تبني مسودة الدستور العراقي رغم تحفظات ممثلي السنة
بدون تصويت تبنت الجمعية الوطنية العراقية (البرلمان) اليوم الأحد مسودة الدستور التي رُفعت إليها. وبالتالي أصبح مشروع الدستور جاهزا لطرحه على الشعب العراقي ليقول الكلمة الأخيرة فيه. وكانت لجنة صياغة الدستور قد واجهت صعوبات عديدة في طريق إتمام كتابة الدستور، حيث اضطرت إلى طلب تمديد المهلة المحددة مرتين. غير أن الصعوبات لم تنتهي بتبني البرلمان العراقي لمشروع الدستور، حيث لا يزال العرب السنة يرفضون بعض النقاط المجودة في مشروع الدستور الحالي، فالنواب السنة العرب ال 15 في اللجنة البرلمانية المكلفة كتابة الدستور أعلنوا في بيان صادر اليوم الأحد انهم قرروا "عدم القبول" ببعض النقاط الواردة في الصيغة النهائية لمسودة الدستور، داعين جامعة الدول العربية والأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى "الوقوف معهم" لحل النقاط الخلافية. الأمر الذي يعقد العملية السياسية في العراق.
تفاؤل رسمي
وكان الرئيس العراقي جلال طالباني قد أعلن اليوم الأحد أن مسودة الدستور أصبحت جاهزة لطرحها على استفتاء عام منتصف شهر تشرين الأول/اكتوبر المقبل. وقال طالباني في مؤتمر صحافي عقده بحضور أعضاء اللجنة البرلمانية المكلفة كتابة مسودة الدستور ان هذه المسودة "أصبحت جاهزة لكي نطرحها للشعب العراقي المعروف بذكائه ليقول كلمته الفصل". وأعرب عن الأمل بان "يوافق الشعب العراقي عليه لكي نعمل به كدستور دائم للدولة ونبدأ مسيرة جديدة يكون فيه الحكم على أساس التعددية والديموقراطية وحق المواطنة المتساوية والاتحادية والفدرالية". وأكد طالباني انه "إذا وافق الشعب العراقي على مسودة الدستور هذه فأنه سيصبح قانونا أساسيا، وإذا لم يوافق سنعمل دستورا آخر". وأقر بأن "هناك تحفظا من قبل الإخوة السنة العرب" معتبرا أن "هذا التحفظ جزء من الديموقراطية".
ومن ناحية أخرى هنأ الشيخ همام حمودي رئيس اللجنة البرلمانية المكلفة كتابة الدستور الشعب العراقي على "ما أنجزه أبناؤه المنتخبون الذين خرجوا يتحدون الإرهاب من اجل أن يثبتوا إرادتهم ويعبروا عن ممثليهم". وأضاف أن "الذين ساهموا في كتابة الدستور هم من كل فئات الشعب عربا وكردا ومسلمين ومسيحيين وعلمانيين على خلاف الدساتير السابقة". وأوضح حمودي أن "كل أبناء الشعب العراقي ذكروا في الدستور حتى الصابئة المندائيين والايزيديين لأنه ليس هناك حرج في أن يثبت الإنسان هويته وانه جزء من هذا البلد".
نقاط خلافية
غير أن المعارضة السنية تلقي بظلال قاتمة على مشروع الدستور، فغياب الإجماع يعرض المشروع لخطر الرفض، حيث يمكن للسنة أن يحشدوا ثلثي المقترعين في ثلاث محافظات من أصل 18 محافظة عراقية وهو ما يكفي لإجهاض المشروع عند طرحه للاستفتاء. الأمر الذي يفتح باب التكهنات على مصراعيه، معرضا البلاد إلى خطر الفراغ القانوني.
وقد لخص سليم عبد الله العضو العربي في اللجنة البرلمانية المكلفة كتابة الدستور نقاط الخلاف في الآتي: اولا الفدرالية وما ورد من إمكانية تشكيل إقليم من محافظة أو أكثر، حيث يريد العرب السنة ترحيل المبدأ والتفاصيل الى الجمعية المقبلة. ثانيا هوية العراق حيث يقول النص ان الشعب العربي في العراق جزء من الأمة العربية، والعرب السنة يرون ان العراق جزء من الإقليم العربي. ثالثا مسألة توزيع الثروات بين الحكومة الاتحادية والأقاليم، اذ يعتقد العرب السنة أن "الأفضل هو أن يقوم المركز بتقسيم الثروات. رابعا قانون الأحوال الشخصية. فالنص يقول كل مذهب حر في الاختيار وهذا تكريس للطائفية، حسب ما يعتقد السنة. وأخيرا البند الذي يقضي بان العراقي هو كل من ولد من أم او أب عراقي، والعرب
السنة يريدون أن يكون "العراقي من يولد من أم وأب عراقيين".
نجاح أمريكي محدود
وتركز الحكومة العراقية وداعموها الأمريكيون على تحقيق الاستقرار عن طريق جذب السنة للعملية السياسية السلمية ووقف أعمال العنف وتحسين أداء قوات الأمن العراقية. ويمثل غياب الإجماع على مشروع الدستور ضربة قوية للإدارة الأمريكية التي تعمل على إظهار أن الديمقراطية يمكن ان تنجح في العراق بعد الإطاحة بصدام، وذلك في وقت تشهد شعبية الرئيس الأمريكي تراجعا في شعبيته بسبب تزايد سخط الأمريكيين من سياسته حيال العراق.
وقد أظهرت الأيام الماضية عدت تحركات أمريكية في ذلك الإتجاه. فقد قام الرئيس الأمريكي شخصيا باتصالات هاتفية مع بعض الزعماء السنة والشيعة ليحثهم على تجنيب خلافاتهم والوصول إلى صيغة مقبولة للدستور. كما أطلق الجيش الأمريكي سراح ألف سجين احتجزوا في سجن أبو غريب الرهيب، استجابة لمناشدة لممثلي السنة في لجنة صياغة الدستور. من ناحية أخرى يعمل السفير الأمريكي لدى العراق زلماي خليل زاد بشكل مكثف بهدف التزام الزعماء العراقيين بالجدول الزمني الذي ترعاه الولايات المتحدة. وكان متواجدا على نحو شبه دائم في قاعات الاجتماعات في المنطقة الخضراء الحصينة أمس السبت.
دويتشه فيله + وكالات