءات المتشددة. بيد أنه رحب كذلك في الوقت نفسه بمشاركتها في قمة اليوم مؤكدا أن ذلك يظهر عزمها على التعاون مع الحكومة الألمانية وبذل مزيد من الجهود من أجل تحقيق تحسن ملحوظ في وضعية المهاجرين والأجانب في ألمانيا. وأضاف أن الآمال مازلت معلقة على هذه القمة في تليين موقف الحكومة الألمانية الرافض النقاش في هذه النقاط. وأكد كيليتش على أنه لا يمكن دفع عملية الاندماج إذا لم ترفع الحكومة الألمانية التشديدات والقيود القانونية المفروضة على المهاجرين. كما ألحّ على ضرورة الاعتراف بالتعددية الثقافية للمهاجرين ودعمها لأنها تعد مكسبا للمجتمع الألماني وليست عائقا للاندماج.